رفيقي العزيز،
تسلمت كتابك الـمؤرخ في 10 مارس/آذار الـماضي، وسحبت منه قصاصة جريدة الاتـحاد اللبناني الـحاوية خبر مهرجان الـحزب في مرجعيون. فشكراً لك على هذه التلبية السريعة. ثم إني أعلن لك عمق إحساسي بتهنئتك لي بـمناسبة أول مارس/آذار.
ذكرت لي أنك كتبت إلى الرفيق [وليم] بحليس في ما كتبته إليك وأتـمنى أن تصل إليّ صورة عن ردّ الفعل لعبارتي من قِبله وقِبل رفقاء سان باولو الذين كنت أرجو منهم أكثر مـما حققوا، لأنّ الرفيق وليم لم يعد يكتب إليّ أو أني لم أستلم شيئاً منه. إنّ عبارتي أشارت مباشرة إلى العمل السوري القومي الاجتماعي في البرازيل عامة وسان باولو خاصة، وذكر أني أعلنت له في كتابي إليه عدم رضاي عن نتائج العمل حتى الآن. وطبيعي أني لم أقصد بذلك الـمجهود الفردي الـمقدّر الذي قام به، ولا الـمجهود الفردي الذي قام به أفراد قلائل واقتصر على بعض النواحي الروحية أو الـمعنوية أو الفكرية، بل قصدت العمل الروحي - الـمادي كله لـمجموع القومييـن الاجتماعييـن. فلو أنّ فروع البرازيل، وخصوصاً فرع سان باولو، قامت بالأعباء الإذاعية والسياسية التي كان يـمكن أن تقوم بها لكانت الـحالة الـمعنوية للحزب في الأميركتيـن أقوى كثيراً مـما هي الآن. ولو أنّ الرفيق وليم اهتم أكثر بإقناع الرفيق فؤاد لطف الله بضرورة الـمساعدة الـمستعجلة لإنشاء مطبعة لـجريدة الزوبعة وللحركة في الـمغترب لـما كنت احتجت للنزول إلى ميدان التجارة لصيانة مركزي الشخصي وكرامتي في بيئة لا تقدّر شيئاً تقديرها للمال ولا تعترف بأي تطور فكري أو اجتماعي أو سياسي، وكان من وراء ذلك أنّ الـمنافق جبران مسّوح، الذي صرت أنظر إليه كمعاون فعلي لعمل الزعيم، اغتنم الفرصة ليطوّح بي معتمداً على الثقة التي أوليته إياها فزجّ في شؤوني مهاجراً كردياً خسّرني كمية كبيرة من الـمال الذي اقترضته من ابن حمي للتجارة. ثم إنه بعد ذلك أخذ يغريني بالاشتراك التجاري معه حتى فعلت، وفي مدة ستة أشهر من الشركة ذهب برأسمالها، الذي وضعته كله أنا، ولم يقدّم هو شيئاً غير عمله، وبأرباح العمل كله، وبـمبلغ فوق ذلك جعل الـمحل التجاري تـحت عجز أي أنّ موجوداته صارت أقل من الديون التي عليه، وكاد الأمر ينتهي بكارثة لو تـمادى جبران مسّوح أكثر، ولو لم أسرع إلى إجراء تقويـم لأعمال الـمحل في مدة الستة أشهر، على الرغم من مـمانعة الأثيم مسّوح. وبالنتيجة لم يبقَ أمامي غير تسلّم الـمحل بخسائره وبلا رأسمال وأعمل أنا وزوجتي على إصلاح التخريب الـمادي الكبير الذي أتاه الـمنافق الـمذكور الذي طردته من الـمحل أمام شهود طرد الأنذال. وقد كلّفني ذلك مرارة ونَصَباً كبيراً وفي مدة سنة كاملة من العمل التجاري الـمستمر بسهر وكدّ تـمكنت من تعويض مبلغ الـخسارة التي تعمّد إيقاعي فيها جبران مسّوح تنفيذاً لأغراضه السافلة، وبقي عليّ أن أعوّض ما خسّرني إياه قبل ذلك صاحبه [إبراهيم] الكردي الذي كان يكتب إليّ، مسّوح، قبل تعرّفي به، أنه «من أركان الـحركة القومية في توكومان» وأنه «يستحق شرف الاشتراك مع الزعيم» في عمل تـجاري.
والآن يظهر أنّ الـحالة ستتغير تغيّراً كلياً بسبب الـحالة السياسية في الوطن وعودة الـحركة السورية القومية الاجتماعية إلى فاعلية أشد مـما كانت عليه، إذ برزت شخصيات جديدة كانت ناشئة حديثة تغذت بتعاليم النهضة وتـمثّلت روحيتها فخرجت قوى جديدة تعمل بعزيـمة وإيـمان، وتهيأ الشعب في الوطن، بالاختبارات الأخيرة التي مرت به، لفهم أحسن للنهضة السورية القومية الاجتماعية.
وقد اتصل بي الرفيق غسان تويني وأوصل إليّ تقريراً ضافياً عن حالة الـحزب في الوطن والرأي العام السائد فيه القائل بوجوب عودة الزعيم السريعة. ثم إنّ رسائل وردتني من الـمجلس الأعلى مباشرة وهي تـمهّد لتقرير عودة الزعيم السريعة وموعدها وطريقتها. ومن جهتي أنا فإني مصمم على العودة حالـما أستوثق من أنها مـمكنة وأنها الـخطة الـمثلى لفائدة القضية.
ولـمّا كان يترجّح أن أعود بعد نحو ستة أشهر فإني أريد أن أقف صراحة على إمكان عودة عدد من القومييـن الاجتماعييـن الذين عملوا في الـمغترب على صلة مع الزعيم، وأرى أنّ عودتهم مفيدة وضرورية لزيادة عوامل الفوز الروحي والسياسي في الوطن. وسؤالي موجّه، فيما يختص بالبرازيل، إليك وإلى الرفيق نـجيب العسراوي والرفيق وليم بحليس وأخي إدوار والرفيق جورج بندقي. وهنالك رفقاء آخرون يـمكن النظر في احتمال عودتهم فيما بعد. فأطلب منك الاتصال بهؤلاء الرفقاء في هذا الصدد وأن توصيهم بكتمان أمر احتمال عودة الزعيم سريعاً إلى الوطن كما أوصيك بعدم إذاعة هذه الأخبار. وإني أنتظر رسالة من الرفيق نـجيب تطلعني على رأيه. إنّ البشائر والدلائل جيدة والـحالة يجب أن تواجه بعزيـمة لا تعرف التردد ولا التراوح بين عدة اعتبارات يجب أن تبطل تـجاه الاعتبار الأول الأساسي الذي هو:
إحراز النصر الأخير للنهضة السورية القومية الاجتماعية.
واقبل سلامي القومي. ولتحيى سورية.
بعد: إنّ ما تـجده في هذا الكتاب من وصف الـحالة الـمادية وما منيت به من اختلاسات «رفقاء» كذبة منافقيـن، يجعلك ترى أنه إذا كان يـمكن الزعيم تعويض الـخسارة في هذه الـمدة القصيرة وردّ الـمال الذي اقترضه من ابن حميه فلن يتمكن من توفير الـمال اللازم لنفقة عودته وعائلته إلى الوطن. وفرع البرازيل الذي كان ضعيف الـمساهمة مادياً يـمكنه أن يعوض عن أغلاطه الـماضية وضعفه السابق.