أيها الرفيق العزيز،
مضت مدة طويلة على انقطاع الـمراسلة فيما بيننا. وفي هذه الـمدة مرت بي وبالرفقاء الـمجاهدين في الوطن حوادث وظروف فيها الشيء الكثير من العبر.
وقد سررت كثيراً بورود كتابك الـمؤرخ في 20 فبراير/شباط الـحاضر وبالأخبار القليلة الهامّة الواردة فيه. وسرّني بنوع أنك أنت والرفقاء الأعزاء نـجيب عسراوي ووليم بحليس وجورج بندقي تترقبون الفرص للعودة إلى العمل بعد الانقطاع عنه في مدة الـحرب.
منذ مدة وردني بالبريد الـجوي كتاب من الرفيق وليم ومعه كتاب مرسل إليّ من ناموس منفذية الشاطىء الذهبي في أفريقية الغربية، الرفيق رفيق حلبي على عنوان أخي وباسم الرفيق بحليس، وكان كتاب الرفيق حلبي الـموجة الكهربائية الأولى التي أوجدت الاتصال مداورة مع الـمركز في بيروت، وحملت إليّ أخباراً خصوصية عن العمل القومي في الوطن وعن تكليف رئيس مجلس الـحزب الأعلى، الأميـن نعمة ثابت منفذية الشاطىء الذهبي الاتصال السريع بالزعيم [فتم] إيجاد الاتصال معه.
وقد أحدثت أخبار كتاب منفذية الشاطىء الذهبي فرحاً في قلب الرفيق وليم فأرسل إليّ كتاب الـمنفذية الشاطئية وأرفقه بكتاب يخبرني فيه عن أحوال النزالة السورية في البرازيل، وكم أحدث كتاب ناموس منفذية الشاطىء الذهبي من إنعاش وتنشيط. فأجبته بكتاب قلت له فيه عبارة قريبة من الـمعنى التالي: «كم كنت أود لو كنتم تقدرون على الإنعاش مثلما تقدرون على الانتعاش» ولم أعد أسمع منه شيئاً ويترجح عندي أنّ رسالتي لم تصل إليه، كما أنّ رسائل عديدة مني له ولأخي إدوار لم تصل قط.
وأعتقد أنّ يداً في سان باولو تستولي على رسائلي فلا تصل إلى أصحابها فاكتب إلى وليم وقل له إني أجبته على كتابه، وإني وضعت في جوابي مثل الـمعنى الـمذكور في العبارة الـمتقدمة، وقل له إنّ كتبه تصل إليّ وأجوبتي أجعلها بطريق مينس لعلها هكذا تصل إليه.
إني أيها الرفيق العزيز، في عزلة عن الـمواطنين هنا الغارقيـن في انحطاطهم وعن مجاري الأخبار الـخاصة، ولا يصل إلى يدي مثل جريدة الاتـحاد اللبناني البيروتية، ولولا النشرات الـحزبية والتآليف القومية التي وردتني بطريق أميركانية لـما كنت عرفت شيئاً حتى الآن عن الـحركة في الوطن غير أخبار صغيرة مبهمة مثل التي تنشرها جريدة الضلال الـمسماة الهدى الصادرة في أميركانية وتنقلها عنها بعض صحف السورييـن العديدة في هذه البلاد. فإذا كان عندك أو عند أحد من الرفقاء عدد جريدة الاتـحاد اللبناني الذي يذكر مهرجانات حركتنا في مرجعيون والنبطية وغيرهما من لبنان فليرسل إليّ بالبريد الـجوي. وإذا كان تصريح أحد أعضاء السفارة اللبنانية في البرازيل صحيحاً فهو ينطبق على بشائر حركتنا الواردة من الوطن.
وصل إليّ، كما ذكرت آنفاً، عدد من الـمؤلفات القومية بين روايات ودراسات ودواوين شعر سررت كثيراً بها، لأنها تدل على العمل الروحي العظيم الآخذ مجراه، وأكثر هذه الـمؤلفات وضع في السجن، وهذه حقيقة لها مغزاها العميق.
من الأخبار الـخصوصية التي أسوقها إليك أنّ الأميـن فخري معلوف الذي اجتهدت كثيراً في توجيهه وتشجيعه أصيب مؤخراً بهوس الـمذهب الديني الكاثوليكي حتى أنه خرج على الـمبادىء السورية القومية ذات الصبغة الـحقوقية الـمدنية، ويحتمل أن نفقده بالكليّة إذا لم يحدث له رد فعل يعيده إلى الاتزان الذي فقده.
ومنها أنه قدم الولايات الـمتحدة للتخصص في درس «الفكر السياسي» في جامعة هارفرد الرفيق غسان تويني الذي شغل مؤخراً وظيفة «وكيل عميد الإذاعة» في الـمركز وهو من القومييـن الاجتماعييـن النابهيـن وخصّته حكومة أميركانية بالترخيص دون سواه. وقد وردني منه كتاب بالبريد الـجوي فأجبته عليه في الـحال. هو إبن الصحافي الكاتب جبران تويني صاحب جريدة النهار والنائب والوزير أكثر من مرة.
ومنها أنّ الرفيق أسد الأشقر، الذي شغل مؤخراً وظيفة رئيس مجلس العمد، هو الآن في الطريق إلى أميركانية وقد يأتي أميركة الـجنوبية. والـخلاصة إنّ أحداثاً كثيرة منتظرة قريباً.
منفذية الشاطىء الذهبي الصغيرة أرسلت في مدة ثلاث سنوات نحو ألف ليرة استرلينية إلى مركز الـحزب في الوطن، فساعدت الـحركة هناك مساعدة كبيرة، وفعلت في هذا السبيل أكثر من كل فرع آخر في الـمغترب. فماذا يقال في منفذيات البرازيل ونزالتها الكبيرة.
في الـختام، يا رفيقي أقول لك وللرفيق نـجيب والرفيق وليم والرفيق جورج، إنه قد يكون موعد العودة إلى الوطن قريباً فليتهيأ من شاء، ولا تنسوا فلسطيـن والإسكندرونة. ولتحيى سورية.