الرفيق العزيز جورج،
أرسلت إليك في البريدين الـجوييـن الأخيرين كتابيـن: الأخير منهما بالبريد الـجوي الـمسجل، وفي هذا الأخير تعليمات فيما يختص بـمقالة رشيد الـخوري وببيان أول مارس/آذار سنة 1937، وسأرسل إليك في البريد الـجوي الذي يصدر اليوم كتاباً آخر مسجلاً له دخل بالعدد الـممتاز.
في هذا الكتاب أريد أن أتناول ما جاء في كتابك الـمؤرخ في 6 فبراير/شباط وأكمل تعليقي على العددين الأخيرين من سورية الـجديدة، وأبدأ بهذه النقطة أولاً.
كنت قد أشرت عليك في الـماضي بالاستزادة من الأخبار، ولو نشرتها الـجرائد الأخرى قبلنا، فإنه ضرورة دولية لا غنى عنها مطلقاً أن تتضمن الـجريدة جميع الأخبار الهامّة عن الوطن وتطوراته السياسية، مهما كانت هذه الأخبار متأخرة، فأطلب تنفيذ ذلك بدقة وليس هنالك حاجة لتحوير هذه الأخبار تـحويراً كبيراً يضعها بشكل تعليق عليها. فالشيء الأولي الضروري هو نشر الأخبار بكثرة بصرف النظر عن الكيفية التي تنشر بها. فأخبار الوطن يجب أن تصل إلى كل مشترك في سورية الـجديدة سواء أكانت قديـمة أو جديدة.
علّقـت على بعـض مـا ورد في العـدد 51 وذكـرت لـك في كتابـي الأخيـر أنّ الرزمـة التي تردنـي كل أسبـوع لم تـرد من العـدد 51، أريـد أن أضيـف شيئـاً هامـاً على تعليقي الـماضـي، فأكـرر ثنـائي على التحسـن الـمحسـوس في الترجمـة وخصوصـاً ترجمـة خطاب أول يونيو/حزيران ومقالة «سلاحا الـحرب» الصادرة في عدد 51 إلا أنه وقع في ترجمة هذه الـمقالة الأخيرة خطأ قد يؤدي إلى نتائـج غير مستحسنـة تعرقـل الشيء الكثير من أعمالنـا.
ففي إحدى الفقرات الـمتعلقة بـموضوع سياسي إنترناسيوني وردت في الترجمة جملة زائدة خربت الشيء الكثير من الـمعنى، ولـمّا كان العدد الذي وردني في الطيارة ليس موجوداً أمامي فلا يحضرني النص بتمامه ولكن معنى العبارة الزائدة هو «عندما ظهرت الـمطامع الإيطالية للسيطرة على البحر الـمتوسط»، فهذه العبارة هي من عند الـمترجم وغير واردة في الأصل، وهي عبارة خطرة جداً. ومثل هذه العبارات يجب أن يـمتنع الـمترجم عن إدخالها في الـمقالات، خصوصاً الـمقالات السياسية التي أكتبها أنا، فهذه يجب مراعاة منتهى الدقة في ترجمة عباراتها خصوصاً والـجريدة قد أصبحت متجه أنظار الدول التي تراقب تطور حركتنا.
في العـدد الثـاني والـخمسيـن، وفي التعليـق على بيـان الأميـن مأمـون أيـاس في الصفحة الأولى، وردت هذه العبـارة: «والأنكـى أنّ معظـم الـجرائـد العربيـة التي تصـدر في الـمهجر»، وقد بحثت في ذاكرتـي علّنـي أجـد في الـمهجـر السـوري جرائـد عربـية غير سورية فلم أجد. وإذا وجدت صحيفة فهي لا محل لها بيننا ولا تدخـل في موضوعنـا. ولذلك فاستعمال تعبير «الـجرائد العربية» هو غلط يجب التنبه لعدم تكراره. فكما أنه لا يصح أن تسمّى الصحافة الأميركانية الصحافة الإنكليزية لأنها تصدر باللغة الإنكليزية، ولا أن تسمّى الصحافة البرازيلية الصحافة البرتغالية لأنها تصدر باللغة البرتغالية، ولا أن تسمّى الصحافة الأرجنتينية الصحافة الإسبانية لأنها تصدر باللغة الإسبانية، كذلك لا يصح ولا يجوز أن تسمّى الصحافة السورية الصحافة العربية لأنها تصدر باللغة العربية الأصل.
نظرت في أمر عودة جمعية الـماسونية إلى العمل في البرازيل، وفي أمر عودة محفل «نـجمة سورية» إلى هذا العمل ودعوته أعضاءه القدماء ليعودوا إلى تشكيله، وفي أمر ما جرى بين الرفيقيـن توما [توما] و[نديـم] شحفة في الاجتماع الذي عقده أعضاء الـمحفل للنظر في الـخطة التي يجب أن يسير عليها، وقد سررت بالنتيجة التي حصلت من هذا الاجتماع وخصوصاً من موقف الرفيق توما.
تقول في كتابك إنّ أعداء النهضة عملوا على إبعاد القومييـن عن الـمحفل. الـحقيقة هي أنه لا يجوز مطلقاً للقومييـن الانتماء إلى أية منظمة أو مؤسسة لها صبغة سياسية أو تتناول مبادئُها العقائد الأساسية، وقد تلجأ إدارة الـحركة القومية إلى إدخال بعض أفرادها في منظمة أو مؤسسة من هذا النوع لأسباب هي من خصائص الإدارة فقط. أما القوميون فيجب عليهم الامتناع عن الاشتراك في أية منظمة أو مؤسسة من النوع الـمذكور، لأنه يجب عليهم أن يحافظوا على وحدة عقائدهم، ووحدة روحيتهم، ووحدة نظامهم، وعلى جهودهم من أن تتبعثر في مختلف الأعمال والاتـجاهات. ولذلك يجب أن يـمتنع القوميون عن الاشتراك في الأعمال الـماسونية، ويجب عليهم اعتبار هذه الـجمعية شيئاً لا حاجة للمجتمع به، بل شيئاً فاسداً يـمكنه أن يفسد الـمجتمع، لأنّ هذه الـجمعية لم تعد سوى بؤرة للغايات والـمنافع الفردية وللدسائس السياسية.
وصل إليّ أيضاً نسخة كتاب الرفيق حنا سمعان، وبهذه الـمناسبة أطلب منك أن تكون واعياً لـجميع هذه الـمسائل الهامّة الـمتعلقة بالـحركة. وبـما أنّ مركزك يجعلك نقطة اتصال صالـحة لذلك أكلفك الاهتمام بإيصال كل الـمعلومات التي يهمني الوقوف عليها إليّ بسرعة، مع الـمحافظة الدقيقة على عدم إطلاع أي فرد آخر لا من خارج نطاق الـحركة ولا من داخله عليها أو على مضمونها.
إنك قد قمت بعمل الاتصال بصورة أهنئك عليها، وأطلب منك مراعاة ملاحظاتي في هذا الكتاب. أطلب منك أيضاً أن ترسل إليّ عنوان الرفيق حنا سمعان في الإكوادور. ولتحيى سورية.
بعد:
في عدد مجلة العصبة الـممتاز الصادر في ديسمبر/كانون الأول الـماضي مقالة للرفيق طنوس نصر عنوانها «الانتحار في الأدب» فأطلب نقلها إلى سورية الـجديدة مع كلمة تقديـم حسنة، ولكن من غير ذكر أنّ طنوس نصر هو رفيق. وأطلب منك أن تكتب إلى هذا الرفيق في الشويفات وتطلب منه أن يراسل سورية الـجديدة أو أن يدلّك على مراسل. ولا تذكر له في الكتاب شيئاً عن الـحزب ولا تنعته بشيء يشتم منه وجود أي اتصال بهذا الـمعنى بل خاطبه بلقب الأديب والـمربي.
بعد أيضاً: قبل إرسال هذا الكتاب وصل البريد العادي ووصلت رزمة من العدد 51 ورأيت أن أبيِّـن غلط الترجمة لـمقالي «سلاحا الـحرب» وهو كما يلي:
الأصل بالعربية:
«وقد اختارت السياسة الفرنسية، بعد ذلك الـحين، أن ترمي الـحزب السوري القومي بأنه صنيعة إيطالية، لأنّ التضارب السياسي الشديد كان في ذلك الوقت بيـن فرنسة وإيطالية بسبب بروز الـمطامح الإيطالية في الـمتوسط.»
وقد وردت ترجمة العبارة الأخيرة، أي عبارة «بسبب بروز الـمطامح الإيطالية في الـمتوسط»، هكذا:
..., dado o proposito da primeira (Italia) em se tornar a senhora absoluta do Mediterraneo.
والترجمة الصحيحة كان يجب أن تكون بهذا الـمعنى:
..., devids as aspiracoes da primeira (Italia) no Mediterraneo, que veniam se acentuando. (ou: que deixarem se notar en forma saliente).
أو أي تعبير مرادف لهذا.
أما الترجمة الـمثبتة فعدا عن أنها غير صحيحة فهي خطرة وتخالف الـموقف السياسي الذي اتخذه.