هبط بيروت أمس زعيم الحزب القومي وكان أول عمل قام به أنه كلف معاونه الأول الأستاذ نعمة ثابت وناموسه الخاص بالاستفسار عن صحة السيد بيار جميّل رئيس الكتائب اللبنانية وتقديم عبارات أسفه لحوادث الأحد الماضي ونتائجها على أهل السجين الجريح وأركان الكتائب.
وقد قابل مندوب النهضة الزعيم في مكتبه وسأله إذا كان عمله هذا يُعَدُّ من باب الاستحسان أو التقدير لعمل الكتائب فأجاب الزعيم - إنّ العوامل التي بعثت الكتائب اللبنانية وغيرها من الأحزاب اللبنانية إلى الوجود هي عوامل خفية، وقد شعر الناس المراقبون للتطورات السياسية الداخلية أنّ الطائفية والمذهبية لعبت الدور الأكبر في جلب عدد المناصرين. والفكرة التي قامت وراء هذه الأحزاب وجمعت الأنصار هي: أنه لا يمكن أن يتفق المسيحي والمسلم ويتدامجا في عقيدة قومية واحدة ومبادىء واحدة، (وهذه الفكرة حُرِّضت بقصد محاربة فكرة الحزب السوري القومي القائلة بأن العقيدة القومية تتكفل بإيجاد المساواة في الحقوق والواجبات القومية بين جميع عناصر الأمة المذهبية) وإنه لذلك يجب أن تؤسَّس أحزاب مسيحية لخدمة المصلحة المسيحية فقط وراء ستار سياسي أو قومي مخترع.
وقد ورد إلى مركز الحزب السوري القومي، فيما مضى، تقارير كثيرة تدل على أنّ هذه الأحزاب تسير نحو قصد واضح هو محاربة الحزب السوري القومي وفكرته القومية. وقد أعلن بعض رؤساء هذه الأحزاب، وخصوصاً رئيس الكتائب اللبنانية أنه يحارب فكرة سعاده التي نعتها «بالسخيفة» وتهجّم على شخصيتي.
ولجميـع هذه الأسبـاب لا يمـكن مطلقـاً أن يكون استفسـاري عن صحـة رئيـس الكتـائب وأسفي للحـوادث التي جرت يـوم الأحـد المـاضي من بـاب استحسـان هـذه الأحـزاب وأعمـالهـا.
ولكن الموقف يتعلق بشباب أبرياء غُرِّر بهم وحرّضهم بعض الإكليريكيين ونفخ في اضطرارهم بعض المستغلين الذين لم يتمكنوا من استغلال الانتخابات الماضية. وإذا كان السيد بيار جميّل قد طلب سحق رأسي فأنا أريد سلامة رأسه، لأن المبدأ الذي أتمشى عليه هو مبدأ القومية، وهو المبدأ الذي يدعونا إلى محبة أبناء قومنا وجلب الإصلاح القومي إليهم.
فسأل مندوبنا - ولكن لا الكتائب اللبنانية ولا غيرها أظهرت مثل هذا الموقف في أيام مِحَنِكم.
فأجاب الزعيم - نعم لم يهتم أحد لمصيرنا ولم نكن ننتظر أن يهتم بالقوميين غير القوميين. ونحن إنما نعمل للمبادىء التي تنير بصائرنا وفي سبيل هذه المبادىء نتألم ونصبر ونتسامح. والحقيقة أني قد نسيت تهجم الجميّل ولست أذكر الآن سوى أنه في محنة وأنه أحد أبناء قومي الذين يذهبون ضحية الإكليريكية والرجعة فأتألم كثيراً لهم.