1 - موقف الحزب من المسألة اللبنانية.
2 - موقف الحزب من المسألة العروبية أو العربية.
3 - الغرض من رحلته إلى المهاجر السورية.
4 - الموقف السياسي فيما يختص بمصير الوطن.
ثم ابتدأ الزعيم بالنقطة الأولى من هذه النقاط فقال:
«إنّ رأي الحزب السوري القومي في المسألة اللبنانية هو أنّ هذه المسألة أُوجدت كحل لقضية جماعة دينية في سورية، هي الجماعة المسيحية التي مرت، فيما مضى، بظروف جعلت من الواجب عليها النظر في حقوقها ومصالحها، ومحاولة إيجاد مخرج من الحالة التي نتجت من تلك الظروف التي كانت فيها. ومع أنّ الحزب السوري القومي يجد أنّ مسألة حقوق الجماعات الدينية في الوطن هي [من] الأمور الجوهرية التي يجب معالجتها وإيجاد حل نهائي لها، فهو لا يرى أنّ المسألة اللبنانية قد أوجدت الحل لقضية حقوق الجماعة المسيحية ومصالحها، لأن هذه الحقوق والمصالح تتعلق بمقدار كبير بالدورة الاجتماعية - الاقتصادية للأمة السورية كلها، وبكل التفاعل الحيوي الجاري في سورية والذي لا مفرَّ لهذه الجماعة من الخضوع لعوامله.
«إنّ الحزب السوري القومي يرى أنّ المسألة اللبنانية قد أتت بعكس النتيجة التي توخّى حصولها، أي أنها قد زادت شقة البعد والتفسخ في حياة الشعب الواحد الذي مصيره من الوجهة السياسية والاقتصادية واحد في كل حال، وذلك بالاتجاه إلى حياة الانعزال وتأسيس فكرة وطنية ضيقة على أساس ديني. أما الحزب السوري القومي فيرى الحل لقضية حقوق الجماعة المسيحية ومصالحها ولقضية حقوق جميع الجماعات الدينية الأخرى في سورية ومصالحها في إيجاد الأساس الحقوقي القومي العام الذي لا يفرّق بين منتسب إلى جماعة دينية ومنتسب إلى جماعة أخرى، ضمن نطاق الأمة السورية. فإيجاد الحقوق القومية الواحدة لجميع السوريين من أي دين كانوا هو ما يراه الحزب السوري القومي الحل الوحيد للمشاكل الداخلية الناتجة عن اختلاف المذاهب الدينية في سورية. أما تجزئة البلاد والشعب إلى دول دينية، فيرى الحزب السوري القومي أنه أسوأ حل يمكن تصوره. إنه الحل الذي يقضي بالانحلال والفناء.»
ويقول المحدّث إنّ الشعب في لبنان غير مجمع على التمسك بكيان لبنان، باعتباره حلاً نهائياً أخيراً، وحجته هي وجود الألوف من اللبنانيين في الحزب السوري القومي الذي هو أكبر حزب في لبنان، ولجوء الحكومة اللبنانية إلى محاربة عقيدته وحركته الفكرية السلمية بالقوة والعنف. وهو يقول إنه لو كان الشعب في لبنان لا يقبل فكرة القومية السورية التي جاء بها الحزب السوري القومي لما كان هنالك موجب لاستعمال القوة من قبل الحكومة اللبنانية، لأن الشعب نفسه كان يقاوم الفكرة بفكرة من عنده ويعزلها عن مجتمعه. ولكن الواقع قد برهن العكس، فإن الشعب في لبنان قبل فكرة القومية السورية ووجد في مبادىء الحزب السوري القومي، الحل الأخير الذي يريده وكان يتوق إلى الوصول إليه. والحوادث السياسية التي حدثت في لبنان تثبت صحة هذا المذهب وأنّ بعض التصريحات التي جرت في المجلس النيابي اللبناني، من قبل بعض النواب، هي شاهد على سرعة القبول للفكرة السورية القومية، التي أصبحت حقيقة في جميع أنحاء لبنان وفي جميع جماعاته الدينية ومذاهبه المتنوعة.
وتطرّق المحدّث إلى ذكر الحرب بين الحزب السوري القومي والحكومة اللبنانية، فقال في هذا الصدد، إنه لا يعدّ الحكومة اللبنانية معبّرة عن إرادة الشعب اللبناني في اضطهادها للسوريين القوميين في لبنان الذين يؤلفون القوى الحيَّة في الشعب في لبنان، وزعيم الحزب السوري القومي يزعم أنّ الحكومة اللبنانية لا تمثل الشعب في لبنان ولا مصالح الشعب في لبنان، بل هو يقول إنها آلة تمثل طريقة التنفيذ مداورة للمفوضية الفرنسية. فهي حكومة يجب اعتبارها ممثلة الإرادة الأجنبية في الحقيقة، وفي الظاهر تمثل الشعب في لبنان. ويقول الزعيم إنه لا يمكن مطلقاً ترجمة محاربتها للحزب السوري القومي كأنها تعبير عما يريده الشعب لهذه الحركة القومية.
ويطلب من الذين ينظرون إلى علاقة الشعب في لبنان بالحركة السورية القومية أن يميّزوا دائماً بين الشعب والحكومة في لبنان.
ثم قال بالحرف: «إني لا أنكر على غيري من اللبنانيين إبداء رأيه فيما يختص بمصير الشعب في لبنان ولكنني أنكر على كل لبناني آخر إدعاءه التكلم باسم لبنان واللبنانيين أكثر مني. وإنّ الحزب السوري القومي لا يعترف لأية فئة في لبنان بحق تمثيل الشعب أكثر من الحزب السوري القومي نفسه أو بمقدار تمثيل هذا الحزب لإرادة الشعب. فالسوريون القوميون في لبنان هم أكبر جماعة فكرية في هذا القسم من الوطن السوري. وهم الفئة التي لها أكبر حق في تمثيل إرادة الشعب. وكما قلت سابقاً إنه لا أنا ولا الحزب السوري القومي يعترف بما يريد أن يدّعي بعض الأدعياء في الحكم بأن إرادتهم هم هي إرادة الشعب في لبنان، فلبنان ليس ملكاً خاصاً لبعض سكانه بل هو حق عام لجميع أبنائه الذين يجب أن يكونوا أحراراً للتفكير في مصيرهم في الاعتقاد الذي يجدونه أفضل لحياتهم. وما إنكار جماعة من اللبنانيين على السوريين القوميين في لبنان حق التفكير في مصير الأمة السورية، ومن ضمنها اللبنانيون، إلا إدعاء باطل وغطرسة بعيدة عن الحق ومحاولة استبدادية لم يسمع بمثلها.
فنحن لا ننكر على أحد حق مناقشتنا في عقيدتنا وكذلك نريد ألا ينكر غيرنا علينا حق مناقشته في رأيه وتفكيره الذي يتعلق بحياتنا نحن ومصير حياتنا لأننا من هذا الشعب.»
ثم أشار المحدّث إلى وجوب الحذر من إساءة استعمال التعابير التي تحمل على الظن أنّ مسألة القومية السورية هي مسألة صراع بين اللبنانيين وغير اللبنانيين، وقال إنها مسألة صراع ضمن الشعب في لبنان كما هي مسألة صراع في بقية أجزاء الوطن السوري والأمة السورية.