أيها القوميون، أيها الناس،
نحن هنا جئنا من أطراف بعيدة للاجتماع في هذه البقعة، لنثبت أنّ مبدأ الـحياة الذي جمعنا شعباً واحداً، أمة واحدة مهما كانت عقائدنا الـمتعلقة بـما فوق الـمادة. إنّ هذا الـمبدأ الـحي لا يفرقه ولا ينقضه مبدأ الـموت.
نحن هنا لنودع رفيقاً قومياً ارتبطت حياته بحياة رفقائه جميعهم وعمل لـحياته وحياة رفقائه جميعهم، وبالـمعنى العام عمل لـحياة أمته. ليس لـمجرّد أنه عضو في الـحزب السوري القومي، ليس لـمجرّد هذا الاسم (نحن هنا)، لكن للصفات الـحقيقية والـحقائق الأساسية التي يجمعنا عليها الـحزب السوري القومي والتي تدل على صفة هذا الـحزب. والـحقائق الأساسية هي العمل الـمستمر الدائم للفضائل الأساسية التي تـجمع الـمصالح في الشعب، موحدة الـجماعات تصير تربط كل فرد منا بالآخر وتولّد الإرادة، الإرادة العجيبة التي هي إرادة الـمجموع تذوب فيها كل إراداتنا لتولّد القوة العامة الـمتغلبة الساحقة.
لم يكن الراحل السيد حسن الأيوبي مجرّد اسم في سجلات الـحزب السوري القومي. إنه مثّل في حياته مظهراً قوياً من مظاهرنا العملية في الـحزب. إنه قد اشتغل وحمل مسؤولية على قدره وعلى قدر الـمحيط. لكن الـمسؤولية لم تكن الـمسؤولية الإدارية فقط تـجاه رفقائه ورؤسائه لتسيير الشؤون إنـّما الـمسؤولية الكبرى هي مسؤولية العمل لإزالة الاختلافات القاتلة لفهم الـمجموع. إنه عمل لإزالة كثير من العوامل الـمسببة لتأخر الـمجموع وإحلال الفضائل الأساسية الـمتينة التي تربطنا في مصلحة واحدة وإرادة واحدة. لقد عمل للقضاء على مبدأ الـخلاف ووضع مبدأ الـحياة، مبدأ القوة، مبدأ الـحرية، مبدأ الواجب.
إنّ من نتائج أعماله أنه أزال الاختلافات في قريته وأنّ فاعلية عمله تستمر بعد موته لأنه قد أسسها في الـحياة.
في موته نرى اجتماع عناصر في هذه البقعة ما كانت تـجتمع لولا عمل الـحزب السوري القومي والـخلاف والنزاع قائم على الـمذاهب والـمصالح الفردية التي تُذهِب الـمصالح الأساسية الكبرى.
من أجل هذه الفضائل ومن أجل هذه الـمبادىء ترون وحدة الـحزب وترون أنّ شيئاً حقيقياً يربطنا ويولّد فينا الثقة. إنّ الـمستقبل لنا لرفع الأمة التي تساق كقطعان بِعَصا لكي تعمل في الـحياة العليا والـمثل العليا.
نحن هنا لنقدّر حياة الراحل في الأعمال والـخدمات التي قام بها: وحدة، فاعلية، حياة، اتـجاه.
إنّ لـموته قيمة ما كانت لو ظل يعمل لأنانيته الـمستعجلة الـمحلية. نحن نذكر الذين عملوا لصلاح الـمجتمع وخيره لأجل إقامة القضية الأساسية.
نحزن لأن هذا الرفيق الذي رحل، رحل باكراً جداً. إنه كان يـمثل فضائل الـمبادىء تـمثيلاً صحيحاً، كان يعطي لـما حوله حيوية وقوة. نحزن لأن فاعليته قد وقفت عن طريق ذاته. لكننا نتعزى أنّ الفاعلية أثبتت وجودها في الـمجتمع. إنّ الذي يراقب التطور في الـمجتمع يدرك أنّ حسن قد أوجد طريقة، وأنّ فاعلية حسن درويش الأيوبي قد أوجدت طريقاً مستمراً لا تـموت بـموته. نحزن لأنه رحل ولكن لأجل هذه الـحقيقة نتعزى ونقول لأهله ولـجميع السوريين القوميين أن يتعزوا.