لا شيء يزعج الـحكومة الشامية، هذه الأيام في شمالي سورية سوى انتشار الـحزب السوري القومي، وإقبال الشباب وطلاب الـمدارس على الاندماج فيه، والاسترشاد بـمبادئه القويـمة في فهم معنى النهضة القومية الصحيحة.
إنّ هذا الانزعاج يظهر جلياً في تصريحات «خطيرة» أدلى بها إلى أحد الصحفيين، رئيس الشعبة السياسية في حلب السيد سعيد الترمانيني لـمناسبة استلامه مهام منصبه الـمستحدث. فقد سأله الصحفي عن الشؤون التي سيعنى بـمعالـجتها، وما هي صلاحيته السياسية، وما هي حدود وظيفته؟ فكان جواب «الـمجاهد الوطني» أنه سيصرف أقوى جهوده لـمكافحة الـحزب السوري القومي الـمنتشر انتشاراً هائلاً في حلب، لأن هذا الـحزب يسيء إلى الوطن الـمحبوب.
ولم يتورع رئيس الشعبة السياسية «الرصين» عن اتهام السوريين القوميين بأنهم يعملون لـحساب دولة أجنبية، وقد نسي حضرته أن الذين انقادوا لإرادة الأجانب وتخلوا لدولة أجنبية عن لواء الإسكندرونة وهو قطعة غالية من سورية، لم يكونوا إلا من صميم «الكتلة الوطنية»، أما شباب الـحزب السوري القومي فهم الذين أعلنوا استعدادهم للدفاع عن اللواء الـمضيَّع بدمائهم وهم الذين طالبوا باحترام استقلال سورية والـمحافظة على سلامة أراضيها وحدودها الـجغرافية والتاريخية، وهم الذين شجبوا الاتفاقات التي لا تستمد أسسها من الـمصلحة القومية العليا. هؤلاء هم السوريون القوميون وهذه مبادئهم وأعمالهم وقد أشرنا إشارة سريعة إلى أعمال الكتلويين الذين يطنطنون بالوطنية ويـملأون الأسماع هتافاً لها. فأي الفريقين هو الذي يسيء إلى الوطن الـمحبوب؟!
لقد كشف لنا الأستاذ سعيد الترمانيني عن نفسه، وعن مدى مرونته السياسية، وعن مقدار فهمه لشؤون السياسة الـجارية في سورية، فلن نلومه بعد اليوم في أي عمل يصدر منه نحو الـحزب السوري القومي، ولكننا نبشره بأن الصراع سيكون عنيفاً بين الـحق والباطل. وإنّ الاضطهاد الذي يهدد به السوريين القوميين لن يزيدهم إلا مضياً في الـجهاد لتحقيق مثلهم العليا، ولاسترداد الـحقوق التي أضاعها الـمجاهد الترمانيني وإخوانه بفضل «وطنيتهم» الـمحتكرة، التي لا وطنية لأحد بدونها.
نعم، يا حضرة رئيس الشعبة السياسية في حلب، إنّ الـحزب السوري القومي سيمضي في السبيل الذي اختطه له زعيمه باعث النهضة القومية، فامضَ أنت في السبيل الذي رسموه لك، ولنر أيّنا أشد ثباتاً وأكثر نـجاحاً.
ولتحيى سورية!