يظهر أنّ جريدة السلام ومحرّريها شركة استغلالية عريقة لا تخدم غير منافعها الخاصة، حتى ولو لم يتسنَّ ذلك إلا بإعدام الحقيقة والمصلحة العامة. فهي لا تتورَّع من تشويه جميع الحقائق تشويهاً قبيحاً، حتى الحقائق التي يكون قد سبق لها الاعتراف بها ونشرها. وقد حاول أحد محرريها، المطرود من الحزب السوري القومي، تشويه حقيقة موقف الزعيم والأسباب التي أدّت إلى إعلان الزعيم طرده، ولكنه أخفق إذ انفضح أمره بسرعة وعرف الجمهور شأنه.
أخيراً وجدت السلام باباً جديداً لتتناول منه الحزب السوري القومي بمثالبها القبيحة، هو الباب الذي فتحه طرد خالد أديب من الحزب بعد تجريده من رتبه وعمله البسيط، فاشترك أحد كتّابها المدعو حسني عبدالمالك، المطرود من الحزب، في إنشاء المقالات التي وُقّعت بتوقيع خالد أديب، وقد أعلنت أنـها تفعل ذلك وتنشر المقالات «تلبية لواجب خدمة القرّاء»، متظاهرة بأن لا غاية لها غير هذه الغاية النزيهة. ولكن أمرها انفضح حين أرسل إليها الزعيم إيضاحاً يتعلق بما تنشره، فكان جواب وديع شمعون مدير الجريدة أنه لا يجوز له نشر الإيضاح قبل الفراغ من نشر سلسلة مقالات «خالد أديب»، فظهر تغرّضها بصورة جلية وأصبح واضحاً أنـها تخدم غاية أصحابـها لا غاية القرّاء.
لـمّا وجدت جريدة السلام أنّ أمرها قد انفضح بنشر الحقيقة في سورية الجديدة عمدت إلى الانتقام والتشفي، شأن الحمقى الواقعين في ورطة لا يعرفون كيف يتخلصون منها بشرف، فطلعت في عددها الصادر في الخامس عشر من هذا الشهر بمقال حول الحزب السوري القومي، وبكلمة بعنوان «تحريف الكلام» للدلالة على قصدها تحريف الكلام والحقيقة. وفي هذه «الكلمة» التي نشرتها السلام تحريفان: الأول أنـها وضعت إسم الزعيم في محل مراسل سورية الجديـدة، مع أنّ السـلام تعلم أنّ لـ سورية الجديدة ممثلاً في الأرجنتين هو السيد إميل بندقي وأنـها جريدة لها مراسلون كان منهم حسني عبدالمالك المطرود قبل افتضاح أمره وطرده. والثاني ادعاؤها أنّ مديرها السيد وديع شمعون، الذي يريد أن يذهب الزعيم للسؤال عن سلامة عظمته، مع أنّ الزعيم لا يعرفه وليس هنالك أي سبب يدعو الزعيم لزيارته، لم يقل لحامل إيضاح الزعيم إنه «لا يجوز له» أن ينشره قبل انتهاء المقالات بتوقيع خالد أديب. إنه منتظر ومعقول أن تحاول السلام التنصل من تبعة التغرّض. ولكن تحريفها الكلام وتحويرها الحقيقة لم يجدياها نفعاً. حتى لو قبلنا التحريف الذي نشرته بصورة تصحيح لما كان ذلك تصحيحاً أقبح من الغلط نفسه. فالواضح منه أنّ مدير الجريدة لم يشأ نشر إيضاح الزعيم إلا بعد مرور نحو أسبوع ليكون الوقت كافياً للتأثير على الرأي العام بالأكاذيب المنشورة بتوقيع خالد أديب. وهذه الحقيقة وحدها كافية.
أما مقالتها الرئيسية بعنوان «الحزب السوري القومي يتقمص بجمعية سورية ثقافية» فقارئها يرى فيها تناقضات تُظهر أنّ إنشاءها كان بقصد تشويه الحقائق لا بقصد درس الحقيقة. فهي تدَّعي أنّ المطرودين من الحزب الذين لا تزال أموال اشتراكات الجالية لهدية الزعيم في جيوبهم «قد انسحبوا»، وتدّعي أنّ الرفيق أسد الأشقر الذي سافر لتولي شؤون وظيفته الجديدة «قد انسحب»!!!
وتدَّعي السلام أيضاً أنه «وقع في الحزب الشقاق وتفرَّق العشاق» وهي تعني أنّ الحزب تفكك وانحل. ثم تقول إنّ الحزب «تقمص بهيئة جديدة» فإذا كان الحزب قد انحل فكيف يتقمص بهيئة جديدة؟ أما قولها إنّ إنشاء «الجمعية السورية الثقافية»، هو دليل على فشل الحزب أو ستر لغاية حزبية، فتحريف غير شريف للحقيقة التي أعلنها الزعيم في حديثه للصحافيين ونشرته السلام نفسها في عدديها الصادرين في 22 و24 يونيو/حزيران سنة 1939، ففي الحديث المشار إليه يقول الزعيم إنّ من جملة نقاط منهاج رحلته «تفقد أحوال الجوالي السورية الاجتماعية والعمرانية والوقوف على مقدار تقدمها وعلاقاتها مع الشعوب التي تعيش في أوساطها، ودرس إمكانيات توثيق العلاقات الحسنة بين الجوالي السورية والشعوب المذكورة، الخ» (نقلاً عن جريدة السلام).
إذن تكون مسألة إنشاء جمعية سورية ثقافية تعمل على رفع مستوى الجالية السورية الثقافي، وتوثيق العلاقات الثقافية بين الشعبين السوري والأرجنتيني مسألة مقررة من قبل وفكرتها الثقافية البحتة مستقلة عن أي منهاج سياسي بحت. إذن تكون السلام كاذبة في ادعاءاتها ومحرِّفة للكلام ومحوّرة للحقائق تحويراً يغش الرأي العام.