بعد سقوط فرنسة أصبحت وضعية سورية غامضة وحالتها مبهمة. والرقابة الشديدة المضروبة على الأخبار والرسائل العمومية والخصوصية لا تسمح بالاطّلاع على حقيقة الحالة في منطقتي الانتداب الفرنسية والبريطانية.
مع كل ذلك يمكننا القول إنّ الحالة الداخلية، الاقتصادية بصورة خاصة، سيئة جداً. وبعض ما يمرّ تحت قلم المراقبة بصورة كتابة هزلية أحياناً، يُلقي نوراً على حالة البلاد، وكذلك بعض أعمدة الجرائد البيضاء. والأسباب قوية. فهنالك جيش أجنبي لجب حلَّ بثقله على وطننا الذي استنضب موارده الاحتكار الأجنبي. وهنالك وقف التجارة بسبب الحرب. وجاء سقوط فرنسة ثالثة الأثافـي فانعدمت قيمة عملة الورق السورية المستندة إلى بنك فرنسة. وقد جاءت أخبار الفاقة والجوع بصورة متقطعة، ولكنها كافية لإظهار خطورة الحالة.
أما الحالة من الوجهة السياسية الداخلية فدعوات الدول الكبيرة تتزاحم بكثرة على اقتناص الرأي العام السوري. ووسط بلبلة هذه الإذاعات القومية تظهر النهضة السورية القومية ملجأً وحيداً يطمئن إليه وجدان الشعب السوري، ولكن توقيف عدد من أركان هذه النهضة رجال الحزب السوري القومي قد أوجد صعوبات كثيرة لأعمال هذا الحزب، فالسلطة قد أبقت هؤلاء الرجال في السجن رهينة تتقي بهم انفجار غضب الحركة القومية.
وأما من الوجهة السياسية الخارجية فالموقف الإنترناسيوني غامض نوعاً، ولكن حالة سورية حرجة. والسبب الأكبر هو في وجود دُعاة عديدين للمصالح الأجنبية المتضاربة، يعملون تحت ستار «الوطنية»، وهناك أسباب خطيرة من الوجهة الإنترناسيونية. فهنالك دولتان تطمعان بالاستيلاء على سورية في نهاية الحرب. وإذا ظلَّ الشعب السوري مبلبلاً ومصغياً إلى الدعاة المأجورين بدلاً من شدِّ أزر الحزب السوري القومي فالأرجح أنّ مصير سورية يقرر في مؤتمر الصلح الآتي.