حضرة رئيس وأعضاء مجلس إدارة سورية الـجديدة،
منذ ما صدرت الـمراسيم القاضية بإنشاء مجلس إدارة سورية الـجديدة وبتعيينكم أعضاء له، والـمخابرات بين مجلسكم ومكتب الزعيم لا تتخذ صفة رسمية ولا تـجري على قاعدة نظامية تـجعل لهذا الـمجلس قيمة الـمؤسسة النظامية وشكل العضوية في الـمنظمة القومية، فظلت أعمالكم تـجري على طريقة التشاور العائلي والتنفيذ الفردي غير القانوني، فلا صلاحيات معروفة ولا مسؤوليات معيّنة.
وقد كان قصد الزعيم من إنشاء هذا الـمجلس أن يجعله عضواً في تركيب الـجهاز الإداري للأعمال الإذاعية. ولذلك عيّـن له وظيفة واضحة بيّنها في مرسوم الإنشاء وتعييـن الصلاحيات. ولـمّا كنتم قد تبلغتم الـمراسيم الـمذكورة آنفاً فتبلغكم يقضي بأن تـجتمعوا لتأخذوا علماً بأحكامها وتدرسوا نصوصها ليعرف كل واحد منكم حدود الدائرة التي يعمل فيها وما هو نوع العمل الـمطلوب منه، وما هي وظيفة هذا الـمجلس بالضبط.
ولم أفصِّل لكم هذه الطريقة من قبل لتقديري أنكم تدركونها من تلقاء أنفسكم. فإذا كنتم حتى الآن لم تعقدوا جلسة نظامية تسجلون فيها أخذكم علماً رسمياً بنصوص الـمراسيم الصادرة من الزعيم بإنشاء مجلس إدارة سورية الـجديدة وتعييـن صلاحياته، فأطلب منكم الـمبادرة إلى إجراء هذا الأمر القانوني لإكساب مجلسكم الصفة القانونية. ولـمّا كان هذا الـمجلس يُعَدّ مؤسسة نظامية وصدر مرسوم بتعييـن رئيسه وناموسه وهما فؤاد بندقي وإلياس بخعازي حسب الترتيب، فأطلب أن تأخذوا علماً بأنّ مكتب الزعيم يرفض اعتبار أية مراسلة صادرة إليه من أحد أعضاء الـمجلس مراسلة رسمية. فكل مراسلة ترد مكتب الزعيم غير موقعة بتوقيع رئيس الـمجلس والناموس تعدّ رسالة شخصية فردية ولا يكون لها غير هذه القيمة. وأطلب منكم أن تأخذوا علماً بالتعليمات التالية وتنفذوها:
1 - أن تعتبروا مجلسكم مجلساً نظامياً قانونياً.
2 - أن تكون جلسات مجلسكم نظامية، قانونية، موقوتة.
3 - أن يفتتح الرئيس (أو الناموس حيـن غيابه) الـجلسات بصورة نظامية، فيقف ويقف الأعضاء ويعلن افتتاح الـجلسة باسم سورية والزعيم، مؤدياً التحية الرسمية ويرافقه فيها الأعضاء.
4 - أن يدوّن الناموس وقائع الـجلسات في سجل رسمي ويحفظ السجلات والدفاتر مصنفة للصادرات والواردات وغيرها من الوثائق.
5 - أن يختتم الرئيس الـجلسة نظامياً كما افتتحها.
6 - في الـمخابرات مع الـمراجع العليا يذكر الناموس تاريخ الـجلسة التي جرى فيها تقرير الـمخابرة أو تقرير وجهة نظر الـمجلس.
وليعلم الرئيس والأعضاء أنّ التقيد بهذه التعليمات هو ما يكسب الـمجلس صفة رسمية مقبولة عند الـمراجع العليا. فحال تسلّم هذا الكتاب يجب أن يعقد الـمجلس جلسة لأخذ العلم بهذه التعليمات وتقرير تبليغ الزعيم رسمياً أنه عقد جلسة وأخذ علماً بهذه التعليمات وبالـمراسيم الصادرة بشأنه، فيذكر في الكتاب عدد الـمراسيم التي تبلّغها وأرقامها وتواريخها وتاريخ هذا الكتاب، وهكذا يفعل دائماً في جميع الـمخابرات الرسمية.
ولـمّا كان من جملة صلاحيات مجلس إدارة سورية الـجديدة أن يكون رقيباً على تنفيذ توجيهات الـمراجع العليا في ما يختص بالعمل الإنشائي والتحريري في الـجريدة، فأطلب من مجلسكم أن يأخذ علماً بالتوجيهات السابقة التي كنت أرسلها إلى الـمحرر السابق، ونسخة منها موجودة، كما أظن، مع مدير الشؤون.
ولـمّا كانت اتـجاهات سورية الـجديدة مفروضاً فيها أن تنمّ عن اتـجاهات الـحزب السياسية، فإنّ الـمحافظة الدقيقة على جميع التعليمات والتوجيهات الصادرة من مراجع الـحزب العليا تعدّ فرضاً مقدساً على الـمكلفيـن تنفيذ التوجيهات والـمكلفيـن مراقبة تنفيذها. وأريد أن تـحيطوا علماً بهذه القاعدة الصريحة:
إنّ كل إهمال لتنفيذ التوجيهات الرسمية، وكل محاولة لتعطيل مجرى هذه التوجيهات، وكل محاولة يقصد منها فرض سياسة شخصية فردية على الـجريدة، سواء أكانت الـمحاولة من قِبل الـمحرر أو من قِبل أي عضو من أعضاء الـمجلس الإداري أو من قِبل الـمجلس الإداري كله، وكل تدخّل واجتهاد استبدادي (arbitrario) في تأويل التوجيهات الرسمية تعدّ مخالفة تتطلب فتح تـحقيق وتعييـن الـمسؤولية.
ونوع هذه الـمخالفة يعدّ إجرامياً ضد الدولة القومية وسياستها. ولست أعتقد أنه يجوز أن يخفى على مجلسكم شأن هذه الأوليات البديهية.
ولكي تكون لكم قاعدة توجيهات أساسية يرجع إليها مجلسكم أعطيكم في ما يلي مواد هذه القاعدة:
1 - سياسـة سوريـة الـجديـدة باعتبـار أنهـا تنـمّ عن فـكرة الـحـزب واتـجاهـه السياسي وموقفه من الشؤون السياسية، الداخلية والـخارجية، خاضعة خضوعاً كلياً، دقيقاً لإدارة الـمراجع الـحزبية الـمختصة التي هي عمدة الإذاعة ومكتب الزعيم. وتعتبر هذه الـمادة مبدأ أساسياً.
2 - لا يكون لـِ سورية الـجديدة سياسة غير السياسة الـمقررة لها من الـمراجع العليا. وهذه الـمادة تشكل مبدأ أساسياً ثانياً.
ويدخل في باب التوجيهات ما يلي:
1 - إنّ سياسة الـحزب السوري القومي هي سياسة سورية قومية مستقلة غير مختلطة مع أية سياسة أجنبية، كما هو مبيـن ومشروح في مبادىء الـحزب وخطب الزعيم ومقالاته. ولذلك فإنّ سياسة سورية الـجديدة لا تخرج عن التوجيهات الرسمية.
2 - إنّ سياسة الـحزب السوري القومي ليست فاشستية.
3 - إنّ سياسة الـحزب السوري القومي ليست نازية.
4 - إنّ سياسة الـحزب السوري القومي ليست «ديـموقراطية» [مع الدول الديـموقراطية].
5 - إنّ سياسة الـحزب السوري القومي ليست شيوعية أو بلشفية.
6 - إنّ سياسة الـحزب السوري القومي هي سياسة سورية قومية لا تخضع لغير الـمبدأ الثامن من مبادئه الأساسية القائل: «مصلحة سورية فوق كل مصلحة.»
7 - بناءً عليه تكون سياسة سورية الـجديدة لا فاشستية ولا نازية ولا «ديـموقراطية» ولا شيوعية أو بلشفية بل سورية قومية.
8 - لـمّا كانت سوريـة الـجديـدة هي التي تعبّر عن رأي الـحزب وموقفـه بصـورة غيـر رسمية، وكان مفروضاً فيها أن تتخذ اتـجاهاً ينمّ عن سياسة الـحزب أو موقفه، ولـمّا كان موقف الـحزب يقرره الزعيم، ويحتمل أن يتبدل وفاقاً لـمقتضيات الـحالة السياسية، ودائماً تـحت مبدأ «مصلحة سورية فوق كل مصلحة» وجب على تـحرير الـجريدة ألا يبدي رأيه في خبر أو حادث إلا إذا كان عنده توجيهات تخوّله إبداء رأيه.
وفي حالة عدم وجـود توجيهـات وكان هنالك ضرورة للتعليق يكون التعليـق متحفظـاً جـداً إلى أن تـكـون وردت تعليمـات.
9 - إذا تأخرت التعليمات يخابر الـمحرر أو الـمجلس ويطلب تعليمات.
10 - لا يجوز للمجلس الإداري أو أية هيئة أخرى غير الـمراجع العليا إعطاء توجيهات إنشائية.11 - كل كتابة سياسية في سورية الـجديدة لا تتقيد بالتعليمات تعرّض موقف الـحزب وسياسته للفشل.
12 - موقف الـحزب السياسي الـحالي من فرنسة هو الـحملة عليها وعلى سياستها في سورية بدون إقفال كل باب، بل يقصد حملها على الاقتراب من الـحزب. (الـمثال على ذلك بعض الـمقالات التي كتبها الزعيم في الأعداد الأولى، خصوصاً التعليق على ادعاءات عمال الانتداب أنّ فرنسة كانت ترغب في التفاهم مع الـحزب وأنّ زيارة الزعيم لرومة وبرليـن هي التي جعلتها تغيّر موقفها.)
13 - موقف الـحزب السياسي الـحالي من محور رومة - برليـن يقصد منه، في الدرجة الأولى، التأييد إلى حدّ محدود، بقصد توليد ضغط كاف على فرنسة وبريطانية يجعلهما تغيّران موقفهما السلبي من سورية ونهضتها القومية، لا بقصد الثقة بسياسة الـمحور الـمذكور وإفناء فرنسة وبريطانية.
14 - إنّ موقف الـحزب من محور برليـن - موسكو لا يزال قيد الدرس.
15 - بناءً على الـمواد 12 و13 و14 يكون على الدائرة الإنشائية والتحريرية في سورية الـجديدة أن تتجنب أي تأييد مطلق لرومة وبرليـن، وأن تـحمل حملتها على فرنسة وبريطانية مستمدة من وجهة نظر السياسة السورية القومية لا من وجهة نظر التضارب العقائدي أو النظري بين الـجبهتيـن الكلية والديـموقراطية، والذين يتولون الكتابة السياسية في الـجريدة عليهم أن يدرسوا الـمقالات السياسية التي أنشأها الزعيم ويحافظوا على طريقتها في معالـجة الـحالة السياسية الإنترناسيونية.
16 - لا يحق لأي كاتب في الـجريدة أن ينشىء مقالات لها تُظهر اتـجاهاً سياسياً غير هذا الاتـجاه. فكل حادث في السياسة الإنترناسيونية يجب أن يجري التعليق عليه وفاقاً لهذه التوجيهات، لا وفاقاً لنظريات الـمنشىء الـخصوصية في السياسة، لئلا تصبح سياسة الـحزب بيـن أيدي الكتّاب يذهبون بها مذاهب خطرة.
17 - كل تغيّر في الوضعية السياسية الإنترناسيونية يحتاج إلى توجيهات جديدة من الـمراجع العليا قبل إعطاء رأي صريح فيه.
وسيرى مجلسكم أنّ الـمحافظة على هذه التوجيهات هي وحدها تـجعل لرأي الـجريدة قيمة فعلية، وأنّ الـمحافظة على هذه التوجيهات هي وحدها تبقي صلة وثيقة بيـن الـمراجع والـجريدة. فموقف الـحزب من الـجريدة يكون على نسبة تقيّد الـجريدة بتعليماته وتوجيهاته.
وبغير هذا التقيد لا يـمكن اعتبار الـجريدة معبّرة، ولو بطريقة غير رسمية، عن بعض الاتـجاهات أو الاتـجاهات الفكرية والسياسية للحركة السورية القومية.
منشىء لـِ سورية الـجديدة: إنّ الإنشاء الـماضي لـِ سورية الـجديدة الذي لم يكن صادراً عن مرجع عال، وكان من قلم الـمحرر السابق أو بـموافقته الـخاصة، كان إنشاءً مخالفاً من الوجهات السياسية والثقافية والعقائدية لسياسة الـحزب وروح النهضة القومية، حتى أحرج مركز الـحزب من الوجهة السياسية، وعرّض روحية الأوساط القومية للبلبلة. لذلك فالـحزب لا يريد العودة إلى مثل هذا الاختبار.
ولقد كانت هذه الـمسألة موضوع اهتمام الزعيم منذ البدء. ورئيس مجلسكم يعرف أنّ اختياري الـمحرر السابق كان بصفة وقتية تـحت ضغط الظروف. ولقد كان أمر تعييـن مدير إنشاء وتـحرير دائم لـِ سورية الـجديدة موضوع مخابرة رسمية بيـن مكتب الزعيم ومجلس العمد في بيروت.
وكان قد ورد جواب بأنّ الـمجلس الـمذكور يقوم بالدرس الـمطلوب لاقتراح بضعة منشئيـن قومييـن يختار منهم الزعيم واحداً لشغل هذه الوظيفة الهامّة. ولكن ظروف الـحرب الـحاضرة قد عرقلت سير التدابير. والاحتياط لـمثل هذه الظروف هو ما حملني على التفكير في اختيار الرفيق حسني عبدالـمالك وتـجربة عمله. وهذا الأمر قد تعرقل بتدخل من لا يعنيهم الأمر في سان باولو.
ويـمكن القول الآن إنّ مسألة تعييـن مدير إنشاء وتـحرير للجريدة لا تزال قيد الدرس والـمخابرة. وفي هذه الأثناء يسير العمل لإمداد سورية الـجديدة بـمقالات ورسائل. وسيكون للرفيق جبران مسوح نصيب من هذا العمل وهو كاتب صادق القول، نزيه الفكر، حسن الأسلوب.
وضعية سورية الـجديدة: قد يكون مجلسكم جاهلاً حقيقة وضعية سورية الـجديدة، فلا بدّ له من أخذ العلم رسمياً بهذه الوضعية ليكون على بصيرة من دقائق الأمر الذي يعالـجه وليسهل عليه القيام بتنفيذ مهمته على أفضل وجه. فالثابت لدى الزعيم وفي مكتبه هو أنّ سورية الـجديدة نشأت بناءً على اتفاق جرى بيـن الزعيم والسيدين فؤاد وتوفيق بندقي، يوجب على الـحزب القيام بالناحية الروحية (الفكرية والإنشائية) من الـمشروع، وعلى السيدين الـمذكورين القيام بالناحية الـمادية (الطباعة والرواتب وغيرها)، وكان من عناصر الاتفاق إقرار أن يعود على أصحاب الرأسمال الـمادي 60 ٪ (ستون بالـمئة) من الأرباح، وعلى أصحاب الرأسمال الروحي 40 ٪ (أربعون بالـمئة) من الأرباح الـمادية.
ولقد قدّرت إقدام السيدين فؤاد وتوفيق بندقي على تـحمّل الـمسؤولية الـمادية في هذا العمل الكبير تقديراً عالياً جداً، وعددته برهاناً على صحة ثقتي بشعبي الذي وقفت نفسي وحياتي كلها على إيقاظه والعمل للمثل العليا التي ترفعه نحو مستوى سام من الـحياة الـجيدة. ولقد كان صريحاً في الاتفاق الذي جرى شفوياً على أساس الثقة الـمتبادلة أنّ الـجريدة تنشأ خصيصاً لـخدمة قضية الـحزب السوري القومي، وأنها تكون جريدة للحزب بكل معنى الكلمة. هو يعيّـن منشئيها ومحرريها ومراسليها ويعطيهم التوجيهات الفكرية والإذاعية ولا يكون لغير مراجع الـحزب العليا أي صلاحية للتدخل في هذه الناحية.
ومجلسكم يعلم ما حدث لي ولناموسَيّ والـجريدة لا تزال في طورها التأسيسي، إذ أوقفنا بوشاية سافلة، فتعرقل سير العمل والتدابير، فقضت الـحال أو سهّلت تدخّل عناصر لم يكن مكتب الزعيم قد اختبر مؤهلاتها وصلاحها للاضطلاع بأعباء العمل بصورة مقبولة عند الـمراجع الـمسؤولة. فظهر حالاً الاضطراب في موقف الـجريدة السياسي وحدث تراوح سريع في اتـجاهها بين طرف وطرف، وفُقدت الصلة بين سياسة الـجريدة وسياسة الـحزب، إلى أن ابتدأت رسائل شعبة سورية الـجديدة التي نظّمها مركز الـحزب في بيروت، ترد فأعادت هذه الصلة. ولكنها بقيت ذات طرف واحد فلم تكن هنالك أية علاقة بين رسائل الوطن والـمقالات الإنشائية التي كان ينشرها الـمحرر السابق من قلمه.
ولقد ظهر من هذه الـمقالات أنّ صاحبها يريد أن يبث في الأوساط القومية وفي الشعب تعاليم جديدة تـحلّ محل التعاليم التي أوجدت النهضة السورية القومية. وكان، على الأقل، جلياً في مقالاته أنه لا يتقيد بوجهة نظر الـحزب في ترجمة النهضة القومية، وأنه يريد أن يقيم نظرة خصوصية في تأويل الـحوادث والأخبار والـمواقف.
وقد بذلت جهدي لأصلح موقف الـمحرر الذي لم يعيّـن في هذه الوظيفة بصورة موقتة إلا بناءً على أنه اعتنق مبادىء الـحزب السوري القومي وأقسم اليميـن القومية، التي تنص على الـخضوع للقوانيـن والنظامات واحترام القرارات وتنفيذها، وتنفيذ ما يعهد به إليه بكل أمانة ودقة.
وهذا هو الأساس الذي بنيت عليه أمر إنشاء «مجلس إدارة سورية الـجديدة» وتعييـن كل واحد منكم في عضويته. ولكن موقف الـمحرر الـمذكور لم يتبدل وظل غامضاً، حتى أنه لم يعد يجيب على الرسائل الـموجهة إليه من مكتب الزعيم.
وأخيراً أظهر هذا الشخص الـمعدود رفيقاً قومياً للذي كلفته فحص أمره أنه مضطر للعمل بـما يشير به عليه الرفيقان فؤاد وتوفيق بندقي اللذان قالا له إنهما يعدّان أنفسهما صاحبي الـجريدة الـمطلقيـن، وإنّ ما ينشر في الـجريدة يجب أن يخضع لرأيهما وتوجيهاتهما فقط، وإنه لهذا السبب مضطر لعدم العمل بالتوجيهات التي ترده.
ومع أنّ هذا الكلام يوجب فتح تـحقيق رسمي في هذه القضية، خصوصاً لتعييـن موقف الرفيق رشيد شكور الـمعدود عضواً في النظام القومي والـمعيّـن من مرجع لا يصح أن يكون هو مسؤولاً إلا تـجاهه، فقد قررت ألا أصدر تعليمات في هذا الاتـجاه، وأن أطلب جلاء وضعية الـجريدة بتكليفي بعض الـمسؤوليـن طلب كتاب صريح من الرفيقيـن فؤاد وتوفيق بندقي يقول إنّ الـجريدة باقية ولا تتغير عن الغاية التي انشئت من أجلها، التي هي أن تكون جريدة للحزب السوري القومي وتـحت تصرّف مراجعه العليا والـمختصة. وقد كان من الأمور الـمرّة عليّ أن أحتاج لطلب مثل هذا الكتاب بعد أن صار السيدان فؤاد وتوفيق بندقي رفيقيـن قومييـن حامليـن مسؤولية القَسَم القومي.
ولكن موقف الـمحرر السابق وسياسة الـجريدة التي صارت «نازية» أكثر مـما هي سورية قومية، باستثناء رسائل الوطن وكتابات الـمراجع الـحزبية، أوجب جلاء وضعية الـجريدة بصورة صريحة لا مجال معها للإبهام والتأويل. ولقد وردني مؤخراً كتاب مؤرخ في 20 أكتوبر/تشرين الأول الـماضي وموقّع بتوقيع «فاروق» يقول «إنّ الـجريدة باقية وتبقى محافظة على الغاية التي أنشئت من أجلها وتـحت مطلق تصرّف الـمراجع العليا.» وهذا الـجواب الصريح الذي لا يُبقي مجالاً للشك ينقصه أن يكون مكتوباً بخط الرفيق فؤاد بندقي وتوقيعه الصريح، إذ إنّ توقيع «فاروق» مجهول عندنا ولا يكفي لتعريفه ملاحظة من مرجع حزبي، كما أنه لا يجوز أن يكون هنالك اختلاف في وثيقة من هذا النوع، بين خط الكاتب وخط الـموقّع، لأنّ الكتاب صادر عن شخص فرد وليس عن دائرة رسمية لها أختامها وأوراقها الرسمية.
وإذا كان الرفيق فؤاد بندقي يريد أن يصطلح على إمضاء «فاروق» فيمكنه ذلك في غير هذه الوثيقة وبعد إعطاء تصريح خطي للجنة الـمركزية الـمفوضة التي تستطيع، بناءً على تسجيلها هذا التصريح، أن تعرِّف التوقيع «فاروق» بصورة قانونية مقبولة.
إنّ مبدأً أساسياً من مبادىء الـحزب السوري القومي الـمناقبية هو مبدأ الثقة. فعلى أساس الثقة تقوم حركتنا وبالثقة نعمل. ولكن الثقة تـمتحن، كما في مسألة الرفيق شكور، ومراجع الـحزب لا تفهم الثقة كشيء شعري خيالي بل كشيء حقيقي واقعي. وبـما أنّ الـمراجع العليا لها حق الطلب والسؤال، فالعمل بـمبدأ الثقة يوجب تلبية الطلب وإجابة السؤال بدون تردد وبدون تأويل. ولـمّا كان أمر جريدة تـحمل طابع الـحزب وشائع أنها تـحمل رسالته وتعبّر عن موقفه أمراً جوهرياً جداً في حياته وقضيّته كان التدقيق في أمر سورية الـجديدة ضرورياً، واجباً، خصوصاً على مجلسكم الـمنتدب بثقة من الزعيم للسهر على هذه الناحية الهامّة.
الثقة تتطلب الصراحة الكلية والـجلاء التام. وإنّ جلاء مسألة سورية الـجديدة يتوقف عليه جلاء ما إذا كانت الـجريدة تعتبر صادرة عن الـحزب وناطقة بلسانه.
ولـمّا كان الـحزب يحتاج إلى جريدة تصدر عنه وتنطق بلسانه فالـمسألة لي أنا هي هل يـمكنّي الـحصول على وثيقة صريحة تنص على موقف صريح يؤيد الـمساعي التي أبذلها لـجعل سورية الـجديدة جريدة شبه رسمية للحزب السوري القومي. وبديهي أنّ متابعة هذه الـمساعي لا يـمكن أن تـحصل إلا بناءً على الاستيثاق من أنّ الـجريدة هي بكليتها للحزب وأنها عضو في نظامه. وإني أفضّل جعل سورية الـجديدة صاحبة الامتياز لتكون جريدة شبه رسمية على إنشاء جريدة جديدة بهذه الصفة.
ولا بأس أن أعلن لـمجلسكم أنه عرض عليّ، بُعيْد وصولي إلى بوينُس آيرس، إنشاء جريدة على مثال سورية الـجديدة. ولكني حولت الـمشروع إلى فكرة إنشاء مجلة للأبحاث القومية، ومع أني لا أرى مانعاً من إنشاء جرائد أخرى قومية فإني أفضّل اعتبار جريدة واحدة شبه رسمية، وذات صلة وثيقة بالـمراجع الرسمية العليا، فأنشىء لها أحياناً مقالات بنفسي، وينشىء لها أحياناً مقالات بعض الـموظفيـن ورجال الدوائر العليا، فتكون لهذه الـمقالات قيمة في أوساط الـحركة القومية وفي الرأي العام غير قيمة الـمقالات التي ينشئها كتّاب غير مطلعيـن وغير مسؤوليـن وذوو آراء سطحية هي من البضاعة العادية. ومع أني كنت أرى التوتر بين مكتب الزعيم وتـحرير سورية الـجديدة يزداد فقد فضلت انتظار انقضاء هذه الأزمة قبل البتّ في أمر جريدة شبه رسمية للحزب لها امتياز الاتصال الـمباشر بـمصادر الـحركة السورية القومية الـموثوقة. ولقد كنت واثقاً من الرفيقيـن فؤاد وتوفيق بندقي ومن أنهما سيثبتان الثقة التي وضعتها فيهما.
بناءً عليه أطلب من مجلسكم عقد جلسة رسمية يحضرها الرفيقان فؤاد وتوفيق بندقي لتثبيت صورة الاتفاق الأساسي الـمذكور في هذا الاتفاق، ولتسجيل أنّ الـجريدة هي بكليّتها للحزب وبعد الفراغ من هذه العملية يكتب الـمجلس إليّ في الـحال لإطلاعي على النتيجة. وإذا أسفرت الـجلسة عن التثبيت الصريح فالواجب يقضي على الـمجلس مباشرة درس وضعية سورية الـجديدة وإمكان تـحويلها إلى نصف أسبوعية، ووضع مشروع تـحويلها تدريجاً إلى جريدة يومية، وتقديـم اقتراح بهذا الـمعنى إلى الزعيم مع مطالعة الـمجلس في هذه القضية. ومتى استوثقت بصورة قانونية صريحة من السهر على جعل الـجريدة خاصة بكليّتها للحزب، وذات صفة شبه رسمية، وعلى جعلها جريدة يومية انصرفت بكليّتي للاهتمام بشؤونها الإنشائية والتحريرية وأصدرت أمراً يفرض على القومييـن الاشتراك بها قبل كل شيء، باعتبارها الصلة بينهم وبين مصادر الـحزب السياسية والإذاعية.
ولقد كنت حتى الآن متردداً في إصدار أمر عام من هذا النوع، نظراً للتقلقل في وضعية الـجريدة الكتابية وعدم وجود صلة بين التحرير وسياسة الـحزب ومقاصده الإذاعية والسياسية.
وإني أطلب أن يبحث الـمجلس مسألة تخصيص كنط واحد شهرياً لـمدير الإنشاء والتحرير الذي يقع عليه اختيار الزعيم، لأنه سيكون شخصاً يـمكن الاعتماد عليه في تثبيت صفة الـجريدة تـجاه الرأي العام، وهو أمر جوهري في حياة الـحركة وحياة الـجريدة.
وكذلك أطلب من الـمجلس بحث تخصيص سورية الـجديدة بإدارة حرة تعمل فقط لتلبية احتياجات الـجريدة الإدارية. وبـمناسبة ذكر الإدارة أقول إنه وصل إليّ أول أمس عدد مرسل بالطيارة، فلما فتحته وجدت أنه العدد 34 الذي تسلمته من نحو أسبوعيـن، بدلاً من العدد 36 الذي كان يجب أن يصل في أوائل هذا الأسبوع.
وهذا يدل على أنّ الـمدير أغفل أمر التدقيق في مسألة هامّة من هذا النوع وأنه قد يكون عهد بهذه الـمهمة إلى شخص غير مدقق. وهذه هي الـمرة الثانية التي يحصل فيها هذا الغلط الضار. وأقول أيضاً إنّ الصلة بين الإدارة والـممثل في الأرجنتيـن ضعيفة، فقد أخبرني الرفيق عفيف [كامل] لوقا أنّ مسألة الإشتراكات وتـحديد بدلها في الأرجنتيـن وكيفية القبض من الـمشتركيـن لا تزال غير محلولة، وأنه تـمضي أيام تلو أيام قبل الـحصول على جواب وافٍ من الإدارة.
وهنا يطلب الـمشتركون أن يدفعوا وإهمال القبض منهم قد يؤدي إلى فتور وعدم مبالاة من جهتهم.
سورية الـجديدة في الوطن: نشرت بعض الصحف هنا أنّ سورية الـجديدة وردت في عداد أسماء جرائد صدر قرار من الـمفوض الفرنسي بـمنعها من دخول الوطن، فيجب النظر في كيفية تهريب الـجريدة إلى الوطن ضمن جرائد أخرى، لأنّ هذا الأمر ضروري لـمصلحة غرض الـجريدة ولـمصلحة تثبيت وجودها.
إشتراكات لـِ سورية الـجديدة: تعذّر على الرفيقتيـن عفيفة مداح وسلمى قنطار دفع الاشتراك فدفعتاه لي، فأطلب من الـمدير أن يأخذ علماً بذلك، وأن يقبض في سان باولو من الرفيق وديع عبدالـمسيح ما يعادل أربعيـن باسُس أرجنتينياً لقاء اشتراكي هاتيـن السيدتيـن، أي باعتبار الاشتراك في الأرجنتيـن عشرين باسس. وهذا عنوان من هاتيـن السيدتيـن لترسل الـجريدة إليهما بانتظام ابتداء من أي تاريخ سابق:
.Sra
Afife S. Mudah
Calle - Tucuman 326 Piso 4
Buenos Aires
Rep. Argentina
.Sra
Salma S. Guintar
Tino Gasta
Catamarca
Rep. Argentina
راديو صوت الشرق:
أريد أن أهنّىء سورية الـجديدة وإدارتها على هذا الفتح الإذاعي الدال على حيوية ونشاط. وبهذه الـمناسبة أذكر هنا أنه يحسن أن توضع القطعة الغنائية للرفيق يوسف ضاهر تاج التي عنوانها «يا زعيم مهما جرى فينا ماشيـن تنحقق أمانينا»، والقطعة من غنائه أيضاً التي عنوانها «من صُلب صُلب الشيخ صنين القديـم»، وهاتان القطعتان هما قوميتان والإنشاد للزعيم. فيمكن استخراج كلماتهما وإذاعتها وقول كلمة حول الـمنشد ولـمن الإنشاد.
رجمة مقالات سورية الـجديدة: إنّ الـمترجم الـحالي مجتهد ويـمكن أن يتقدم، ولكن الترجمة الـحالية ناقصة وأحياناً تعطي غير الـمعنى الـمقصود. وهنالك تعابير تكنيكية يجهلها الـمترجم «كالـحالة الراهنة» التي ترجمها (Modus Vivendi) والصواب (Statu quo). وهنالك تعابير لا تعطي الـمقصود منها في الترجمة، فيجب درس مسألة إيجاد مشرف فني على الترجمة غير الـمترجم القانوني الذي لا يعرف شيئاً من هذا الفن، أو إيجاد ناقد على الأقل يصلح الأغلاط الهامّة.
أختم كتابي هذا الطويل بالطلب منكم أن تكسبوا مجلسكم وأعماله قيمة حقيقية يـمكن اعتبارها والاعتماد عليها. ومن كان منكم ماسونياً قديـماً يجب أن يدرك أنّ هنالك فرقاً أساسياً جوهرياً عظيماً بين غموض الـماسونية وجلاء الـحركة السورية القومية.
عسى أن توفقوا إلى خدمة قضيتكم القومية بصورة نظامية. ولا تنسوا أننا في ظروف حرجة تقتضي كسب الوقت وسرعة التنفيذ. وسلامي لكم.
ولتحيى سورية.