عزيزي الشيخ نعمان ضو،
لم أجبك في الـحال على كتابك الـمؤرخ في 25 أغسطس/آب الـماضي، فقد حال دون ذلك شؤون كثيرة من مصادر متعددة تتعلق برسالتي وإدارة الأمور. ولقد أسفت لـما ألمّ بقرينتك وشعرت معك بـموقفك.
سرّني اهتمامك السريع بأمر الـجريدة وإيجاد مشتركيـن لها. وقد حوّلت القائمة التي أرسلتها إليّ إلى السيد عفيف كامل لوقا الـموكل من قِبل إدارة الـجريدة بشؤون الاشتراكات هنا، وهو من السورييـن الـمقيميـن حالاً في بوينُس آيرس، وكلّفته إرسال اللائحة إلى الإدارة. وقد قابلني أمس وسألته في أمر هؤلاء الـمشتركيـن، فقال إنه أرسل اللائحة إلى سان باولو، ولكن لم يرده حتى الآن جواب. والظاهر أنّ السبب هو اعتلال صحة مدير شؤون الـجريدة إذ وردني كتاب يشير إلى ذلك.
ووردني كتابك الأخير الـمؤرخ في 12 سبتمبر/أيلول الـماضي. وعجبت لأسئلة صاحبك الـمندوسي الذي يسأل أسئلة تدل على سذاجة غريبة لم يعد لها محل في هذا العصر. فقوله «هل يتمكن الـحزب السوري القومي من رفع نير الأجنبي، وهل اتصل إلى اكتشاف السر لهذه القوى» فيدل على جهل كبير بطبيعة الأمور. إنه أحد الكثيرين من شعبنا الذين فقدوا كل ثقة بأنفسهم وشعبهم وراحوا يبحثون عن شيء غريب يحلّ محلها. ولن يجدوا شيئاً يحلّ محل الثقة التي فقدوها. أما الـحزب السوري القومي فلا محل لـمثل هذه الأسئلة البليدة عنده.
إنه يؤمن بقوّته وإمكانه تـحرير الأمة والوطن، إلا إذا قامت عناصر الأمة نفسها ضد حركة التحرير فحينئذٍ لا يوجه السؤال إلى الـحزب السوري القومي، بل إلى هذه العناصر الفاسدة نفسها. ليس من حق هذه الـجماعة البليدة أن تسأل ما يـمكن الـحزب السوري القومي فعله، بل من حق الـحزب السوري القومي أن يسأل الناس عن موقفهم هم من حركة توحيد الأمة وتـحريرها. إنّ الذين لم يعودوا يتمكنون من فعل شيء بسبب فقدهم كل ثقة بأنفسهم وأمتهم لا حق لهم أن يسألوا غيرهم عما يتمكنون من فعله.
وبعد فالـحزب السوري القومي لـمّا يـمرّ على نشوئه من الوقت مقدار ما مرّ على نشوء الـحزب الشيوعي في روسية، أو الـحزب الفاشستي في إيطالية، أو الـحزب الإشتراكي القومي في ألـمانية قبل تسلّمها الـحكم. فالـحركة الفاشية أو الفاشستية كما يسمونها نشأت [...] بها وعناصرها [...] ومع أنها نشأت [...] أمة لها ما ليس للأمة السورية من الوحدة [...] فقد أصابها [...] وهبوط، ومرّ وقت ظن فيه الناس أنها [...] لم تعد تقوم لها [...] والـحزب الإشتراكي القومي في ألـمانية نشأ بعد [...] أوائل العقد [...] ولم يصل إلى السلطة إلا سنة 1933 وهو [...] بالنسبة إلى الأحزاب الأخرى، ولكنه [...] الفرصة وجاءت ظروف مؤاتية، فلماذا لا يريد السوريون أن يصبروا على حزبهم مع أنّ الصعوبات التي يواجهها لا تُقاس بصعوبات حزب آخر في العالم أجمع؟
تقول يا صديقي إنّ الذين قدّموا أسماءهم للاشتراك في الـجريدة هم من مناصري الـحزب. فهل يـمكن أن أعرف مدى مناصرتهم، وهل هم مقتنعون بعقيدة الـحركة السورية القومية، وهل يرغبون في الاندماج فيها؟ أما الـمساعدات فسأفكر بها بجد في الأيام الـمقبلة الآن.
تـحب أن تعرف عن سير القضية هنا فأخبرك أنّ الصعوبات مهما كانت كثيرة فهي لا تستطيع منع انتشار العقيدة القومية ونـمو حركتها. ولقد تـمكنت في الـمدة الأخيرة من سحق كثير من الأضاليل واكتساب عناصر قوية. ولكن عملنا يجري ببطء وهدوء وبدون ضجيج. فأنا لا يهمني التبجح ولا أحب كثرة الكلام والضجيج. إني أحب البناء الوطيد والعمل بروية. وهكذا تتقدم الـحركة رويداً رويداً.
تسألني عما يختص بي شخصياً فأقول إنّ نشوب حالة الـحرب قد عرقل الشيء الكثير من اتصالاتي. ولكني آمل الانتصار على هذه الصعوبة أيضاً بطريقة من الطرق، وأعتقد أنه قد تبذل مساعٍ في خلال هذا الشهر للقيام بشيء فعّال.
عسى أن تكون قرينتك قد عادت إلى صحتها ونشاطها، وأن تكون موفّقاً في أعمالك، وعائلتك بخير. إقبل سلامي لك ولها.
ولتحيى سورية.
مرسل إليك أربع نسخ من شرح الـمبادىء.