مقدمة ضرورية
ليس خافياً على أحد أنّ الـحزب القومي في الـجمهورية اللبنانية حزب سياسي منبثق من النهضة السورية القومية الاجتماعية وعامل بتعاليمها من أجل حياة أفضل تـجمع بين اللبنانيين وباقي السوريين في أجمل الـمثل العليا الـمنبثقة من النفس السورية، التي أحسّ بشخصيتها لبنانيون عظماء، نقتصر على بعض الـمتأخرين منهم كالأديبين العظيمين سليمان البستاني وجبران خليل جبران، ومن أجل جعل لبنان، الذي انبثقت منه النهضة القومية الاجتماعية التي عمّت سورية وأثّرت تأثيراً واضحاً في تفكير العالم العربي كله، معنى عظيماً لهذه النهضة العظيمة الـمرتقية بأمة عظيمة، كانت صريعة تاريخ فاجع، إلى قنن الـمجد والإشعاع الغني الفلسفي للعالم كله.
ولقد تعرضت النهضة السورية القومية الاجتماعية في لبنان والشام وبقية سورية للصراع الطبيعي بين الفكر الـجديد والفكر القديـم - بين روح النهوض والتقدم نحو إدراك الـحقيقة وفهمها والعمل لها، وروح الاستمرار والاستسلام لـحكم الظروف والصدف والعوامل والإرادات الـخارجة عن عوامل النفس السورية وإرادة الأمة. وكان هنالك احتلال أجنبي في لبنان والشام يحارب كل اختلاجة تدل على دبيب حياة جديدة في جسم الأمة، مستخدماً في حربه النعرات الـمذهبية ومآرب الإقطاعيين وباعة الوطن.
وكان ما تعرضت له هذه النهضة العظيمة في لبنان أشد ما يكون من القسوة والشراسة والإرهاب والإرجاف، وكان الأجنبي الطامع باستعمار هذه الأرض «إلى الأبد» ومؤسساته وصنائعه توغر صدور الذين أرسخت في نفوسهم فكرة الانعزال اللبناني التام الـمطلق، بغية الـحيلولة الدائمة بين اللبنانيين وبين بقية أجزاء أمتهم، وتعطيل كل إمكانية للتفاعل الفكري الثقافي بين اللبنانيين وإخوانهم في بقية البلاد، حتى يستحيل بالكلية نشوء حركة واحدة ونهضة واحدة في سورية تسيران بهذه الأمة العظيمة نحو الـحرية التامة والاستقلال الـمكين والسيادة الـمطلقة والـمصير العزيز الأمين!
وقد انطلت على كثير من اللبنانيين حيلة الأجنبي الذي سعى وعمل على إيجاد تكتلات لبنانية من شبان غذّت عقولهم مؤسساته الثقافية التي تخدم أغراضه السياسية والفكرية، وصدق كثير من اللبنانيين الإشاعات الباطلة التي بثها عمال الإرادة الأجنبية والذين خدعهم وأفسد تفكيرهم التثقيف الأجنبي، فصار جزء كبير منهم يتوهم أنّ النهضة السورية القومية الاجتماعية العامة عدوة للبنانيين وللحريات الأساسية التي طلبها الـمسيحيون في الكيان اللبناني، وأنّ عملها العام في جميع أجزاء سورية وكياناتها السياسية يهدد الـمطالب اللبنانية الأساسية بالاندثار.
ليس شيء أبعد عن الـحقيقة من هذا الوهم الباطل!
ليس شيء أشد عداوة لـمطالب اللبنانيين الأساسية من محاولة إبعاد اللبنانيين، وخصوصاً الـمسيحيين منهم، عن مجرى النهضة السورية القومية الاجتماعية التي لا يـمكن تـحقيق مطالب اللبنانيين الأساسية إلا بها، لأنها الضمان لوجود تفكير جديد واحد عام في سورية كلها ولوجود قيم روحية ومطالب روحية - مادية واحدة تـحول دون حصول أي تصادم بين اللبنانيين وأبناء الأقاليم السورية الأخرى، وتوجد الانسجام القومي في الكيانات السورية كلها، فتزول النعرات الدينية وتتقارب النفوس ويكون للبنانيين فاعلية قوية في تطوير الفكر السوري نحو مبادىء النهضة القومية الاجتماعية التي توجد حياة جديدة من الطمأنينة والـخير والـجمال.
قواعد أساسية لـمنهاج الـحزب القومي
بناءً على الـحقائق الـمثبتة في ما تقدم، يعلن الـحزب القومي الـمعبّر عن النهضة القومية الاجتماعية العامة في لبنان أنّ القواعد الأساسية لعمله في لبنان التي تقرّها النهضة القومية الاجتماعية العامة كلها هي:
1 - تأمين الكيان اللبناني وجعله «نطاق ضمان» لـمبادىء الـحياة القومية الاجتماعية الـجديدة.
2 - جعل الاستقلال حقيقة أكيدة لا شكلاً جديداً من أشكال الاستعمار.
3 - توثيق الروابط السياسية والوحدة الثقافية والاقتصادية بينه وبين الكيانات السورية الأخرى.
4 - الاشتراك مع بقية الكيانات السورية في دفع الأخطار والاعتداءات عن أي جزء منها وفي التعاون مع الأمـم العربية بواسطة الـجامعة العربية.
منهاج الـحزب القومي
على القواعد الأساسية الـمتقدمة يبني الـحزب القومي منهاجه الذي يتقدم به إلى الـمعركة الانتخابية التي أصبحت على الأبواب، وساعتها الفاصلة تقترب بسرعة كبيرة. ويشتمل هذا الـمنهاج على:
إستكمال الاستقلال
قال الزعيم في خطابه يوم وصوله: «إنّ خطوة الاستقلال التي خطوناها يجب أن تعقبها خطوات»، والـخطوات التي عناها الزعيم هي خطوات استكمال الاستقلال وجعله حقيقة.
فالاستقلال السياسي لا يكون استقلالاً صحيحاً ما لم يثبت على قواعد اقتصادية - اجتماعية - سياسية متينة.
فإذا ألقينا نظرة على القواعد الاقتصادية لاستقلالنا وجدنا أنها معدومة بالـمرّة. فليس هنالك نهضة زراعية أو صناعية، ولا توجد قواعد أساسية لقيام مثل هذه النهضة، وليس للدولة اللبنانيـة سياسـة اقتصاديـة داخليـة أو خارجية، والنقد لا أساس له إلا في ضمانة أجنبية تـجعل رأس الـمال الوطني والعملة الوطنية تـحت رحمة سياسة اقتصادية أجنبية.
وما دامت الـحال الاقتصادية على هذا الـمنوال فليس لنا استقلال صحيح.
لذلك يرمي منهاج الـحزب القومي إلى إيجاد القواعد الاقتصادية للاستقلال.
القواعد الاقتصادية للاستقلال
1 - سياسة اقتصادية قومية تؤمن حصول رأس مال قومي ثابت يـمكن أن تقوم عليه مشاريع زراعية وصناعية قوية.
2 - ضبط رأس الـمال وتوجيهه نحو تقوية اقتصاديات البلاد وزيادة ثروتها.
3 - إيجاد التوازن بين الوارد والصادر بسنّ قوانين التبادل وعقد معاهدات التفاضل في الاستيراد والتصدير بحيث يكون استيرادنا مؤمناً بتصديرنا.
4 - مواسم جديدة لها محل في السياسة الاقتصادية.
5 - تشجيع إيجاد صناعات جديدة تتفق مع إمكانيات البلاد.
6 - تضبط الدولة توزيع العمل وتوزيع الإنتاج بحيث تتحسن حياة الفلاح
والعامل ضمن إمكانيات الإنتاج وزيادته.
7 - منع حرب الطبقات في الأمة والدول السورية، وإيقاف جماح التكتلات الاقتصادية بإقامة العدل الاجتماعي ضمن الإنتاج القومي.
8 - سن قوانين حماية الإنتاج القومي.
9 - تأمين الدورة الاقتصادية القومية.
القواعد السياسية للاستقلال
وكما يفتقر استقلالنا الناقص إلى القواعد الاقتصادية الـمتقدمة كذلك يفتقر إلى القواعد السياسية الصحيحة.
فالاستقلال لا يكون ثابتاً من الوجهة السياسية إلا بالاستناد إلى وعي قومي عام وإلى الشعور القومي والإرادة القومية. ومن هذه الناحية نرى استقلال لبنان السياسي موضوعاً دقيقاً يشتمل على قضايا لا يـمكن محوها بِعَصْبِ العيون.
يجب معالـجة موضوع استقلال لبنان من أساسه. فإذا ألقينا نظرة على منشأ هذا الاستقلال وجدنا أنّ الباعث على طلبه هو حصول اقتناع قديـم أن لا حل لقضية الـمسيحيين الـمقيمين فيه إلا بالانفصال عن الأكثرية الـمحمدية، وجعل لبنان دولة مسيحية مستقلة. ولـما كان تـجمّع الـمسيحيين في جبال لبنان عينها وكانت هذه الـمنطقة الـجبلية لا تكفي لإنشاء دولة صغيرة، ولـما كانت إرادة الاحتلال الفرنسي قد اتـجهت نحو الاستفادة من الطوائف والـحزبيات الدينية في البلاد لتجزئتها، درست مسألة إنشاء دولة لبنانية تستند إلى اقتناع الـمسحيين ورغبتهم وإلى إرادة الدولة الـمحتلة. فأعلن الـجنرال غورو، قائد الـجيش الفرنسي الـمحتل، في أول سبتمبر/أيلول سنة 1920، باسم الـجمهورية الفرنسية، دولة لبنان الكبير. وكان القائد الأجنبي الـمذكور قد أمر قبل ذلك بإلقاء القبض على مجلس إدارة لبنان الـمنتخب من الشعب اللبناني، لأن الـمجلس الـمذكور كان قد أدرك الـمصير الاستعماري، الذي كانت فرنسة تريد جرّ لبنان والشام إليه وقرّ الاتفاق مع ملك الدولة الشامية فيصل الأول على وحدة سوريّة صغرى. فقبض على أعضاء الـمجلس الـمذكور واتهمتهم فرنسة «بخيانة لبنان» ونفتهم إلى جزيرة كورسكة ثم نقلوا إلى فرنسة حيث تـمكن السيد سليمان كنعان من خدع الشرطة الفرنسية واجتياز الـحدود إلى سويسرة.
بقيت الدولة اللبنانية قائمة، منذ نشأتها على الـحراب الفرنسية ورغبة قسم كبير من الـمسيحيين. فلم تستند إلى إرادة شعبية عامة.
ثم جاءت الـحرب العالـمية الثانية وما تلاها من حوادث سياسية وسنحت الفرصة للتحرر من السيادة الفرنسية بتأييد الدولة البريطانية، فأعلن الاستقلال على الأوضاع التي كان قد أقرّها الاحتلال الفرنسي بدون تغيير أو تعديل.
يتضح مـما تقدم أنّ الكيان اللبناني يفتقر إلى إرادة قومية عامة تعطيه الأساس الذاتي. وإلى إيجاد هذا الأساس اتـجهت النهضة السورية القومية الاجتماعية وبالتالي الـحزب القومي، فكان تصريح الزعيم سنة 1937 الذي اتخذته الـحركة السورية القومية الاجتماعية كلها، في لبنان والشام وفلسطين وشرق الأردن وما بين النهرين، خطّة أساسية للعمل. فاعترفت هذه الـحركة العظيمة بالـحدود اللبنانية تأميناً للأهداف السياسية التي أرادها الـمسيحيون اللبنانيون ورغبت في طمأنينتهم وقالت بضرورة تأمينهم على وضعية الضمان التي أرادوها، وبذلك أمكن التوفيق الوثيق بين القضية السورية العامة والقضية اللبنانية الـخاصة - بين القومية السورية والكيان اللبناني.
يتضح من النظر إلى الوضع وإلى مجرى الأمور أنّ الكيان اللبناني، بطبيعة تركيبه الاجتماعي، ينقسم إلى قسمين متعادلين تقريباً: قسم الـمسيحيين وقسم الـمحمديين، وبينهما قسم ثالث صغير وهامّ، هو قسم الدروز. وقد رأينا أنه لم يكن هنالك اشتراك شعبي، في الأساس، بين هذه الأقسام الثلاثة في إنشاء الكيان اللبناني. ولذلك نرى أنه حتى بعد إعلان استقلال لبنان لا تزال هنالك نزعتان تتنازعان السيادة ومصير لبنان اللاقومي هما النزعة الـمسيحية اللبنانية الفينيقية والنزعة الـمحمدية العربية. وفي هذا الانقسام السياسي لا أساس حقيقي للاستقلال اللبناني.
تـجاه هذه الـحالة لا يكون هنالك سوى حل وحيد للمشكل هو حل النهضة القومية الاجتماعية التي تريد:
1 - تأمين الكيان اللبناني وتثبيته باعتباره نطاقاً قومياً يضمن القيم السورية القومية الاجتماعية ويضمن عملها واستمرارها.
2 - توليد إرادة عامة، بواسطة النهضة السورية القومية الاجتماعية، في لبنان وخارجه تـجعل للتأمين الـمتقدم قيمته الفعلية.
3 - تـحقيق الإصلاح السياسي الكبير بفصل الدين عن الدولة.
4 - ضمان الـحريات الأساسية التي توجد الضمان الـحقيقي للاستقلال اللبناني.
5 - إيجاد ترابط قومي سياسي وثيق بين الكيان اللبناني وبقية الكيانات السورية.
وضعنا في ما سبق القـواعد الاقتصـادية والقـواعد السياسية للكيان اللبناني والاستقلال اللبناني، فننتقل الآن إلى ما يحتاج إليه هذا الكيان من إصلاح يتقدم به الـحزب القومي إلى الشعب اللبناني طالباً تأييده الكلي لتحقيقه.
ينقســم هــذا الإصـلاح الـذي يشتمـل عليـه منهــاج الـحـزب القومـي إلى خمســة أصنــاف:
أ - الإصلاح الاجتماعي
وينطوي تـحت هذا الصنف.
1 - إيجاد تشريع للزواج يؤمن العائلة الراقية.
2 - الفحص الطبي قبل العقد.
3 - إيجاد مصحات قومية تفي بحاجة الشعب.
4 - تعميم التعليم القومي وجعله إجبارياً ومجانياً.
5 - ضبط مناهج التعليم في جميع الـمدارس والـمؤسسات الثقافية.
6 - تشجيع الرياضة البدنية.
ب - الإصلاح الاقتصادي
1 - الإنتاج وحمايته بالـمكـوس على الـمستـوردات الأجنبية التي تضـارب الإنتاج القومي الرئيسي وتعاكس نشوء الصناعة القومية.
2 - تشجيع الإنتاج وتقويته بالعناية التكنية والقوانين الداخلية والـمساعدات اللازمة وبالعقود الإنترناسيونية.
3 - ضبــط الســوق الداخليــة ومنــع الأربــاح الفاحشــة وضبــط معــدل الأربــاح الـمعقولــة.
4 - الاهتمام بالأسواق الـخارجية لتصدير منتجاتنا إليها وسنّ القوانين اللازمة للتبادل التجاري مع الـخارج.
5 - الاعتناء بحركة التصدير وإيجاد الشروط والقوانين التي تكفل نـجاحها، من حيث تصنيف الأنواع وضبط الأسعار ومراقبة التغليف وما شاكل.
6 - حفظ مركز الرأسمال القومي في جميع مشاريع الاستثمار وعدم السماح لرأسمال أجنبي وحده باستثمار مشاريع في أية بقعة قومية.
7 - إيجــاد أســاس النقـد القومـي وحفـظ استقلالـه وحمايتـه من التلاعـب الـمالـي الـخارجـي.
8 - صيانـة العمل والعمال من إجحـاف استبداد الرأسماليين وإقامة العدل الاجتماعي الذي لا ينتظم إنتاج قومي بدونه.
9 - صيانة الفلاحين من الطغيان الإقطاعي وتثبيت حقوقهم ونصيبهم العادل في إنتاجهم وإحاطتهم بالعناية الثقافية والصحية.
10 - منع الـمهاجرة وإيجاد وسائل العمل للذين تدفعهم البطالة وانعدام الإنتاج الاقتصادي إلى الهجرة.
11 - القضــاء على البطالــة بإيجــاد مشاريــع إنتــاج قوميــة تـحسّــن حالــة البــلاد الاقتصاديــة.
12 - صيانة حقوق مستخدمي التجارة وضبط الأجور التي تدفع لهم.
ج - الإصلاح السياسي
1 - محاربة النفعية والرجعية.
2 - محاربة تدخّل الغايات الأجنبية في سياسة البلاد الداخلية.
3 - إيجاد التمثيل الـمسـؤول لـمصالـح الشعب بواسطـة الأحزاب ذات الأهداف القومية والـمناهج الشعبية العامة.
4 - إلغاء التمثيل الطائفي وإقامة التمثيل القومي.
5 - ضمان حرية الرأي والقول والاجتماع.
د - الإصلاح القضائي
1 - الفصل التام بين القضاء والسياسة والـحكم.
2 - ضمان نزاهة القضاء واستقلاله بتعيين مرتّبات عالية للقضاة.
3 - إزالة أسباب النزاع بين القضاء الـمدني والقضاء الديني.
4 - إيجــاد نظــام خــاص للمحامــاة يزيــل مفاسدهــا ويصــون حقــوق أصحــاب الدعــاوى.
هـ - الإصلاح الإداري
1 - إلغاء الوظائف التي لا عمل حقيقي لها.
2 - القضاء على الـمحسوبية.
3 - محاربة الرشوة وتعيين عقوبات شديدة للمرتشين.
4 - رفــع مرتّبــات الـموظفيــن لتحسيــن حيــاة الـموظــف ورفـع منزلــة وظيفتــه في عينيــه.
الـخلاصة
بهذا الـمنهـاج، الذي يعالج مسائل الاستقلال وحالة الشعب، قرر الـحزب القومي خوض معركة الانتخابات في جميع محافظات الـجمهورية اللبنانية.
ولكن الـحوادث الغريبة التي تلت عودة الزعيم وقيام جبهة من الـمصالح الأجنبية والنفعية الـمحلية، بدسائس ومؤامرات سخّرت لها بعض أجهزة الدولة وانتهت بإصدار مذكرة توقيف بحق الزعيم وتعطيل جريدة النهضة أوجدت حالة شاذة لم تسمح بالعمل الطبيعي الذي هو حق مقدس لأعضاء الدولة ومنظماتها، فاضطر الزعيم للاعتصام بالـمناطق القومية الـجبلية الـمنيعة، وحُرمت مناطق الـجمهورية اللبنانية من العمل التنويري في الـمقاصد القومية، لأن الزعيم تجنب الـجولات الإذاعية الواسعة منعاً للاصطدام بين الـحزب وقوات الـحكومة وحقناً للدماء.
وبينما يسجّل الـحزب القومي هذه الـحقائق البسيطة الدالة على تضييق على الـحريات الأساسية، وعلى امتهان حقوق أعضاء الدولة الـمدنية والسياسية، وعلى الـجو الإرهابي الذي خُلق للحدّ من حرية الانتخابات، يثبت أيضاً أنه تـمكن تـحت ضغط الـحالة الشاذة الـمشار إليها من التقدم بعدد من الـمرشحين في مختلف الـمناطق وهو لا يجهل الصعوبات والعراقيل الرسمية وغير الرسمية التي ستوضع في سبيل عملهم.
وقد تـمكن الـحزب القومي من إيجاد ائتلاف في محافظة جبل لبنان بينه وبين بعض الشخصيات والعناصر السياسية التي يعمل على رأسها الشيخ سليم الـخوري. وقد ضم هذا الائتلاف ثلاثة مرشحين قوميين هم: الرفقاء الدكتور أمين تلحوق وأسد الأشقر وحافط الـمنذر.
فالـحزب القومي يطلب من فروعه وأعضائه التقيد بالعقود التي أمضاها الـحزب، وخوض الـمعركة بالعزيـمة والقوة اللتين تـميّزان أبناء النهضة القومية الاجتماعية عن غيرهم.
ومع العلم أنّ الشعب في الـجمهورية اللبنانية، كما هو في جميع الأقاليم السورية، لا يزال في قبضة الـمصالح الإقطاعية والنفعية والعائلية، فهو يثق بأن خوضه معركة الانتخابات سيكون منبهاً قوياً للشعب، لن يذهب بدون جدوى.
والـحزب القومي يثق بأن مرشحيه سيلاقون التأييد الشعبي الـمطلق من جميع الفئات التي أصبحت تدرك وجوب إنقاذ البلاد من السياسات الشخصية، النفعية، الرجعيـة وتأمينهـا وتأمين مصيرهـا بالالتفـاف حـول النهضة القومية الاجتماعية ومؤسساتها، التي برهنت، في خمس عشرة سنة من جهاد مستمر، على أنها لا تبغي غير مجد الأمة وعزّها وتقدّمها وازدهارها.
بيروت في 24 مايو/أيار1947 (1)
ناموس مجلس العمد رئيس مجلس العمد
عبدالله محسن فؤاد سليم
(1) هذا البيان وضعه الزعيم بشهادة ناموس مجلس العمد عبدالله محسن.