أيها الشعب اللبناني،
إني أثــق بفهمـك ووعيـك ومقدرتـك على الإدراك، على الرغـم من جميـع الإشاعـات والكتابـات والتصريحـات التي تـحـاول وضعـك في درك الشعـوب الـمتـأخرة العقليـة.
يوم وصولي إلى بيروت لفظت خطاباً أردت فيه التعبير عن عقليتك النيّرة التي يجب، في عرفي، أن تشع من داخل كيانك إلى خارجه كي لا تـحاك حولك الـمؤامرات الـمظلمة وتداهمك الأيام بـما لم تعمل على تلافيه. وقد قلت ذلك بتعبير واضح بعد أن صرّحت أنّ الـملأ يشهد أنّ جميع الـجموع القومية الاجتماعية من لبنان ومن خارجه تعترف بكيانك وتـحترمه. ولا يعقل أن أكون أنا إبن لبنان خارج هذا الاعتراف.
وإنّ مـا صـرّحت به يتفـق كـل الاتفـاق مع تصريحات سابقة ومع جميع التصريحات الـحزبية الأخرى التي تكوّن وحدة لا تتجزأ.
فأنا لم آتِ، بعد غياب نحو تسع سنوات، لأكون حرباً على هذا الكيان بل لأكون قوة فيه وله.
فكـل فكـر أبديتـه، بصدد اتصال هذا الكيان بخارجه، هو فكر مبني على الاعتراف بوجود هذا الكيان بحدوده الـحاضرة، وبالعمل على أساس هذا الكيان.
وقد صرّحت في خطابي الـمذكور أني أرى الاستقلال الذي حازه هذا الكيان خطوة أولى يجب أن تعقبها خطوة، هي جعل هذا الكيان قوة فاعلة لا ضعفاً متقلصاً منزوياً، فأراد الـمغرضون إفهامك أني أقول إنّ كيانك نفسه هو خطوة أولى. والفرق بين ما قلت وما أوَّل الـمغرضون عظيم جداً.
لا يـمكن أن يفصلني عنك وعن العمل لـخيرك ومستقبلك أصحاب الغايات الـخصوصية الذين لا يهمّهم مصيرك. فما أنا إلا لبناني من صميمك يريد تـحويل كيانك إلى معقل للنبوغ ولتطوير الـمحيط حولك في اتـجاه موافق لتطورك متجانس مع أهدافك.
هذا بيان موجز صريح ستعقبه بيانات أكثر إيضاحاً لـحالتك وكيفية علاج الأدواء التي جلبها عليك تعسف الأطباء الدجالين، والسلام.
بيروت في 6 مارس/آذار 1947
أنطون سعاده