أخيراً، وبعد نحو سنتين على انتهاء الـحرب، قرب وصول سفير لـجمهورية لبنان إلى الأرجنتين لإنهاء وضعية شاذة للمغتربين من لبنان في هذه الديار.
هي مدة طويلة جداً هذه الـمدة التي مرّت منذ جرى اعتراف الـجمهورية الفضية، في عهد رئاسة الـجنرال ديغول، باستقلال لبنان والشام، إلى وقت تعيين سفير لبناني للأرجنتين وإلى وقت قدوم السفير الـمعيّن، الذي إذا كان قدومه سيحل قضايا وضعية الـمغتربين من لبنان الشاذة، فإنه لا يحل قضايا وضعية بقية الـمغتربين السوريين من دولة الشام وغيرها من الـمناطق.
وقد تعجب الـمهاجرون لهذا الإبطاء في إيجاد حل لـمشاكلهم وشؤونهم، التي بعضها مستعجل، ولوضعيتهم الـحقوقية. ولكن الأخبار العمومية التي أخذت ترد في صحف الوطن، على اختلاف ميولها، أوضحت الشيء الكثير من أسباب التأخير في الاهتمام بحل قضايا الـمهاجرين. فلم يكن الأمر مقتصراً على وجود حالة جديدة في الوطن، بل تعدَّى ذلك إلى نقائص الـحكم الـحاضر، والفوضى الـمتفشية في دوائر الـحكومة، وكثرة الـحزبيات، والعجز في التدبير، وتقلقل الـحكومات بسبب ذلك، وكثرة الوزارات، وغير ذلك من الأمراض التي أظهرت وجودها حالة الاستقلال.
وبعد اللتيا والتي قررت الـحكومة اللبنانية السابقة، كما يوحى لـمصلحة الـمغتربين في الـجمورية الفضية، إسناد أول سفارة لبنانية إلى الأرجنتين إلى الأستاذ جبران تويني، الصحافي القدير وأحد رجالات لبنان الـمشتغلين بقضاياه السياسية. فكان ذلك من أحسن تدابير الـحكومة اللبنانية لـمصلحة الـمهاجرين والـمغتربين في الأرجنتين وتشيلي وبوليفية وباراغواي وأورغواي، إذ إنّ السفير القادم تشمل صلاحيته هذه الدول كلها.
الأستاذ التويني خبير بحالة الوطن وبشؤون هجرة أبنائه. وهو بين رجال الـجيل الـمتقدم في هذا العهد، من أكثرهم اطلاعاً وفهماً لقضايا الوطن ومهاجريه، وحاجتها إلى تـمثيل عال في الـخارج، وإيجاد علاقات طيبة مع العالم الـخارجي.
ومع أننا نعتقد أنّ الأستـاذ التويني من الرجـال الذين يحتاج إليهم الوطن في شؤونه الداخلية وسياسة لبنان الـمركزية، فإننا نعتقد أنّ سفارته ستكون نافعة من عدة وجوه للوطن وللمهاجرين وللعلاقات الطيبة مع الـخارج.
السفير التويني قادم برتبة وزير مفوض بالربط والـحل. وهذا يسهّل له كثيراً حل جميع الـمسائل بسرعة والقيام بـما يراه موافقاً لنجاح مهمته من جميع وجوهها.
ونظراً لـما نعرفه شخصياً من أخلاق الوزير الـمفوض، الذي ننتظر وصوله قريباً، نعتقد أنّ شخصيته ستكون عاملاً على حل مشاكل كثيرة في داخلية النزالة، وعلى توجيهها نحو فهم حالة الوطن الـجديدة، ونحو تقوية ارتباطها به، ونحو ما يفيد رفع معنوياتها ومستواها.
ينتظر وصول سعادة الوزير الـمفوض حوالي الثامن من شهر فبراير/شباط القادم، وقد أخذت أوساط الـمغتربين من لبنان، وأوساط النزالة السورية عموماً، تستعد لاستقباله.
تأمل الزوبعة أن تكرر ترحابها في العدد القادم بالوزير التويني، وهي الآن تـحثّ الأوساط على الالتفاف حوله ومؤازرته وتسهيل مهمته.