مُحاضِرُنا اليوم باحثٌ وكاتبٌ غزيرُ الإنتاج. له دراساتٌ عديدةٌ في المسائلِ التوراتيةِ والصهيونيةِ وما يتعلق بهما. كما وله العديدُ من المؤلفاتِ في الفكرِ الميثولوجي وتاريخِ سوريةَ الطبيعيةِ وحضارتها وتراثِها الغني الذي اقتبست منه الديانةُ اليهوديةُ الكثير.
هو رَجُلٌ مؤمِنٌ بالحقِّ والعدلِ والضمير، ويرى أننا نعيشُ في كهوفِ الجهلِ المدقع وفي مرحلةِ انحطاطٍ وعُهْرٍ فكريٍّ واجتماعيٍّ وسياسي، والدليلُ على ذلك ما رَسَخَ في الأذهانِ وفي أفكارِ الشعوبِ من أن اليهودَ هم من أنقى الشعوبِ عنصراً، وأقوى صلةً باللهِ من سائرِ الأممِ، وهم بناةُ الحضارةِ الإنسانية، وإن عودتَهُم إلى فلسطين، وإقامةَ دولةٍ لهم، إنما هو حقٌّ دينيٌّ وإرادةٌ إلهية، كما جاء في العهدِ القديمِ كتابِهِمِ "المقدس". لذلك من الواجبِ البحث والكتابةُ لفضحِ الأضاليلِ ودحضها وتقصي الحقائقِ واجلاءها و"إخصابِ الأذهانِ المخصيَّة وتفعيلِ العقولِ المعطَّلَةِ وتنويرِها بالوعيِ والحقِ والمعرفة.
هو صاحبُ فكرٍ علميٍّ نقديٍّ يؤمِنُ بالمنطِقِ والحُجَجِ والبراهين، ويدعو إلى تحكيمِ العقلِ في كلِّ ما يمتُّ إلى التراثِ الدينيِّ الذي يجب قراءتُهُ بعقلٍ مُستنيرٍ وبعَينٍ فاحِصَةٍ ونَقديَّةٍ واعية. فعندما يتكلَّمُ عَنِ التُّراث، لا يتقبّلُ مفاهيمَهُ من دونِ فحصٍ وتمحيصٍ وتأمل. فهو يُخْضِعُ المفاهيمَ التاريخيةَ المتوارثة للنقدِ الموضوعيِّ كشرطٍ أساسيٍ لقبولِها. وعندما يتناولُ النصوصَ الدينيةَ فهو لا يقبَلُها كمسلماتٍ مقدّسة غيرِ قابلةٍ للنقاش، بل يُخْضِعُها أيضاً للفحصِ والتساؤلِ والنقدِ ويحاكِمُها ويدعو إلى تجريدِها من القبليةِ والأبعادِ التاريخيةِ الغيبيةِ والغَبية، "لأن هذه النصوصَ كانت وراءَ الأسبابِ والدوافعِ التي أدَّت إلى احتلالِ أرضِ فِلَسطينَ واقتلاعِ أهلِها منها عنوةً، بعد أن كانوا منزرعينَ فيها قُرابةَ خَمسَةِ آلافِ سنة، فتحوَّلت فِلسطينُ إلى "إسرائيل": الكيانُ المِسخُ العدوانيُ والقاعدةُ العسكريةُ، العرقيةُ، نتيجةَ الغَباءِ والإيمانِ الأعمى وضحالةِ الوعيِ والجهلِ بخبايا ميثولوجيةِ التوراةِ ووعْدِ الرب يهوه وعنصريَّتِهِ وأوامرِهِ العنيفة، بإعطاءِ هذه الأرضِ لشعبِهِ الخاص المفضَّلِ على العالمين.
القضية هي قضية فلسطين المغتصبة. واليوم هو يوم الحديث عن هذه القضية مع الدكتور جورجي كنعان