خليل حاوي في قصائده الصادرة الآن بعد أربعين عاماً على غيابه، عود على بدء. أي أنّه في كل ما حبّره منذ «الجسر» حتى «شو قولكم؟» قبل رحيله وربما آخر قصيدة له بالعامية عام 1982 هو حاوي نفسه الشاعر القدّوس كما وصفه الشاعر الملهم شوقي ابي شقرا على غلاف كتاب القصائد غير المنشورة أي «الديوان الأخير».
هو الشاعر الناقد المعلّم القومي السوري الاجتماعي الذي لم يخرج على تعاليم الزعيم قيد أُنملة وهو الخارج من أميركية بيروت بأطروحة ماجستير عن العقل والإيمان بين الغزالي وابن رشد والعائد من كامبردج بأطروحة دكتوراه عن جبران في إطاره الحضاري، هو أيضاً أستاذ النقد الأدبي في الأميركية واللبنانية على مدى ربع قرن.
في قصائده الصادرة عن «دار نلسن»، ما يضيء على حاوي من جديد. استمد حاوي من التراث عناصره الحيّة، فجسّد فكرته في بناء معماري مُحكم، واعتبر أنّ الأساطير المتمثلة في التراث الشعبي تعبّر عن نفسية شعبنا وتطورها، فوازى هذا الشاعر الفريد من نوعه بين الشعر والرؤية وجاءت رمزيته متصلة وثيقاً بتجربته تماماً كما هي أسطورة أدونيس مجذّرة في تربة الهلال الخصيب.