في تاريخ علم الاقتصاد، برز العديد من الفلاسفة والمفكرين والخبراء الاقتصادين الذين أثروا الفكر الاقتصادي بأفكارهم ونظرياتهم. وفي القرن الماضي، ظهر في سورية فيلسوف عبقري مبشراً بفلسفة جديدة غايتها جمع الشمل والنهوض بالأمة ليكون لها حياة أرقى وأفضل وأجمل ولتجد نفسها مُساهمة في العمل لخير الإنسانية وتقدمها. 

وانطلاقاً من فلسفته القومية الاجتماعية، وضع أنطون سعاده أفكاره الاقتصادية الإصلاحية وشرحها في محاضرته الثامنة وفي كثير من مقالاته وبياناته الموزعة في أعماله الكاملة. إن ما قدّمه سعاده في شرحه للمبدأ الاقتصادي هو "قواعد عامة ومعلومات أساسية"[1] تشكِّل الأساس لنظام الاقتصاد القومي الاجتماعي للدولة القومية الاجتماعية التي ستشرف على تطبيقه وضبطه وتطويره وفق حاجات المجتمع ومطالبه ومطامحه وتحقيقاً لحياة الأمة اللائقة ومصلحتها ورقيها. وفي ختام محاضرته، طالب سعاده أبناء عقيدته البناء على هذا الأساس وتحضير شروحات ومحاضرات اختصاصية في كل باب وناحية من نواحي المبدأ الاقتصادي.

والاقتصاد القومي الاجتماعي يقوم على ركائز أساسية سأذكر بعضاً منها:

الركيزة الأولى، هي الإنتاج الذي يعتبره سعاده الأساس الهام للاقتصاد القومي والمفتاح للقضية الاقتصادية كلها وبدونه لا يمكننا مطلقاً التفكير برفاهية الشعب وتحسين حياته.

والركيزة الثانية هي وحدة المجتمع التي بدونها لا تستقيم العملية الاقتصادية ولا يقوم اقتصاد صحيح لأن الاقتصاد لا يمكن أن ينظر إليه إلا بالمنظار القومي، بمنظار المجتمع الموحد الأمة التي هي وحدة جماعة ووحدة أرض، أي وحدة اقتصاد يوفِّرُ للأمة الاستقرار والطمأنينة والارتقاء وزيادة الخير.

والركيزة الثالثة، هي العقلية الأخلاقية الجديدة التي يجب أن يتمتع بها العاملون المنتجون واضعين نصب أعينهم مصلحة الأمة فوق كل مصلحة. لأن كل نظام، يقول سعاده، يحتاج إلى الأخلاق، بل أن الأخلاق هي في صميم كل نظام يمكن أن يكتب له أن يبقى.

والركيزة الرابعة، هي العدالة الاجتماعية التي تشكل جوهر هذا النظام القومي الاجتماعي الجديد. وتتجلى العدالة الاجتماعية باتجاه هذه النظام القومي الاجتماعي لإقامة العدل الاجتماعي-الحقوقي بإلغاء الإقطاع ووضع حد لحالة الإجحاف والعوز والاستعباد التي يعاني منها فئات من الشعب وبمنع الظلم والاستبداد بالرأسمال وتأمين الحق في العمل والإنتاج وإنصاف المنتجين من تعسف الإقطاعي والرأسمالي وتوزيع الإنتاج توزيعاً عادلاً. لذلك يقول سعاده: نحن نقول بالحق والعدل الذي يجعل مجموع الشعب في حالة خير وبحبوحة فلا يكون أناس في السماء وأناس في الجحيم.

وعن المزيد عن هذا الاقتصاد القومي الاجتماعي وعن مفهوم العدالة فيه، سيقدم لنا اليوم الرفيق وليد عكر محاضرة بعنوان "السياسة المالية والنظام الضريبي في الدولة القومية الاجتماعية" مستنداً إلى شروحات سعاده عن الاقتصاد.

والرفيق وليد هو خبير اقتصادي وأستاذ محاضر في مادة الاقتصاد في العديد من الجامعات اللبنانية منذ العام 1990 حتى الآن. وقد حاضر في الجامعة اللبنانية الأميركية وفي جامعة البلمند وجامعة الحكمة وفي الـ AUST- American University of Science & Technology

وشغل الرفيق وليد المناصب التالية:

- مدير إداري لصحيفة الديار في التسعينات

- مدير مكتب التنمية في جامعة البلمند ما بين 2000-2002

- مدير إداري لصحيفة البناء ما بين 2008-2010