ضمن سلسلة محاضرات الندوة الثقافية المركزية، قدّم الأمين أحمد أصفهاني محاضرة في السابع من تشرين أول 2022 تحت عنوان "نظرة قومية اجتماعية في مفهوم الثقافة". حضرها، إلى جانب عميد الثقافة والفنون الجميلة الدكتورة فاتن المر ومسؤولين حزبيين، عدد من القوميين والأصدقاء. افتتح رئيس الندوة الأمين الدكتور إدمون ملحم اللقاء بالكلمة التالية:
أهلاً بكم في ندوةِ اليوم المميزةِ بموضوعِها الثقافيِّ المرتبطِ ارتباطاً وثيقاً بفكرِنا القوميِّ الاجتماعي وغايةِ حزبِنا السامية، والذي يعود بنا إلى حقيقةِ الحزبِ السوريِّ القومي الاجتماعي الكامنةِ في عقيدتِهِ القوميةِ الاجتماعيةِ الصحيحة التي وصفها سعاده بأنها عقيدةٌ ثقافيةٌ بالدرجةِ الأولى، كما هي عقيدةٌ اجتماعيةٌ واقتصاديةٌ وسياسية.. مؤكداً في مناسباتٍ عديدةٍ على أهميةِ الثقافةِ التي تشكلُ ناحيةً أساسيةً من نواحي عملِنا، وعلى اهتمامِهِ الكبيرِ بشؤونِها لأن الثقافةَ، كما يقولُ في رسالةٍ له إلى غسان تويني، هي "من أقوى أعمالِهِ وأغراضِ رسالته."
الثقافةُ هي شأنٌ اجتماعيٌّ حضاريٌّ يعكِسُ هُويةَ الأمةِ وتاريخَها وتراثَها، وهي فعلٌ تنويريٌ وتغييريٌ غايتُهُ الارتقاء بالفكرِ والمجتمع، وصولاً إلى حياةٍ أفضلَ وأجمل. ويمكنُ توظيفُ الثّقافةِ في خدمةِ الأهدافِ والمطامحِ النّبيلةِ كالتّربيةِ والتّنويرِ ومحاربةِ الجهلِ والرذائلِ والقبائح، وإحياءِ المناقبِ وترقيةِ المجتمع، والسّعيِ لإقامةِ الحياةِ الجميلة. لذلك يقولُ سعاده إن “قصدَ الثّقافةِ أو التّربيةِ هو دائماً تقويمُ الاعوجاجِ وتوجيهُ قوى الحياةِ نحوَ الأفضل."[1]
نحن، كما تعلمون، (وأقصدُ الشعبَ السوريَّ بشكلٍ عام، وليس القوميين الاجتماعيين) غرقى في بحورِ الثقافاتِ السلبيةِ الرائجةِ في مجتمعِنا، والتي تصبُّ كلُّها في تعطيلِ وحدةِ الحياةِ المجتمعيةِ وفي تهشيمِ شخصيّتِنا وتشويهِ صُورِ حياتِنا وقيمِنا، وتؤدي إلى إنهاكِ المجتمعِ وتفتيتِهِ إلى كياناتٍ هزيلةٍ ومعتقلاتٍ مذهبيةٍ متصارعة.. وفي ظلِّ ما تتعرّضُ له أُمّتُـنا من حربٍ على وجودِها ومن هيمنةٍ على ثَرَواتِها وحكوماتِها... ما أحوجَنا اليومَ إلى الثّقافةِ القوميّةِ الاجتماعيّةِ الأصيلةِ التي تقدمُها نهضتُـنا العظيمةُ، الثقافةُ التي تراهنُ على إرادةِ الحياةِ في شعبِنا وعلى النّفوسِ المؤمنةِ والواثقةِ بقُدُراتِها وبما يختزنُ فيها من خيرٍ وحقٍّ وجمالٍ وإبداع.
ما أحوجَنا اليومَ إلى الثّقافةِ القوميّةِ الاجتماعيّةِ في مواجهةِ حربِ التجويعِ والتيئيسِ والغزوِ الثقافيِّ والفكريِّ والإعلاميّ الذي هو أخطرُ بكثيرٍ من الغزوِ العسكريّ، لأنّ غايتَـه هي احتلالُ العقولِ وإحداثُ الهزيمةِ في نفوسِنا، لتجعلَ منا شعباً مستسلماً للإرادتينِ الدّوليّةِ والصّهيونيّةِ وراضخاً لمشيئتهما…
عن هذه الثقافةِ القوميةِ الاجتماعيةِ الأصليةِ المعبّرةِ عن حقيقةِ هويتِنا القوميةِ الحضارية، وتراثِنا الغنيِّ بالمآثرِ والإنجازات، الثقافةُ المتمسكةُ بحقوقِنا وسيادتِنا القوميةِ على كاملِ وطنِنا السوري، يحدثُنا اليوم حضرةُ الأمين أحمد أصفهاني الجزيل الاحترام.