بعد أن أنشأ سعاده "حزب الأحرار السوريين" في البرازيل، في العام 1925[1] – بعد أن كان أصيب بخيبة أمل من جراء محاولته الأولى تأسيس "جمعية الشبيبة الفدائية السورية" – راح العمل يتسع "إلى أن تكاثر العدد في سان باولو فزاد على الخمسين عضواً، كان في مقدمتهم جورج يارد، حبيب أبو حمد، محمد زينو صاحب جريدة "الاستقلال" المحتجبة، ومنير اللبابيدي صاحب جريدة "العاصمة" المحتجبة أيضاً، وجورج دده الذي كان يقيم في عاصمة البرازيل (مدينة الريو دي جانيرو آنذاك) وأصدر فيها عام 1918 جريدة "الإخلاص"، الذي راح يفكر بإعادة إصدارها ليجعل منها صوتاً لحزب الأحرار فيما بعد".
هذا ما يوضحه الأمين نواف حردان في الجزء الأول من كتابه "سعاده في المهجر" (ص 147). ثم يضيف: "أن سعاده فوض إلى رشيد معلوف أمر إنشاء فروع للحزب في ولايات الجنوب، كما عين جورج دده مفوضاً لولايات الشمال".
جورج دده هذا أصبح لاحقاً، عندما أسس سعاده الحزب القومي الاجتماعي في الوطن، أول رفيق ينتمي إلى هذا الحزب.
كيف حصل ذلك ؟
يقول الرفيق جورج دده جواباً على سؤال كان وجهه إليه الأمين نواف حردان في 16/11/1969، وتمّ نشره لاحقاً في عدد خاص أصدرته منفذية البرازيل في تموز 1983 من نشرة "سورية الجديدة"[2] ما يلي:
"بعد عودة سعاده إلى الوطن في مطلع الثلاثينات كتب إليّ من بيروت عام 1932 يقول لي بأنّه عزم على تأسيس الحزب الذي كان يحدثني عنه، ويطلب إليّ أن أكون وكيل مجلة "المجلة" التي باشر بإصدارها في بيروت، والتي أرسل إليّ أعداداً منها كي أقوم بالترويج لها.
"ولأني رغبت في الانتماء إلى الحزب ولم يكن في الريو دي جانيرو كما في البرازيل قد انتمى أحد إلى الحزب، فقد كتب إليّ من سجن الرمل، بعد انكشاف أمر الحزب عام 1935 وحكم المحكمة العسكريّة عليه بالسجن ستة شهور، طالباً مني أن أكتب القسم وأقف باحترام رافعاً يدي اليمنى، وأقسم القسم بصوتٍ عال، فنفذت الأمر وانتميت للحزب بهذه الطريقة، وبدأت أعمل لإنشاء فرع له في الريو دي جانيرو.
"بعد خروجه من السجن، كتب إليَّ قائلاً إنه سيرسل لي نسخاً من مبادئ الحزب مشروحة ومطبوعة، وقد تمّ ذلك عام 1936.
"عندما زار البرازيل عام 1938 قصدته في سان باولو، في الفندق الذي كان يقيم فيه، وكان قد انتمى للحزب بعض الرفقاء في الريو، فأصدر مرسوماً بتعييني مديراً لها. وفي نفس الفندق أثناء زيارتي له انتمى للحزب شقيقه إدوار سعاده وجورج سابا.
"ومديرية" ريو دي جانيرو "تبعت فيما بعد منفذيّة" ميناس جيرايس "أول منفذيّة في البرازيل التي كان يقوم بمسؤولية المنفذ العام فيها الرفيق نجيب العسراوي".
قبل ذلك، عام 1930، كان جورج دده أحد أعضاء "كتلة الدفاع الوطني" التي كان غرضها "إنهاض الوطن السوري والدفاع عن القضية العربية، وقد فرضت على كل مهاجر عربي مبلغ عشرة غروش برازيلية في سبيل استقلال سوريا. ومن الأعضاء د. عبده جزره، فؤاد بندقي، غطاس خوري، رشيد شكور، توما توما"[3].
**********
تثبت فيما يلي نص الرسالة التي وجهها الأمين نواف حردان، بصفته ناموساً لمنفذية البرازيل، إلى الرفيق جورج دده، في 16 تشرين الثاني 1969، ففيها ما يوضح الجهد الذي بذله الحزب، والأمين نواف أثناء إقامته في البرازيل، من أجل جمع المعلومات الحزبية التي تؤرخ لمرحلتي تواجد سعاده في المغترب، الأولى الأعوام 1921 – 1930، والثانية 1939 – 1947.
" إلى الرفيق جورج دده
بواسطة مديرية الريو دي جانيرو
حضرة الرفيق جورج دده المحترم
تحية سورية قومية اجتماعية
"لما كان المركز الموقر، رأى أنه بحاجة ماسّة لوضع كتاب شامل مفصّل، يتناول تاريخ الحزب، أصدرت المراجع المركزية المختصة أمرها، بتشكيل لجنة تابعة لعمدة الثقافة الموقرة اسمها "لجنة تأريخ الحزب" وعهدت إليها المباشرة بتنفيذ هذا العمل الكبير اللازم.
وبما أن المنفذية، تسلمت أمراً من هذه اللجنة بالاهتمام وجمع المعلومات والكتابة، عن سعاده، أثناء وجوده في البرازيل في فترة أعوام 1920 – 1930 وفترة 1939 – 1940، وعن تاريخ تأسيس أول منفذية في البرازيل أو منفذية ميناس جيرايس.
ولما كانت المنفذية، تعلم أن لديكم بعض المعلومات المطلوبة، وتسلمت منذ يومين رسالة من رئيس "لجنة تاريخ الحزب" الأمين الجزيل الاحترام جبران جريج، يسأل فيها بعض الأسئلة، وضمنها الفقرة التالية:
"خامساً: تاريخ تأسيس منفذية البرازيل التي على ما أذكر قد بدأت عندما كان الحزب سرياً سنة 1935 بواسطة الرفيق جورج كرم أو جورج فاضل، إن كانت هذه المعلومات صحيحة".
ولما كانت المنفذية ترى أن الرفيق المقصود في رسالة رئيس اللجنة هو الرفيق جورج ددّه، قررت أن تتوجه إليه بهذه الرسالة، تطلب منه أجوبة صريحة مفصلة وواضحة على الأسئلة التالية:
تأمل المنفذية أن يعير الرفيق الوفي المخلص جورج دده هذا الموضوع بالغ اهتمامه لما له من أهمية كبيرة، وينعش ذاكرته جيداً، لتأتي أجوبته في منتهى الدقة والمستوى المرغوب المطلوب، وأن يكتب أجوبته على نسختين يرسلهما للمنفذية قبل نهاية هذا العام".
[1] تأسيس الحزب من سبعة أعضاء تولوا المسؤوليات في المجلس الإداري الأعلى، وهم: أنطون سعاده، الدكتور عبدو جزرة، هنري ضو، فيليب لطف الله، رشيد معلوف، راجي أبو جمرة، وسابع من آل المر لم يتمكن الأمين نواف حردان من الوصول إلى اسمه الكامل (الجزء الأول من "سعاده في المهجر" للأمين نواف حردان، ص 146).
[2] عندما توليت المسؤولية الحزبية الأولى في البرازيل عام 1983 – 1984، عملت على إصدار عددين من نشرة "سورية الجديدة"، وتضمن العدد الثاني (تموز 1983) مرويات حزبية لعدد من الرفقاء.
[3] الجزء الثاني من كتاب "الناطقون بالضاد" ص 548.