اهتم سعادة بالقضية الأدبية في سورية وكتب عن الحاجة إلى التجديد الأدبي ودعا الأدباء والشعراء السوريين إلى الأخذ بنظرته الجديدة الى الحياة والكون والفن لينتجوا على ضؤها أدباً جديداً خارجاً من صميم حياتنا السورية ومعبراً عن مطامحنا ومثلنا العليا في الحياة، أدباً جميلاً نكتشف فيه حقيقة نفسيتنا التواقة الى الإبداع والتقدم والجمال، أدباً يفهم حياتنا ومقوماتها ويرافقنا في تطورنا فيكون لنا منارة هادية بأنوارها وليس مرآة تعكس ما في مجتمعنا من حالات الفوضى والإستكانة والذل.
هذا الأدب الجديد الذي دعا إليه لكي يتحقق النهوض للشعب كله هو أدب الحياة الذي تنبع منه روئ جديدة تسير بنا إلى تحقيق الحياة الجميلة والسامية التي نطمح اليها.
ولقد تجاوب عدد كبير من أدباء سوريه وشعرائها مع دعوة سعاده بعد أن فهموا القضايا الكبرى التي تثيرها نظرته الجديدة في مختلف مجالات الحياة وخاصة في الأخلاق والمناقب والمثل العليا. فإنضموا إلى حركته وجاء إنتاجهم الأدبي والشعري يعكس النظرة الجديدة إلى الحياة والكون والفن.. ومن هؤلاء كان الشاعر خليل حاوي الذي تفجرت مواهبه من خلال معايشته أنطون سعاده وفكره وارتباطه في الحركة الإبداعية الأدبية التي أطلقها هذا المفكر النهضوي. إن تجربة خليل حاوي في الحركة القومية، كما يقول صديقه حليم جرداق: "وسمت شخصيته في أعماقها، وكان لها الأثر الفعّال في يقظته الفكرية، والشعورية والإرادية، وفي نظرته إلى الانسان والحياة والفن".
ويقول الأمين الشاعر الدكتور نذير العظمة الذي فارقنا بالأمس ونوجّه تحية الى روحه:
"ان أغلب الشعراء التموزيين ما خلا جبرا ابراهيم جبرا وبدر شاكر السياب كانوا ينتمون إلى الحركة القومية الإجتماعية او يتصلون بها بشكل من الأشكال فالدكتور خليل حاوي وأدونيس ويوسف الخال وهم من رواد الحركة التموزية لم يكونوا أعضاء في الحزب فقط بل مارسوا فيه مسؤوليات ثقافية وفكرية مهمة. وبكلمة اخرى كانوا على معرفة حميمة بما يكتب انطون سعاده وينظّّر في مسألة التجديد في الشعر بشكل خاص والأدب والفكر بشكل عام.."[1]
عن تجربة الشاعر خليل حاوي في الحركة القومية التي حرّكت نفسه ودفعته للابداع الشعري بغاية احداث ثورة التغيير النهضوي وعن علاقته بسعاده وما بينهما من روابط الفكر والروح، سيحدثنا اليوم ضيفنا العزيز الرفيق الدكتور محمود شريح أستاذ الفلسفة في الجامعة الأميركانية وفي جامعة البلمند وله كتاب عن الموضوع عنوانه "خليل حاوي وأنطون سعادة – روابط الفكر والروح والشاعر في الحزب" بالإضافة إلى مؤلفات أخرى.
يسرنا حضورك دكتور محمود وأهلاً وسهلاً بكم في مؤسسة سعادة للثقافة. المنبر لكم.
[1] د. نذير العظمة، "سعاده الاسطورة والشعر"، منشور في مجلة فكر (الأعداد 43-46 كانون أول 1980- نيسان 1981، ص 119.