رحيل الشاعر المبدع الأمين نذير العظمة

 

ناصيف، لبيب

 

 

      

 

 

عندما انتقل الأمين نذير العظمة للتدريس في جامعة بورتلاند ولاية اوريغون وكنت اتولى مسؤولية عميد شؤون عبر الحدود توثقت علاقتي به وبعدد من رفقائنا في الولاية الأميركية، اذكر منهم: ريمون الجمل⁽¹⁾، شوقي الخال⁽²⁾، فريد نبتي⁽³⁾، إسكندر نصار⁽⁴⁾، ورجا مزهر⁽⁵⁾ .

 

حتى اذا عاد الأمين نذير الى الوطن ثم انتخب عضواً فرئيسا للمجلس الأعلى، وكنت من أعضائه توثقت علاقتي به مع الكثير من مشاعر الثقة والارتياح وقد وجدت فيه الخصال القومية الاجتماعية والثقافة الفكرية الواسعة، الى تجسيدٍ لافتٍ لفضائل الالتزام القومي الاجتماعي.

 

كان الأمين نذير هادئ الطباع يتعاطى مع زملائه بكثير من المحبة والاحترام، دمثٍ ومحاور.

 

تلك الفترة من مشاركة الأمين نذير في عضوية المجلس الأعلى كانت اكثر من رائعة. ابادله الاحترام والمحبة وارتاح الى نفسيته القومية الاجتماعية.

 

يحتل الأمين نذير العظمة المكان الرحب في حزبه كما في عالم الثقافة والشعر والادب في سوريا والعالم العربي.

 

ما اعرضه هنا، نقلا عن صفحة الرفيق سعادة صالح سوداح، من معلومات حزبية من مسيرة غنية بالنضال القومي الاجتماعي مقرونة بالثقافة شعرا وابحاثاً ودراسات شتى جعله يحتل المكانة المتقدمة في عالم الشعر والادب.

 

اني ادعوا من عرفه من القوميين الاجتماعيين ان يكتبوا عنه ومن بينهم الأمناء والرفقاء جوزف سويد، ربيع الدبس، نزار سلوم، ريمون الجمل، وغيرهم ..

                                                                           ل. ن.

 

*

كتب الرفيق سعادة سوداح                

                                             

وداعاً نذير العظمة:

 

إن الكرامة في بلادي لا تُباع وتُشترى..

 

أغمض نذير العظمة عينيه إلى الأبد..

 

رحلة طويلة امتدت 93 عاما أمضاها في الشعر والنقد والأكاديميا والنضال الحزبي حتى السجن..

 

نشر قصائده الأولى في "الآداب" البيروتية في النصف الأول من الخمسينات، قبل أن يشارك في النصف الثاني من العقد نفسه في تأسيس مجلة "شعر" التي كان لها دور أساسي في الحداثة الشعرية المعاصرة، استنادا إلى رؤية انطون سعاده لسُبل تجديد الأدب ليكون منارة لحياة جديدة لا مرآة لواقع يحتضر..

 

حصل العظمة على بكالوريوس الأدب العربي من جامعة دمشق عام 1954، ثم على الماجستير والدكتوراه من جامعة انديانا الأميركية. وعمل أستاذا لكرسي الأدب العربي في جامعة "بورتلاند"، ولاحقا في جامعة الملك سعود في الرياض، حيث ترك بصمات على انتقال الأدب السعودي من التقليدي الى الحديث..

 

كان عضوا قياديا في الحزب السوري القومي الاجتماعي حتى مراحل متقدمة من العمر. وانتُخب في شبابه عضوا في المجلس الأعلى للحزب في الفترة التي شهدت انقلابا قام به الحزب ضد عهد الرئيس اللبناني الأسبق فؤاد شهاب، رغم معارضته لفكرة الانقلاب. ودخل السجن لاحقا في سوريا لمدة سنة بتهمة العمل لحزب منحل..

 

قرأت باكرا جدا نشيده الخالد في مجموعته الصادرة عام 1955 "جرّحوا حتى القمر"..

 

نذير العظمة علوّ في الحياة وفي الممات..

 

رحمه الله والبقاء للأمة..

 

*

من قصائده:

 

 

قل للذي جحّد البلاد وعقّها وتنكّرا

ومضى يندد بالفساد مهوِلاّ ومكبرا

والخير كل الخير في غير البلاد كما يرى

إن الكرامة في بلادي لا تُباع وتشترى

وطني لأولُ من تفتّح للحياة وعمّرا

وعلى ضلوع الارز قد نصب الشراع وأبحرا

ليلقّن الناس المحبة والعطاء الخيّرا

كنا فكان الحب في صدر الدنى وتفجّرا!

ما باله يغفو على وهم الرمال مخدّرا

ويتيه في الصحراء يُذبل طالعاً مخضوضرا

وبلاده فُرشت رياحيناً وغنت انهرا

ملفى الحساسين احتمى فيها الجمال وصُوّرا

وطني وإن آذتنيَ الالآم والجرح افترى

وطويت أجنحتي ممزقة بأفياء الذرى

أحسست ما تشقى به فرأيت جرحك اكبرا

فمضيت من صدري انتِّف كي أضمّد ما اهترا

وإذا بصدر لي جديد للحياة اخضوضرا

تهتز فيه جوقة الايمان تنشد للورى:

إن الكرامة في بلادي لا تُباع وتُشترى..

 

*

ومن حضرة الأمين ميشال معطي وردنا التالي:

إن فراقك لمؤلم حضرة الأمين جزيل الاحترام.

إن ذكراك لا تنتهي بمأتم وعزاء.

لروحك الطاهرة السلام والرحمة والخلود.

ستبقى ذكراك خالدة بخلود قصائدك.

 

 

سلام على سورية

 

 

نظمت هذه القصيدة حضرة الأمين جزيل الاحترام "نذير العظمة" حين كان متوارياً عن برابرة السلطة في دمشق. ولقد قبضوا عليه بعد ذلك، وطافوا به في أسواق "صافيتا" ينهالون عليه بالكرابيج.

 

 

سلام على سوريا سلام على شعبها                         

سلام على سلمها سلام على حربها !

على رفقة في السجون يقدون من قلبها

يسلمون من هدفها ومن سوره والحصون

سلام عليهم جنود قتال

على الجبهات المخيفة منيعون مثل الجبال

بأفئدة كالصباح نظيفة!

هم سهروا فأمني ياثغور

يناجون أسلاكك الشائكة

دم في بلادي يثور

يدور أقمارها الضاحكة

لسيناء وطوروس وانطاكية

يزوبع عاصفة بانيه

تهد عصورا وتبني عصور!

لحق ونور

 

سلام على سوريا

 

سلام على رفقة حرسوها

وفي صدر اعلامهم طرزان

طريقة وغاية

فرايتها دونها كل راية!

على اسمك قد خفقوا في البنود

على اسمك قد سقطوا في الحدود

على اسمك ثاروا وفيك استناروا

على اسمك قاموا بوجه العبيد

وثاروا على كل وغد يهودي

بقلب الحدود وخلف الحدود

هم عبدوك هم شيدوك

على اسمك لاقوا الشهادة

جنودا وقاده

وجلادهم زلزلته الجلاده

وعز السياده

وكانت كرابيجه كالحرير

ولفت السعير

سلام على سوريا!

 

سلام على رفقة نسجوها

هم ابدعوها وهم غزلوها

عجائب في كل صنع بديع خلوب مشع

هم في معاملهم زيوت مصابيحها

وسحر العشايا وضوء اصابيحها

أيا من رآهم بقية غاب

يامن رأى عز لا كالسابق

اذا صفر الحقد كالأفعوان

أينتزعون كما السنديان

من الغاب والفأس فأس جبان

تظللهم سحب من حرب

وقد أمطروا صبة من خراب

يروحون في غابة من مدى

من الغدر أو دغل من سباب

وكبرهم لا يططئ رأسه

ففيه من الكبر همسه

سلام على سوريا

 

سلام على قادة الفكر فيها

على خير أبطالها وبنيها

هم دم إصلاحها

ونار القتال

يخوضون في ساحها

بحرف كلسع السياط

طرف الجمال

يفكون عن مقلتيها الرباط

وعن وجهها طبقات الرمال!

ألا بورك القلم

وبورك فيه الدم

اذا قال فيه فم:

سلام على سوريا!

 

سلام عليهم يشقون بطن الحقول

مع الأرض في كل موسم

طريقهم بالصراع تطول

مع المتحكم

هم خلقوا من تراب ثمارا

ووردا وغارا، وطيبا ونارا

يجرون من خلف محراثهم

ومن ضاحكات الرحاب

وفوهة النار في صدرهم

لطاغ. .. كوجه الطلول

وشكل الخراب

وفي ثغرهم بسمة لن تزول

تشع تقول:

سلام على سوريا

 

أيا بسمة الحق أصبحت فجرا

وخمرت ثوره

وطيبا وجمرا زوابع حره

ومدرسة وحقولا وسفرا

وبيتا وشعبا وفنا وشعرا

سنرشدها القدم الخاطئة

ونمسح عنها وحولا وعارا

فتنصب في الثورة الهادئة

ضياء ونارا

جراح إلا عزه ليست مذله

فللحق حمله

وزوبعة قمصه منارا

تهد انكسارا وتبني انتصارا

وتهزج عبر الطريق

حناجر شعب يفيق:

سلام على سوريا

 

سلام على سوريا

على رفقة شلعة من نجوم

هنا في المعامل أو في الحقول

هناك بقلب السجون بقلب التخوم

حكايتهم في النضال تطول

على كل من تسردوا على كل من طوردوا

على قادة وجنود على صبية وصبايا

على زهر المهد غدا سيعزز السرايا

هم أشعلوها صراعا

وطاروا على كل ليل شعاعا

هم ركزوها بنودا

هم حرسوها حدودا

هم امرغوها دماء

هم عاهدوها فداء

هم اطلعوها صباحا

يرف ندى واقاحا

لعينيك يا سوريا

حماتك لا لن تبور الحماة

ستزرعنا الأمهات

غنى من طفولة

كصحو الينابيع كالزنبق

مواسم من قوة ورجولة

غدا نلتقي

غدا في حصاد البطوله

ويهتف كل المشرق

سلام على سوريا.

 

 

هوامش:

1- ريمون الجمل: من "دير ميماس" -مرجعيون. من عائلة قومية اجتماعية. بعد حصوله على شهادة الهندسة انتقل الى تورنتو حيث أسس له حضوراً مهنياً ناجحاً، متولياً المسؤوليات الحزبية على مختلف المستويات.

 

2- شوقي الخال: من بلدة "عمار الحصن". كان له الحضور جيد في مفوضية اوريغون، عضواً فمسؤولاً.

 

3- فريد نبتي: من بلدة "بشمزين" . نشط جيداً في مرحلة الستينات في الجامعة الأميركية، وكان له حضوره الملفت الى جانب مجموعة رائعة من الرفقاء. كنت كتبت عن ذلك اكثر من مرة. غادر الى جامعة "يوجين" في ولاية اوريغون ثم الى جامعة سان فرنسيسكو. تولى بعد عودته الى الوطن مسؤوليات متقدمة في شركة البير أبيلا في دبي. تربطني به علاقة صداقة متينة ما زالت مستمرة. مراجعة موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية ssnp.info

 

4- إسكندر نصار: من بلدة "اميون" اذكر اني تعرفت على شقيقته القاطنة في مركز الحزب في فردان. لم اعد اعرف عنه شيئاً.

 

5- رجا مزهر: للاطلاع الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.

 

 

في: 30/01/2023                                                                      لجنة تاريخ الحزب

 

 

 

 

التاريخ: 2023-01-31