بعد أكثر من خمسة وسبعون عاما على اعلان قيام دولة اسرائيل، تبقى شرعية هذا الكيان ساقطة، رغم كل الاجتهادات ورغم كل المحاولات الاعلامية، هي عمليات تضليل بكل ما في الكلمة من معنى.
ان مقاربتنا لهذا الموضوع هي بالأساس مقاربة علمية صراعية وليست علمية بالمعنى المحايد. ولذلك فدراسة شرعية اسرائيل يجب ان تكون علمية تحليلية تفكيكية صراعية. وبالتالي لو اردت ان أقترح عنوانا لهذا المبحث، لاخترته "الخرافات المؤسسة للشرعية الإسرائيلية على غرار كتاب روجيه غارودي الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية. وبالمناسبة للقسم الآخر من العنوان عن مسؤولية دول القرار فإنني اقترح عنوان "الشرعية الإسرائيلية وصناعة الشرعية "على غرار دراسة د عزمي بشارة" الهوية وصناعة الهوية في اسرائيل".
ان اختيار اسرائيل وشرعية وجودها، هو اختيار لأكثر المفاهيم تعقيدا وتشعبا في الفكر السياسي المعاصر. فالشرعية تختلف باختلاف نسبة المقياس او زاوية الرؤيا، كما تختلف باختلاف الفلسفة المؤسسة عليها وبالتالي فالشرعي بالمفهوم الماركسي هو غير الشرعي بالمفهوم القومي وغير الشرعي بالمفهوم الديني وغيره عن المفهوم العبثي او غيرها من المفاهيم. أما مصطلح اسرائيل فيتفرع عنها أرض اسرائيل وشعب اسرائيل وقوانين اسرائيل وفرادة اسرائيل والأمة اليهودية والعرق اليهودي والدولة اليهودية او يهودية الدولة، دولة ذات اغلبية يهودية او دولة ذات شعب يهودي صرف، اليهودية والصهيونية ,الخ وهنا يكمن التعقيد وينفتح الباب ولا يعود يغلق فيدخل التاريخي والفلسفي والأنثروبولوجي واللاهوتي والحقوقي والبيولوجي وتتسع رقعة البحث الى ما لا نهاية، الى مجمل المسائل المتعلقة بشرعية إسرائيل، فإنني سأحاول هنا اعادة صياغة الاشكالية مع تقديم بعض المساهمة المعرفية لفائدة النقاش.
الرواية الإسرائيلية:
اسرائيل تعترف بان وجودها شرعي وحق وجودها شرعي للإعتبارات التالية:
1- الحق الديني: هم شعب الله المختار الذي اختاره يهوه وهذه الأرض هي الأرض التي وعدهم بها إلههم.
2- الحق التاريخي: هي أرض اباؤهم وانبياؤهم التي عاشوا فيها واقاموا مملكة موحدة وصلت حدودها حتى الفرات.
3- ان تدمير هيكلهم عام 70 م على يد الرومان وتشتيتهم في العالم لا يمنعهم من حق العودة.
4- ان هجرتهم الى فلسطين هي عودة وليست هجرة بمقاييس الهجرة.
5- ان الدولة البريطانية هي التي منحتهم هذه الأرض بموجب وعد بلفور وبموجب حقوقها كدولة منتدبة.
6- ان اليهود قد اشتروا الأراضي في فلسطين من اصحابها وبرضاهم ودفعوا ثمنها.
7- ان المجازر التي ارتكبت بحق اليهود في اوروبا والتي عرفت بالهولوكوست (المحرقة) جعلت الأمم المتحدة تعوض عليهم ببديل يعيشون فيه بأمان.
8- ان فلسطين لما قدموا اليها قد كانت أرضا بلا شعب ومنحت إليهم على اعتبارهم شعبا بلا أرض.
9- ان الشرعية الدولية المتمثلة بالأمم المتحدة هي التي اصدرت قرارا بتقسيم فلسطين وبأكثرية اعضائها واعطت لإسرائيل أرضا تقيم عليها دولتها.
10- ان الأمم المتحدة اعترفت بقيام اسرائيل وقبلت عضويتها فيها.
11- ان استيطان اسرائيل لفلسطين عام 1948 لم يكن على أساس الابادة ولا القتل بل ان العرب هم الذين تركوا فلسطين تلبية لدعوة الملوك العرب والوعد بالعودة بعد النصر.
12- ان اسرائيل دولة ديمقراطية وهي بالأحرى الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وهي دولة محبة للسلام، وهي عضو في الأمم المتحدة وقد عقدت اتفاقيات سلام مع جيرانها وانسحبت من أراض قد احتلتها، لذلك فلها الحق مثل اي دولة في الوجود والحياة والشرعية.
13- ان اسرائيل لا تبغي التوسع ولا الاحتلال وما الحروب التي خاضتها سواء عام 48 و56 و67 و82 إلا حروب دفاعية اضطرت الى القيام بها عندما تعرض وجودها للخطر.
14- من وجهة النظر المسيحية المتصهينة فان عودة اليهود الى فلسطين واقامة دولتهم اسرائيل هي مرحلة لازمة وضرورية تسبق مجيء المسيح الحقيقي وحصول المعركة النهائية الهرمجدون في وادي مجدو والتي سينتصر فيها الخير على الشر.
هذه هي الأسس او الخرافات التي تقوم عليها شرعية اسرائيل والتي يحتاج نقد كل منها الى أبحاث مستقلة ومتشعبة تفوق قدرة رسالة ماجستير او دكتوراه.
ولكن وللفائدة سأعرض بإيجاز لأهم الردود السريعة على هذه الخرافات:
1- الحق الديني:
ان استناد الملكية كلها يعود الى التوراة فعندما حذر بن غوريون السطات البريطانية في سنة 36 فقال ان الكتاب المقدس هو مصدر الملكية لنا، وكما يقول غارودي: التوراة هو صك الملكية. ولذلك فلا يمكن نقض الحق الديني إلا بنقض التوراة نفسها، ويقوم هذا النقض على ما يلي:
The bible unearthed: archeology's new vision of ancient Israel and the origin of ancient Israel and the origin of the sacred textsisrael-( finkelistein and sibelman)
وينضم الى هؤلاء ايضا منكري الأساطير التوراتية من علماء اسرائيليين منهم الباحث مازار، تاخاي، اوسيشكين، امنون بن تور، وغيرهم
2- نفي مفهوم الشتات ونقد حصوله: اعتبر الصهاينة ان اليهود بعد تدمير المعبد على يد الرومان قد تشتتوا في العالم وعاشوا في ظلم واضطهاد منذ ذلك التاريخ. وقد اعتبر ديفيد فيتال ان النفي اهم حقيقية تاريخية عن اليهود وأنها خاصة مميزة لليهود.
لقد تم نقض هذا المفهوم، ويقوم هذا النقد على ما يلي:
3- أرض بلا شعب لشعب بلا أرض: لم يدع الصهاينة مناسبة إلا وكرروا هذا الشعار وقد تمت مناقشته مطولا، ومن أشهر المناقشات دراسة لروجيه غارودي باعتبار هذا الشعار هو من الأساطير المؤسسة للسياسة الصهيونية من اهم الردود:
4- وعد بلفور: تعتبر مقاربة سعاده من أدق وأمتن المقاربات بشأن هذا الوعد ففي المذكرة التي كتبها يقول: في سنة 1917 صرح اللورد بلفور تصريحه المشهور الذي تعد فيه الحكومة اليهود بتمكينهم من انشاء وطن قومي لهم في فلسطين. قيمة هذا التصريح انه تصريح سياسي يقيّد الدولة البريطانية باليهود وليس لهذا التصريح اية قيمة حقوقية على الاطلاق وهو لا يقيد سوريا ولا شعب سوريا.
وقد ادرجت بريطانيا هذا الوعد في صك الانتداب المصدق من عصبة الأمم وهذا يناقض المادة الثانية والعشرون من ميثاق عصبة الأمم التي تمنع من الوجهة القانونية أي تصرف حقوقي من قبل الدولة المنتدبة.
ومن الدراسات القانونية القيمة تلك التي تذهب الى الأساس، الى انكار شرعية الانتداب نفسه. فالبروفيسور هنري قطان ارتكز في نقده لشرعية الانتداب الى عدة عناصر: اولاً، انكار لحق الشعب في سيادته وحقه في تقرير مصيره، ومخالفة الانتداب للضمانات والوعود التي اعطيت للعرب اثناء الحرب العالمية الأولى. كما ان تصنيف الدول ومدى حاجتها للانتداب هو ايضا محط مناقشة. ويرى البروفسور قطان انه مع تشابه فلسطين وتركيا من حيث المستوى السياسي او الاقتصادي فانه كان بالأحرى ترك فلسطين لتدير شؤونها مثلما تم التعامل مع تركيا. (من الفائدة مراجعة دراسة
was the Palestine mandate legal?
وهو بحث منشور على الانترنت تحت هذا العنوان.
5- لليهود الحق بالتعويض عما لحق بهم جراء محرقة الهولوكوست
ان دراسات المؤرخون المراجعون في الأربعين سنة الأخيرة من امثال: germar Rudolf ,Robert faurisson ,henri roques ,david irving,Frederick tobin,carlo mattogno,roger garaudy ,
dfred leuchter
وغيرهم من عشرات المؤرخين قد وضعت حدا لنهاية هذه الاسطورة واثبتت زيفها. فغرف الغاز التي تم وصفها مستحيلة فنيا، وهي تشكل خطرا على الالمان نفسهم بالطريقة التي وصفها الشهود, وجثث اليهود التي تم حرقها لم يتم ايجاد اي اثر لها ولا للرماد المتبقي منها. وان حرق الجثث خارجا حتى الرماد اثبتت التجارب زيفه مقارنة بإفادات الشهود. وفانات الديزيل او فانات الموت هي مستحيلة فنيا من حيث القتل بأحادي اوكسيد الكربون، وايضا لم يتم ايجاد اي منها. وأوامر هتلر بالتخلص من اليهود لم يتم ايجاد مستند واحد يثبتها. مقارنة افادات الشهود ببعضها اثبتت تفاوتا كبيرا في الأحداث والتواريخ والأماكن والشخصيات، واعترافات المحققين اللاحقة بعد تقاعدهم والذين انتزعوا اعترافات النازيين بالقوة فتم التوقيع على افادات دون قراءة، كما ان دراسة الأرشيف الروسي والالماني كشفت كثيرا من الأضاليل. ودراسة الصور الجوية للمخيمات في التواريخ المذكورة تثبت عدم وجود اي اثر لنيران او قتل او حركة غير عادية, ودراسة خرائط المياه الجوفية التي لا تتجاوز ال 60 سم تثبت استحالة حرق الجثث في الحفر. لا بل ان دراسة المؤرخون المراجعون اثبتت وجود مسرح وحوض سباحة وملاعب رياضية للترفيه عن المعتقلين. وان المجازر التي ارتكبها الحلفاء والنووية منها وخاصة بعد انحسار مسار الحرب وشبه حسمها لم تكن مبررة وقد تمت تغطيتها وحمايتها في محاكمات نورنبرغ. واما عن العلاقة بين النازية والصهيونية فقد اثبتت محاكمات اودولف ايخمان واتفاقية الهعفرا (الترحيل وهي اتفاقية بين النازيين والصهاينة وقعت عام 1933 وتنص على ترحيل النازيين والصهاينة. كما اثبت بعض الدراسات ان الاضطهادات التي طالت 4 ملايين يهودي من وسط اوروبا الى فلسطين) عمق العلاقة ب ارتكبت بحق اليهود كانت بتخطيط وتعاون صهيوني نازي للتخلص من اليهود الذين يؤيدون الاندماج في المانيا والذين كانوا ضد اقامة دولة يهودية، ومعظمهم من الشيوخ والعجزة وكل من لا تستفيد منه الصهيونية في اسرائيل. ويزخر موقع يهود ضد الصهاينة بالكثير من الاثباتات عن تورط الصهاينة في صفقة مع النازيين بهذا الشأن. والمضحك ان تكون رسالة الدكتوراه لأبو مازن هي في دراسة هذه العلاقة، والمضحك الأكبر هو في الكلام عن جريمة تمت بغرف غاز زعموا ان الالمان دمروها، وتم حرق جثث في افران ايضا غير موجودة لأن الرومان دمروها، والجثث تم حرقها ونثر رمادها وعليه فلا اثر لها. كما ان امر القتل قد صدر عن هتلر نفسه لكن ايضا لا وثيقة لان الالمان اعتمدوا مصطلح الحل النهائي للتمويه. وعليه تكون هذه اغرب جريمة في تاريخ القانون الجنائي. ان الهولوكوست ليست الا خدعة بنيت على خرافة وحميت بواسطة قوانين تجرم من يحاول كشفها او مقاربته.
6- اليهود قد اشتروا الأرض من اصحابها:
7- قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين:
قام بني موريس وهو مؤرخ يهودي بالكشف عن وثائق تثبت ان مندوبي الأمم المتحدة قد حصلوا على رشاوي من اجل التصويت الى جانب قرار التقسيم عام 1947، فمثلا وفد جنوبي افريقيا حصل على 7500 دولارا مقابل التصويت الى جانب القرار. وكشف ايضا حالات ابتزاز. فالضغط وتهديد مندوب ليبيريا بعدم شراء المطاط هو الذي جعله يصوّت الى جانب القرار. وقد سبق الى عرض ذلك ميخائيل كوهين وتوم سيغيف الذي كتب عن تخصيص ميزانية مليون دولار لأغراض خاصة.
8- الاستناد الى اعتراف الأمم المتحدة:
ان القول بأن الأمم المتحدة قد اعترفت بإسرائيل هو كاف لشرعية اسرائيل، فالواجب القول ان الأمم المتحدة ايضا قد ادانت بقرارها 3379 10 ت2 1975 الصهيونية باعتبارها عقيدة عرقية، عنصرية، خاطئة. وقد حددت ايضا كل عقيدة تنادي بالتفرقة او التفوق العرقي باعتبارها عقيدة كاذبة وخاطئة من الناحية العلمية وتستحق الإدانة من الناحية الأخلاقية وهي جائرة وخطيرة من الناحية الاجتماعية.
كما ان قرار الجمعية العامة العام 315 بتاريخ 14/12/1975 قد ذكّر بالتحالف الظالم بين العنصرية في جنوب افريقيا والصهيونية.
والواقع ان الأمم المتحدة التي قررت تقسيم فلسطين قد تراجعت عنه عندما عادت فنصّت على عودة النازحين وفتح المسألة الفلسطينية للوصول الى حل آخر.
ان انضمام اسرائيل الى الأمم المتحدة في 11 ايار 1979 كان مشروطا بقرار الأمم المتحدة 194 الذي ينص على عودة اللاجئين. أضف الى ذلك مئات القرارات التي خالفتها اسرائيل او التي رفضت تطبيقها والتي تجعل قبولها ساقط حكما.
ان اسرائيل قد خالفت كل المواثيق الدولية فقد مارست ضم الأرض بالقوة (الجولان والقدس)، غزو أراضي عربية بالقوة، الترحيل والقتل، امتلاك قوة نووية غير قابلة للتفتيش ولأغراض عدوانية وحربية، تدمير منشآت مدنية، الاستهتار بالحقوق الانسانية ورفض تطبيق اتفاقيات جنيف ولاهاي الدولية بحق السكان المدنيين في حالة الحرب. ونشير الى دراسة قيمة لإنعام رعد بعنوان اسرائيل كيان فاقد الشرعية الدولية (مجلة فكر عدد 65 عام (1987 وللدكتور محمد المجذوب هل يمكن طرد اسرائيل من الأمم المتحدة؟ والصهيونية والعنصرية وجنوبي افريقيا. (مجلة فكر العدد نفسه).
ولا بد من تسجيل ظاهرة فريدة في العالم هي ان اسرائيل دولة بلا دستور ولا حدود.
9 - اما كيف استملكت اسرائيل الأراضي؟ فيعود للقوانين التي سنتها اسرائيل الدور الأساس في هذا التملك ,واهم القوانين الإسرائيلية المتعلقة بالأرض: أنظمة الطوارئ بشأن فلاحة الأراضي البور عام 1948 ، قانون وضع اليد على الأراضي في حالات الطوارئ 1950 ، قانون املاك الغائبين 1950 ، قانون سلطة التطوير _نقل املاك 1950 ، قانون املاك الدولة 1951، قانون استملاك الأراضي (تصديق الإجراءات والتعويضات 1953، قانون وضع اليد على الأراضي )مؤقتة) 1956، قانون تقادم الزمن1958، قانون أراضي إسرائيل 1960، قانون الأراضي 1961، قانون تسوية الحقوق في الأراضي 1963، قانون استملاك الأراضي في النقب، قانون الاستيطان الزراعي 1967، فتمت مصادرة الأراضي بحجج عديدة:
أ-للمنفعة العامة (شق شوارع، بناء مدارس، مستشفيات، ومكاتب ودوائر حكومية ...)
ب-اغلاق مناطق معينة لأهداف تتعلق بأنظمة الطوارئ.
ج- غير مستغلة من قبل اصحابها فتمت مصادرة مساحات شاسعة.
د-المحميات الطبيعية والغابات.
ه-أراضي مهملة ميتة.
اضافة الى مساحات شاسعة من الأراضي بصفتها وريثة الحكم البريطاني (وقامت بتسجيل هذه الأراضي باسمها).
10 - اما عن نظرية النزوح الطوعي للعرب عام 48 بناء على دعوة القادة العرب ووعدهم بالعودة بعد النصر فقد قام افي شليم وهو يهودي ذو أصل عراقي وبعد الافراج عن الأرشيف الإسرائيلي بمعاينة التسجيلات الإذاعية وأثبت ان النداءات مفبركة كما ان دراسة حالة القرى التي تم محوها اثبتت اعمال عنف وقتل مباشرة. وقد وثق المؤرخون الفلسطينيون حتى الآن 537 قرية سويت بالأرض عام 1948 على ايدي السلطات الإسرائيلية وذلك لكي تحول دون امكانية عودة اللاجئين الفلسطينيين. وقد اشار ايلان بابيه ان السلام مع الجانب العربي يجب ان يتم على اساس ما جرى عام 48 وليس على اساس ما جرى عام 67 وقد قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة كتابه اصول الصراع العربي الاسرائيلي لما يحتويه من افكار بالغة الحساسية بالنسبة للتاريخ الاسرائيلي. وقد تمت احالة بابيه للتحقيق وتم طرده من جامعة حيفا في مايو 2002. ولم تسمح السلطات الإسرائيلية لبابيه بترجمة مؤلفاته الانكليزية للعبرية. وقد كتب كتابا سماه التطهير العرقي في فلسطين.
11 - نظرية اسرائيل بأن حروبها كانت بسبب خطر وجودي يهدد كيانها وبالتالي فهي شرعية البقاء: هو كلام سخيف فلا عام 48 ولا عام 67 ولا عام 82 كان وجود اسرائيل بخطر. ففي العام 67 تم تدمير الطائرات العربية، بشكل يسميه غارودي عملية بيرل هاربور دون اعلان الحرب، وهي قابعة في المطارات وحجة اغتيال ديبلوماسي اسرائيلي في لندن عام 1982 فحمّل الاسرائيليون منظمة التحرير مسؤولية العملية واجتاحوا لبنان بحجة الدفاع عن النفس، تجعل من السخرية الكلام عن خطر وجودي. أضف الى ذلك ما الملابسات التي اثبتتها التحقيقات البريطانية.
12- اما الكلام عن الديمقراطية الإسرائيلية فهو من باب التعمية الفكرية فكيف تكون يهودية وديمقراطية. وتكفي مراجعة حقوق العرب او غير اليهود في اسرائيل لإدراك هذا التناقض. وكيف يمكن الكلام عن الديمقراطية في دولة تمارس العنصرية بكل اشكالها (تمييز وفصل)؟ وبما ان اول شروط الديمقراطية هي المساواة فان اسرائيل تتهم دعاة المساواة بين العرب واليهود بأنهم يريدون ازالة دولة اسرائيل.
13- والمضحك المبكي ان اليهودي الذي يدعي حقه بالعودة الى أرض اجداده بعد أكثر من 2000 عاما، لنراه ينكره على الفلسطيني. فاللاجئون الفلسطينيون لا يستطيعون العودة الى منازلهم، لا بل حتى الذين لم يغادروا اسرائيل قط لكنهم مكثوا اياما قليلة عند اقاربهم في قرية مجاورة بانتظار انتهاء الحرب عام 1948. هؤلاء الآن مصنفون ك "غائبين حاضرين " وهي فئة سيبقون فيها الى الابد ونتيجة لها تبقى بيوتهم واملاكهم في حيازة حارس املاك الغائبين الذي يضع هذه الاملاك تحت تصرف اليهود. من الفائدة العودة الى دراسة د عزمي بشارة: من يهودية الدولة حتى شارون، دراسة في تناقض الديمقراطية الإسرائيلية.
14- بالخلاصة ان نقض شرعية اسرائيل يكمن في نقض هذه الأساطير او بالأحرى الخرافات المؤسسة والمهم تسجيله هو نشوء تحرر ملموس ومضطرد لإسرائيليين ويهود من تأثير الدعاية والثقافة الكلاسيكية وبالتالي وقوفهم في وجه التيار بكل جرأة ومسؤولية.
ان بقاء اسرائيل كرمز للعنصرية والتمييز العرقي والإدعاء بالنقاء العرقي واستنادها الى مفاهيم عنصرية كالشعب المختار وأرض الميعاد وتزييف التاريخ القديم والتاريخ الحديث، وبقاءها دولة خارجة عن كل الاعراف والمواثيق الدولية، وعدم تطبيقها للقرارات الدولية، وممارستها لكافة اشكال الارهاب هو حالة فريدة من نوعها في العالم. ولو قررت اسرائيل بدءا من الغد تغيير قوانينها وسلوكها وممارساتها، فإنها تبقى غير شرعية، اولاً، لمجرد بقائها في فلسطين، وثانيا، ما دخل في تاريخها سيبقى مسجلا فيه الى الابد حتى بعد زوالها.
ان اسرائيل قد جاءت بخدعة وقامت بالإبادة واستمرت بالقوة وستزول بمنطق التاريخ، وهو الشرعي الوحيد بما يتعلق باسرائيل.