صورة شمسية لرجل في عقده الرابع من العمر يصوّب نظراته بعيداً الى هدف قد لا يعرفه الا صاحبه، تأسُر هذه النظرات المركزّة بحدّتها حركة الناظر إليها وتجعله يتساءل عما يجول في فكر صاحبها، وعن الكامن والموجه نحو عالم خارج الملموس، ظاهر ذلك عبر التقطيب البارز بين الحاجبين نزولاً حتى أواسط الوجه والخطوط المحفورة حول الانف الذي يعلو شفتين مطبقتين على قول لم يحن اطلاقه بعد، يعلو هذه الملامح الصارمة جبهة يضيف اليها الصلع الزاحف نحو الرأس بساط عالم من الفكر، اتسع لادراك مشاكل الارض وحلول السماء، وبجانب هذه الصورة تعليق جاء به: "الزعيم انطون سعاده اشرنا إليه، والى حزبه القومي السوري في العدد الماضي وقد خرج من السجن وكنا قد اجتمعنا به في سجنه الثاني 24 ساعة لقينا منه ذكاءً نادراً، يُحسن سبع لغات ومُلّم بإثنتين، ونزل بعد خروجه من السجن في قصر بديع لأحد انصاره السيد نعمة ثابت في الطيونة قرب بيروت وما زالت الوفود تؤم محل نزوله للسلام عليه وهو والحق يقال شخصية جذابة وما برح يؤدي لوطنه الخدمات التي يستطيع".
انتهى التعليق لصاحب مجلة العرفان الشيخ أحمد عارف الزين المنشور في العدد 4 مجلد 22 أيار سنة 1937
.
قرأت ما سلف في اواسط سنة 1945 وأنا أقلب هذه المجلة القديمة نسبياً في ذلك الزمن وبعد قراءة ما جاء في التعليق حول الصورة التي أطلت التحديق بها وحيث قد عدت لاحقاً في النظر مراراً إليها مكتشفاً فيها تجسيداً للقوة والصلابة، في ذلك اليوم زاد "في عالم الامكان" عدد أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي عضواً وذلك بانضمام الفتى ابن الحادية عشرة من عمره محمد جواد سبيتي الى صفوفه اعجاباً بالشخص وانبهاراً بالشكل وتأثرا بتعليق الشيخ أحمد عارف الزين، وبذرت حينذاك نواة انخلاع الفتى عن الانخراط في السلك الذي يحضره له الاهل كي يصبح في المستقبل رجل دين، ينتظم في السلسلة الطويلة من اربابه رجال الدين الذين يرقى اختصاصهم في هذا الحقل الى 300 سنة خلت من تاريخ العائلة.
وهنا أتوقف لأقول بأن الحزب لم يربح لاحقاً من انضمامي إليه صنوا للزعيم، والطائفة لم تخسر مثيلاً للشيخ موسى سبيتي الوالد عالماً قد يفجر المذهبية وضعف أعمدة الطائفية من الداخل كما كان يرجو منه .
انطوى الفتى على هذه الحالة من واقعه فترة سنوات قليلة، ليعود والده من زيارة لبيروت وهو يحمل معه نسخة من كتاب "نشوء الامم" للزعيم كان قد أهداه اياها السيد نعمة ثابت خلال لقاء في بلدة برج البراجنة، تحدثا وتعرفا بها حيث أفاض السيد ثابت في ذكر سعاده، وختم اللقاء باحترام وتقدير متبادلين. وقد أدت مطالعة الشيخ للكتاب لإعجاب كبير بفكر سعاده وتقدير لمنهجه في البحث الذي أدى الى النظرية التي تأسس عليها الحزب حتى كان دائما يردد "هذا الكتاب فتح في علم الاجتماع، الذي ولد عربياً عند ابن خلدون، ونضج في عالم الغرب ليعود عربياً مع انطون سعادة".
حاولت القراءة آنذاك في هذا الكتاب ولكن فشلت في فهمه. وأكد لي الوالد بأني دون مستوى الكتاب في التحصيل. بعد سنوات أشار علي الوالد بقراءة كتاب في علم الاجتماع لمؤلف مصري يدعى نقولا حداد للمرحلة الثانوية في مصر، رغبة منه كي أقرأ يوما كتاب "نشوء الامم" حيث أنه حاجة ماسة لكل مثقف كما كان يردد.
سنة 1949 كان الوضع السياسي يغلي كمرجل، وكانت النقمة الشعبية على الحكم في اوجها من جراء استئثار أهل النظام آنذاك، بجميع نواحي الانشطة السياسية والادارية والتحكم بالوضع الاجتماعي والاعلامي بما يتوافق مع مصالحهم الخاصة، وكان هناك حلف شيطاني بين السياسيين ورجال الدين للاستمرار باحتكار الحكم بما يتوافق مع رغباتهم وكانت قبضتهم شددت في خنق الحريات وإهدار الحقوق بعد الانتخابات الصورية المفبركة التي انتجت مجلساً نيابياً هو اقرب الى التعيين منه الى الاقتراع، سُمي آنذاك بمجلس 25 أيار تدليلاً على التزوير والتلاعب الذين رافقا تلك الانتخابات. ولم يكن من أحد يجرؤ على رفع الصوت بانتقاد هذه الطغمة الحاكمة التي كان على رأسها شريكي ما يسمى بالميثاق الوطني وهما بشارة الخوري ورياض الصلح وخلفهم عدد من زعماء الطوائف أمثال أحمد الاسعد ومجيد ارسلان وصبري حماده وغيرهم الى جانب حزب الدولة آنذاك "الكتائب اللبنانية".
وكان الاعلام مغلوباً على أمره حيث سيف التوقيف والسجن والحرمان من الاعلام الرسمي مسلطاً على المتمرد، وكانت الصحف الابرز في ذلك الوقت جريدتا الحياة لصاحبها كامل مروة، ذو الاتجاه الوحدوي القائل بسوريا الكبرى تحت التاج الهاشمي، وجريدة النهار الموسومة بطابع قومي اجتماعي، عبر ابن مؤسسها غسان تويني، حيث عرفتا بالمعارضة للحكم رغم تعرضهما الدائم لغضب السلطات، وهنا وقع الحادث الذي هزّ البلاد بعنف، اعلان الزعيم الثورة على النظام القائم رداً على اضطهاد السلطات وتنكيلها الدائم للحزب وزعيمه، وذلك بعد فترة من فضح الزعيم للاعلان عن الهدنة الفضيحة التي شارك بها لبنان "إسرائيل"، التي ادت الى هذه المؤامرة على الحزب وكان أحد أبطالها رياض الصلح، الذي هاله أن يكون الزعيم أنطون سعاده هو الصوت الوحيد الذي كشف هذه المؤامرة والقائمين بها من رجال العرب آنذاك، خاصة الملكية المصرية والتي كان فاروق الملك يعمل لدولة اسلامية تحت تاجه تقطع الطريق على مشروع سوريا الكبرى، وتكون امتداداً لخلافة اسلامية على غرار الخلافة العثمانية بمعاونة رجال من أمثال رياض الصلح وبعض رجال الاقطاع في سوريا. وهكذا اشترك هؤلاء جميعا مع الانعزال اللبناني للعمل على اسكات هذا الصوت الصارخ.
ولما كان الحزب لم يلِن امام ضغوطات مورست عليه من قبل هذه القوى، حيكت ضده مؤامرة استعمل فيها حزب الكتائب كرأس حربة لضربه. وكانت القضية المعروفة التي استعمل بها الحكم مع قوى عربية مشاركة وسائل التأثير على الحكم السوري المتمثل آنذاك بحسني الزعيم، فكان تسليم الزعيم للسلطات اللبنانية، وكانت المحاكمة الصورية ومن ثم الاعدام – الاغتيال- في ايام معدودة، مما أدى الى الاستفسار والتساؤل من يشاركون في الحياة العامة، وهنا برز وبقوة دور الاعلام الذي قامت به جريدتي الحياة والنهار المقروءتين آنذاك على مدى لبنان والاردن والعراق، حيث قامت الصحيفتان يوم التاسع من أيار، بنشر تقارير مفصلة عن تسليم الزعيم والمحاكمة ومرافعة النيابة العامة وحرمان الزعيم من حقه في توكيل محام يدافع عنه، وردهم سلباً على المحامي أميل لحود على طلبه مدة يسيرة لاعداد مطالعته ودفاعه بحجة ضيق الوقت، مع نشر صور الزعيم في قاعة المحكمة داخل قفص الاتهام، ثم خلاصة الحكم وخبر التنفيذ. وكانت جريدة الحياة في طريقة عرضها لهذه الوقائع، تقول بأن ما جرى هو حفلة اغتيال، وفي أعداد تلت تحدثت عن كيفية التنفيذ، وتسليم الجثة لذوي الزعيم، وفي مقالة لكامل مروة وردت عبارة يخاطب بها سعادة: "استضعفوك فصفوك".
كان لهذه الاحداث المتتالية صدى في بيتنا، كوقع صاعقة دمرت شيئا في النفس، واحدثت حالة انعطاف حادة في الرؤى.
كثرت الاسماء التي رددها الوالد مع نفسه: سقراط، الحسني، الحلاج، مع شرح ومقارنة التقطها وانفعل بها وتفاعل معها.
ثم أن الصدفة المحضة، جاءت لتعطي الشيخ فرصة التنفيس عما في صدره، عبر وجود مناسبة أقيم فيها حفل تأبيني لأحد المهاجرين في بلدة حاريص، قضاء بنت جبيل حيث طلب من الشيخ المشاركة في تأبين الفقيد، وبحضور العديد من وجهاء المنطقة، بما فيهم الموظفين الإداريين، وظابط الدرك في المنطقة.
هاجم الشيخ الحكومة المتسلطة المنبثقة من مجلس مزور، كما نعتها، ثم وصل للقمة في هجومه بقوله: أن جباه الشرفاء تندى خجلاً من ارتكاب هذه الحكومة مجزرة بقتل القوميين بحسب التوزيع الطائفي بعد اغتيالها بدم بارد للزعيم انطون سعادة، وتابع الشيخ: "انطون سعاده الذي يصح فيه القول "ما قتلوه ولا أعدموه ولكن شبه لهم" فسعاده سيبقى حي يرزق عبر تلاميذه وفي عقيدته ورسالته".
وهنا صرخ ضابط الدرك طالباً ايقاف الشيخ عن الكلام، والا هو سيخرج من الحفل، وهنا، طلب الشيخ من الحضور بإفساح الطريق لهذا المشاغب حتى يخرج.
انتشرت بعد هذه الحادثة اخبار قرب الشيخ من الحزب وتعاطفه معه، ومن هنا بدأت علاقته مع الحزبيين في المنطقة، حيث رأوا فيه صوتهم المدافع عن قضيتهم، ورأى هو فيهم، نواة التغيير نحو الأفضل.
كما أن هناك محطة ثانية يجدر بي التوقف عندها، حيث التقى والدي في بلدة قانا مع عدد من الشباب في مناسبة محلية، كانت الاوضاع السياسية موضوع الجلسة وذلك بذكر انخراط الشباب بالاحزاب، وكما هي العادة وجهت له اسئلة عن رأيه في الاحزاب الفاعلة على الارض مثل حزب النهضة، النجادة، الطلائع، البعث، وهي التنظيمات العاملة في بداية الخمسينات، فكانت اجاباته ناقدة بلا تهجم وتحامل، وقد وجه اليه سؤال عن رأيه بالحزب القومي، فأجاب إجابة بين الدعابة والجد، بأنه يكره هذا الحزب لانهم أخذوا منه ابنه محمد جواد، حتى بات عاجزا عن استعادته منهم وهو غير قادر على الانخراط في صفه نظراً للموقع والسن.
وكان ذلك دافعاً للرفيق كامل الصايغ فيما بعد، للاتصال بي، ومن ثم التعارف الاول لي مع قومي اجتماعي، وكانت صداقة ورفقة لم تنقطع وكان التفكير الجدي في الالتزام حزبياً، وكانت الدعوة الى العمل الحزبي والحديث عن بطولات الحزب هي العمل اليومي الذي أقوم به، أما غاية الحزب وأهدافه فلم يكن لدينا ما نستند إليه مثل الدستور أو المبادئ أو مطبوعات .
وهنا لعبت قيادة السلطة الحاكمة دوراً في إفادتنا بما نحن بحاجة اليه، وذلك عند نشرها كتاباً - عبر وزارة الاعلام لتبرير جريمتها امام الناس في اغتيال القوميين وملاحقتهم - يتضمن مبادئ الحزب ودستوره وفيض من الوثائق التي تغطي نشاط الحزب وكيفية تأسيسه، ومسيرة الزعيم في الوطن وفي الخارج، مما أغنى معلوماتنا وأصبح لنا مصدراً نستقي منه ما يفيض عن حاجتنا، حيث إننا جيّرناه للدعاية واستقاء المعلومات، وكان أن ولد في كفرا تيار عريض يتشوق الافراد اليوم الذي ينخرط في صفوف هذا الحزب. فعمدت الحكومة اللبنانية الى جمع الكتاب واخفائه بعد ان أعطى عكس ما اريد منه.
أما الوالد، فقد تعرّض لحملة قاسية من تجار السياسة في المنطقة، وهجمات العروبيين وتجريح رجال الدين، وكان رده على رجال الدين خاصة، قائم على اسس مذهبية تقول بأن الحكومة المدنية المختلطة هي الحل في وجه الحكومة الدينية الواجبة والمؤجلة حتى قيام الامام الثاني عشر، الذي يمثل فقط رمزاً لعدالة غائبة، وأن فترة الانتظار علينا ملؤها بالتعامل مع حكومات نشارك في تأليفها. المذهب الشيعي الإمامي، يقول بعد الانخراط في حكومة غير حكومة الامام المنتظر _ وهي نظرية تقول بأن الدستور الوضعي، هو الفصل الذي علينا أن نعمل بموجبه بصرف النظر عن جنسية الحاكم الدينية طالما تحكم النظام قوانين يضعها الشعب، و هذا ما قرّبه من الحزب وشبابه الذين يلتقيهم ويحاورهم ويبارك لهم النظام العلماني.
اتسعت الحلقة من الشباب كماً ونوعاً، وهم كانوا على يقين بعضويتي في الحزب وكان اشدهم الحاحاً للانتماء الرفيق المرحوم وجيه عبادي، والذي كان دائم التردد على بيروت وكان هدفا للمضايقات من قبل عناصر حزب النهضة "جماعة احمد الاسعد" المهيمنين على الوضع والمتحكمين بإرادات الناس، ويعتبرون كل من لا ينصاع لرغباتهم يستحق العقاب، ولهذا كان الرفيق وجيه تواقاً لكسر حلقة التسلط القائم وكان دائم الشكوى من تأخير انتمائه وكنت اطمئنه بقرب الموعد الذي أنا لا أعرفه في الحقيقة.
بعد عودة له من بيروت فاجأني بادائه القسم في بيروت، بعدما اهتدى الى مركز الحزب في بناء اللعازارية حيث تدبر أمر مقابلة الأمين جبران جريج، منفذ عام بيروت، ومقدماً شكوى بحقي لتقاعسي عن تلبية طلبات الراغبين بالانتماء. وأنه يحمل لي رسالة من المسؤولين بالذهاب اليهم للبحث في أمر الشكوى واعدين له بان الامور ستأخذ مجراها المناسب حال ذهابي. وقد علمت فيما بعد، بان الامين جبران استمع اليه مستوضحاً ادق التفاصيل التي تشمل المكان والاشخاص وصورة مفصلة عني، حيث كانت مفاجئة لهم هذه الحالة المستجدة والتي لم تكن لهم بالحسبان.
فما كان مني بعد أيام الا أن ذهبت مع ثلاثة من الرفقاء: محمد عبدالكريم، اسماعيل الزين، ومحمد كامل عزالين. وخشيت من انكشاف الامر لهم بعدم انتمائي للحزب حتى ذلك الوقت.
طلبت منهم الانتظار في غرفة الانتظار المؤدية الى غرفة الامين جريج، الذي طلبني حالما عرف بوجودي وكان دخولي الى مكتبه خطوة نحو عالم جديد اصبح مستقبل حياتي، واسدل الستار على ماضٍ غير مأسوف عليه.
استقبلني من وراء مكتب متواضع في زاوية من غرفة فسيحة تحتوي غير مكتبه في الزوايا الباقية، جلس خلف احداها الأمين ابراهيم يموت وجلست خلف المكتب الآخر رفيقة في اواسط العمر، لم يحضرني اسمها، تحظى باحترام كبير كما لاحظت من تعاملهم معها.
استقبلني الأمين جبران مصافحاً، تعلو وجهه ابتسامة عريضة قائلاً: نحن بانتظارك من مدة ها قد رأيناك أخيراً، ابتسامته وترحيبه وتعريفي بالحاضرين بدد حالة الارتباك والتردد المستوليان علي.
وحالما انكسرت حالة الخشية، شعرت كأني مع أهلي وانطلقنا في حديث كأننا بدأناه منذ مدة طويلة، طيب لي فيه حسن تصرفي في اخفائي بعض الحقيقة وصور لي بأنها خطوة جديرة بالتقدير، واني لم أقم بخداعهم، وأنه عمل لا يقع في خانة التغرير، موضحاً لي صورة لقائه مع الرفيق وجيه عبادي، وأن عنده من المعلومات التي تحيط بالواقع القائم في كفرا، وان الافضل عدم كشف الأمر الآن وسيكرّسه بصورة لا تشف عمَا حدث. وهكذا ادخل الرفقاء، وبعد تعارف وحديث وقهوة حانت ساعة القسم، وكان ان دعا الأمين اميل رعد الذي كان عميد عبر الحدود أنذاك، من مكتب مجاور، فقام بالتعريف. وكان ان اصطففنا نحن الأربعة، بالإضافة الى الأمين يموت والأمين رعد والرفيقة.. وتلا الأمين جبران نص القسم، وتقبلنا التهاني.
تركنا المكان، وكانت نشوة الاعتزاز ورغبة في العمل كي نرتفع لمستوى الشرف الذي سبغه علينا الانضمام للحزب.
بعد أيام قليلة لم أفاجأ بزيارة صديق قديم على قرابة بعيدة بعض الشيء هو ابراهيم يوسف حلاوي الذي كان يشغل آنذاك منفذ منفذية صور وآخر أضحى رفيق العمر الرفيق حسن عبدالله مرتضى الذي كان يشغل موقع ناظر الاذاعة في المنفذية نفسها. يمتاز الرفيق مرتضى بحضور لافت وقدرة بيانية في التعبير عن افكاره تمكنه من اقناع الآخر بصورة يتبناها السامع بلا نقاش، تدبرنا لقاء مع بعض الشباب كان له التأثير الإيجابي على سير العمل ثم سلمني المنفذ قرارا بتكليفي القيام بمهمة مفوض للمفوضية الجديدة باسم مفوضية كفرا وهكذا بدأنا العمل بكفرا وخلال مدة لم تطل أصبح لدينا العدد الوافر من الرفاق ادى لتحويلها الى مديرية تألفت كما يلي:
المدير محمد جواد سبيتي
الناموس محمد علي عبدالكريم
المحصل موسى محمد مرعي
المدرب اسماعيل الزين
وهكذا بفترة وجيزة اصبحت كفرا منطلقا للعمل الحزبي في القرى المجاورة فكان ان انتسب للحزب شباب من بلدات ياطر، صديقين.
أثار وجود الحزب في كفرا عداء الزعامات التقليدية والدينية في المنطقة، وظهر عنفها فيما بعد بما يسمى بالثورة الشعبية سنة 1958، وهذه صورة سيتولى الحديث عنها حضرة الأمين أحمد عزالدين والرفيق محمد عبدالله سبيتي الذين عايشاها وعايناها.
أما الشيخ في تلك السنة وكان مقيماً في بيروت مدرساً في الكلية العاملية فقد طرد من بيته بالبسطة ونهب البيت وعاد الى كفرا يعاني من عداء رجال السياسة والدين معا. واني حين أتذكر، أجدني ربيب اثنين شكّلا تفكيري وقناعاتي، هما والدي والزعيم سعاده.
في: 09/11/2023 لجنة تاريخ الحزب