عرفته باسم حيدر عيسى عندما لمع نجمه في فترة انتظامه مع ما يسمى آنذاك "تنظيم عبد المسيح"، عُرف بسويّته العقائدية اللافتة وتألقه في فترة توليه العمل الحزبي في الضفة الغربية من فلسطين، وكان من أولى نشاطاته خطابه اللافت في المأتم الشعبي الحاشد للأمين مصطفى ارشيد. بعدها غادر الى لبنان وانتظم في الحزب المركزي. وتميز تعامل القوميين الاجتماعيين معه بكثير من المحبة، مُكبرين فيه ثقافته القومية الاجتماعية الرفيعة.
اذكر انه عاد معه في تلك الفترة الرفيق العزيز ياسين عبد الرحيم، وكلاهما شاركا في مخيم "صنين".
الأول مسؤولاً عن المحاضرات الفكرية والثاني عن المخيم التدريبي. هذا المخيم تحدثنا عنه في السابق وصدر فيه كتيب باسم "المخيم".
منذ ذلك الوقت وعلاقتي بالرفيق حيدر عيسى مميّزة، واستمرت مع انتخابه عضواً في المجلس الأعلى، ومن ثَمَّ اختياره من قِبل رئيس الحزب آنذاك الأمين مسعد حجل للتوجه الى أستراليا في مسؤولية معتمد مركزي حيث أمضى هناك زهاء ستة عشر عامًا، وكنت وقتها في مسؤولية عميد عبر الحدود، وكانت ترد الاخبار المفرحة عن نمو الحزب في استراليا على أكثر من صعيد:
كانت معتمدية استراليا تشهد حضوراً حزبياً لافتاً. وانعكس ذلك في انتظام المراسلات وتدفق الواردات المالية إضافة الى ما شهدته من تفوق في المضمارين الثقافي والإذاعي.
في تلك الآونة اقتضت الظروف الحزبية ان يتوجه وفد حزبي الى استراليا للاطلاع على الأوضاع فيها، وذلك بعد ان وصلت الى مركز الحزب اخبار عن ممارسات تقتضي التدقيق. كان الأمين عصام المحايري رئيساً للحزب وكنت كعميد شؤون عبر الحدود عضوا في الوفد.
قضينا في استراليا ما يقارب الثلاثة أشهر، قمنا خلالها بجولات حزبية على منفذيات ملبورن وسدني وآدلايد، واطلعنا فيها على مجريات العمل الحزبي، كما شاركنا في العديد من المهرجانات والمناسبات الحزبية، خاصة في نادي أستراليا والشرق الأوسط، الذي يعتبر من مفاخر الإنجازات لمعتمدية استراليا.
اضطر الأمين عصام الى العودة الى الوطن طالباً مني البقاء في استراليا للتدقيق في السجلات المالية العائدة لكل من المعتمدية والنادي الأسترالي.
وبالفعل انصرفت الى التدقيق في السجلات والحسابات وعندما عدت الى الوطن رفعت النتائج التي توصلت إليها الى قيادة الحزب والمجلس الأعلى.
وهنا اسمحوا لي أن أسجل ملاحظة على هامش الموضوع إذ انه من المؤسف أننا عادة لا نتعاطى مع مسؤولينا في الحزب ضمن أطر المحبة والأصول، إنما، (ويعتبرها البعض شطارة) نتناولهم دون عناء التدقيق، كأن همَّ بعضنا أن يجلد الآخر وان يبرز ما يعتبره أخطاء، عوضاً عن ان تكون مسؤوليتنا منصبّةً في البحث والتحقق والحرص على ما هو حقيقي.
بالنسبة لي تعاطيت مع جميع الرفقاء في أستراليا، وتحديداً مع الأمين حيدر، ضمن اصول الحزب وما اعتدته من تشبث بأخلاق النهضة.
أستطيع القول إني لم أجد أية جرائم أو موبقات في تعاطي المعتمدية والمنفذيات، إنما مجرد أخطاء اعتدنا عليها في كل اعمالنا الحزبية. في تقريري سجلت تقصير قيادة الحزب بعدم الإسراع في زيارة أستراليا في الوقت المناسب، ومن جملة ما ذكرته ان الحزب تمكن من تحقيق الكثير من الإنجازات ومن النمو ومن رفع الحضور القومي الاجتماعي الى مستويات عليا، واقترحت إعادة الأمين حيدر الى الوطن متولياً مسؤولية مركزية (اختير الأمين عبود لمسؤولية عميد الثقافة).
ما أقوله عن الأمين عبود هو انه إمكانية فكرية عز نظيرها في الحزب. فهو يملك من الكفاءات الحزبية العقائدية الفكرية الثقافية ما ينظر إليها بفرح وتقدير.
ليسوا كُثرًا من هم بمستوى الأمين عبود. أقول ذلك من معرفة وطيدة به، ويجدر بنا ان نفرح بمن هم أمثاله ونرجو له مزيداً من العمر عساه يتمكن من إغناء المكتبة الثقافية بمزيد من المؤلفات.
إني إذ أسطر محبتي الى الأمين حيدر الحاج إسماعيل وكثيراً من التقدير الى عقيلته الرفيقة منى أرجو أن يحظى جميع القوميين الاجتماعيين بما يجعلهم احباء لبعضهم البعض ليرتفعوا بالمحبة القومية الاجتماعية الى آفاق جديدة.