مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
من تاريخ المناضلين القوميين الاجتماعيين في الكورة الرفيق حنا جرجس جريج
 
بقلم الرفيق جورج حنا جريج
ناصيف، لبيب
إعداد: لجنة تاريخ الحزب
 

 

 

 

 

شكراً للرفيق سامي مظلوم(1) الذي اهتم بتسليط الضوء على الرفيق المناضل حنا جريج وساعياً إلى ان يقدم ابنه الرفيق جورج هذه المقدمة والمعلومات الغنية عن نضال والده الرفيق حنا التي ننشرها ادناه.

 

أشير إلى أنى كنت سمعت عن الرفيق حنا من الأمين جبران جريج اولاً، ومن عقيلته الرفيقة- الأخت ماري بربر وقد كانت لدي علاقة صادقة وكبيرة معهما:

 

قبل الثورة الانقلابية، بعد انتمائي إلى الحزب في سنوات الأسر، عندما كنت اتردد إلى السجن مع كثيرين من القوميين الاجتماعيين لمقابلة الأمناء: عبدالله سعاده، منير خوري، فؤاد عوض، شوقي خيرالله، محمد بعلبكي وجبران جريج وغيرهم، ثم بعد خروجهم من الأسر وكنت دائماً على تواصل مع الأمين جبران وتربطني به الكثير من الصداقة.

 

اشهد ان الرفيقة ماري بربر التي كنت اتردد إلى منزلها ربطتني بها وبكل أولادها حالة لافتة من المودة، إذ قالت لي مرّة: "أخي الدكتور حسيب في بتعبورة، وانت خيي في بيروت".

 

كانت تتمتع بكثير من الفضائل وآمل ان أتمكن في وقت غير بعيد في الكتابة عنها ومزيداً عن الأمين جبران جريج لتميّزها بالكثير من الفضائل.

 

                                                                                      ل. ن.

 

 

*

 

 

" ‏كانت إحدى أمنياتي هي أن أخلّد ‏ذكرى رفيق ‏عظيم من خلال نضاله وأعماله وبطولاته وذكرياته التي سكنت في قلبي وصوته الذي لا يزال يرن في اذني وصورته التي لا تفارق بالي فعاشت في داخلي طيلة هذه السنين فسكنت في قلبي حتى أصبحت حيّة بحياتي ثم نضجت لتكون مع رفاقه وأحفاده، يستمدون منها القوة والشجاعة والإيمان والعنفوان وعزّة النفس وكرامة الإنسان ونمو الشخصية وكمالها وشموخها ومناقبيتها التي ترسّخت فيها كل القيّم والمفاهيم الإجتماعية والأصالة المترسخة بالصفات الحميدة العالية. كانت شعلة مضيئة لرفاقه وأسرته كما كان كتلةً جبارة من النضال والكفاح المستمرّ اللذان لا ينتهيان، كان جندياً من جنود النهضة القومية الإجتماعية مقداماً عنيداً لا يهاب الموت.

" كان يحمل في قلبه وفكره عقيدة ومبادئ تتجلى فيها كلّ الخير والحق والجمال، كانت تحمل في داخلها تعاليم سعاده القيّمة لتبعث النور في عقول الجاهلين ولتدلهم على درب الصواب، وهنا جسّد قول سعاده "ليس لإبن النور صديق بين ابناء الظلمة".

 

كان ‏إيمانه في العقيدة القومية الاجتماعية لا يتزعزع، كانت صلبةً ومقدسةً وكأنها الإنجيل بحدّ ذاته. كان رفيقاً شجاعاً لا يعرف الهزيمة لأنه انسانٌ مؤمنٌ أن الحياة هي وقفةُ عزّ وبأن النضال هو وحده الطريق إلى الحرية والحقّ والإنتصار.

 

" بعض الرفقاء سألوا ابي عن عمره فكان جوابه: "إنّ عمري قد بدأ منذ إنتمائي إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي". إنها ولادتي الحقيقية، من هنا بدأت رحلة النضال في سبيل تحرير الأمة كل الأمة من الاحتلال طالما دمنا أحياء في أمةٌ حية هذا هو الرفيق "حنا جرجس جريج".


في بترومين الكورة وُلدَ حنا جريج في عام 1906. ترعرع في كنَفِ أهلهِ حتى كبُرَ وتعلمَ ثمَّ إتجهَ إلى مجال الزراعة لكي يساعدَ والدهُ في زراعةِ التوت لتربية دود القزّ، كان هناك ترابط قويّ مع أخيه الرفيق جبران جريج والياس النجار(2) وعبدالله القبرصي.

 

"إنتمى حنا جرجس جريج إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي سنة 1937، على يدّ الرفيق جبران جريج، في هذه السنة زار الزعيم انطون سعاده طرابلس ثم قرية بترومين حيث ألقى خطاباً على شرفة بيت الياس النجار وكان الحضور كبير جداً، وقبل ان يختم كلمته، قال: "لقد علمت ان هناك بعضْ الإشاعات التي روّجها بعض العملاء باني لن احضر، فأقول لهم: أننا لو شئنا أن نفر منَ النجاحْ لما وجدنا لنا مفراً منهُ". ثم دخل إلى البيت ليأخذَ بعضَ الراحة ثم توجَهَ مع بعض الرفقاء إلى بيت الرفيق أنور قطريب، حيثُ تناولَ طعامَ الغداء وبعده غادر مع الرفقاء الياس النجار وجورج عبد المسيح، جبران وحنا جريج إلى بيتِ جدي جرجس جريج حيث امضى ليلته، وفي الصباح غادر إلى ضهور الشوير يرافقهُ الرفيق جورج عبد المسيح وبعد عدَة أسابيع ذهبَ الرفيق جبران جريج يرافقهُ الرفيق حنا جريج إلى ضهور الشوير.


وهناك القى الوالد التحية للزعيم، فأعجبَ بأدائه للتحية (بخبطة رجله في الأرض)، وهنا قال الزعيم للرفيق جبران لقد أصبح عندنا جنديان من جنود النهضة الرفيق حنا والرفيق جورج عبد المسيح وأحب ان اراه دائما ثم غادرا ضهور الشوير إلى بترومين وكان عمي مسرور جداً وأخبر أخاه حنا عما حدّثه الزعيم.


"عند وصولهما إلى الضيعة كان هناك بعض التوتر من جراء الحرب العالمية الثانية حيث، كثر عدد الجواسيس والعملاء اللذين كانوا يراقبون ويشون بالقوميين وعن أماكن تواجدهم. وبعد فترة وجيزة شنَّ الفرنسيون حملة اعتقالات واسعة على صفوف الحزب حيث كان الرفيق حنا من الأوائل اللذين تعرّضوا للملاحقة من قبل الأمن الفرنسي، وهنا أخبرني والدي عن عدة حوادث سأذكر الآن الحادثة الأولى ثم لاحقاً بقية الأحداث:

 

 

الحادثة الأولى:

 

بينما كان يتمشى على بيادر الضيعة فوجئ بدورية من الأمن الفرنسي، فحاول الهرب منها ولكنهم أطلقوا عليه الرصاص واصابوه برجله، ومع ذلك استطاع الفرار منهم ولم يستطيعوا القبض عليه، وعلى أثر كثافة الرصاص تجمع أهل الضيعة وانبرى من بينهم عمتي تمام ووقفت بوجهِ الجنود وراحت تقاتلهم، فما كان من أحد الجنود إلا ان عالجها بضربة بكعب بارودته على ظهرها، وكانت حامل في ذلك الوقت، ثم انجبت صبياً وسمته جهاد.


راح الرفقاء يفتشون عن الرفيق حنا إلى ان وجدوه في مكان يدعى العين وهو يقع بين دده وبترومين.  علِمَ الزعيم بالأمر وطلبَ من المسؤولين أن ينقلوه إلى بيروت، مستشفى الجامعة الاميركية، فقام الرفيقان الياس النجار واسكندر ضاهر بتنفيذ المطلوب وهناك قام أحد الأطباء وأجرى له الإسعافات اللازمة ثم نقل إلى مكان سري للراحة. وبعد 3 اسابيع تماثل الوالد للشفاء وإذا بالرفيق جورج عبد المسيح يقف امام الوالد ويهمس بإذنه:    

 

"الزعيم بدو ياك". وغادرا إلى ضهور الشوير وعند وصولهم دخلا البيت وإذا بصوت يقول: ادخل يا رفيق حنا، دخل إلى المكتب والقى التحية، وقال له: الحمدالله على السلامة. وطلب منه الجلوس وكان هناك الرفيقان جبران جريج وعبدالله القبرصي.

 

وخلال الاجتماع اعطى الزعيم أوامره بأن يتوخوا الحذر، ثم سلّم البريد إلى الوالد ليوصله إلى الرفيق عبدالله سعاده.

 

ثم عاد إلى أميون فبترومين حيث استقبلوه الرفقاء واهل الضيعة استقبال الأبطال وهنأوه بالسلامة. استلم الرفيق حنا عدة مسؤوليات في مديريات بترومين التي تعاقب على إدارتها كل من المدراء الرفقاء: انور قطريب، جبران جريج، فؤاد قبرصي، الياس الديري ثم انطانيوس النجار.

 

في تلك الحقبة اي في الأربعينيات ظهر الحزب الشيوعي في الضيعة الذي كان على خصام دائم مع الحزب السوري القومي الاجتماعي. وفي أحد الأيام كان والدي عائداً إلى الببت فقام أحد الجبناء بالاختباء خلف أحد البيوت خوفا منه وعندما وصل والدي إلى مكان الكمين قام هذا الوضيع بطعنه في خاصرته ثم حاول الهروب ولكن الوالد امسك به وأشبعه ضرباً ثم ولى هارباً، إلى ان أتى بعض الرفقاء ونقلوه إلى المستشفى حيث قطبوا جرحه ب 52 غرزة.

 


الحادثة الثانية:

 

قام الزعيم بزيارة ثانية إلى الكورة، أميون، ثم بترومين والقى خطاباً من على شرفة بيت الرفيق فؤاد القبرصي حيث شدّدَ على التكاتف والوقوف بوجه الإنعزاليين والعملاء ومقاومتهم، كما علمت من المنفذ العام الرفيق جبران جريج بأن هناك رفقاء مقاومين للاحتلال فأقول لهم بوركتم وإلى النصر". وكان الحضور من كل الكورة ومن طرابلس وعكار، ثم تناول طعام الغداء في بيت جدي مع بعض الرفقاء وهنا قال الزعيم: كاس القوميين الاجتماعيين وكاس اصحاب البيت، فردت جدتي: بالنصر. ليرد عليها سعاده: لسورية.

 

وقبل مغادرته اجتمع مع الرفقاء وأعطاهم بعض التعليمات وقفل عائداً إلى ضهور الشوير. في تلك الأيام كان الوضع متأزماً في الضيعة حيث كثرت الوشايات ولم يعد هناك اي مكان آمن. ففي أحد المرات كان والدي مع شباب الضيعة عند الكنيسة، عندما فاجأتهم الدورية وكان الرفيق حنا يحمل مسدساً، فطلبوا منه ان يسلّمه ويسلّم نفسه، فقال لهم ان يأتوا ويأخذوه وعندما هم أحدهم بأخذ المسدس، ضربه الوالد وأمرهم برمي سلاحهم، ففعلوا، عندها اعطى السلاح إلى أحد الرفقاء ليهتم به وهرب.

 

في تلك الفترة بُلّغ المدير وكان آنذاك الرفيق فؤاد قبرصي، ان يتوارى عن الأنظار لبعض الوقت لأن الحزب والزعيم ملاحقان، وفي ذاك اليوم المشؤوم سلّم الخائن حسني الزعيم المعلم سعاده إلى العملاء في الدولة اللبنانية بشارة الخوري ورياض الصلح، وأعدموا انطون سعاده في8 تموز1949.


وبعد ذلك، الجميع يعلم ماذا حصل. ومن ثم انطلقت حملة الاعتقالات حيث أتت على بعض القوميين في الضيعة، وبعد عدة ساعات أطلقوا سراحهم. بعد عدّة سنوات تزوج الرفيق حنا من الاما سلوم سنة 1953 وأنجب منها ستة أولاد: صبيين وأربع بنات. كانت عائلة قومية اجتماعية بامتياز.

 

في سنة1961 قام الحزب بإنقلاب على الدولة اللبنانية وفشل. عندها شنّ الجيش حملات واسعة على الحزب وألقوا القبض على القياديين وامتلأت السجون بالقوميين، واستطاع بعض الرفقاء الهرب ومنهم الرفيق حنا وظل هاربا لمدة سبع سنوات حتى صدور العفو، وبعد وقت قصير ألمّ به المرض وتوفي في بترومين سنة1974. وبذلك تنتهي فترة نضاله، التي لم تنتهي لأنها ستستمر بأولاده وإلى الأجيال التي لم تولد بعد.

 

*

 

ما أورده الرفيق جورج جريج عن والده المناضل حنا جدير ان يُعمم ويُقرأ من جميع القوميين الاجتماعيين حديثي الإنتماء إلى الحزب. كأحد الأمثلة، ما تكبّده الرفقاء على مدى سنوات الإنتماء الحزبي بعد 1938 ورغم كل سنوات الاضطهاد والتنكيل، استمروا مصارعين في سبيل حزبهم.

 

 

هوامش:

 

(1)  سامي مظلوم: اقترن الرفيق سامي من الرفيقة مثال ابنة الرفيق حنا جريج وكنا نشرنا نبذة عن ابنته الثانية الدكتورة راغدة جريج. للاطلاع على ما عممنا عنها الدخول إلى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

 

(2)  الياس نجار: هو أول من انتمى من أبناء الشمال اللبناني، وأول من تولى مسؤولية ناظر مالية في منفذية الشمال (باسم منفذية طرابلس) وأول مسؤول عن الإدخال في المنطقة. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً.

 

 

في: 07/02/2024                                                     لجنة تاريخ الحزب

 

 

 

 

 
التاريخ: 2024-02-07
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro