الكتابة من أجل الكتابة لا تشكل عملاً قومياً. ولكن عندما تكون الكتابة من أجل قضية حق وحرية وعدالة.. قضية شعب في غزة والضفة وفي كل فلسطين يُجوّع ويُقتل ويُباد.. عندما تكون الكتابة من أجل أطفال فلسطين ونسائها وشهدائها، فعندئذ تصبح الكتابة سلاحاً وفعل حياة.. فعل مقاومة للقهر والألم والموت والدمار وللرواية الإعلامية المضللة ولعدو عنصري متغطرس يرتكب جرائم الإبادة الجماعية ولا يكتفي باغتصاب الأرض بل يحاول القضاء على الذاكرة والهوية والحضارة وعلى كل ما له علاقة بتراثنا الضارب عميقاً في التاريخ والجغرافيا معاً.
من هذا المنطلق، تكتب ضيفتنا المحاضرة في الجامعة اللبنانية الدولية، الأستاذة تهاني نصار، وهي كاتبة في جريدة الأخبار، تكتب عن قطاع غزة أكبر سجنٍ (مفتوح) في العالم، وعن شهداء غزة وأطفالها وعن الأسرى في سجون الاحتلال وعن معاناة شعبنا في فلسطين الذي يرفض النزوح والإستسلام وعن إزدواجية المعايير في الإعلام الغربي.
ومن هذا المنطلق جاءت المبادرة الثقافية الراقية لدار المجمّع الإبداعي الذي أسسته ضيفتنا مع الأستاذ عبد الرحمن جاسم. إذ قام مجموعة من طلاب وخريجي ورشة الكتابة الإبداعية في هذا الدار، وبجهد تطوعي، بإنتاج كتاب يتضمن قصصاً حقيقية تشكل بمجملها فعلاً توثيقياً وتأريخياً للبطولة والتشبث بالأرض وفعلاً مديناً للمحتل الغاصب وإجرامه.. قصصاً عبّروا فيها من القلب والوجدان ومن شرفات الطوفان، هذا الحدث الجلل، عن تضامنهم مع أهل غزة وعن مشاعرهم التي أرادوا أن يوصلوها إلى فلسطين ليقولوا «إنّ هذه معركتنا أيضاً». مؤكدين قول سعادة إنّ انقاذ فلسطين هو أمر لبناني في الصميم، كما هو أمر شامي في الصميم، كما هو أمر فلسطيني في الصميم.
كتاب "شرفات على الطوفان" هو هدية معنوية لأهل غزة وأطفالها وليقولوا للملأ إننا نحن أصحاب الأرض وإننا مهما عظمت التضحيات سننتصر على الموت والغزاة المجرمين وستبقى كلمة الحق هي سلاح في وجه الباطل وضوء ينير الطريق ويمحو كل ظلم وظلام.
أترك المنبر الآن لمديرة دار المجمّع الإبداعي الأستاذة تهاني نصار لتحدثنا عن تجربة شرفات على الطوفان.