يصدر في بيروت خلال الأيام القادمة، عن دار أبعاد، كتاب: صعود وسقوط سورية الكبرى، من تأليف كارل يونكر. ترجم الكتاب إلى العربية رضوان رزق، وقام بتقديمه وعرض فصوله الدكتور يوسف كفروني. فيما يلي نص العرض والتقديم- سيرجيل
هذا الكتاب هو في الأساس أطروحة دكتوراه تتناول تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي منذ مرحلة ما قبل التأسيس 1932 حتى الانقسام الأخير للحزب الذي حصل بعد الانتخابات الحزبية 2020 مروراً بالانقسام الأول 1957 وغيرها من الانقسامات معرجاً على الصراع الداخلي الذي بدأ في عهد سعادة مع نعمة ثابت والمتعاونين معه من أصحاب المدرسة اللبنانية. ويتناول المواقف السياسية والقرارات التي أدّت بنظره إلى تراجع الحزب من إعلان الثورة القومية 1949 إلى اغتيال المالكي، والانقلاب 1961 إضافة إلى الصراع مع القوى السياسية الأخرى.
يستند في هذه الأطروحة إلى عدد من الدراسات السابقة والصحف والأرشيف السياسي
والمراجع العربية والإنكليزية والفرنسية.
أول سؤال يخطر على البال هو ما هي أهداف الباحث من تناول موضوع الحزب السوري القومي الاجتماعي؟
بالطبع الهدف أبعد من مجرّد الحصول على شهادة الدكتوراه، فهو يعمل في مؤسسات تابعة للكيان الصهيوني، الذي يهمّه معرفة كل التفاصيل وبدقة عن القوى والجماعات المقاومة لوجود هذا الكيان.
الكاتب هو يهودي صهيوني إسرائيلي، وهو يدرك بكل وضوح الموقف الحاسم لمؤسس الحزب أنطون سعادة من المشروع الصهيوني والدعوة لقتاله حتى النهاية. ويدرك أيضاً موقف الحزب في كل مراحله في مقاومة هذا المشروع.
يربط الكاتب موضوع سورية الكبرى بالحزب القومي، صعودها هو صعود هذا الحزب وفعاليته وتأثيره، وسقوطها هو تراجع الحزب وانقساماته وتشرذمه وتراجع دوره.
يبحث الكاتب عن العوامل الاجتماعية والسياسية وصراع الحزب الداخلي في محاولة تفسير هذا التراجع والانحسار. ويحاول أن يكون موضوعياً في معالجته هذا الموضوع.
سنعالج في هذه القراءة أبرز ما جاء في هذه الأطروحة:
- الدراسات السابقة والمنهج المعتمد
- تهمة العمالة
- أفكار سعادة
- الصراع الداخلي
- هزيمة الحزب السياسية وانتصاره الأيديولوجي.
- سعادة والمسألة اليهودية
إذا كان الحزب السوري القومي الاجتماعي هو الوحيد الذي يحتكر اليوم فكرة الأمة السورية والوطن السوري فالباحث يعيد طرح هذه الفكرة أولاً إلى المعلم بطرس البستاني في كتابه “نفير سورية- 1860” والكاتب الفرنسي اليزيه ريكلوس الذي أصدر في عام 1884المجلد التاسع من كتابه الجديد بعنوان جغرافيا العالم الجديد الذي ميز فيه بين السوريين والعرب.
واليسوعي هنري لامنس مع تلميذه جاك ثابت الذي تحدث عن أمة سورية غير عربية متميزة، كانت موجودة منذ زمن الفينيقيين، وأن هذه الأمة قد تشكلت ضمن الحدود الجغرافية الطبيعية لسورية.
وشكري غانم وجورج سمني اللذان اعتبرا أن السوريين كانوا أمة متميزة. وعملا من مقرهما في باريس، على توحيد جميع السوريين والسعي الى الحصول على استقلال سورية الموحدة بما في ذلك فلسطين ولبنان. ص21
ويشير إلى المنظمات السياسية التي كانت تطالب باستقلال سورية الكامل. والتي تشكّلت في القاهرة، حيث أسس رشيد رضا وعبد الرحمن الشهبندر حزب الاتحاد السوري، وأسس فارس نمر ويعقوب صروف الحزب السوري المعتدل.
وفي الولايات المتحدة حيث أسس كل من جورج خيرالله، وفيليب كمال حتي، وحبيب كاتبة، وابراهيم الرحباني، حزب سورية الجديدة.
وفي الأرجنتين حيث أسس الدكتور خليل سعادة، الحزب الوطني الديمقراطي ص22.
العديد من هذه الشخصيات، استبدلت معتقداتها السابقة واعتنقت النظريات الجديدة عن القومية اللبنانية والقومية العربية. وأصبح اسم سورية الكبرى مرتبطاً بالحزب السوري القومي الاجتماعي وسعادة.
يستند الباحث في أطروحته إلى عدد مهم من الدراسات السابقة ويناقشها ويرى أن الخلل في بعضها هو المبالغة في التأكيد على تأثير الفاشية الأوروبية على سعادة وأيديولوجية الحزب. إضافة إلى التغاضي عن الخلافات الداخلية وتجاهل حقيقة أن سعادة كان غائباً عن لبنان وسورية لما يقرب من عقد من الزمان، وهي فترة، لم يكن لديه فيه سوى قدر ضئيل من الاتصالات مع الحزب الذي قاده وأسسه.
يناقش أولى الأطروحات المبكرة حول الحزب السوري القومي الاجتماعي، التي نشرها سيثيان، ومقدسي، في عامي 1946 و1961.
ويناقش دراسة لبيب زويا لعام 1966 وهو عضو سابق في الحزب السوري القومي الاجتماعي ووكيل لعميد الإذاعة بعنوان “الحزب السوري القومي الاجتماعي: تحليل أيديولوجي” ودراسات ميشيل سليمان ومايكل هدسون حول الأحزاب السياسية في لبنان- ص 43-44.
ودراسة سليم مجاعص “الحزب السوري القومي الاجتماعي: أيديولوجيته وتاريخه المبكر”.
ودراسة بايبس عن الحزب وسورية الكبرى، وتحليل بول سالم للأيديولوجيا والسياسة في العالم العربي. ويقول عن بايبس أنه قدم العديد من الحجج المشكوك فيها. وبول سالم سعى للتأكيد على الخصائص الفاشية للحزب السوري القومي الاجتماعي وتأثير الأيديولوجية العنصرية والقومية الفاشية على فكر سعادة. ويقول عنهم لقد تجاهلوا مجموعة كبيرة من الأدلة التي تشير إلى أن فكر سعادة أكثر اعتدالاً. ويشيد بجهود الباحث عادل بشارة ويقول: بدأ الخطاب الأكاديمي السائد حول الحزب يتعرض للطعن في أواخر التسعينيات من قبل الباحث الأسترالي اللبناني عادل بشارة. ولم يسبق لأي باحث أن يضاهي إنتاج بشارة وجهوده لإلقاء الضوء العلمي على سعادة – ص 45-47.
تعتمد دراسته الحالية كما يقول، على هذه الأعمال السابقة وعلى استخدام مواد من مصادر أصلية غير مستخدمة سابقاً تم نشرها باللغتين العربية والفرنسية لتقديم وصف علمي أكثر تفصيلاً وشمولاً للتاريخ المبكر للحزب. ص 48.
ويقدّم سردا ً تحليليا ً مفصلا لتأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وتطوره وأنشطته السياسية في لبنان وسورية. ويعتمد على مجموعة كبيرة من الأدبيات التي أنتجها الحزب، مثل المذكرات، والمقالات والخطب. كما أنه يعتمد على السجلات الأرشيفية في فرنسا، وبريطانيا العظمى، وبدرجة أقل الولايات المتحدة. ص -49.
يقسم الكتاب إلى أربعة أجزاء وخاتمة:
الجزء الأول: جيل جديد «، تطور الفكر السياسي لأنطون سعادة في عشرينيات القرن الماضي والسنوات الست الأولى من وجود الحزب السوري القومي الاجتماعي، منذ تأسيسه في شتاء عام 1932 حتى نفي سعادة من لبنان في صيف عام 1938. ص – 53.
الجزء الثاني: سنوات الحرب: يعرض نشاط الحزب في المهجر وسورية ولبنان منذ بداية نفي سعادة الفعلي حتى نهاية الحرب في أوروبا في أيار 1945. ص -143.
الجزء الثالث: الطريق إلى الثورة وما بعدها «يشرح بالتفاصيل فترة مضطربة وتحولية في تاريخ الحزب، بدأت بالفترة التي سبقت عودة سعادة إلى لبنان في آذار 1947 وما بعدها مباشرة. واتسمت هذه الفترة بالصراع الحزبي الداخلي. ص 204.
الجزء الرابع: التقدم والتراجع «كيفية تصرف الحزب السوري القومي الاجتماعي في الخمسينات، علاقاته التعاونية مع الرئيس كميل شمعون، تعزيز نفوذه في الحكومة والقوات المسلحة في ظل نظام الشيشكلي، والصراع المفتوح مع منافسيه الأقوياء، البعث والشيوعيين. ص277
الخاتمة: صعود الانشقاقات ص369
تعرّض الحزب للعديد من الاتهامات من قبل السلطات الدينية والاقطاع السياسي والأحزاب المناوئة.
يشير الباحث إلى كتاب الخور أسقف لويس خليل بمباركة البطريرك بعنوان: “الحزب السوري القومي: مؤامرة على الدين والوطن”. الكتاب الذي يعتبر أن تبنّي عقيدة هذا الحزب يعد بمثابة خيانة للكنيسة المارونية وتجديفاً على الله، لأنها عقيدة تخالف شريعة الله وتعاليم الكنيسة. والمؤسسة اليسوعية، هاجمت الحزب بشكل متكرر. وكذلك أوساط دينية أخرى. ص 31.
ويستعرض الاتهامات الصادرة عن الصحف، مثل صحيفتي المساء والبلاد اللتين اتهمتا القنصل الألماني في بيروت بدعم الحزب. وقد نفى القنصل الألماني جميع الاتهامات التي تدّعي أن ألمانيا كانت على علاقة او أنها تعاونت مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، وتبادل القنصل الألماني عدة رسائل مع المفوض السامي يطالبه فيها بتدخل فرنسا لوقف نشر الادعاءات الساذجة وتبرئته منها. وبناء على ذلك وافق مكتب المفوض السامي على توبيخ الناشرين. ص93.
ثم يتحدّث عن تزايد الاتهامات بعلاقات الحزب المزعومة بقوة أجنبية أوائل عام 1936، حيث شنّت صحيفة الرابطة حملة ضد الحزب القومي، محاولة تصويره على أنه من صنع الفاشية الإيطالية وأداتها. لكن لم يتم تقديم أي دليل لإثبات تلك الادعاءات، ولم يظهر أي دليل لاحقا. ص101.
يشير إلى صحيفة المساء وأفكار محررها عارف الغريب. التي شنّت حملة مكثفة ومستمرة ضد الحزب ووصفت أتباعه بالخدم المتزلفين لقوة أجنبية. والتركيز بشكل كبير على العلاقات المزعومة بإيطاليا، كما نشرت عدة صحف في بيروت معروفة بمعارضتها للحزب القومي أدلّة ادعت أنها تثبت المزاعم السابقة بأن إيطاليا مولت الحزب القومي. ص 105-107
يدحض الباحث هذه الاتهامات بالقول: لم يتم إثبات أي شيء من التهم المزعومة. وقد نفى السفير الإيطالي في بيروت الاتهامات الموجهة ضد بلاده في الصحف اللبنانية وتقدم بشكوى رسمية إلى المفوض السامي. ومع الوصول إلى نهاية التحقيق في أوائل أيلول عام 1936، فشل المحققون في إثبات التهم. ص 110
يذكر حادثة اعتقال السلطات البرازيلية لسعادة، والأشقر، وأديب، بناء على مزاعم فرنسا بأنهم عملاء أجانب يعملون لصالح ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية. ص 151
ويذكر اتهام الفرنسيين سعادة وعضواً آخر داوود مجاعص بتوجيه الدعاية عبر محطة إذاعة برلين الناطقة بالعربية من ألمانيا، لكن في الواقع كان كلاهما، على بعد آلاف الأميال في الأرجنتين والمكسيك. ص156.
يعرض الباحث لأفكار سعادة والمبادئ التي وضعها المبادئ الأساسية والمبادئ الإصلاحية التي تعبّر عن وجود الأمة السورية وشخصيتها، وأرضها، ومصالحها، ورسالتها. والأهداف الاجتماعية، فصل الدين عن الدولة، وإنشاء جيش قومي، والقضاء على الإقطاع، وإزالة الحواجز بين مختلف الطوائف، والالتزام بوحدة أراضيها والمطالبة باستقلالها التام.
ويعرض تعريف سعادة للأمة، والتي عرّف عنها على أنها جماعة من البشر يعيشون حياة ذات مصالح موحدة ومصير موحد، وعوامل مادية – روحية على أرض، اكتسبت من خلال التفاعل معها، في سياق التطور خصائص ومزايا تميزها عن الجماعات الأخرى. وبذلك أكد سعادة أن الأمة السورية تنحدر من جميع الجماعات التي سكنت سورية منذ عصور ما قبل التاريخ ما عدا اليهود. ص25.
ويقول إن سعادة رفض الأسس الدينية للقومية السورية، تماما كما فعل تجاه القومية اللبنانية والصهيونية. ص57.
السياسة الواقعية لسعادة
انطلاقاً من مبادئ السياسة الواقعية، صاغ سعادة استراتيجية براغماتية من شأنها أن تحكم العلاقات الدولية للحزب وتعزز قضية استقلال سورية الكبرى. ص 152-153
يذكر تحذير سعادة للسوريين من تكرار أخطاء الماضي، بقبولهم الدعم من قوة اجنبية دون حماية السيادة السورية. وعارض المصادقة على الإعلان النازي الألماني عن دعم استقلال الشعوب العربية.
لكن تحذيرات سعادة، كما يقول، لم تصل إلى أتباعه في الوطن، حيث واصل بعضهم نشر الدعاية المؤيدة لدول المحور وابتعدوا عن سياسة الحياد الرسمية للحزب. ص 171
رفض سعادة التصريحات المؤيدة للاستقلال التي أطلقها البريطانيون والفرنسيون الأحرار، والألمان والإيطاليون، ووصفها بأنها لا قيمة لها وانتقد أبناء وطنه الذين أشادوا ورحبوا بها بحماس شديد. وقال بأنه لا يوجد في السياسة وعود صادقة ووعود كاذبة، الاتفاقيات المكتوبة فقط ملزمة قانونا بين الأطراف.
والاستقلال الوطني والسيادة، لا يمكن ضمانهما إلا بإرادة الأمة ولا يمكن تحديدهما، والحصول عليهما أو سبغهما بواسطة جهة خارجية. ص 175
وعن العمل السياسي بحالة سورية مجزأة إلى مناطق معترف بها دولياً، يقول الباحث أقر سعادة، بالتحدي الذي يواجه الحزب وتفهّم الحاجة إلى تطوير خطة من شأنها تعزيز العمل بشكل فعال. وللقيام بذلك، اقترح سعادة أنه بينما تعمل جميع فروع الحزب في لبنان، وسورية، وفلسطين، والأردن، من أجل الهدف نفسه، فإن كلاّ منها سيتبع برنامجاً سياسيا ً خاصاً باحتياجاته وواقعه المحلي بطريقة لا تعرض سلامة الحركة للخطر. ص116.
نعمة ثابت وأصحاب المدرسة اللبنانية
تبدأ مسيرة الانحراف الفكري والسياسي عن العقيدة السورية القومية، أثناء الاغتراب القسري لسعادة، وكان قائد هذه المسيرة نعمة ثابت وأصحابه أتباع المدرسة اللبنانية، هذا ما يسميه كارل يونكر بالصراع الداخلي الذي بدأ في نهاية شباط عام 1944، حيث قام نعمة ثابت بزيارة السلطات الفرنسية في بيروت، وقدم لهم نسخة من الخطاب الذي كان يعتزم إلقاءه في ذكرى عيد ميلاد سعادة. وأكد لمحاوريه الفرنسيين على إشارة خاصة إلى فرنسا باعتبارها دولة صديقة. ص 189
وزير الداخلية كميل شمعون، أعطى شرعية ً سياسية ً للحزب. مقابل شروط وتنازلات، كان أبرزها حذف كلمة سوري من اسمه الرسمي وأصبح يعرف بالحزب القومي. مع التأكيد على مبادئه الإصلاحية الداعية إلى فصل الدين عن الدولة، ووضع حد للطائفية، والإقطاع، وتجنب أي تعبيرات تتعلق بمبادئه القومية السورية الأساسية. علاوة على ذلك، إلغاء تحية الحزب وترديد تحيا سورية ويحيا سعادة، وإزالة رمز الزوبعة الحمراء عن علم الحزب. ص 191
ارتبط الحزب بالبريطانيين من خلال شمعون والتزام مشترك بمحاربة الشيوعية. يبدو أن ثابت يشير إلى أن البريطانيين كانوا عازمين على تقوية الحزب وأخبر أحد الصحافيين أن صعود الحزب يتماشى مع سياسة بريطانيا الأوسع لدعم المجموعات الملتزمة بمواجهة انتشار الشيوعية. ص194
يشير إلى إحكام ثابت السيطرة على الحزب، فكان رئيسا ً للمجلس الأعلى والمكتب السياسي وعضواً في مجلس العمد، ومجموعة أنصاره في قيادة الحزب.
لقد اعتقد ثابت ومجموعته، أن الطريقة الوحيدة لدفع مشروع الحزب وازدهاره هي القيام بعمل سياسي على أساس المبادئ الإصلاحية للحزب، وتجاهل النزاعات العقائدية.
وبالفعل، نجحت هذه المجموعة في تحسين علاقات الحزب مع عدد من السياسيين اللبنانيين البارزين بالإضافة إلى الخوري والصلح، كمال جنبلاط، غبريال المر، هنري فرعون، وحميد فرنجية. ص 213
ويذكر الباحث رفض سعادة رفضا ً تاماً المسار الذي سلكه ثابت وحلفاؤه في قيادة الحزب في غيابه. ومحاولاتهم منع سعادة من التراجع عن السياسات والتحالفات السياسية التي أقاموها، واقتراح ثابت والأشقر تعديل دستور الحزب للحد من سلطته. وسفرهما إلى القاهرة لإقناع سعادة، الذي وصل إلى هناك قادماً من البرازيل في الثامن عشر من شباط عام 1947، بقبول نهجهم والتخلي عن نهجه، وحثه على تجنب استفزاز السلطات اللبنانية عند عودته. ص 224
ويقول عن خطاب العودة في الثاني من آذار أنه حطم أي أوهام للتعاون بين الحزب القومي تحت قيادته مع الخوري وأعاد توجيه الحزب، وأعلن سعادة في خطابه لأنصاره بشكل خاص أن جميع الاتفاقات السابقة بين الحزب القومي والحكومة اللبنانية فارغة وملغاة. ص 226
ويذكر أن سعادة رفض الطبقة السياسية التقليدية في لبنان، التي اختار ثابت الانضمام إليها، كمجموعة معنية فقط بالترويج للمصالح الشخصية، والدينية، والاقطاعية، التي أدت إلى سوء الإدارة، والفساد. ص 231
وأصدر أمرا بتجميد ثابت، وأياس، والأشقر، عن جميع أنشطة الحزب. مبرراً قرار إيقافهم بمهاجمة التزامهم بالميول الانعزالية وموقفهم العدائي تجاهه، وتعاونهم مع معارضي الحزب في الحملة ضده، وسعيهم العام لتحقيق المصالح الفردية على حساب العقيدة القومية للحزب.
ورد ثابت وأيــاس بتأسيس حزب جديد، الحزب الجمهوري اللبناني الديمقراطي، داعين أنصارهم للتخلي عن سعادة والحزب القومي. ونشروا بيانا ً لاذعاً وشديد النقض ضد سعادة. ص 235-236
الصراع بعد استشهاد سعادة
يتناول الصراع الداخلي بعد استشهاد سعادة، بدءاً من الانقسام الأول مع انتفاضة عبد المسيح إلى الصراع مع أسعد حردان والانقسام الأخير مع انتخاب ربيع بنات.
بعد استشهاد سعادة انتخب الأمناء مجلساً أعلى الذي انتخب بدوره عبد المسيح.
يقول الباحث إن أعضاء المجلس الأعلى ازدادوا تململاً مما اعتقدوا أن قيادة عبد المسيح الاستبدادية والديكتاتورية للحزب تتعارض مع دستور الحزب. وشعروا بالتهميش من قبل عبد المسيح، وأنه لم يقدم مطلقاً تقارير شاملة عن أنشطة الحزب أو عن أمواله إلى المجلس، ولم يستشر المجلس على النحو المناسب في القرارات. وبلغ التململ المتزايد ذروته في مطالبة المجلس الأعلى إلى عبد المسيح باستقالته من رئاسة الحزب، وهو الطلب الذي ألزمه. لكن، بعد أن قدم استقالته وقبلها المجلس الأعلى، اعترض عبد المسيح وشكك في الشرعية الدستورية لعمل المجلس في رسالة رفعها له. ص 296
ويشير إلى تزايد الخلاف ضد عبد المسيح داخل القيادة الحزبية. وقد تنامت كتلة داخل قيادة الحزب، منزعجة من قراراته خلال رئاسته وتتوق للحد من تأثيره داخل الحزب وتبحث عن وسيلة لطرده. ص 349-350
وأدى تحقيق داخلي للحزب في قضية اغتيال المالكي برئاسة قبرصي، إلى إدانة عبدالمسيح الذي رفض التعاون، ورفض الإجابة على الأسئلة أو الاعتراف بالمسؤولية عن دوره في القضية.
أواخر تشرين الأول عام 1957، اجتمع المجلس الأعلى وأعلن حكمه، وطرد عبد المسيح لأنه أمر من جانب واحد باغتيال المالكي دون علم قيادة الحزب، وهو قرار لم يجلب سوى النكبة، والويل والاضطهاد والسجن والضرر لدستور الحزب ومؤسساته.
أدّى قرار طرد عبدالمسيح على الفور إلى انقسام الحزب إلى فصيلين مختلفين. الفصيل الأول بقيادة الأشقر دعوا بالمركزيين بينما تمت الاشارة إلى الفصيل الثاني، بقيادة عبدالمسيح واسكندر شاوي، باسم الانتفاضة. واستمر كل منهما بالإشارة إلى نفسه على أنهم الخلفاء الحقيقيون للحزب السوري القومي الاجتماعي واتباع سعادة المخلصين. ص 350-351
ثم يتحدث عن الصراع الداخلي بعد الخروج من السجن إثر الانقلاب ضد السلطة 1961-1962
ويقول: “اختلف الحزب الذي أعيد تنظيمه اختلافاً كبيراً عن الحزب الذي كان موجوداً بداية العقد حيث إنه تحالف مع الحركة اليسارية اللبنانية والقوميين العرب، ومنظمة التحرير الفلسطينية. وهذا التوجه الجديد شرعنه الحزب رسمياً من خلال التوصيات الملزمة في المؤتمر الذي عقده عام 1969 والذي دعي بمؤتمر ملكارت، فقد سلطت وقائع المؤتمر الضوء على الخلافات الداخلية المتصاعدة حول إلقاء اللوم على الانقلاب. ص 372
ويتحدث عن تزايد الانقسامات مع بداية الحرب الأهلية 1975 حيث أصبح هناك ثلاثة تنظيمات كل منها يحمل اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي: تنظيم الانتفاضة عبدالمسيح، وتنظيم المركز، وتنظيم الخوارج اللذان توحدا سنة 1978 ثم انقسما في نهاية عام 1987: قاد عصام المحايري “تنظيم الطوارئ” الأكثر موالاة لسورية (لجنة الطوارئ) بينما قاد رعد “تنظيم المجلس الأعلى.”
كان الانقسام يتجلى في مشاجرات عنيفة بين الحين والآخر وسيستمر هذا الانقسام حتى عام 1998 عندما توحّد التنظيمان. ص 374
ثم انقسام جديد بعد الحرب في سورية دفع الحزب إلى الانقسام الى قسمين، قسم “المركز” وقسم “الأمانة”.
ويتحدث عن تزايد التوترات داخل الهيئات القيادية للحزب بين أنصار رئيس الحزب أسعد حردان وخصومه. هذه التوترات سوف تحدّد مصير الحزب في العقد المقبل، حيث وصلت إلى الحضيض عند كتابة هذه الأطروحة. ص 380
الانقسامات الأخيرة / أسعد حردان
يربط إعادة انتخاب حردان كرئيس للحزب لولاية ثالثة، بازدياد التوتر والمعارضة الداخلية، ويقول: “على الرغم من تعارض ذلك مع قوانين الحزب التي تحدد رئاسة الحزب بولايتين فقط. حاول حردان فرض تعديل دستوري لإضفاء الشرعية على فترة ولايته الثالثة وهو الأمر الذي وافق عليه المجلس الأعلى للحزب. ومع ذلك، ألغت المحكمة الحزبية العليا التعديل المذكور، وهو قرار قبله حردان لكن الضرر قد وقع بالفعل وسوف يزداد سوءاً خلال السنوات اللاحقة”. ص 381-382
ويشير إلى انتخاب أربع رؤساء خلال ثلاث سنوات فقط الأمر الذي يعكس تفاقم الأزمة الداخلية. فبعد انتخاب حنا الناشف واستقالته تم انتخاب فارس سعد في السابع من تموز عام 2019 ليصبح رابع رئيس للحزب خلال 3 سنوات فقط. الذي استقال من منصبه في نهاية شباط 2020 احتجاجاً على الانتهاكات الدستورية التي لم يتم معالجتها.
وتم تعيين وائل الحسنية كبديل مؤقت لسعد، حيث تم تكليفه بالإشراف على الحزب حتى اجراء انتخابات المجلس الأعلى ورئاسة الحزب في الخريف. ص 282-283
هذه التوترات والانقسامات تفاقمت في ايلول 2020 حيث كشفت الانتخابات الصراع المرير حول الاتجاه المستقبلي للحزب، والصراع الداخلي على السلطة. إذ رفض حردان قبول نتائج الانتخابات، وأقدم على خطوة غير مسبوقة في تاريخ الحزب برفع قضيتين أمام المحاكم اللبنانية لمنع أعضاء المجلس الأعلى الجدد من أداء قسم المسؤولية.
اختار المجلس الأعلى المنتخب حديثاً ربيع بنات رئيساً للحزب.
وازداد تفاقم الأزمة، ويعاني الحزب من كارثة لم يسبق لها مثيل، والصراع الداخلي لا يزال دون حل حتى كتابة هذه السطور. ص 384
يعتبر الباحث أن الحزب السوري القومي الاجتماعي، على الرغم من إخفاقه في الوصول إلى السلطة، وقلة أتباعه نسبياً والقمع شبه المستمر لأنشطته، تمكّن من التأثير ويستمر في ذلك في المجتمع والسياسة في لبنان وسورية. ص 15
يشير إلى الدمار الذي ألحقه حزب البعث في سورية بأنشطة الحزب القومي وتأثيره السياسي في منتصف الخمسينات، وبقائه عدة عقود قبل ان ينخرط من جديد في النشاط السياسي العام في البلاد. ويقول مع ذلك، فإن غيابه عن الساحة السياسية السورية لم ينه دعم ايديولوجيته المتمثلة في وحدة سورية. ص 384
وصول حافظ الأسد إلى السلطة يشكل برأيه حدثاً بارزاً في تاريخ سورية. فقد عزّز تدريجياً الشعور القومي والهوية السورية وشدد على المصالح الوطنية السورية وعلى الهوية والمصالح العربية الشاملة (القومية).
ولمّح من حين لآخر إلى الأفكار القومية السورية في الخطابات العامة.
وفي أوائل السبعينيات، حصل التقارب بين حزب البعث والحزب القومي لا سيما بعد التدخل العسكري السوري المباشر في الحرب الأهلية اللبنانية عام 1976
في هذا الوقت، سمح النظام السوري للكاتب اللبناني وعضو الحزب القومي شوقي خيرالله بنشر مقالات حول المفاهيم المتعلقة بسورية الكبرى في جريدة البعث اليومية السورية الرسمية، الثورة، بما في ذلك الترويج لتأسيس اتحاد يضم سورية ولبنان والأردن وفلسطين. ويشير إلى تأثير زوجة الأسد أنيسة مخلوف على الأفكار القومية لزوجها، وهي التي تتحدر من عائلة علوية بارزة، عرفت بالولاء للحزب السوري القومي الاجتماعي وقضيته. ص385.
ويرى أن حزب البعث (تبنى) العديد من المبادئ الأيديولوجية للحزب القومي
فيما يتعلق بتصور سورية والأمة السورية. في العام 2001 نشر مصطفى طلاس الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع آنذاك كتاباً عن سورية الطبيعية ناقش فيه افكاراً تتعلق بمفهوم تميز الأمة السورية ووحدتها ووجودها التاريخي. وقد اعتبر كثيرون انها ترديد صدى افكار الحزب القومي ومفهوم الأمة السورية ومع ذلك فإن هذا لم يكن مفاجئاً بالنظر الى ان نظام الأسد كان يروج لهذه الأفكار بخطى ناعمة كما انه كان يعمل في نفس الوقت للتأسيس للهوية السورية كما يتصورها السورية العربية.
وعمل الأسد أيضاً على رفع التشويه عن صورة الحزب من خلال الترويج لرواية معدّلة حول تورط الحزب في اغتيال عدنان المالكي، وتبرئة الحزب السوري القومي من أي ذنب. ص 387
على سبيل المثال أشار طلاس في مذكراته إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السي آي إيه CIA جنباً الى جنب مع السفير المصري محمود رياض ورئيس المخابرات العسكرية السورية عبد الحميد السراج، هم الذين كانوا يحرضون رئيس الحزب القومي في ذلك الوقت جورج عبدالمسيح على قتل المالكي. ص 388
إن تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي هو قصة احباط وطموح غير محقق. أن الحكم على الحزب مقابل أهدافه وفشله في ان يصبح حركة جماهيرية وتحقيق قوة سياسية مهمة ودائمة وأحداث التغيير الاجتماعي والسياسي النهضوي الذي يسعى إليه، هو أمر غير واضح لأي باحث او مراقب للشرق الأوسط الحديث.
ويربط أسباب فشل الحزب بواقع البنى الاجتماعية والسياسية التقليدية في لبنان وسورية. فقد وجدت أفكار القومية اللبنانية والقومية العربية تربة خصبة بين الطوائف المارونية والسنية الأكثر اهمية عددياً مما فعلته القومية السورية، التي حظيت بجاذبية أكبر بين الأقليات مثل الروم الأرثوذكس والدروز والشيعة. علاوة على ذلك كان للأحزاب المؤسسة والحركات السياسية الأيديولوجية التي احتضنت ونشرت افكار القومية اللبنانية والقومية العربية نفوذاً سياسياً واجتماعياً أكبر. ص 394-395
ويقول إن هدف الحزب المتمثل في الإصلاح الاجتماعي والسياسي الشامل، أدّى الى خلق معارضة قوية ضده في كلا البلدين. ولم تكن البنى الاجتماعية والسياسية القائمة عقبة يمكن التغلب عليها فحسب، بل لعبت دوراً بارزاً في تقييد ومقاومة جهود الحزب للوصول الى السلطة وتنفيذ تغييرات بعيدة المدى. وقد نجحت فرنسا المصممة على إدامة حكمها في بلاد الشام في تنفيذ سياسات أمنية لقمع وإحباط الأنشطة القومية التي من شأنها أن تعرض سلطتها للخطر. ص 395-396
ويتحدث عن الانقسامات الاجتماعية في البلاد على أساس القرابة والروابط الدينية والمناطقية. حيث عكس النظام السياسي في لبنان هذه الانقسامات وحافظ عليها ولم يؤد تأثير الطائفية والعائلية إلا إلى تقويض القومية مهما كان نوعها.
ويعتبر أن القيادات الحزبية تتصرف عملياً مثل جميع اللاعبين السياسيين اللبنانيين الآخرين حيث انها تعقد الصفقات وتضحي بالمبادئ للحفاظ على مواقعها ونفوذها المتواضعين. ص 396
ويرد فشل الحزب الى ما يعتبره، ضعف قياداته في اتخاذ القرار وضعفها ايضاً في قراءة المناخ السياسي. وإن أكثر القرارات فظاعة كان القرار التصاعدي العدائي تجاه الحكومة اللبنانية عند عودة سعادة عام 1947وقراره بعد ذلك بعامين إطلاق ثورة غير مدروسة وسيئة الإعداد، واغتيال الحزب لعدنان المالكي عام 1955 وانقلاب الحزب الفاشل عشية رأس السنة عام 1962.
بالإضافة الى ما سبق وبعد غياب سعادة انقسم الحزب حول قضايا تتراوح بين الخلافات الشخصية والسياسية والأيديولوجية الى الخلافات حول المسائل الدستورية المتعلقة بفصل السلطات بين هيئتي الحزب التنفيذية والتشريعية. ص397.
ويتساءل بعد كل عرضه للأسباب التي يعتبر أنها أدت إلى فشل الحزب،
هل يعني هذا انه ينبغي علينا تصنيف الحزب القومي على انه حركة فاشلة؟
ويقول إن مثل هذا الاستنتاج لن يكون مضللاً فحسب، بل سيتغاضى عن الإنجازات التاريخية للحزب في لبنان وسورية. ومن أبرز انجازات الحزب: تأسيس حركة اجتماعية وسياسية تخترق الانقسامات الاجتماعية والسياسة على الرغم من ان الحزب اعتبر الروم الأرثوذكس والدروز يشكلون معظم اتباعه فقد نجح في تجنيد اعضاء من بين مختلف الطوائف في لبنان وسورية. ص 397
ويتحدث عن استمرار إرث سعادة ومرونة الحركة التي أسسها على الرغم من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية الحادة والانقسامات المتعددة. والاقتتال الداخلي؟ وعلى الرغم من إرثه المليء بالفشل والانقسامات، فإن الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يزال صامداً، ويمضي قدماً في نضاله من أجل سورية الكبرى خلف رايات الزوبعة الحمراء. ص 398-399
يطرح كارل يونكر مسألتين يجب التوقف عندها: المسألة الأولى نظرة سعادة لليهودية والثانية تصعيد العداء للسلطة اللبنانية بعد العودة من المغترب وإعلان الثورة.
1-كيف نظر سعادة إلى اليهود والصهيونية حسب رأي الباحث؟
يعرض كارل يونكر في كتابه موقف سعادة من الحركة الصهيونية واليهودية بشكل عام.
يعرض أقواله ومواقفه بهذا الخصوص ويشير إلى:
– المعارضة المطلقة للهجرة اليهودية إلى أي جزء من سورية الطبيعية.
– تعارض المثل العليا اليهودية مع المثل العليا السورية.
– لم يكن اليهود جزءاً من الأمة السورية ولا يمكن استيعابهم فيها، على عكس الجماعات الأخرى. ص 149-150.
– الصهيونية أكبر خطر على سورية. ص65.
– رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء البريطاني لويد جورج، شجب فيها دعمه للصهيونية والسياسات البريطانية في فلسطين المنتدبة.
– قرار تقسيم فلسطين كارثة مأساوية وكان نتيجة حتمية للسياسات التعسفية للأحزاب الدينية والقبلية، سياسة الحزبيات الدينية والعشائرية. وأعلن أن القوميين الاجتماعيين الآن في حالة حرب من أجل فلسطين، ووجه البيان نداء إلى المتطوعين للانضمام إلى الجيش القومي الاجتماعي للقتال تحت رايات الزوبعة. ص 244
– قتال القوميين في فلسطين، تحت قيادة جيش الإنقاذ، العديد من الضباط السوريين المرتبطين بالحزب القومي، ً وتحديدا، أديب الشيشكلي وغسان جديد. ص 247
– قتال القوميين كمتطوعين أو مجندين في الجيش السوري. ومشاركة كتائب فردية وصغيرة من مقاتلي الحزب، وعرفت فرقة منهم باسم فرقة الزوبعة. ص248.
– مشاركة القوميين في معارك ضد الغزو الإسرائيلي عام 1982، حيث لعب دوراً أساسياً في استهداف الجيش الإسرائيلي، وحلفاء إسرائيل في لبنان بما في ذلك القوات اللبنانية وجيش لبنان الجنوبي. ص 373-374
– رفض الحقوق التاريخية لليهود في فلسطين ورفض الشرعية القانونية للمطالبات اليهودية بفلسطين على أساس العقيدة الدينية ووعد بلفور. ص 130
يعتبر الكاتب أن لليهود حقوقاً تاريخية في فلسطين، وأن الشرعية القانونية لمطالبة اليهود بفلسطين تقوم على أساس العقيدة الدينية ووعد بلفور. وهذه بالطبع حجج واهية وغير منطقية. لأن الوجود اليهودي في فلسطين هو وجود محدود وعابر وقديم. ولا يمكن الربط بين اليهود الحاليين الذين ينتمون لأصول متعددة وثقافات مختلفة مع اليهود القدماء. وإضافة لذلك، إذا أردنا تطبيق هذه القاعدة بشكل عام لكل مجموعة سكنت في منطقة ما فترة من الوقت، فماذا تكون النتيجة؟ وماذا عن الشعوب المستمرة في أرضها منذ ألاف السنين؟
إن الاستناد إلى أساطير دينية خاصة لا يعطي الحق باغتصاب أراضي شعوب أخرى. والإيمان بأن فلسطين هي أرض الميعاد لليهود وفق عقيدتهم الدينية، يقتضي أن ينتظروا إلههم ليردهم إليها، لا أن يتكلوا على أساطيل وجيوش القوى العظمى ليحتلوا فلسطين، ويجعلوا أنفسهم أدوات لتحقيق مصالح هذه الدول واستمرار هيمنتها العالمية.
موقف سعادة من المسألة اليهودية والحركة الصهيونية
المسألة اليهودية هي مسألة غربية بالدرجة الأولى، نشأت في الغرب نتيجة التمييز الديني وغياب الحقوق المدنية والسياسية بالتساوي بين جميع المواطنين.
مع ظهور الدولة القومية والقوانين المدنية في الغرب بعد الثورة الأميركية والثورة الفرنسية، ظهر أكثر من اتجاه في أوساط اليهود. اتجاه يدعو للاندماج من خلال التخلي عن اليهودية واتجاه يدعو للتحرر السياسي للمجتمع ككل من خلال فصل الدين عن الدولة وجعل الدين شأن خاص للفرد. والاتجاه الصهيوني الذي عبّر عنه هرتزل بالحركة الصهيونية والذي يرى أن اليهود أينما ذهبوا سيلحق بهم الاضطهاد لذلك يجب أن يحكموا أنفسهم من خلال دولة يهودية.
إن فكرة إقامة دولة لليهود في فلسطين سبق طرحها قبل هرتزل بثلاثة قرون مع صعود بريطانيا قوة عظمى، وأصبحت كل دولة لها مطامح استعمارية في سورية والعالم العربي تجد في إقامة دولة يهودية في فلسطين عاملاً مساعداً في تحقيق أطماعها وتثبيت هيمنتها.
فكرة المشروع الصهيوني هي فكرة استعمارية استيطانية غربية نشأت في سياق مشاريع متعددة وخدمة للدول الاستعمارية.
اليهودية الأرثوذكسية كانت في البداية معارضة للمشروع الصهيوني.
يذكر المسيري في موسوعته ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ- المجلد 5 ص12
ﺃﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺍﻷﺭﺛﻮﺫﻛﺴﻴﺔ ﻭﻗﻔﺖ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺑﻀﺮﺍﻭﺓ ﺿﺪ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺩيني ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﲢﺮﻡ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ، وﺍﻟﺘﻠﻤﻮﺩ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﳍﺮﻃﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﻳﻒ . ولكنها ﻏﻴّﺮﺕ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻭﺗﺼالحت ﻣﻊ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻭﻭﺟﺪﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺎ يسمى “بداية الخلاص” ﻭﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺗﻠﻤﻮﺩﻱ ﺃﻳﻀﺎﹰ ﺍﻛﺘﺸﻔﻪ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺑﻌﺾ ﺍلحاﺧﺎﻣﺎﺕ ﺍﻷﺭﺛﻮﺫﻛﺲ القباليين. وفي ﺍﻟﻮﻗﺖ الحالي، ﻓﺈﻥ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻷﺭﺛﻮﺫﻛﺲ ﻳﺆﻳﺪﻭﻥ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺑﺘﻌﺼﺐ ﺷﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ديني ﺃﻳﻀﺎﹰ. ﻭﻛﻼ الموقفين، ﺍﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﻓﺾ لها، يجد ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻪ في ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ المقدسة. (المسيري، 1999، صفحة 12)
كثير من اليهود المثقفين عارضوا وما زالوا يعارضون الحركة الصهيونية. وينتمون حاليا إلى جماعات دينية متعددة ومتباينة، وإلى ثقافات متنوعة.
يوجد يهودي ملتزم دينياً ورافض للمشروع الصهيوني، وآخر داعم بشدة. ويوجد يهودي غير ملتزم دينياً وداعم بشدة للصهيونية، وآخر غير مبال أو رافض.
لم يتخذ سعادة موقفاً من اليهود بسبب انتمائهم الديني، بالرغم من رفضه للمثل اليهودية التي يعتبرها مناقضة للمثل السورية بسبب ماديتها وعنصريتها وانغلاقها.
تظهر المثل اليهودية وخصوصية تعاليمها في كتبهم المقدّسة في التوراة والتلمود. مثل مفاهيم الشعب المختار والمميّز عن باقي شعوب العالم. ودعوات الإبادة وقتل الشيوخ والأطفال والنساء، واستعباد الشعوب. وهي معاكسة للمثل السورية كما تظهر في الآداب والأساطير القديمة وفي الفلسفة الرواقية وفي المسيحية والمحمدية حيث الله للجميع دون تمييز والأخلاق عامة وليست خاصة كما في اليهودية.
كتب سعادة مقالا سنة 1937 عندما قدّم عدد من اليهود اللبنانيين المتذمّرين من وضع المجلس الملّي طلباً إلى وزارة الداخلية للترخيص لهم بإنشاء مجلس قومي “يسهر على مصالحهم الطائفية”.
قال سعادة بهذا الخصوص: “لا يوجد لبناني يريد أن يعترض على شؤون اليهود الملّية وأحوال معتقداتهم الخاصة. ولكن لا يوجد لبناني واحد يقبل أن يجري تساهل في أمر نشوء قوميات غريبة في لبنان. فإذا كان اليهود يريدون حقيقة غرضاً ملّياً بحتا، فلا وجه لإيجاد صباغ قومي لهذا الغرض.
يمكن اليهود أن ينشئوا مجلساً ملّياً أو طائفياً آخر. أما طلب إنشاء مجلس قومي لليهود في لبنان فتجاوزٌ لا تقبل به الكرامة اللبنانية (سعادة، المجلد 2، 2001، الصفحات 211-212)
إن تأكيد سعادة على مبدأ فصل الدين عن الدولة وموقف الدولة المحايد من الأديان أعطى حرية المعتقد الديني لكل فرد دون أن يعتدي على حقوق غيره. ولكن موضوع الهجرة اليهودية هو موضوع مختلف ويشكل خطورة لما يحمله كمشروع سياسي يشكل خطرا على سورية والعالم العربي. وكل التبريرات التي حاولوا إعطاءها لهذا المشروع هي تبريرات غير منطقية.
لقد رفض سعادة ادعاء اليهود بحقوق لهم بفلسطين على أساس تاريخي أو ديني أو وعد سياسي (وعد بلفور)
ويقول: “اليهود ليسوا أصليين في البلاد وأنّ وجودهم في فلسطين لم يجعل لهم صفة خلفاء لأهل البلاد الأصليين. وواضح أنّ بقاءهم في جنوب سورية كان يجب أن ينتهي بذوبانهم في أهل البلاد، فتفشت فيهم اللغة الآرامية وغلبت عليهم عادات أهل البلاد؛ وجاءت المسيحية تقول بإلغاء الامتيازات الدينية لليهود وإزالة الخصوصيات اليهودية.
ادعاءات اليهود في جنوب سورية ليست قائمة على أي أساس حقوقي.
ادعاؤهم بوعد الله إياهم بجعل أرض كنعان ميراثاً لهم، هو عودة إلى النظرة الخصوصية في الدين، ولم يؤيد الله وعده لهم في المسيحية ولا في الإسلام، ولا في أي دين إلهي آخر.
وعد بلفور يناقض ميثاق عصبة الأمم ولا تملك بريطانيا الحق في إعطاء اليهود أرضا لا تملكها
المادة الثانية والعشرون من ميثاق العصبة الأممية تمنع، أي تصرّف حقوقي من قبل الدولة المنتدبة يمسّ سيادة الأمم المنسلخة عن السلطنة العثمانية المعترف بأنها “أمم مستقلة” أي ذات سيادة قومية على أنفسها وأوطانها. (سعادة، المجلد 2، 2001، الصفحات 133-134)
بالنسبة للهجرة يرفض سعادة أي هجرة لجماعة تحمل عصبية منغلقة ومشروعا سياسيا يهدد وجود الأمة. لذلك يرفض سعادة الهجرة اليهودية، لأنها تحمل مشروعا سياسيا يهدد وجود سورية كلها. ولأنها هجرة تحمل خليطا من عصبيات مغلقة وثقافات متضاربة.
فاليهود خليط من كل الأمم. (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 75)
واليهود ليسوا أمة، كما أنهم ليسوا سلالة، بل هم مذهب ديني له خصائص ثقافية(سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 456)
وهم يأتون إلى هذه البلاد مدفوعين بدافع فكرة قومية غرضها الظاهر إيجاد وطن قومي لهم في فلسطين، والغرض الحقيقي الاستيلاء على فلسطين أولاً ثم الاستيلاء على بقية سورية مع مرور الأيام. فتضارب مصلحة مهاجري اليهود ومصلحة أهل البلاد أمر مفروغ منه. (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 462)
يحدد سعادة موقفه من هجرة أي جماعة إلى سورية بالقول: “كل هجرة تكون خطراً على معنوية الأمة أو ترمي إلى خلق أمة إلى جانب الأمة السورية هي خطر محاربته واجبة، إننا ضد الهجرات الكبيرة التي لا تبرح مستبقية خصائصها والتي لها مبادئ أساسية تنافي الاندماج في جسم الأمة. (سعادة، المجلد 2، 2001، الصفحات 22-23)
إنّ في سورية عناصر كثيرة “كالأكراد مثلاُ” وهجرات كبيرة يمكن أن تهضمها الأمة إذا مرّ عليها الزمن الكافي لذلك، ويمكن أن تذوب فيها وتزول عصبياتها الخاصة. وفيها هجرة كبيرة لا يمكن بوجه من الوجوه أن تتفق مع مبدأ القومية السورية هي الهجرة اليهودية. إنها هجرة خطرة لا يمكن أن تهضم (سعادة، المجلد 2، 2001، صفحة 44)
الحركة الصهيونية
يرى سعادة أن فكرة الحركة الصهيونية بتأليف أمة من يهود العالم المختلفي النزعات والمشارب والمتبايني الأخلاق والعوائد، هي مسألة ليس من ورائها إلا تعب ووجع رأس. لأن الأمة لا معنى لها إذا لم يكن لها بلاد تمارس فيها معتقداتها وأفكارها. واليهود لا يكوّنون اليوم أمة واحدة هم في غنى عن تكوينها. ويشير إلى فريق من اليهود الراقين يفهم العلل وأسبابها ويعرف عقم دعوة الصهيونيين ويحاربها، من أجل اليهود كما من أجل الإنسانية جمعاء. وقد اشتهر من هذا الفريق مورغنثو سفير الولايات المتحدة في تركية، الذي أثبت فساد الحركة الصهيونية من وجوه كثيرة. وقال إنها أعظم تضليل ظهر في التاريخ. وقال أيضاً إنّ اليهود وجدوا في البلدان التي يقيمون فيها أوطاناً لهم، فاليهودي الألماني وجد في ألمانية صهيوناً أخرى، واليهودي الإنكليزي وجد في إنكلترة صهيوناً أخرى، ومثلهما اليهودي الفرنسي واليهودي الأميركي. (سعادة، المجلد1، 2001، الصفحات 174-177)
قامت الحركة الصهيونية بنظر سعادة نتيجة التشبث بالعنصرية. ويقول: “لولا التشبث بالعنصرية الفارغة لما كنا نسمع اليوم بحركة يهودية صهيونية وبادعاءات صهيونية تُضحك الثكلى” (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 173)
رسالة سعادة إلى لويد جورج الذي كان رئيس وزراء بريطانيا حين أجاز وعد بلفور.
كتب سعادة هذه الرسالة سنة 1931، يشجب فيه وعد بلفور ويندد بالسياسات البريطانية الداعمة للحركة الصهيونية.
وقد توقع سعادة في هذه الرسالة حصول نتائج كارثية سوف تترتب على تطبيق وعد بلفور وقيام الكيان الصهيوني.
يقول: “إنّ التاريخ لم يسجل من قبل محاولة أثيمة كهذه المحاولة. الحقيقة، يا مولاي، هي كما قلتم فإن أمورا عظيمة ــــ أموراً عظيمة جداً ــــ ستترتب على هذه المحاولة الأثيمة التي لم يعرف التاريخ محاولة أخرى تضاهيها في الإثم، وإني أطمئنكم بأن نتائجها لن تقتصر على فلسطين، بل ستتناول العالم أجمع، وأنّ عظتها البالغة لن تكون لبني إسرائيل فقط، بل لجميع بني الإنسان!
ومن يعش ير (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 244)
لقد شاهدنا منذ قيام الكيان الصهيوني الحروب التي سببها والتي لا يزال يسببها والفظائع التي ارتكبها ولا يزال، وجرائم الإبادة التي يقوم بها متحديا العالم كله، ويصرّح مسؤولوه علنا بالدعوة إلى الإبادة واعتبار الآخرين حيوانات وتحدي القوانين والأعراف الدولية. وكل ذلك بدعم الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية لاستمرار هيمنتها على العالم.
قرار سعادة ضد الحكومة وتصعيد العداء
يذكر كارل يونكر في كتابه عن قرار سعادة بعد العودة من الاغتراب القسري ويقول: “يمكننا القول إن أكثر القرارات فظاعة كان القرار التصاعدي العدائي تجاه الحكومة اللبنانية عند عودة سعادة عام 1947 وقراره بعد ذلك بعامين إطلاق ثورة غير مدروسة وسيئة الإعداد”. 397
إلى أي مدى يتطابق هذا الاستنتاج مع الواقع؟
المراجعة الدقيقة لخطاب العودة لا تشير إلى ذلك، بل تؤكّد على احترام الكيان اللبناني واحترام إرادة الشعب.
لستم، كما أشاع الأجنبي وأشاع الذين تبعوا الأجنبي، أعداء للبنان والكيان اللبناني الذي يريده الشعب اللبناني.
الكيان اللبناني هو دائرة ضمان لينطلق الفكر منها يعمم الإخاء في الأمة.
إنّ الكيان اللبناني هو وقف على إرادة الشعب اللبناني. وقد أثبت الحزب في جميع مواقفه أنه يضع إرادة الشعب فوق كل اعتبار في هذه الصدد. (سعادة، المجلد 7، 2001 ، صفحة 205)
ليس في كل مواقف سعادة بعد خطاب العودة 2 آذار 1949 أي موقف عدائي ضد السلطة اللبنانية أو الكيان اللبناني. حتى بيان الثورة التي جاءت ردا على إجراءات الحكومة اللبنانية وقمعها وملاحقتها للقوميين لم تكن ضد وجود الكيان اللبناني بل أكّدت على توطيد الاستقلال اللبناني على أساس إرادة الشعب الحرة. (سعادة ، الأعمال الكاملة 8، 2001، صفحة 459)
ثمة موقف مسبق ضد سعادة من قبل الدوائر الخارجية الأميركية والبريطانية والصهيونية للتخلص منه. بسبب موقفه الحاسم الرافض للمشروع الصهيوني، وهو الموقف الحاسم والثابت قبل تأسيس الحزب وبعد تأسيسه.
خطاب الزعيم في برج البراجنة 29-5-1949 يؤكّد على إعداد الحزب على كل المستويات لمواجهة هذه الدولة.
ويقول: “إنّ محق الدولة الجديدة المصطنعة هو عملية نعرف جيداً مداها. إنها عملية صراع طويل شاق عنيف يتطلب كل ذرّة من ذرّات قوانا، لأنّ وراء الدولة اليهودية الجديدة مطامع دول أجنبية كبيرة تعمل وتساعد وتبذل المال وتمد الدولة الجديدة بالأساطيل والأسلحة لتثبيت وجودها.
فالأمر ليس فقط مع تلك الدولة الجديدة المصطنعة. إنه مع الدولة الجديدة ومع دول عظمى وراء الدولة الجديدة! إنه صراع طويل وشاق”. (سعادة ، الأعمال الكاملة 8، 2001، صفحة 372)
تم تنفيذ المخطط الأميركي لاغتيال سعادة من قبل الأدوات المحلية في لبنان والشام.
المونسنيور يوسف الأشقر وجه رسالة إلى أخيه أسد الأشقر بتاريخ 12 آذار 1947 يدعوه فيها إلى التيقظ للعب الدور الذي تتطلبه الظروف. وأن الزعيم احترق ولا حياة له في هذا البلد وأن أنطون قد دنت ساعته”. (وزارة الأنباء اللبنانية، 1949، صفحة 234)
يشرح سامي جمعة في كتابه أوراق من دفتر الوطن السيناريو الذي وضعه الأمريكيون من خلال الميجور ميد للتخلص من أنطون سعادة، هذا السيناريو الذي نفذه حسني الزعيم والذي يقتضي دفع سعادة لإعلان الثورة ضد الحكومة اللبنانية، وإفشالها بتسليم سعادة أسلحة فاسدة وإبلاغ المسؤولين اللبنانيين عن أماكن انطلاق القوميين، ومن ثم تسليم سعادة للسلطة اللبنانية التي أعدمته خلال أربع وعشرين ساعة بمحاكمة صورية. وتم ذلك بعد أن دفعوا الحكومة اللبنانية لتضييق الخناق على سعادة وملاحقته وملاحقة القوميين دون سبب، ودفعوا حزب الكتائب لمهاجمة الحزب وإحراق مطبعته، وبدلا من ملاحقة المعتدين لاحقت المعتدى عليهم. (جمعة، 2000، الصفحات 75-76)
أعدم سعادة فجر الثامن من تموز 1949، في اليوم التالي 9 تموز كتب بن غوريون في يومياته: وحده حسني الزعيم يريد السلام مع إسرائيل. والرغبة في علاقات جيدة معنا.
(بن غوريون، 1993، صفحة 762)
أنطون سعادة . (2001). الأعمال الكاملة 8. بيروت: مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 10. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 11. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 5. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 6. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 7. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 8. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 9. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001). المجلد 2. بيروت: مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001). المجلد 3. بيروت: مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001). المجلد 4. بيروت: مؤسسة سعادة للثقافة.
أنطون سعادة. (2001). المجلد1. بيروت: مؤسسة سعادة للثقافة.
دافيد بن غوريون. (1993). يوميات الحرب 1947-1949. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
سامي جمعة. (2000). أوراق من دفتر الوطن. دمشق: دار طلاس.
عبد الوهاب المسيري. (1999). اليهود واليهودية والصهيونية المجلد 5. القاهرة: دار الشروق.
وزارة الأنباء اللبنانية. (1949). قضية الحزب القومي. بيروت: وزارة الأنباء.