ثمة آراء ونظريات عديدة ومتباينة حول مفاهيم الأمة والقومية ، سواء من قبل الذين عملوا فكرياً وسياسياً انطلاقاً من هذه المفاهيم، أم من الذين انطلقوا من موقع الرفض لها .
لقد اعتبرت عناصر، مثل الأرض والأصل والعادات والتقاليد واللغة والدين والثقافة والاقتصاد والتاريخ والمشيئة وغيرها أنها العناصر التي تشكل الأمة، وكان يجري أحياناً التشديد على عنصر، أو عدد معين من هذه العناصر في تعريف الأمة .
في دراسته الواسعة عن نشوء القوميات يذكر (بويد شيفر) "أن الشعور الوطني بمعنى الإخلاص للأمة لم ينتشر انتشاراً كبيراً ويصبح حركة شعبية في أوروبا الغربية إلا حوالي نهاية القرن الثامن عشر في عهد الثورة الفرنسية ، ولم يصبح شعوراً حاداً وفعالاً في الإخلاص للجماعة القومية والدولة القومية بالنسبية لمعظم الناس إلا خلال النصف الأول من القرن العشرين"(1) .
الماركسية ربطت في البداية ظهور القومية بصعود الطبقة البرجوازية ومحاولتها الاستيلاء على السوق. وهنالك من ربطها باللغة (فيخته) أو بالعرق (غوبينو وتشمبرلن)، وهناك من ربطها أيضاً بالإرادة أو المشيئة المشتركة (رينان) وهنالك من ربطها بالعامل السياسي أو الجغرافي أو الثقافي. ويرى غوستاف لوبرن "أن وراء شخصية كل أمة روح العرق الثابتة التي تحرك مصير الأمة بنفسها"(2) .
وفي الحقيقة ، فقد اختلطت في مفاهيم الأمة القومية أساطير وخرافات وأوهام كثيرة .
انطلقت مفاهيم الأمة والقومية في الغرب محمّلة بالكثير من التطرف والعنصرية والاستعلاء والشوفينية. يقول بويد شيفر "أن المفكرين في كل جماعة من الجماعات الأوروبية الكبيرة كانوا يقولون للمواطنين بأن لهم الحق بأن يعتبروا أنفسهم شعب الله المختار"(3) .
وقد أصدر الدكتور ناصيف نصار كتاباً هاماً هو "تصورات الأمة المعاصرة"، وهو دراسة تحليلية لمفاهيم الأمة في الفكر العربي الحديث والمعاصر، ويدرس في هذا الكتاب "ما أنتجه الفكر العربي الحديث والمعاصر من تعريفات للأمة"، ويوزعها على أربعة مجموعات كبرى هي: مجموعة التصورات الدينية، ومجموعة التصورات اللغوية، ومجموعة التصورات الإقليمية، ومجموعة التصورات السياسية(4) .
يرى أنطون سعاده أن "الأمة واقع اجتماعي بحت"(5) ، وإيضاح الواقع الاجتماعي والحقائق الاجتماعية ليس صعباً في نظره. فما هو سبب تعارض وتناقض النظريات التي تدور حول مفهوم الأمة؟ يجيب سعاده بالقول: "السبب في ذلك أن الأمة تنطوي على عنصر هام، بل حيوي لها مفقود من المتحدات الأخرى هو العنصر السياسي. فالكلام على الأمة يكاد لا يخلو من عصبية القومية أو الوطنية أو من الأغراض السياسية (..) تنازع النظريات بين الأمم يمتد إلى تنازع النظريات ضمن الأمة الواحدة، لما تشتمل عليه الأمة من طبقات وجماعات يكون لبعضها مطامع ومصالح خاصة(6) .
إن مقاربتنا فكر أنطون سعاده في مفاهيم الأمة والقومية تنطلق من تحليلنا لما كتبه في هذا المجال في "نشوء الأمم" الكتاب العلمي الذي صدر سنة 1938 وهو مخصص لدراسة نشوء الأمم وتعاريف الأمة، إضافة إلى سائر كتاباته المتنوعة، والتي نجد في معظمها أبحاثاً ونظرات وتعريف تتعلق بمفهومي الأمة والقومية، سواء على المستوى النظري العام، أم على المستوى الخاص، في رؤيته للأمة السورية، وفي السجالات الفكرية والسياسية مع دعاة "القومية اللبنانية" ودعاة "القومية العربية" ودعاة "الدولة الدينية" .
يقول الدكتور ناصيف نصار "لا نجد في تاريخ الفكر العربي الحديث مؤلفاً أو مناضلاً، قبل سعاده اهتم بمفهوم الأمة اهتماماً نظرياً مطولاً ومتكاملاً كما فعل هو"(7) .
إن تصور أنطون سعاده (1904 – 1949) لمفاهيم الأمة والقومية يستند برأينا إلى مستويين منهجيين :
المستوى الأول خاص ينطلق من واقع "أمته" .
المستوى الثاني عام ينطلق من دراسة علمية دقيقة لمعرفة أسس الاجتماع البشري بشكل عام، وكيفية تطوره وتحديد عوامل نشوء الأمم .
يقول سعاده: "إن نشوء الأمم كتاب اجتماعي علمي بحت تجنبت فيه التأويلات والاستنتاجات النظرية وسائر فروع الفلسفة، ما وجدت إلى ذلك سبيلاً، وقد أسندت حقائقه إلى مصادرها الموثوقة .واجتهدت الاجتهاد الكلي في الوقوف على أحدث الحقائق الفنية التي تنير داخلية المظاهر الاجتماعية وتمنع من إجراء الأحكام الاعتباطية عليها(8) .
ولا شك أن المستوى المنهجي العام مرتبط بالمستوى المنهجي الخاص ومتفاعل معه .
إن أنطون سعاده هو ابن جبل لبنان من ضهور الشوير، هو يعتبر نفسه سورياً. وكان هذا شعوراً عفوياً وطبيعياً عند جميع سكان بلاد الشام على اختلاف انتماءاتهم المذهبية، وقد عبّر عنه المؤرخون والأدباء والشعراء بشكل تلقائي. ولم يتراجع هذا الشعور العام إلا بعد مضي سنوات طويلة على ترسيخ الكيانات السياسية الحديثة الناتجة عن تقسيم سوريا الطبيعية تطبيقاً لاتفاقية سايكس – بيكو المعقودة 1916 بين فرنسا وبريطانيا.
يقول سعاده في رسالة بعثها من سجن الرمل في 10 كانون الأول 1935 إلى المحامي حميد فرنجية: "كنت حدثاً عندما نشبت الحرب الكبرى سنة 1914، ولكني كنت قد بدأت أشعر وأدرك. وكان أول ما تبادر إلى ذهني، وقد شاهدت ما شاهدت وشعرت بما شعرت وذقت ما ذقت مما مني به شعبي، هذا السؤال: "ما الذي جلب على شعبي هذا الويل؟ " .. وكان أن سافرت سنة 1920 وقد بعثت الأحقاد المذهبية من مراقدها، والأمة لما تدفن أشلاءها بعد … وبديهي أني لم أكن أطلب الإجابة على السؤال المتقدم من أجل المعرفة العلمية فحسب، وإنما كنت أريد الجواب من أجل اكتشاف الوسيلة الفعالة لإزالة أسباب الويل، وبعد درس أولي منظم قررت أن فقدان السيادة القومية هو السبب الأول في ما حل بأمتي وفي ما يحل بها. وهذا كان فاتحة عهد درسي المسألة القومية ومسألة الجماعات عموماً والحقوق الاجتماعية وكيفية نشوئها. وفي أثناء درسي أخذتْ أهمية معنى الأمة وتعقدها في العوامل المتعددة تنمو نموها الطبيعي في ذهني"(9).
في معنى الأمة
وردت كلمة أمة في القرآن الكريم بصيغة المفرد والجمع اكثر من ستين مرة .
- تدل كلمة امة على الحين أو الوقت :
"ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة" سورة هود(8) .
و"قال الذي نجا منهم وادّكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله" سورة يوسف(45) .
- تدل كلمة أمة على الإمامة ، والإمام كما جاء في لسان العرب تعني المثال ، وهو الطريق ، وهو الرجل الجامع للخير .
"إن إبراهيم كان أمة قانتاً الله حنيفاً ولم يك من المشتركين" سورة النحل(120) .
"إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون" سورة الزخرف (22) والأمة هنا هي الطريقة وهي مرتبطة بمفهوم الإمام .
- تدل كلمة الأمة على الجماعة .
جماعة من الناس أو من البهائم .
"وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم" سورة الأنعام (38) .
ب. جماعة من الناس، وهو المعنى الغالب في الاستعمال، وقد تكون هذه الجماعة من الناس غير متفقة على دين .
"كذلك لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن" سورة الرعد(30) .
"وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم" سورة العنكبوت(18) .
"ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك، فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون" سورة الأنعام(42) .
وقد تكون هذه الجماعة من الناس من المتفقين على دين واحد، وقد تأتي كلمة أمة بمعنى "الجزء من الجماعة الكبيرة". بهذا المعنى يمكن أن نقول أمة المسلمين وأمة المسيحيين وأمة أهل الفكر وأمة أهل صنعة معينة ،.. وغير ذلك .
يتبنى أنطون سعاده المعنى اللغوي للفظة "أمة" كما وردت في القرآن الكريم والقواميس العربية، ويقول في بحث كتبه عن "معنى الأمة وصفتها"، ونشره في مجلة "المجلة" في بيروت في آذار 1933: "المعنى اللغوي للفظة "أمة" العربية لا يفيد الالتباس العنصري الذي يفيده معنى لفظة "ناسيون Nation" المأخوذة من اللفظة اللاتينية Natio التي معناها المولود أو الولادة أو النسل، فمعنى لفظة الأمة في القاموس هو الجماعة من الناس بقطع النظر عن الولادة والنسل ومصطحباتهما"(10) .
وفي تعريف سعاده للأمة الذي جاء تتويجاً لدراسته للتطور الاجتماعي وعوامل نشوء الأمة، يقول: "الأمة جماعة من البشر تحيا حياة موحدة المصالح، موحدة المصير، موحدة العوامل النفسية – المادية في قطر معين يكسبها تفاعلها معه، في مجرى التطور، خصائص ومزايا تميزها عن غيرها من الجماعات"(11) .
عناصر الأمة حسب مفهوم سعاده
يعتمد سعاده في نظرته حقائق الوجود الإنساني متجنباً أي مصادرة ميتافيزيقية أو تأويل أو تصور ينافي الواقع ويغاير الحقيقة. ويقول بهذا الخصوص: "في كل النواميس التي نكتشفها يجب أن لا ننسى أننا نستخرج النواميس من الحياة، فيجب أن لا نجعلها تتضارب مع المجرى الطبيعي الذي نعرفه بها. فكوننا اكتشفنا ناموسا أو ناموسين من نواميس الحياة العامة يجب أن لا يحملنا على نسيان الواقع الطبيعي ونواميسه الأخرى. وإذا كنا قد اكتشفنا سنة التطور فيجب أن لا نتخذ من هذه السنة أقيسة وهمية تذهب بنا إلى تصورات تنافي الواقع"(12) .
تقوم نظرة سعاده على منهج التفاعل الدينامي بين الإنسان والبيئة، فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي أقام علاقة تفاعلية مع الطبيعة: "فالأرض تكيّف الإنسان وهو بدوره يرد الفعل ويكيّفها – يكيّف الإنسان الأرض، ولكن الأرض نفسها تعين مدى هذا التكيّف وأشكاله حسب بيئاتها الإقليمية"(13) .
وظهور الفكر في الإنسان هو الذي سمح بإقامة العلاقة التفاعلية مع البيئة. "وما المجتمع الإنساني العصري المتمدن إلا نتيجة أو حاصل الثقافات المتوالية على الإنسان التي ولدها التفاعل المستمر بين الإنسان وبيئته"(14) .
الأمة هي معطى تاريخي اجتماعي، إنها "شيء تكوّن مع مرور الزمن، وعمل على تكونه فكر وشعور وإرادة العقول البشرية(15)، ويتساءل سعادة قائلا: "المجتمع الإنساني ليس الإنسانية مجتمعة، ومن يدري هل يقدّر للإنسانية أن تصير مجتمعا واحدا". (16)
يقول أيضاً : "الأمة متحد اجتماعي أو مجتمع طبيعي من الناس قبل كل شيء آخر، وكل ما مر آنفاً من العناصر هي أوصاف للامة ناشئة من مجرى حياتها وتاريخها، وهي قابلة التطور والتكيف، فقد تتعاقب الأديان ويتحول الأدب وتتبدل العادات وتتعدل التقاليد وترتقي الثقافة في أمة من الأمم من غير أن يشوب سنة نشوء الأمم شائبة، ومن غير أن ينتفي وجود الأمة، إلى أن تزول الأمم والقوميات من الوجود ويصبح العالم كله متحداً اجتماعياً واحداً لا تفصل بينه فواصل أرضية أو اجتماعية أو اقتصادية"(17) .
ما هي عناصر الأمة؟
يناقش سعاده مجموعة التعاريف التي تتناول فكرة الأمة لعدد من المفكرين الاجتماعيين: رينان – دور كهايم – ايوانوف – شبنقلر – غفن ايرن – هردر .
ويحلل ما يعتبرونه عناصر الأمة : مثل الأرض والأصل والعنصر السياسي واللغة ، والدين ، والثقافة ، والعادات ، والتقاليد ، والأدب ، وغيرها …
ويعتبر أن أول تحديد وضع لتعيين ماهية الأمة وإيجاد صورة ذهنية منطقية لها هو التحديد الذي أعلنه بسكال منتشيني سنة 1851، وهذا نصه: "الأمة هي مجتمع طبيعي من الناس ذو وحدة أرضية (جغرافية) وأصلية ووحدة عادات، ولغة خاضع للاتحاد في الحياة والوجدان الاجتماعي"(18) .
أ.عنصر الأرض
يعتبر سعاده أن تقسيم الأرض إلى بيئات هو السبب المباشر لتوزع النوع البشري جماعات: فالبيئة كانت ولا تزال تحدد الجماعة، لأن لكل بيئة جغرافيتها وخصائصها. وتحدد البيئة الجماعة من عدة وجوه: حدود الإقليم، طبيعة الإقليم وشكل الإقليم(19) .
لكن مع إعطاء سعاده أهمية كبير للبيئة، فهو يرفض مذهب الحتمية الجغرافية، ويعتبر "أن الطبيعة والجغرافيا، مع أنهما تميزان الجماعات تمييزاً واضحاً فإنهما فيما يختص بتاريخ الجماعة، لا تقدمان الاضطراريات إلا نادراً، وفي حالات استثنائية، ولكنهما تقدمان الإمكانيات. إن التاريخ غير مكتوب في طبيعة الأرض"(20) .
ويقول: "إن الحدود الطبيعية ليست من التمام بحيث تفصل فصلاً تاماً بين أي قطر وكل قطر، ولكن هذه الحدود تقلل الاتصال سواءاً كان سلمياً أم حربياً، وتصعب التداخل والاختلاط الاجتماعيين مع الخارج بقدر ما تسهل اشتبـاك الجماعات فـي الداخل واتحادها"(21) .
أعطي سعاده أهمية للبيئة أكثر من الحدود من حيث هي مركز الاجتماع والتكتل لتكون البيئة الاجتماعية، والبيئة الجغرافية هي التي توجد الإمكانيات لنشوء المراكز العمرانية التي تتألب عليها قوات المجتمع ويحتشد فيها نتاجه الثقافي، فتتكون البيئة الاجتماعية(22) .
أهمية البيئة الجغرافية إذن هو في كونها حيزاً لإنشاء المراكز العمرانية وفي تسهيلـها لإقامة العمران الواحد المتشابك والمترابط ضمنها .
ويرى سعاده أن "كل متحد له مراكز تجمع مشتركة تضاعف عوامل الحياة وظواهرها، وتقل كثافة السكان كلما ابتعدت عنها، فهي الكتل المغناطيسية التي تجذب ما حوله إليها"(23) .
ويعتبر أن هذا القول يصدق على سورية كما يصدق على فرنسا وعلى أي بلاد أخرى. ولهذا السبب يقول سعاده "إن ترابط القرى والمدن والأوردة الزراعية في سورية الطبيعية كلها، لا يسمح مطلقاً بالتفكير بتجزئة الأمة السورية إلى أمم، والشعب السوري إلى شعوب"(24) ويقول "لو كانت القاهرة واقعة بين القدس وقناة السويس ، وقرى مصر ومزارعها واقعة في شبه جزيرة سيناء وما حولها بحيث يكون هنالك عمران واحد في بيئة واحدة، هي بيئة القطر السوري، أكان في الإمكان حينئذٍ التكلم عن القطرين سورية ومصر"(25) .
انطلاقاً من هذا الفهم للبيئة الجغرافية، والبيئة الاجتماعية القائمة ضمنها، يؤكد سعاده على ترابط الأمة والوطن "فالأمة ليس لها كيان إلا في وطنها، بل كثيراً ما يكون المحيط أو الوطن العامل الأساسي في إكساب الأمة صفة معلومة تميزها عن غيرها"(26) .
ب. عنصر الأصل
يعتبر سعاده أن الحقائق العلمية تؤكد أن الادعاء بنقاوة الأصل شرطاً للارتقاء العقلي هي نظرية فاسدة، والحقيقة أنه ليس لأمة من الأمم أصل سلالي واحد. وكل أمة مؤلفة من مجموعات عنصرية متنوعة أي أنها مزيج من سلالات بشرية مختلفة(27) .
في شرحه للمبدأ الأساسي الرابع يقول: "إن مبدأ القومية السورية ليس مؤسساً على مبدأ الوحدة والسلالة، بل على مبدأ الوحدة الاجتماعية الطبيعية لمزيج سلالي متجانس"(28) .
وفي خطاب ألقاه في النادي الفلسطيني في بيروت 1933 يقول: "إن الأمة التي تنشأ على الأخوّة القومية الحقيقية ، المتولدة من الاشتراك الفعلي في الحياة الواحدة في الوطن الواحد، أمة تستغني بالانتساب إلى حقيقتها، عن الانتساب إلى أوهامها، فالأوهام تزول ولا يبقى إلا الحقيقة. إننا أمة ليس لأننا نتحدر من أصل واحد، بل لأننا نشترك في حياة واحدة"(29).
يعتبر سعاده أن المزيج السوري هو عدة أصول ،.. وجودها وامتزاجها حقيقة علمية تاريخية لا جدال فيها. وهذه الأصول هي: الكنعانية – الكلدانية – الآشورية – الآمورية – الآرامية – الحثية ، والتي لم يزدها دخول العنصر العربي إلا وحدة وبروزاً(30) .
ويرى سعاده أن "الحياة جبلت هذه الأصول جبلة واحدة، فاشتركت هذه الأصول في الحياة الجيدة والصعبة وعملت وأجابت على محرضات البيئة أعمالاً وإجابات مستمرة خلال أجيال وأدهار كونت نفسية خاصة وطابعاً فيزيائياً خاصاً مستقلاً"(31) .
ويرى أنه "في طور انحطاط سورية الأخير، دخلت سورية منذ زمان، هجرات كبيرة كما خرجت منها هجرات كبيرة. وهذا التحول من تركيب سورية الاثنولوجي، اوجد اضطرابات في حياة سورية الاجتماعية، وفي نفسيتها الاجتماعية. وفي هذه الحالة من عدم الاستقرار تفسخت وحدة الشعب السوري النفسية، خصوصاً بما اختلط مع هذا التداخل الاثنولوجي من تداخل ديني وروحي"(32) .
ويؤكد سعاده أن الأصل الوحيد للأمة هو وحدة الحياة على تعاقب الأجيال، وهي الوحدة التي تتم دورتها ضمن القطر(33)
ج.عنصر اللغة :
يعتبر سعاده أن اللغة من حيث هي وسيلة للتخاطب والتفاهم البشري في المجتمع ،.. هي من ضرورات الاجتماع الإنساني الداخل فيه العقل والنفس. ولا بد للأمة من لغة واحدة تسهل الحياة الواحدة وتؤمن انتشار روحية واحدة تجمع آدابها وفنونها وعواملها النفسية وأهدافها ومثلها العليا(34) ويرى أنه لا فرق بين أن تكون اللغة الواحدة مختصة بالأمة الواحدة أو مشتركة بين عدد من الأمم ، لأن الهام للأمة في اللغة هو ما تحمله من صور حياتها وحاجاتها النفسية والمادية وما هو من خصوصياتها لا أشكال ألفاظها القاموسية(35) .
وحدة اللغة بنظـره لا تقرر الأمـة ، ولكنهـا ضرورية لتماسك الأمة .
ويرفض سعاده أن تكون الأمة لغة . ويتساءل: هل الأمة لغة ؟ وهل يمكننا أن نوزع الأمم على اللغات، فنجعل كل جماعة بشرية تتكلم لغة واحدة أمة واحدة ؟ ويجيب: "لا شك أن النفي هو الجواب الصحيح على هذين السؤالين، إذ يمكن أن تتألف الأمة الواحدة من جماعة من البشر لا تتكلم لغة واحدة (سويسرا وبلجيكا). ومن الجهة الأخرى نرى أن أمماً متعددة تشترك في لغة واحدة، كالأمم التي تتكلم اللغة الإنكليزية أو العربية أو الإسبانية"(36) . وفي مقال له بعنوان "انتصار القومية السورية يحقق الجبهة العربية القوية" يرد سعاده على الذين يربطون الأمة باللغة والدين فيقول: "الأمة ليست لغة ولا ديناً ما، بل هي واقع اجتماعي – هي مجتمع إنساني وأرضي . فلو أطلقت لغة واحدة في العالم كله لما جمعت العالم أمة واحدة، ولو أطلقت فيه مذهباً دينياً لما صار أمة واحدة. فلا اللغة ولا الدين ولا الاثنان معاً، يجعلان الناس أمة واحدة، أي مجتمعاً ذا شخصية سياسية. هذه أمم العالم الإسباني، فإنها تتكلم لغة واحدة، وتدين بالمذهب الكاثوليكي الواحد، وجميعها إلى ذلك، من اصل واحد إسباني، وهي مع ذلك أمم لا أمة، لأنها مجتمعات لا مجتمع واحد. وعلى هذا القياس نقيس العالم اللاتيني والعالم الانكلوسكسوني والعالم الجرماني والعالم الصقلي والعالم العربي، مع العلم، أن روابط العالم الإسباني اللغوية والدينية والدموية أيضاً، هي أقوى كثيراً في ذاتها، من الوجهة التاريخية والوجهة النفسية، من روابط العالم العربي والعوالم الأخرى باستثناء العالم الانكلوسكسوني"(37) .
د.عنصر الدين
يعتبر سعاده أن الدين ظاهرة نفسية عظيمة الخطورة من ظواهر الاجتماع البشري. ولكن الدين في أصله لا قومي ومناف للقومية وتكوين الأمة ، لأنه إنساني ذو صبغة عالمية(38) .
ولا يوجد في الدين أمة وقوميات، بل رابطة المؤمنين بعضهم ببعض بصرف النظر عن الأجناس والبيئات(39) .
يقول سعاده إن المؤسسة الدينية تعتبر نفسها حاملة رسالة كاملة كلية(40) . وهذه النزعة الكلية في المؤسسات الدينية ظهرت في جميع الأديان على السواء في أطوار الإنسان الأولى . والمؤسسات الدينية لا تقبل أي اعتراض على مركزيتها. وحيثما وجد مركز السلطة الدينية، إلى ذلك المركز يجب أن يتجه مجموع المؤمنين(41) .
في رسالته إلى غسان تويني يقول سعاده: "إن العقيدة السورية القومية الاجتماعية ضمنت لجميع أفراد المتحد وأعضاء الدولة القومية الاجتماعية حرية الاعتقاد الخارج عن حد العقيدة القومية الاجتماعية، حرية الضمير والجهر بالمعتقدات، بشرط المحافظة على وحدة الأمة والدولة، وعلى النظام الذي به تتم إرادة الأمة وغرض الدولة وحرية العمل الاجتماعي لممارسة طقوس المعتقدات المتعلقة بما وراء المادة، بشرط أن تلزم هذه الأعمال حدودها الغيبية، ولا يكون غبار على أنها تتعدى تلك الحدود إلى ما هو من شؤون الدولة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحقوقية والقضائية، وإلى القول بحرمان أعضاء الدولة وأفراد المجتمع، الذين هم من معتقد مخالف، من حقوقهم المدنية والسياسية، والى محاولة فرض أشكال سياسية خصوصية للدولة وشروط خصوصية لنظامها السياسي"(42) .
ويرى سعاده "أن الوحدة القومية لا يمكن أن تتم على أساس جعل الدولة القومية دولة دينية، لأن الحقوق والمصالح تظل عندها حقوقاً ومصالح دينية، أي حقوق ومصالح الجماعة الدينية المسيطرة. وحيث تكون المصالح والحقوق مصالح وحقوق الجماعة الدينية تنتفي الحقوق والمصالح القومية التي تعتبر أبناء الأمة الواحدة مشتركين في مصالح واحدة وحقوق واحدة. وبدون وحدة المصالح ووحدة الحقوق لا يمكن أن تتولد وحدة الواجبات ووحدة الإرادة القومية"(43) .
لذلك يعتبر سعاده "أن فكرة الجامعة الدينية السياسية منافية للقومية عموماً، وللقومية السورية خصوصاً، فتمسك السوريين المسيحيين بالجامعة الدينية يجعل منهم مجموعاً ذا مصلحة متضاربة مع مصالح مجاميع دينية أخرى ضمن الوطن، ويعرض مصالحهم للذوبان في مصالح الأقوام التي تربطهم بها رابطة الدين . وكذلك،.. فإن تشبث السوريين المحمديين بالجامعة الدينية يعرض مصالحهم للتضارب مع أبناء وطنهم الذين هم من غير دينهم،.. والتلاشي في مصالح الجامعة الكبرى المعرضة أساساً لتقلبات غلبة العصبيات، كما تلاشت في العهد العباسي والعهد التركي"(44) .
هـ . الثقافة
يرى سعاده أن المظاهر الثقافية العمومية كاللغة والدين والعادات والتقاليد والتاريخ والأدب هي كلها من مظاهر المتحد الاجتماعي الأتم الذي هو الأمة. وكل ما يقال عن صفات المتحد بشكل عام كالعادات والتقاليد واللهجات والأزياء، وما شاكل هي نتيجة. فالصفات تتبع المتحد، لا المتحد الصفات. وهي ناجمة عن الاشتراك في الحياة الواحدة، وهي ناجمة عن الاشتراك في الحية الواحدة. وهي غير ثابتة لأن كل تطور ثقافي في أمة من الأمم يولد تقاليد جديدة. وقد تشترك عدة أمم في بعض هذه الصفات "أما التاريخ فهو سجل مجرى حياة الأمة، وهو في القومية،.. في روحية الأمة ووجدانها. ووحدة الأمة هي التي تعين التاريخ القومي"(45).
أما الثقافة بمعنى Culture فهي "مجمل العلوم والفلسفات التي تتناول الحياة وما له علاقة بها. وما يحصل من ذلك من مستوى عقلي واتجاهات فكرية واعتقادات مناقبية وإدراك للشؤون النفسية والمادية"(46) .
ويعتبر سعاده أن هذه الثقافة هي ذات طبيعة عامة كطبيعة الدين، فهي ليست شيئاً خاصاً، بل شيئاً عاماً يتفاوت في الدرجات بين الأقوام. وجميع الأقوام المتمدنة يشتركون في ثقافة واحدة عامة دورها هو الدور العصري. ولكن كل أمة من هذه الأمم تحتفظ لنفسها بأسلوبها الأدبي أو الفني الخاص في ما تعطيه لهذه الثقافة . ويجوز أن يكون لكل أمة بعض مظاهر ثقافية خاصة(47).
ويقول سعاده في تحليله للثورة الصناعية ونتائجها "بوجود هذه الحياة ووسائلها يمكن الآن ملايين البشر أن يفكروا في قضايا الإنسانية الحيوية والاجتماعية مستقلين ومشتركين، وأن يشتركوا في ثقافة إنسانية عامة يدهش المفكر لألوانها المتعددة تعدد القوميات والخصائص النفسية التي تنكشف عنها في أمم عددها عدد البيئات"(48).
هـ. العامل السياسي
بالرغم من أن سعاده يعتبر أن الأمة هي واقع اجتماعي بحت، وأن درس الأمم ونشوئها هو درس اجتماعي لا سياسي، فهو يؤكد علّى أن الأمة تنطوي على عنصر هام، بل حيوي لها، هو العنصر الأساسي. وفي شرحه لنشوء الدولة وتطورها يقول "الدولة هي التي صهرت جماعات متباينة في بوتقة واحدة وكونت من المزيج وحدة نظامية حيثما مكنت من ذلك البيئة ووجهة الحياة"(49).
والدولة هي التي تشكل المجتمع وتعين مداه وتكيف شؤون حياته وتمثل شخصيته. والمقصود بالمجتمع هنا هو المجتمع الطبيعي الذي تسهل بيئته الجغرافية إقامة الدورة العمرانية الواحدة ووحدة الحياة .
"فالدولة من حيث هي نطاق قد يتسع حتى يشمل ما هو أوسع من المجتمع الطبيعي فيكون مجتمعاً مصطنعاً من مجتمعين طبيعيين وأكثر". (50)
والدول التي سادت في التاريخ هي غالباً دول إمبراطورية سيطرت على عدة مجتمعات، ولكنها لم تستطع أن تجعل منها مجتمعاً واحداً
أما الدولة القومية فهي حديثة العهد، وهي عصر جديد يسميه سعاده عصر الديمقراطية ونشوء القومية. ويقول: "القومية هي التي عينت شكل دولة البلاد العصرية ووسعت دائرة المساهمة في الدولة أو معدوديتها إلى حدود لم تكن معروفة من قبل"(51) ويقول أيضاً "كانت الدولة قبل نشوء القومية إرادة خصوصية تفرض نفسها على المجموع الذي تشمله، أما بعد نمو القومية فقد أصبحت النظام والهيئة الممثلين لإرادة الأمة"(52).
و.المتحد والاشتراك في الحياة الواحدة .
في تحليل سعاده للأمة وتحديده لها من خلال تحديده مفهوم المتحد الاجتماعي،.. وذلك في الفصل السابع من كتاب نشوء الأمم، اعتبر أن الأمة هي أتم متحد لذلك، فمقولة المتحد هي أساس في مفهوم سعاده للأمة .
ويتبنى سعاده تعريف ماك أيفر للمتحد "أنه كل مساحة تشتمل على حياة مشتركة، وتكون متميزة عن المساحات الأخرى تميزاً لا تصح بدونه تسمية المتحد"(53) وشرط المتحد بنظر سعاده ليس أن يكون مجموعاً عددياً من ناس مشتركين في صفات النوع الإنساني فحسب، بل مجموعا متحداً في الحياة(54) ويعتبر أن التشابه العقلي والفيزيائي نتيجة لا سبب، لأنه ناتج عن الاشتراك في الحياة الواحدة .
القرية متحد، والمدينة متحد، والمنطقة متحد، والأمة هي المتحد الأتم. ونلحظ في البيئة الاجتماعية الواحدة ترابط المتحدات وتشابكها، وتشكّل المدن الكبرى كتلاً مغناطيسية تجذب المتحدات الصغرى بحكم تفاعل الأعمال وتفاعل المصالح المادية والنفسية لأبناء هذه المتحدات .يؤكد سعاده على فكرة رئيسية هي "الاشتراك في الحياة"، فالاشتراك في الحياة الواحدة يولد اشتراكاً في العقلية والصفات، وعدم الاشتراك في الحياة يوهي أشد الروابط متانة كالرابطة الدموية(55)
يقول أيضاً : "الاشتراك في الحياة الواحدة هو ما يعمى عنه عدد وافر من الكتاب والدارسين حين يتكلمون عن المتحد على أنه مجرد جماعة لها صفات مشتركة من عادات وتقاليد ولهجات، حتى أنهم يجعلون هذه الصفات الأساس الذي يقوم عليه المتحد"(56).
ويؤكد في كتاباته على مقولة الاشتراك في الحياة الواحدة ، فنحن أمة واحدة ليس لأننا من أصل واحد . نحن أمة واحدة لأننا نشترك في حياة واحدة .
"المكان والحياة الواحدة ، شرطان لكيان الأمة ونشوء القومية"(57).
"نعتبر الأمة أمراً واحداً : إنه وحدة الحياة التي جمعت مجمل العناصر الأساسية التي تتركب منها، ودمجتها بعضها ببعض، فكونت منها حياة واحدة، متفاعلة، موثقة، أي مجتمعاً واحداً موحد الحياة والمصير"(58).
من هذا المنطلق ينظر سعاده إلى العالم العربي فيتبنى العروبة الواقعية، ويضع إنشاء الجبهة العربية الواحدة في نص غاية الحزب، وهي المادة الأولى في دستور الحزب، إذ يقول "العروبة الواقعية هي العروبة التي تقول بالعالم العربي أمماً وشعوباً لكل منها خصائص ومقومات ووحدة حياة وإمكانيات، فعلى كل أمة أن تعي وجودها وحقيقتها وأهدافها ومصالحها وأن تنهض معتمدة على نفسها، ثم تعمل على التعاون مع الأمم الأخرى "(59) .
ولهذا السبب يعتبر سعاده "أن الدولة اللبنانية هي شخصية سياسية لا تقوم في قطر قائم بنفسه من الأرض بالمعنى الجغرافي الطبيعي، ولا في كيان منفصل في وحدة حياته الاجتماعية الاقتصادية – الروحية – التاريخية .
فالشعب اللبناني مندمج في وحدة حياة الشعب السوري،.. لأنه من صميم هذه الوحدة الحياتية "(60) .
ح. القومية
القومية عند سعاده ليست عصبية إتنية أو ما شابه ذلك ، "القومية هي يقظة الأمة وتنبهها لوحدة حياتها ولشخصيتها ومميزاتها ، ولوحدة مصيرها ، إنها الروحية الواحدة ، أو الشعور المنبثق من الأمة ، من وحدة الحياة في مجرى الزمان"(61) .
ويرفض كل فكرة قومية بلا أساس من وطن، كما يرفض أن تؤسس القومية على مبدأ كره الأجانب، ويقول في رسالته إلى غسان تويني "أما نحن فأننا في بداءة وعينا القومي، وفي اشد الحاجة لإدراك شخصيتنا وجمال نفسيتنا الأصلية، ولتوليد ثقتنا بنفسنا، ولمعرفة حقنا وفهم خيرنا، ولا خوف علينا من الانعزال،.. لأن خطط نفسيتنا الأصلية ليست في هذا الاتجاه"(62).
يؤسس سعاده القومية على أساس الثقة بالنفس "ليست القومية إلا ثقة القوم بأنفسهم واعتماد الأمة على نفسها"(63). فعلى أساس وحدة المصالح ووحدة الحقوق والواجبات ،.. على أساس العدل الاجتماعي – الحقوقي والعدل الاقتصادي – الحقوقي ينظر سعاده إلى القومية ويدعو إليها .
|
||||
|
||||
|
(38) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 174 .
(39) أنطون سعاده – المحاضرات العشر ص 116 .
(40) أنطون سعاده – المحاضرات العشر ص 114 .
(41) أنطون سعاده – المحاضرات العشر ص 116 .
(42) أنطون سعاده – شروح في العقيدة ص 47 – بيروت 1958 .
(43) أنطون سعاده – المحاضرات العشر ص 119 .
(44) أنطون سعاده – المحاضرات العشر ص 117 .
(45) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 167 .
(46) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 177 .
(47) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 177 .
(48) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 86 .
(49) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 105 .
(50) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 162 .
(51) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 131 .
(52) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 140 .
(53) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 144 .
(54) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 145 .
(55) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 145 .
(56) أنطون سعاده – القومية الاجتماعية ص 17 .
(57) أنطون سعاده – القومية الاجتماعية ص 17 .
(58) أنطون سعاده – المحاضرات العشر ص 68 .
(59) أنطون سعاده – القومية الاجتماعية ص 190 .
(60) أنطون سعاده – المحاضرات العشر ص 194 .
(61) أنطون سعاده – نشوء الأمم ص 180 و181 .
(62) أنطون سعاده – شروح في العقيدة ص 70 .
(63) أنطون سعاده – المحاضرات العشر ص 31 .