مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
موطني
 
النزق، زكية سكاف
 

 

 

وطنيتنا تعكس مودةً صافيةً ورابطةً إجتماعيةً مبنيةً على قيمٍ إنسانيةٍ ومناقب أخلاقيةٍ تلقّفناها من وطننا، وزرعت في عقولنا الفكر المُدرك والوجدان القومي، ونفحت فينا التّفاني والولاء لتلك الأرض التي شهدت طفولتنا، وترعرعنا في رُبوعها. وبالتالي هذه الوطنية تستحثّنا على الإرتباط  ببلادنا واضعةً حبها خفاقاً في قلوبنا وعزّتها مَراماً في  نفوسنا.

 

في غربتنا، نحن نحب ونحترم ونقّدر البلد الجديد الذي نقطنه الآن. لكننا لم ننس وطننا الأمّ الذي يؤلمنا مرارة بعده، ويحرق فؤادنا لظى الحنين إليه، والعودة إلى رحابه يبقى حلمنا الأجمل.

 

يا وطني، وإن أدْبرنا عن ترابك أعواماً، لا تسأل قلوبنا كم هي مشتاقة إليك، بل الأحرى، سَلْ النسائم العليلة التي تئن من ثقل وزن أشواقنا حين تحملها إليك.

 

الثبات في وفائنا تعزّز من نواة محبتنا التي نمّت إخلاصنا لوطننا وعملنا على رِفعته وكرامته، وأيضاً من مثلنا العليا التي صلّبت قوّتنا وجرأتنا في مجابهة الصعوبات. إنّ أسسنا تسمح لنا بهذا، مثلما الأزهار تزهو عندما تنمو على جذورٍ خصبةٍ.

 

حينما نسكن في وطننا فهو يستوطن قلوبنا، وإن غادرناه ففي محور صدورنا نُسكنه مرصعاً بحبنا.

 

يستحيل حجب حب الوطن عن أبنائه. فلا السجن يقتلعه من مكانته في القلوب، وهذا ما وجدناه عند نيلسون ماندلا، القائد السياسي والثوري المناهض ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. مع إنه مكث في السجن لمدة 27 عاما، عبثاً، فجدران الزنزانة و ظلمتها ضاعفان تعلّقه بتراب وطنه، وتعاطفه مع حقوق شعبه. قال : "أما جسم الانسان فيتكيف مع أية ظروف قاسية.... أما المعتقدات الراسخة فهي سبيلنا للبقاء في ظروف الحرمان."

 

علاوة على كذلك، لا الإغتراب يتمكّن من اندثار حب الوطن. مثالاً على ذلك أنطون سعادة، مؤسس الحزب السوري القومي الإجتماعي، الذي عانى من صعوبة وكرب الإبتعاد القسري عن الوطن سنين. رغم هذا، فهو صمد للهجر كإلماسة صلبة في تحدّي الضغوط، ولقّن الغربة عِبَرةً في الوفاء مثبتاً عجزها في زعزعة إيمانه بمبادئه وحبه لأبناء شعبه، أو في إحباط عمله على بناء نهضة قومية منظمة تهدف إلى توعية الأجيال القادمة. من أقوال الزعيم: "أمي وبلادي ابتدأتا حياتي وستلازمانها إلى الإنتهاء. فيا أيها الإله أعني لأكون باراً بهما... نحن لسنا مستسلمين. نرى في الحياة متاعب ونرى أننا قادرون على حمل المتاعب والإنتصار عليها."

 

إنّ أفكارنا، المتشبعة بمبادئ الحق والخير والجمال، تُعيننا أن نحيّا حياةً مزدهرةً يَربو الأخلاق في صميمها، وأن نعدّ أنفسنا لنكون أعضاءً فعالةً في المجتمع، مستنبطين ما لدينا من قوة وفاعلين بها حتى نحقّق غاياتنا النبيلة.

 

مشاعرنا تجاه بلادنا هي راسخةٌ، تتغذى من معتقداتنا وإيماننا في قضيتنا، ومشدّدةٌ أزرنا مع أبناء وطننا. فنوّحد قلوبنا وقدراتنا، مثلما ننسق أفكارنا وأعمالنا، حينئذ نتعاون معاً، كعينين ثاقبتين، عين داخل الوطن وأخرى عبر الحدود، مركّزتين لتكوين نظرةً واحدةً، وقوةً عظيمةً متماسكةً ذات قدرة على زرع التحرير والإعتزاز في وطننا الحبيب.

 

_______

* الكاتبة زكية سكاف النزق محامية من بلدة عدبل (عكار) اللبنانية، مقيمة منذ عام 1994 في مدينة ملبورن، أستراليا. صدر لها كتاب "ركائز الحياة" عام 2015.

 

 

 
التاريخ: 2021-05-30
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro