-1-
يتوجه العالم، اليوم، وجهة واضحة المعالم، بيّنة الغاية. وهي وجهة تُظهر أن البشر، جميعاً، محكومون، أدركوا ذلك أم لم يدركوا، بمنطق جديد، وبوسائل جديدة، لم يظهرا، حتى ثمانينيات القرن العشرين، بهذا المظهر وبهذا التوجه.
الفرق بين عصر الاستعمار والعصر المعولم واضح، وخصوصاً بعد أفول القرن العشرين. فعصر الاستعمار معلوم في نشأته، محدد في وجهته، وبيّن في أهدافه: العقلانيّة والبحث العلمي، الثورة الصناعية، مصادر الطاقة والمواد الأولية، أسواق وتصريف إنتاج، غنى وأرباح تعمل على تسريع الثورة في شتى المجالات، ورفع الكفاءة الصناعية لرفع جودة الإنتاج وفتح الآفاق الجديدة للصناعات، منافسة بين الدول الصناعية في أوروبا وخارجها، وصول حدة المنافسة إلى عنق الزجاجة، إنفجار في حربين عالميتين قضى على كل ما خلفته الثورة الصناعية في أوروبا، أو كادت، على الأقل من الناحية المادية؛ بروز قوتين جديدتين واستبدال عصر الإستعمار المباشر بعصر توازن الرعب النووي، إنهيار الإتحاد السوفياتي وبروز الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في العالم.
-2-
هذا التوجه الجديد أملى على الولايات المتحدة سلوكاً جديداً أنتج بدوره ما يمكن تسميته بالمنطق المعولم. وهو المنطق الذي تبلور بمعالمه الأساسية بعد أن وجدت الولايات المتحدة نفسها وحيدة بتفوّقها في الساحة الدولية، إقتصادياً وإعلامياً وتقنياً وعسكرياً، وحتى سياسياً بإعتبار أن حامل لواء الإقتصاد والإعلام والسلاح، والقوة بشكل عام، هو حامل لواء السياسة. بهذا المعنى انتصرت الليبرالية بأوسع تجلياتها. وظهرت الرأسمالية وكأنها وحدها صاحبة المنطق الحق. وبرزت الولايات المتحدة في هذا المنظار بإعتبارها قائدة العالم الجديد بلا منازع أو منافس.
هذا المنطق الجديد حدّد بدوره، وبشكل أكثر بروزاً، وأكثر وضوحاً، التوجّه الذي اتجهته الولايات المتحدة في تعاملها مع العالم. فأعلنت أن ثمة نظاماً عالمياً جديداً تعمل على بلورته وترسيخه يطول العالم بأسره، ويؤمّن مصالحه، يبدأ بالاقتصاد والإعلام ليصل إلى ترسيخ ثقافة مؤتلفة واحدة ذات وجهة منسجمة ومتناغمة بتأثير الاقتصاد المعبَّر عنه بالشركات المتعددة الجنسيات، والإعلام الذي ملأ الفضاء العالمي بتوجّه مدروس يرمي العالم بأسره، وعلى امتداد حدوده، وَجِهاته، بأفكار وآراء وبرامج؛ فيحيله بذلك، إلى مسرح مفتوح للعمليات الأميركية، وفي الميادين كافة، وإلى أفواه وذهنيات تستهلك ما تنتجه الولايات المتحدة وما تسمح بإنتاجه، وتقتني ما تصدّره شركاتها الأخطبوطية الامتداد، وتحوّله إلى عالم ثان لا همّ له إلا العمل الذي عليه أن يسخّره لخدمة الإنتاج المعولم. ولا فرق في هذا العالم بين غني وفقير إلا بدرجة قُربه، أو بُعده، عن قمة الهرم التي تتربع عليها أميركا، وتتسلسل في الترتيب الدولُ الأقربُ إليها اقتصادياً وسياسياً وإعلامياً، ومن ثم الأقل قرباً، وصولاً إلى القاعدة.
العولمة التي يكثر الحديث عنها اليوم هي ما يتم تداوله. والعولمة اليوم هي محمول، إذ لا عولمة في فراغ، أو في المطلق. والحامل هي الولايات المتحدة. إذن، لا بد للعولمة أن تكون على صورة الولايات المتحدة ومثالها. وهنا، لا بدّ من التأكيد على مسألة في غاية الأهمية، وهي أن الليبرالية إذا تحولت إلى رأسمالية مفرطة ومستغِلة في عصرَي الاستعمار، فإنها وصلت في نهايات القرن الماضي وبدايات هذا القرن، وعلى يد أميركا بالذات، إلى رأسمالية متوحّشة نقلت الليبرالية ليس إلى أقصى درجات الإمبريالية فحسب، بل إلى نمط من الإمبراطورية التي لا ترى نهاية لحدود توجّهها، أو لمدى تدخّلها. ذلك إن المنطق الإمبراطوري نفسه يفرض على شاغل هذا الموقع، وصاحب هذا المنطق، أن يكون حاكماً بأمره، وقادراً على استعمال الصلاحية المطلقة في التخطيط والتنفيذ، وفي فعل ما يراه مناسباً في توجّهه، ومنسجماً مع استراتيجيته، وموافقاً لمنطقه الذي لا يرى إلا ما يصبّ في هذا التوجه بكل عناصره.
بهذا المنطق يصبح أي مكان في العالم المدى الحيوي للولايات المتحدة. وعليه، فإنها تنظر إلى أي توجه مغاير، وتعامله، على أنه معرقل للإستراتيجية الأميركية، ومهدد لمصالحها. ولا يهم، هنا، موقع المعرقل الجغرافي، أو نوعية نظامه السياسي. كما لا يهم منطق الحدود الآمنة والمعترف بها دولياً، والسيادة القومية، والإستقلال والمفاهيم الأخرى التي أصبحت من مخلفات عهود سبقت. وأضحت مفاهيم جديدة عناصر تداول، ليست أقلَّها، أو آخرَها، مفاهيمُ تقرير المصير وحقوق الإنسان والديموقراطية، وحقوق الشعوب في التعبير عن مصالحها، واستبدال الدول القومية أو الوطنية بالشعوب وعصبيات القرابة والاتنيات والطوائف والمذاهب، واستصدار القوانين التي ترعى حقوق المجموعات الإجتماعية، والفئات، والعناصر، في تقرير مصيرها، وإن كانت ضمن مجتمع متنوع، أو منخرطة في مشروع دولة لا تزال قيد التشكل بالمعنى الحديث الذي عرفته أوروبا منذ بدايات الثورة الصناعية.
-3-
لم تترك لنا العولمة إلا الاستطاعة على الاحتجاج، والتعبير عن عدم الرضى عما يمكن أن يظهر من مفاعيل المنطق المعولم، وخصوصاً في مجال الإعلام والموضة والمطبخ، وفي أمور العنف والجنس والعلاقات الإنسانية المختلطة والمحدثنة؛ إضافة إلى ما يمكن أن يفتـّح أعيننا حول ما يحصل في عالم اليوم على المستويات كافة، وخصوصاً في مجال الإستبداد والطغيان وانتهاك حقوق الإنسان والجريمة وطرق المعاملة مع المرأة والطفل، وغيرها من القضايا الساخنة؛ بما لا يأتلف مع معتقداتنا وتقاليدنا وعاداتنا، أو بما يتعارض مع طريقة تعاملنا السياسي بعناصره كافة، من مسألة تداول السلطة والديمقراطية والحرية والمساواة وكيفية النظر إلى المختلف، إن كان على المستوى الديني أو المذهبي، السياسي أو العائلي وغيرها من ضروب الإختلاف. ولا يبقى الأمر على سبيل الإطّلاع، بل يفتح المنافذ على المقارنة والمفاضلة اللتين توصلان إلى أماكن أخرى ليست في كل الأحوال لصالحنا.
من أهم هذه الأماكن التي لم تكن في حسبان المنطق المعولم ردود الأفعال التي لا يمكن أن تتجمع في سلة واحدة، إلا من زوايا نظرتها المؤتلفة إلى ضراوة الفعل المعولم وضرره على كل الذين لا يتوجهون هذه الوجهة. وبقدر اختلاف النظرة كان الفعل المضاد الذي حمل كل الأسلحة للحماية والدفاع، ومنها الأجسام المفخخة، بالإضافة إلى استعمال كل الوسائل المشابهة. وأدخل ذلك كله، إن كان في الفعل وفي ردود الفعل، العالم في عصر الإرهاب. وأوقع العالم العربي، بثقافته التي تبحث عما يديم وجودها في هذا العالم، وينمي هذا الوجود، بين شقّي الرحى، تداعيات العولمة من جهة، وتداعيات الإرهاب المنظّم، من جهة أخرى.
ميزة العولمة وخطورتها أنها لا توسّع مجالات الإختيار. فإما علينا اللحاق بالمنطق المعولم على الصورة التي تراها أميركا، وهنا لا بأس من الإتكاء عليها للمساعدة في شتى ظروف حياتنا لنبقى كما كنا دائماً، في موقع التابع والفاقد لأي إمكانية للإستقلال، أو على الأقل، لبناء الشخصية المستقلة؛ وإما علينا رفض هذا المنطق ومواجهته بضروب شتى من النضال دخلت جميعها في ما اصطلح على تسميته بممانعة المنطق المعولم على الطريقة الأميركية؛ وهي الممانعة التي مارستها، أو حاولت، دول رفضت الخضوع للمنطق الأميركي. فتحولت الممانعة، بالمنطق نفسه، إلى مروق. وتحولت الدول الممانعة إلى "الدول المارقة" التي تستحق العقاب[1] .
هذا التوجه يحضّ الولايات المتحدة على تنفيذ سياساتها، وضرب المسارات التي تعيق استراتجيتها في نظرتها إلى ذاتها وإلى العالم. بل يعمل على تسريع مخططاتها في ما يتعلق بمقولة صدام الحضارات[2]. فالولايات المتحدة، ومن أجل اضفاء نوع من الأردية الروحية على سياستها المتفلّتة من كل عقال، وعلى منطقها الإمبراطوري[3] الذي يفرض عليها الإبقاء على بؤر التوتر في العالم، بل والعمل على إبقائها مشتعلة، أو زيادتها اشتعالاً، أو حتى خلقها، بإعتبار أن أية منطقة في العالم هي المدى الحيوي للولايات المتحدة، وأن أي توجه في أي مكان من العالم، مغاير للتوجه الأميركي المعولم، هو تحدّ مباشر لها ومصدر خطر على أمن العالم وسلامته[4]. ومن أجل إضفاء هذه المسحة الروحية، عملت على إظهار هذا التمفصل المتين بين الحفاظ على الروح الأميريكية المشبَعة بالإيمان المسيحي الممزوج بالوعود التوراتية والفكر الصهيوني الحديث، ليظهر الأمر وكأن الولايات المتحدة مرسَلة من قبل قوة إلهية أو إرادة ربانية لتخليص العالم من الشرور المتأتية من التعصب والإرهاب وكراهية الغرب[5] .
-4-
إذا كان هذا التوجه لا يُفيد، ولا يخفف من سطوة الأميركيين ومن فقدانهم لإنسانية التعامل مع من هم خارج الطوق، فكيف السبيل إلى توجه مقابل يأخذ ما توصّلت إليه العولمة، في وجوهها كافة، منهج تفكير وتبصّر ليكون أفضل مما هو عليه، إن كان بالنسبة للتوجه المعولم الجديد المحمول من غير الولايات المتحدة، أو كان بالنسبة لتجنب الوقوع في فخ التبعية والإنسحاق والبقاء على هامش العالم اليوم[6]؟
السبيل الوحيد، بإعتقادي، هو التوجه إلى العالم المتقدم الصناعي والتقني الذي يظهر اليوم وإن كان بكثير من عدم الوضوح، خارج إطار الهيمنة والمنطق المعولم على الطريقة الأميركية. وهذا العالم هو أوروبا، والغربية بالتحديد، نواة الإتحاد الأوروبي الذي عمل ولا يزال يعمل على ضم أوروبا بكاملها دون الإفساح في المجال، قدر الإمكان، للتدخل الأميركي في ظروف التشكل وكيفيته، أو في الدول التي عليها الإنضمام إليه[7]. هذا الإتحاد الذي وصل إلى مرحلة متقدمة، حتى على المستوى السياسي، لا ضرورة له باعتقادي، إلا من أجل اختطاط مسيرة معولمة جديدة أكثر رأفة بالإنسان وأكثر إحتراماً للديمقراطية والحرية والمساواة بين الشعوب. وبقدر ما نعمل على التقرب من هذا النموذج، إن كان على مستوى تعاملنا الداخلي، لا أقول باعتبارنا لبنانيين أو مشرقيين فحسب، بل عرباً أيضاً، وحتى مجتمعات تجمعنا هموم وقضايا متشابهة وذهنيات وعقائد مشتركة، بقدر ما يترسخ التوجه الأوروبي المعولم على غير ما يفصح عنه التوجّه الأميركي، وإن كانت عناصر العولمة متشابهة أو حتى متماثلة.
الإتحاد الأوروبي يمكن أن يوجد الاقتصاد المتين والمتكامل داخل أوروبا لتصير أكثر قوة وأقدر على المنافسة. وهذا ما فعل ولا يزال. ولكنه، أيضاً، يمكن أن يخلق ظروفاً للتعاون والتبادل بينه وبين دول الخارج، وخصوصاً العالم العربي. وقد بدأت بوادر هذا التعاون بالظهور، وإن خافتة، في إطار ما اصطلح على تسميته بالشراكة الأوروبية-العربية[8]، ليضفي على نفسه قدرة على قدرة، وليفسح في المجال أمام العالم العربي ليصير بدوره أكثر قدرة على امتلاك زمام أموره، إن كان من ناحية التكامل الإقتصادي مع أوروبا، أو من ناحية التفلت من هيمنة الولايات المتحدة. وهذه الإمكانية نفسها تفسح أمامه في مجالات، وتفتح منافذ لا تزال حتى الآن مقفلة، منها على الأقل، العمل الجاد على موجة التكامل الإقتصادي العربي وفتح الأسواق العربية أمام المنتجات العربية التي تفتـّح الأعين، بالممارسة، على المصالح المشتركة. وهذه الإمكانية تفتح بدورها على مجالات أخرى يمكن أن يصبح العالم العربي، بعد الخوض فيها، أكثر ديمقراطية وأكثر انفتاحاً ليس على مستوى الداخل العربي فحسب، بل على مستوى الخارج أيضاً، وخصوصاً أوروبا التي نشترك معها في الإحاطة بالبحر المتوسط.
التوجه نحو أوروبا يفرض تعاملاً محدداً من أوروبا تجاه العرب، ومن العرب تجاه أوروبا. وهنا علينا أن نتساءل: ماذا يمكن لأوروبا أن تقدم للعرب، وماذا يمكن أن يقدم العرب لأوروبا؟
لا بد هنا من التأكيد أن الأمل بهذا التعاون يضمحل بالقدر الذي يبقي على التمسك بالنزعة المركزية الأوروبية التي لا تزال تنظر إلى ثقافات الآخرين، وخصوصاً الثقافة العربية، بمنظار الثقافة الغربية. ولا تعطي اهتماماً للخصوصيات الثقافية التي لها وجودها، مثلما فعل ساركوزي رئيس الجمهورية الفرنسية عندما دعا الأفارقة أن يدخلوا التاريخ[9]، من منبر جامعة هامة في الجزائر؛ وبالوزن نفسه الذي يوجب إحترامها، وخصوصاً ما يتعلق منها بالأمور الدينية[10].
قبل الإجابة عن إمكانية التعاون العربي الأوروبي في سبيل الدخول إلى القرن الواحد والعشرين، بقدرة أكثر على التعاون معه ومع منطقه المعولم، لا بد من البحث في السبيل الذي على العرب ولوجه ليكونوا في مستوى العصر، وعلى قدر ما يتطلبه النظام العالمي الجديد غير المحمول من أميركا.
-5-
إذا كان على العرب العمل على صنع النظام العالمي الجديد المأمول بالتعاون والمشاركة مع أوروبا وبقية الدول المتقدمة في جنوب شرق آسيا، وبمؤازرة دول الجنوب واتحاداتها الممكنة، لا بد، أولاً، من البحث في شؤون الذات، ابتداء من الموقع العلمي الذي تشغله كل دولة عربية على حدة، أو على ما يمكن أن يشغله العالم العربي في المواقع الاقتصادية العالمية إذا تسنى له نوع من الوحدة الاقتصادية، أو ما اصطلح على تسميته بالسوق العربية المشتركة على غرار ما حصل في أوروبا في بدايات اتحادها الاقتصادي. وفي ما يمكن أن يساهم في ترسيخ وحدة توجهه، أو إنسجامه في قضايا لها وجهة عالمية إنطلاقاً من تقارب في العادات والتقاليد ووحدة اللغة والدين والحضارة. أو في النظر العقلاني لإقامة اتحادات، على الأقل اقتصادية في البداية لدول الجوار وتمكين التكامل الاقتصادي فيما بينها للوصول إلى توجه منسّق ومؤتلف في الإعلام والسياسة والأمن.
يفرض ترسخ الوعي على الذات إظهار موقعها في هذا العالم، الذات المنفردة والذات المجتمعية. ووعي الذات يضعها في موقعها في هذا العالم، كما يضع كل من يمثل جزءاً من هذا العالم في موقعه. ويبدأ الوعي في إنتاج ثمار العلاقة الندّية مع الآخر، وفهم هذا الآخر، ومن ثم بلورة نوعية العلاقة معه دون عقد نقص أو دونية، ودون تبخيس الذات، أو إعطائها قيمة أكثر مما تستحق.
بهذه الطريقة، تنبني أسس التعاون بين العرب أنفسهم، متجاوزين عقدهم الكيانية والقطرية والدينية والمذهبية والطبقية، من جهة؛ وبين العرب والعالم المتقدم منه والموازي لهم في الموقع ونمط الحياة والتوجه.
في هذه الأحوال، على العرب أن يحددوا موقعهم، كأكثرية مسلمة، من الإسلام ومن المسلمين في العالم. أي إسلام يريدون، وأي مسلمين هم، وكيف يريدون المسلمين الآخرين؟ وكيف عليهم أن يبنوا علاقاتهم مع غير المسلمين؟ كما عليهم أن يحددوا مواقفهم من العالم غير المسلم. وعليهم أن يحددوا نقاط التلاقي مع هذا العالم وكيفية التعامل معه، مغلبين المعادلة القائلة بحوار الحضارات والثقافات الدنيوية والدينية، بدل صراعها الذي يوصل إلى آفاق أخرى أقل ما يقال فيها أنها مدمرة ، لأن أسس الصراع المبنية على دار السلام ودار الحرب هي وحدها التي تخدم المنطق المعولم بالطريقة التي تنتهجها الولايات المتحدة؛ وهي وحدها التي تعيد إنتاج العنف والصراع المبني على الأصول القبلية نفسها.
الإعتراف بالآخر وبإمكانية التعاون معه لا يأتيان من فراغ ولا من منطق الصراع. الإعتراف والتعاون ينبثقان من الإحساس بوجود الآفاق المنفتحة والتعامل الإنساني المبني على الديموقراطية والحرية والمساواة والحق في الحياة واعتبار الإنسان القيمة الكبرى في الوجود. وهذه القيم الإنسانية النبيلة هي ما يمكن أن يتبناها ويعمل من أجل تعميمها على العالم أجمع النظام العالمي الجديد المتفلت من سيطرة أميركا ، والقابل للوجود والحياة بتضافر الجهود العلمية والعملية وتضامنها في بذر وحصاد ثقافة الإنفتاح والإعتراف بالآخر، وبالتعدد وحق الإختلاف على المستويات كافة، مع إمكانيات كبرى للتعاون في شتى المسائل التي تهم الإنسانية جمعاء، وخصوصاً في ما يتعلق بالبيئة وقضايا التلوث وحرية الإنسان وتمكين المرأة ونشر الديموقراطية في العالم.
تتجلى هذه القيم، في حال تبنيها والعمل على ترسيخها في مناهجنا وتنشئتنا الإجتماعية، وفي المدى المنظور، وعياً للذات ووعياً للآخر. والآخر هنا، يصبح آخرين. ومن هؤلاء الآخرين الولايات المتحدة، ومنهم أيضاً أوروبا ووسط وجنوب شرق آسيا، ومنهم أميركا اللاتينية، وأفريقيا أيضاً. بهذا المعنى لا يعود الغرب غرباً واحداً، ولا الشرق كذلك. والوعي بالذات وبالآخر يفرض منطقاً جديداً للتعامل والتعاون والتنسيق والتكامل. وهذا المنطق القائم على الائتلاف والتعاون، بله الإتحاد بشتى أشكاله، يصنع القوة القائمة على العدل والمساواة، وليس على الهيمنة والطغيان. وبهذا المنطق يصير العرب، كما غيرهم ممن يتبناه، أقوياء. ويصير لهم المكان اللائق في هذا العالم.
- 6 -
إذا كان على العرب أن يعيشوا في قلب العصر، في بدايات القرن الواحد والعشرين، لا بد لهم من أن يكونوا أقوياء. ولكي يكونوا كذلك، لا بد لهم من استيعاب التكنولوجيا الحديثة، وعلى الأصعدة كافة، وخصوصاً تكنولوجيا الإعلام والإتصال: القطاع الاقتصادي – المعرفي الرئيس في بدايات الألف الثالث. واستيعاب التكنولوجيا لا يكون بنقلها والتدريب على استعمالها وإدخالها في بعض قطاعات حياتنا اليومية فحسب، بل بالإضافة إلى ذلك، صنع الذهنية العلمية المعرفية ونشرها في قطاعات المجتمع كافة ليصير العلم والذهنية العلمية والمعرفية من سمات المجتمع ومن أوصافه، ومن مواصفات الفئات المجتمعية، وإن كانت بدرجات متفاوتة. وهذا كله يتطلب معرفة ما نحن عليه اليوم مقارنة مع البلدان المتقدمة في مجالات العلم والمعرفة والتكنولوجيا، لنحدد موقعنا في العالم، أولاً، ولندرك الهوة التي تفصلنا عن العالم المتقدم، ثانياً، ولمعرفة كيفية العمل من أجل اللحاق بركب التقدم العام، ثالثاً. فالتغيير، كما يقول هشام شرابي، لا يمكن أن يحصل إلا من خلال فهم الواقع الاجتماعي ونقده[11]. وفي شيء من المقارنة بين البلدان المتقدمة وبيننا في مجال العلم والبحث العلمي والتطوير التكنولوجي يتبين لنا بشكل ساطع عمق الهوة ووسعها بين العالم العربي والبلدان المتقدمة.
لقد أظهرت تقارير الأمم المتحدة والدراسات العربية[12] مدى تخلف العرب في مجالات البحث العلمي، والعلاقة بين البحث العلمي والبنية المعرفية العامة. وهذا الوضع يرتب على العرب مسؤولية كبرى تجاه حاضرهم ومستقبلهم، ويحتم عليهم النظر في ما يمكن أن يقوموا به، إذا كان عليهم أن يعززوا مواقعهم في هذا العالم. وهنا لا بد من التساؤل معهم: أي الحلول ممكنة؟
- تصفيح الذات، والعمل على أن ينأى العرب عن كل متغيرات هذا العالم ومستجداته، وعلى المستويات كافة؟
- نقل التكنولوجيا والبقاء في موقع الإستهلاك لكل ما ينتجه الغرب، إنطلاقاً من المقولة التي لا تزال تتردد: طالما نمتلك القدرة على اقتناء ما يلزم من منجزات
الحضارة الغربية، فلماذا الغرق في بحور البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، فيكفي ما لدينا من الروحانيات ونستورد ما يلزمنا وما يناسبنا من الماديات.
- نقل التكنولوجيا وتوطينها[13] واستيعابها في شرايين النسيج المجتمعي لتصبح من دواخل ذهنياتنا ومن عناصر عقولنا ومن مبادئ ممارساتنا العملية في شتى أمور حياتنا؟
لا شك أن احتمالات الإختيار هذه تجول في عقول أهل الحل والربط والنخب وأهل الفكر والعلم عندنا. وكل فئة ترى في خيارها سبيلاً للمستقبل، وإن كانت المناقشات حول هذه الخيارات لا تزال محتدمة تملأ صفحات الإعلام المقروءة وشاشات الوسائل المرئية الفضائية منها والمحلية. وفي كل حال يبقى خيار نقل التكنولوجيا ومن ثم توطينها واستيعابها، الخيار الوحيد الذي يعمل على تحول المجتمع ليصير مجتمع المعرفة المنتج لها والمتقوّي بها، وبالتالي هو الخيار الأسلم. فإذا كان البشر صانعي المعرفة، فإنهم في المحصلة الأخيرة صنيعتها أيضاً[14]. وفي العصر الراهن " يمكن القول أن المعرفة هي سبيل بلوغ الغايات الإنسانية الأخلاقية الأعلى: الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية"[15]. ويعني مجتمع المعرفة إعتماد المعرفة مبدأ ناظماً لجماع الحياة الإنسانية[16].
واذا كان لا بد من نقل التكنولوجيا[17]، فكيف السبيل إلى توطينها واستيعابها؟
إن تحقيق ما يمكن أن يؤدي إلى تطوير البحث العلمي واستيعاب التكنولوجيا وتوطينها يتطلب توفر الأساس الصلب المتين المتبني لمناهج البحث العلمي والتطوير التكنولوجي. وهذا الأساس بدوره لا يتطلب أكثر من توافر النوايا الصادقة والرغبة الحقيقية المتمثلة في تضافر ثلاثة عناصر، حسب ما ذكر تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2002، وهي الإلتزام الجاد بدعم العلم والبحث العلمي من قبل صانعي القرار، والإحترام الحقيقي للعلم والمعرفة من المجتمع، ورغبة صادقة في استمرار مواكبة التقدم العلمي[18]. هذا الأساس، إذن، ينقل التعامل مع التكنولوجيا من إعتبارها وافدة وذاتاً متميزة للنخبة ولفئات محددة ومحدودة في المجتمع، إلى شأن أساسي مجتمعي بإعتبارها إنتاجاً علمياً يستجيب للحاجات المتغيرة بتغير نظرة المجتمع إلى الحاضر والمستقبل؛ وبإعتبارها مطلباً حيوياً يستوجب تضافر الجهود في شتى الميادين العلمية والعملية لضمان تحويل الإنتاج الفكري التقني إلى قيمة إقتصادية فاعلة في المجتمع[19].
من أجل ضمان تحقيق الإستيعاب التكنولوجي، لا بد من تحقيق نقلة نوعية في بيئة المجتمع وفي ذهنية المنتمين إليه. وأولى الخطوات في هذا المجال وضع العلم والبحث العلمي في المقام الأول. وهذا يتطلب تحولاً في محتوى البنية المعرفية العامة بمعنى ترتيب أولويّاتها. فمن المعروف أن ثمة ارتباطاً وثيقاً بين تقدم المجتمع العلمي وبين إعتبار العلم كأولويّة في بنية المنتمين إليه الذهنية والمعرفية. والبنية المعرفية العلمية تشجع الإبداع والإبتكار والإصلاح.. والتغيير إذا كان لا بد منه. ومن أجل بناء المعرفة العلمية لا بد من التخطيط لسياسات إجتماعية ولتنشئة علمية في المناهج التربوية، وتبنّي العلم والبحث العلمي منذ بدايات التعليم في المدارس وصولاً الى مراحل التخرج من الجامعات، والعمل في مراكز البحوث، بالإضافة إلى تحفيز البحث وبث روح المنافسة بين العلماء والباحثين، وخلق روح التعاون لتقدم البحث العلمي.
-7-
من هنا تظهر أهمية الإستيعاب التكنولوجي الذي يتطلب، أول ما يتطلب، قضية الوعي بالذات، وبموقع هذه الذات في العالم، وفي علاقة هذه الذات بالآخرين. والوعي بالذات يتطلب فهم الواقع الإجتماعي- التاريخي للعرب، وموقعهم من العلم والعلماء وفضلهم في بث الروح العلمية وتشجيع البحث العلمي في العالم ابتداءً من القرن الرابع الهجري- العاشر الميلادي- وعلى يد العباسيين، خصوصاً، سلطة ومجتمعاً، ودورهم في تشجيع العلم والعلماء، وفي تعميم أهمية التجربة العلمية ودورها في استنـتاج القوانين العامة للعلم عن طريق الإفتراض والبرهان وتثبيت النتائج. كل ذلك في مناخ من الإيمان الديني والإنفتاح والتسامح والحوار بين المذاهب الفكرية والدينية للوصول إلى الحقائق المؤيدة من العقل، أو المسلـّم بها عن طريق الإيمان في حال عجز العقل عن إظهار البرهان القاطع. حصل ذلك في وقت استهله العرب بالأخذ عن الأعاجم، وخصوصاً من اليونان المختلف في الدين، ومن الفرس المختلفين في الطائفة ضمن الدين الواحد، ومن الهنود المختلفين في كل شيء. فقد عرف العرب جالينوس وأبقراط وكانكا وأساتذة مدرسة جنديسابور وعلماءها قبل أن ينتجوا باللغة العربية، وضمن مناخ الحضارة العربية الإسلامية، ما قدمه الفارابي وإبن سينا وإبن النفيس وإبن الهيثم والخوارزمي وإبن حيان والبتاني والرازي وغيرهم من العلماء في شتى مجالات العلوم.
إذا كان ذلك قد حصل في القرن العاشر للميلاد، وما بعد، فهل من الكثير على العرب أن يعاودوا فعل ذلك في بدايات القرن الواحد والعشرين؟ أن ينتقلوا من مرحلة نقل التكنولوجيا إلى مرحلة توطينها واستيعابها، ومن ثم الفعل فيها بما يتناسب مع قدرات العرب، وبما يلبي حاجاتهم؟
إذا كان ذلك بالإمكان، فما هو السبيل إليه؟
لا شك أن تقدير العلم وتشجيع البحث العلمي وبث الروح النقدية في شرايين المجتمع، وعبر نسيجه الإجتماعي المتنوع وإنتماءاته المتعددة هي هذا السبيل. إلا أن هذا التعاطي الإيجابي مع العلم لا يأتي من فراغ، ولا ينبعث حياً من ذاته ولذاته، بل هو نتاج نظام حكم ومؤسسات وجمعيات وروابط ونقابات وأحزاب تعمل على صناعة المجتمع المدني والمواطن، وتنفخ في الحس الطبيعي للانسان لتحوله من حس أهلي إلى حس مدني يدرك ذاته، ويعي موقعه في مجتمعه من خلال إحاطته بكل ما يشكـّل حقوقه المجتمعية، وبكل ما يشكل واجباته أيضاً تجاه مجتمعه، وتجاه الدولة التي ترعى شؤونه كمواطن. وبوعيه لحقوقه وواجباته يدرك مدى أهمية الحرية التي عليه التمتع بها، ومدى ثقل المسؤولية التي عليه تحملها لتأمين الصالح العام وبلورة الإرادة المشتركة والمصير الواحد في هذا العالم المتعدد والمتضارب في مصالحه.
هذه الغاية الإنسانية النبيلة هي محط أي فعل مجتمعي إن كان في نقل التكنولوجيا أو استيعابها أو الفعل فيها. وهي غاية لا تتحقق فعلاً إلا بتغيير نظرة الحاكم إلى المحكومين، وبتغيير نمط الحكم وعلاقته بالمجتمع. فالحاكم عندما لا يشغله سوى الحفاظ على موقعه في الحكم، يتوسل أية وسيلة ممكنة للبقاء. فينعكس ذلك على نظرته نفسها إلى التكنولوجيا التي لا تعني له شيئا إلا في كيفية الإفادة منها بإستغلالها لتأبيد سلطته، بوصفها أداة في أيدي أجهزة الأمن تستعملها لعرقلة عملية تداول السلطة، وقمع الحرية، ولجم الديموقراطية ومنع نضوج الحس المدني والشعور بالمواطنية. وفي هذا المجال لا يأنف الحاكم عن استعمال شتى الوسائل، ومنها مسألة الإنتماء الديني أو المذهبي، ليبقى على رأس السلطة. فينظر عن طريق توسل الدين، إلى الأمور الحياتية بمنظار الدين المحافظ، فينكمش الإنفتاح، أو يقفل على ملكوت الإيمان الخالص والمعزول عن متطلبات الحياة كافة. وتصير متغيرات الأمور الحياتية، ومنها التقدم التكنولوجي نفسه، من عمل الشيطان الأكبر.
بهذا التوجه، تلتقي استراتيجية الحاكم الشمولي المؤيد من العاملين على تأبيد الوضع القائم ، مع استراتيجية الهيمنة والقوة في تماثل بنيوي لا مثيل له ينتج، من جملة ما ينتج، تقابلاً في موقع اللاتوازن يعيد إنتاج العولمة المقبوض عليها من مركز القرار في العالم، وتزيد، بإستعراض جبروتها على أرض المواجهة، قوة على قوة.
التوجه المقابل المنتج من قبل المجتمع المدني عن طريق العمل الدؤوب والمطالبة والضغط للإفساح في المجال للمزيد من الديموقراطية التي تتيح إمكانية تداول السلطة وممارسة الحرية بالتعبير عما يجول في الفكر قولاً وكتابة ورسماً وتمثيلاً وغناء، وفتح القنوات بين فئات المجتمع كافة للمزيد من الإندماج الإجتماعي بالقضاء على التفاوت والسماح بالتدرج حسب الكفاءة والمقدرة والإجتهاد دون أي إعتبار لعناصر أخرى.
بهذه الإعتبارات جميعاً تزداد ثقة المواطن بنفسه، وتقوى قدرته على المعرفة، ويملؤه الشعور بإحترامه لذاته ولمجتمعه وحضارته وهويته. ويعود الألق إلى إيمانه بدينه بإعتباره دين الإنفتاح والتسامح والمشجع على العلم، والمساوي بين مداد العلماء ودماء الشهداء. ولا يبقى الدين، على الأقل بالنسبة إليه كمواطن، مطيةَ السياسة والسياسيين، وإن كان يملأ روحَه إيماناً وتقوى.
بهذا التوجه، يصبح من السهل على التكنولوجيا أن تنتقل وتترسخ وتُستوعب لتصير في خدمة المجتمع، ولتكون عنصراً من عناصره الأساسية المشكـّلة لقوّته وقدرته على العيش في قلب العصر، لا على هامشه أو خارجه. وبهذا المعنى يصير استيعاب التكنولوجيا، والفعل فيها، بعد هضم مرحلة نقلها، الأساسَ الذي يبني العرب عليه نظرتهم الجديدة إلى العالم. نظرة تقابل الند للند، من موقع تبادل المصالح دون عقد نقص أو دونية.
-8-
يوصلنا هذا القول إلى نتيجة في غاية الأهمية، مفادها أن لا مجال لوجود عالم عربي فاعل، اليوم، أو في المدى المنظور، إذا لم ينهج نهجاً مغايراً في أمور السياسة، وفي العلاقات العربية – العربية، كأنظمة ومجتمعات، وفي العلاقات العربية – الدولية. وعلى هذا النهج أن يكون، في كل الأحوال، ذا توجه وحدوي في إطار البيئات الطبيعية التي يتألف منها العالم العربي، أو اتحادي – تنسيقي في البداية، إذا صعب التوجه الوحدوي، على المستويات كافة، وخصوصاً على المستوى الاقتصادي، ومستوى النظر إلى الأمور الدولية ولاسيما العلاقات مع الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة والإتحاد الاوروبي ودول جنوب شرقي آسيا. وتحديد العلاقة مع هذه الدول بما تقتضيه المصالح العربية العليا. وهي المصالح التي تدعو العرب جميعاً إلى التوجه ناحية أوروبا، صديقة العرب والداعمة لمواقفهم والملتقية معهم في استراتيجيات مناهضة العولمة الأمبراطورية.
هذه العلاقة، في حال تعميقها، يمكن أن تـثمر نتاجاً مهماً على الصعيد التكنولوجي من ناحية أوروبا، واستيعاباً لها، ومن ثم فعلاً فيها من ناحية العرب بعد أن يوفوا ما يترتب عليهم في مجالات التعاون، إن كان على صعيد المواد الأولية، أو الأيدي العاملة المتخصصة والماهرة، أو المساحات الشاسعة.
هذا التعاون المتبادل، دون هيمنة أو استعلاء، يمكن أن يولّد علاقات بقدر ما تكون بعيدة عما كانت عليه أيام الإستعمار، تكون جديرة بتكوين نواة نظام عالمي جديد بعيد عن غطرسة القوة الامبراطورية، وقادر، في الوقت نفسه على جذب الدول والمجتمعات التي تتجه هذه الوجهة. وهو مشروع يشكّل، في حال تحققه، البديل لما هو عليه العالم اليوم.
نظام هذا شأنه، بقدراته الذاتية، ونظرته إلى مشكلات العالم وقضاياه يمكن أن يحل محل العولمة الأميركية، ويعيد إلى أوروبا موقع الصدارة في عالم جديد متطهر من مثالب عهود الإستعمار ومطامعها.
-----------------
[1] . أنظر في هذا الخصوص:
- يوسف الأشقر، عولمة الرعب، 2001 بيروت،ص ص:49 - 73 .
[2] . حول دخول العالم في منطق صراع الحضارات بالطريقة التي تنتهجها الولايات المتحدة، وخصوصاً في اللحظات التي ترى توجهاً في العالم مخالفاً لتوجهها، أنظر:
- صامويل هنتنجتون، صدام الحضارات، إعادة صنع النظام العالمي، ترجمة طلعت الشايب، سطور، الطبعة الثانية، 1999 ، القاهرة، 521 ص، دون الهوامش.
[3] . أنظر التحليل الرائع للتوجه الامبراطوري للولايات المتحدة وتأثير ذلك على العالم أجمع:
- وليم هارت، أنطونيو نيغري، الامبراطورية، ترجمة فاضل جتكر، مكتبة العبيكان، 2002 ، الرياض، وخصوصاً التقديم، ص ص: 11 - 20 .
[4] . أنظر ما قاله هشام شرابي حول هذه المسألة في المقابلة التي أجراها معه عاطف عطيه في :
- المستقبل العربي،"علاقتنا بأمريكا سامة، ولكن هذا وضع يمكن تغييره"، العدد 276 ، شباط 2002. مركزدراسات الوحدة العربية، بيروت، ص ص 98 - 109.
[5]. أنظر في هذا الخصوص:
- الفضل شلق، عودة الاستعمار والحملة الأميركية على العرب، دار النفائس، 2004 ، بيروت، وخصوصاً الفصل الثالث، ص ص: 65 - 122.
- عبد الغني عماد، عبء الآخر، دار الانشاء، 2004 ، طرابلس، وخصوصاً الفصل الرابع، ص ص: 75 - 90 .
[6] . حول إمكانبة تحول العالم في ظل العولمة الاميركية إلى أكثرية ساحقة من المستهلكين وأقلية من المنتجين والقابضين على زمام الأمور في العالم، أنظر:
- هانس بيتر مارتن، هارالد شومان، فخ العولمة، ترجمة عدنان علي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، العدد 238، الكويت، 418 ص.
[7] . تناقلت وسائل الاعلام كافة ما صرح به جاك شيراك، الرئيس الفرنسي، في معرض تعليقه على ما قاله بوش الابن ( الرئيس الاميركي ) حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الاوروبي في شهر تموز 2004: " لسنا موظفين عند بوش ولا لدى الولايات المتحدة".
[8] . أنظر حول هذه المسألة:
- بسام الهاشم،" العرب المتوسطيون وبناء الشراكة مع الاتحاد الاوروبي"، في: عاطف عطيه ( محرر )، العلاقات العربية الاوروبية، من الحذر والالتباس إلى الانفتاح والتكامل، مؤسسة فريدريش إيبرت ومعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، 2003، طرابلس، ص ص:55 - 64 .
[9] . قال ساركوزي هذا الكلام في حشد من الطلاب الأفارقة في جامعة أنتا ديوب الجزائرية. أنظر في هذا الخصوص:
[10] . حادثة مجلة شارلي إيبدو، وما سبق وما لحق، تدخل في هذا الاطار، إذ لم يفهم الغرب، بعد، أن حرية التعبير تطول المجتمعات التي تؤمن بهذه الحرية دون ضوابط. أما بقية المجتمعات فلها ضوابط، وخصوصاً في ما يتعلق بالمشاعر الدينية والمقدسات.
[11] . هشام شرابي، مقدمات لدراسة المجتمع العربي، دار نلسن، الطبعة السادسة، 1999 . بيروت، ص: 125 - 126.
[12] . أنظر في هذا الخصوص للتفصيل:
[13] . حول التوطين التكنولوجي وأهميته، أنظر:
- تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2003، الفصل الخامس، السياق التنظيمي لاكتساب المعرفة، مذكور سابقاً، ص ص: 97 - 109 .
[14] . المصدر نفسه، ص37.
[15] . المصدر نفسه، ص37.
[16] . المصدر نفسه، ص40. للتفصيل حول تحليل ونقد تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2002 ، أنظر الندوة المتخصصة التي نظمتها الجمعية العربية لعلم الاجتماع ونشرتها في كتاب " إضافات" ( غير دوري ) العدد الرابع ، أيار 2003 ، وخصوصأ:
- عاطف عطيه، التنمية الانسانية والديمقراطية، ص ص: 163 - 168 ، بالاضافة إلى مداخلات ووجهات نظر متعددة حول التقرير.
[17] . حول مفهوم النقل التكنولوجي ودوره وأهميته، أنظر:
- اليحياوي، في العولمة والتكنولوجيا، مذكور سابقاً،ص ص:110 - 118 .
[18] . تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2002، مذكور سابقاً، ص:64 .
[19] . المصدر نفسه، ص65.