نظمت عمدة الثقافة والفنون الجميلة لقاءً ثقافياً مع الفنان القدير الرفيق رفيق السبيعي (أبو صياح) في مسرح المدينة – بيروت، حضره نائب رئيس الحزب الأمين توفيق مهنا، د. الأمين مروان فارس، وعدد من المسؤولين المركزيين، وعدد من ممثلي الأحزاب والتيارات والهيئات الثقافية وفنانون وجمع من المهتمين والقوميين.
استهل اللقاء بعرض نبذة عن مسيرة الفنان الرفبق السبيعي، ثم القت ناموس عمدة الثقافة والفنون الجميلة الرفيقة مينار الناطور كلمة أكدت فيها أن "المجتمع معرفة والمعرفة قوة"، وأن الأمم تقاس بتاريخها الثقافي والحضاري، ولذلك نرى كيف تقوم القوى الارهابية الظلامية المتطرفة والرجعية المتخلفة بتشويه حقيقتنا وثقافتنا وحياتنا، عبر قتل الإنسان وهدم الصّروح وتدميرها ومحو التراث الحضاري والثقافي، وفرض قواعدَ لا تمتّ للإنسانية الحقّة بشيء، تنفيذاً للمؤامرة الصهيونية على أمتنا.
وقالت: إنّ أجلّ قيم الثقافة هي احترام الإنسان بعقله، بإنسانيته، بمشاعره، وأحاسيسه، وجسده، فنحن السوريون القوميون الإجتماعيون حملة عقيدة سعاده حاربنا بثقافتنا الجهل الطائفي، والتقوقعات المذهبية لتنافيها مع حرية الإنسان بتجليّاتها.
بعد ذلك القى رئيس الدائرة الفنية في عمدة الثقافة والفنون الجميلة الشاعر الرفيق عماد زهر كلمة اشار فيها إلى اطلاق مجموعة من الانشطة الثقافية، وكانت له قصيدة بالمناسبة.
وألقى كلمة المركز عضو المجلس الأعلى الدكتور الأمين ربيع الدبس الذي قال:
مخطئ من يظن ان الثقافة منفصلة عن الحضارة، أو السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع أو الأمن أو تفاصيل الحياة. وما الفن الذي يفرع من الجذع الثقافي سوى ربيع مشذى بِمَوْشور الجمال: رسماً ونحتاً وغناء، وتأليفاً موسقياً، ومسرحاً تمثيلياً، وواحات من الضوء الذي لا ينطفئ.
رفيق سبيعي شراع من تلك الأشرعة التي أبحرت نحو آفاق أبعد من نوع فني واحد، ومن تصفيق يتلاشى كالزبد، والأحرى بنا أن نسميه أبا صداح، لأنه لم يكن صياحاً، بمقدار ما غنى وأطرب، من إحدى باكوراته الشهيرة: "يا ولد لفلك شال" إلى "صلاة الزين"، "يا إبني الله يخليك"، "هاي هي الشام"، "أنا سوري"، وباقات أخرى.
هذا الفنان المخضرم لم يشبع من التجذر في الأرض، ولا تعب من التصدي للارهاب الظلامي فكراً وصوتاً وكلمة ومواقف... من مولده في حي البزورية في دمشق، الى مشاركته في تأسيس المسرح القومي في الشام، وزع نشاطه ما بين الإذاعة والسينما والمسرح والتلفزيون، فقدم برنامجاً إذاعياً اسبوعياً بعنوان "حكواتي الفن" كما شارك في مسلسلات: كحمام الهنا ومقالب غوار ووادي المسك، ومن مسرحياته، حبس الأحلام ـ والأخوة كرامازوف (مع الإشارة الى أهمية المغزى وراء هذه الرواية الروسية). وقد مثل حوالي أربعين عملاً فنياً من "مسحر رمضان" الى "طالع الفضة" مروراً بالمؤسسة الرحبانية التي شهدت مشاركته في بعض أعمالها كسفر برلك، وبنت الحارس، وهو الآن عاكف على تصوير دوره في مسلسل "حرائر".
لقد لعب الأستاذ رفيق دور الفنان المنارة، كما كان الزعيم انطون سعاده يشدد على الأدباء والفنانين أن يفعلوا، ففي كهوف هذا العالم المظلم، لا بد للإنسان الحضاري من أن يتوجه نحو النور، فيقتدي به الشعب في الوعي والصراع والمقاومة والثقة والعمل الهادف الى الانتصار... إن مثقفاً واحداً ذا ضمير لا يمكنه التنكر لدور النهضة القومية الاجتماعية الريادي في الإيقاظ والاستشراف والإبداع والحداثة الثقافية، شعراً وفناً ونثراً ومسارح. لذلك تأثر أبو عامر بذلك التيار الحداثي الذي اطلقته نظرة الحزب الجديدة الى الحياة والكون والفن، وهي نظرة فلسفية عمدت التجدد بالأصالة.
أليست الحداثة برعمة جديدة من الجذور؟ أليست في جوهرها موقفاً في الأساس، نعني به3 الموقف العقلاني المتقدم، خصوصاً من الترهات والخرافات والنمطيات الجامدة؟.
وختم بالقول: فيا ابن العقد التاسع من العمر المعتق، أيها النبت الصالح النامي بالعناية، لئن كرمك حزبنا في دمشق خلال العام الماضي، فهو يكرمك اليوم في بيروت تقديراً لقيمتك الفنية المستمرة إعلاءً لشأن الأمة والوطن، وتثميتاً لمواقفك الصلبة من العدوان السام على القلب القومي النابض، وتأكيداً على الكأس المشتركة التي نشربها من الكرمة الواحدة... فباسم الحزب السوري القومي الاجتماعي قيادة وأعضاء نحيي في عينيك قاسيونها الحاني، وفي جبهتك حرمونها العالي، ونقول لك: الذين يعمرون في التربة المباركة لا يتقاعدون... إنهم في حدقات الناس.
والقى الفنان والممثل القدير الرفيق رفيق السبيعي كلمة أشار في مستهلها إلى تساؤل في الوسط الاجتماعي والفني في الشام عن السبب الذي دفعه إلى الانتماء للحزب السوري القومي الاجتماعي مؤخراً، وأن البعض من هذا الوسط اعتبر هذا الانتماء انقلاباً، لذلك أوضح بأن قراره بالانتماء لأن هذا الحزب يريد الحياة لسوريا.
وتحدث عن "سايكس – بيكو" التي جزأت سورية الطبيعية وعن "وعد بلفور" الذي أضاع فلسطين، وعن احتلال كيليكيا ولواء اسكندرون، وعن الذين حكموا الشام والعراق والاردن قبل قرن من الزمن وكانوا جواسيساً للأنكليز ينفذون أوامر أسيادهن.
واعتبر ان سوريا تتعرض للوحشية والغدر من قبل الذين قدمت لهم الكثير، وهي تدفع ثمناً فظيعاً نتيجة تبنيها فكرة العروبة. مضيفاً: سوريا كانت دائماً تحمل هموم العرب جميعاً وتشاركهم الوجع وتقف معهم، والمستغرب ان معظم العرب يشاركون في المخطط التآمري الذي يضاعف من أوجاع سورية.
اضاف: سوريا التي خاضت حرب تشرين ضد "اسرائيل"، بقيت وحدها في الميدان، بعدما ذهب السادات إلى الكيان الصهيوني ووقع اتفاقية "كامب ديفيد" وأخرج مصر من الصراع المصيري مع العدو الصهيوني. مشيراً إلى أن الضغط والحصار على سوريا ومحاولات زرع الفتن والخراب فيها بدأ منذ ذلك الوقت، وقد فشلوا في ذلك، إلى أن جاء ما يسمى "الربيع العربي"، حيث نجح أعداءنا بالدخول علينا بطريقة خبيثة وماكرة... زرعوا فتنة سببت دماراً كبيراً لسوريا التي تدفع منذ أربع سنوات ثمن قرن كامل من الصمود والمواجهة والمقاومة والتمسك بالحقوق والمبادئ.
وقال: شكلت سوريا على الدوام ملاذا آمناً للجميع، فلجأ اليها من القفقاس 1860 الشركس والداغستانيين والأبخاز بعدما تعرضوا للاضطهاد، وكذلك الأرمن 1915 بعدما تعرضوا للمذابح الوحشية من قبل الاتراك، واحتضنت العراقيين بعد الغزو الأميركي للعراق، واللبنانيين بعد العدوان "الإسرائيلي" وصوماليين وسودانيين وأفغان وباكستانيين وآخرين.. مضيفاً: ولم نسمع يوماً أن خيمة واحدة نصبت في سوريا لإقامة لاجئ، وليس مخيماً، لكن حينما تعرضت سوريا مؤخراً للحرب والعدوان، واضطر آلاف السوريين لمغادرة سوريا من جراء الارهاب، أصبحنا نسمع قصصاً عن إذلال السوريين، عن عائلات لا تجد طعاماً... وعن اشخاص يموتون من الصقيع والبرد، وعن نساء تغتصب وتهتك أعراضهن... وبنات بعمر الورد يبعن في سوق النخاسة لسماسرة خليجيين تحت اسم (زواج السترة)... وصرنا نسمع عن لاجئين يبيعون اعضاءهم ليعيشوا.. وعن آخرين يقتلون وتُسرق أعضائهم...
وأكد أن سوريا بلد الحضارة والثقافة والفن والإنسانية والمحبة، وهي بلد التنوع والتعدد حيث العديد من الشرائح الاجتماعية والأطياف تتوحد على المحبة والاخاء القومي.
وحمل السبيعي مسؤولية حفلة الدم في سوريا لدول غربية وعربية، مؤكداً أن قناعته باتت راسخة أننا سوريون أولاً، وثانياً وثالتاً وعاشراً. وكلمة سوري قادرة وحدها أن تجمع كل السوريين.
وقال: أتمنى بما تبقى لي من الحياة أن اخدم سوريا واخدم قضية هذا الحزب، الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يناضل منذ عقود من أجل أن تحيا سوريا..
وفي سياق كلمته روى الرفيق السبيعي أنه في العام (1947 او 1948)، شاهد تجمعاً ضخماً للناس أمام وداخل سينما السفراء بدمشق، وحين سأل عن سبب هذا الحشد علم بأن الزعيم أنطون سعاده يلقي خطاباً، وانه حين دخل القاعة رأى الناس مسحورون ومبهورون بسعاده.. وما يتذكره حتى اليوم هو شخصيته القوية.. وثقته العالية بالنفس... وشموخه وهيبته وقدرته على شد اهتمام الناس بشكل استثنائي..
أضاف: إنها لحظات لا تنسى، واني اليوم أقول أن بلادنا أضاعت فرصة ذهبية لأنها لم تأخذ بأفكار ومبادئ الزعيم سعاده..
وبنبرة صوت عبّرت عن وجعه حيال ما تتعرض له بلادنا قال: أعدكم أن أقوم بكل ما يطلب من أجل سوريا وقضيتها، وإني اوصي الاجيال الشابة: ابقوا عيونكم على سوريا.. وافعلوا أي شي من اجل إنقاذ سوريا، ولا تتهاونوا أبداً في الدفاع عن سوريا.. إني استودعكم سوريا ... ولتحيا سوريا..
وفي الختام قدم نائب رئيس الحزب إلى الرفيق السبيعي درعاً تقديرية من الحزب السوري القومي الاجتماعي.