ميزة الزوبعة انها حركة دائمة ، تستهلك نفسها فتتجدد، ويتتابع تجددها فتفعل طاقاتها في كل اتجاه، دون أن يكون للحواس القدرة على تفسيرها بأكثر من حالة جمود .
هكذا النفوس الكبيرة حين تجتاز الإمتحان الكبير، تتعمق وتعلو، تمتد وتنتشر، تتسع وتتسامي، فتلفح بلهبها الروحي كل النفوس المتفتحة التي تعجز عن تفسير هذه الظاهرة بأكثر من كلمة الموت، حيث يصير الجزء كلاً، والانسان مجتمعاً، والمجتمع انسانية.
فيا صاحبة النفس الكبيرة التي تغلغلت وامتدت في نفوسنا وفعلت، اليك أجمل تحية، وأصدق عهد .
أنت الشهيدة الحيّة التي استشهدت أكثر من شهادة، وأنت الأمينة الشهيدة التي تحمّلت أكثر من أمانة، فكنت قدوة في الحياة، ومثالاً رائعاً في تغيير وجهة الموت، وبرهاناً جديداً أكيداً على صحة العقيدة التي تمثّل لنا كل الحق والخير والجمال.
لقد كنت المواطنة الصالحة التي ما خفق قلبها لغير عز الشعب، والرفيقة المتجندة التي ما تلكأت يوماً عن القيام بواجبات العضوية في حركة نهضة الأمة وارتقائها، فكنت الجديرة بتحمل مسؤولية الأمانة وما يستتبعها من مهام خطيرة، وكنت بالتالي أهلاً لكل تقدير ومحبة.
ولئن كان الموت قد تغلب على جسدك النحيل، فان روحك الطيبة الجميلة قد فعلت فعلها في نفوس أبناء الحياة، وستبقى أكثر عبقاً من كل عطر، وأبهى من كل نور، وأخصب من كل خير، وانبل من كل سموّ.
انك الشعلة التي تكبر بمشعل النهضة القومية الاجتماعية، فيكبر المشعل بها لتحيا سورية حرة عزيزة راقية .
وهذه هي الأبيات الشعرية التي وضعتها تحت صورتها في الكراس الذي أصدرناه بعد وفاة الأمينة الأولى :
كالشمس ِ كانتْ ، واستمـرتْ حُـرَّة ً
مـا راعـهـا ظُـلــمٌ ، ولا أخـطـــارُ
وضـَّـاءة الـوجـدان ِ لا أبهـى ولا
في طُهـرهـا لـمْ يَـعـرف الأحــرارُ
ما ساومتْ في الحق ِبـل ظلـَّتْ كما
يســتـلـزمُ الإجـــلالُ والإكـبـــارُ
ظـلّتْ على عـهـد ِالأمانة ما انـثـنتْ
فـتـجمهـرتْ في عـزمـها الأقـدارُ
واخـتـارت اللاحــدّ للعـز الــذي
يـمـتــدُ ما امـتـدتْ بــه الأنــوارُ
وطـأتْ بأقـدام ِ البـطـولـة ِ ما سما
فـإذا الـنـجـومُ لخـطـوها آثـــارُ
*-لأمينة الأولى هي جولييت المير سعاده التي سجنتها السلطات
الشامية بدون ذنب بعـد مقتل العقيد عدنان المالكي وجريمتها
الوحيدة أنها كانت زوجة الزعيم أنطون سعاده