أقامت مؤسسة سعاده للثقافة يوم السبت الواقع في 27 أذار، وضمن برنامجها "مشاعل النهضة"، ندوة فكرية في مناسبة الذكرى السنوية الاولى لرحيل المفكر والباحث الدكتور داوود خيرالله، وذلك عبر تطبيق "زووم". ألقيت فيها كلمات لعدد من المفكرين والباحثين، وتخللها شهادات لشخصيات من اصدقاء الدكتور خيرالله.
في البداية كانت كلمة لرئيسة المؤسسة الدكتورة ضياء حسان، أشادت فيها بمزايا الراحل الخبير والباحث وأحد اعمدة القانون والعدالة في العالم، والذي استحق عن جدارة لقب " صوت الحق والعقلانية". ومما قالته: "اجتمعت في الدكتور خيرالله قيم أمتنا الاجتماعية وتراثنا المتجذر في التاريخ. كان معروفاً بصلابته تجاه قيم العدالة. ممثلاً صوت الحق، وبرحيله تفتقد النهضة أحد مشاعلها، كما تفتقد المسألة الفلسطينية وحركات المقاومة في أمتنا مدافعاً شرساً عنها لم يلتفت يوماً إلى التهديدات التي كان يتعرض لها". وختمت حسّان كلمتها بالقول: "كان داوود خيرالله صوتاً مدوياً بوجه الفساد، رافضاً للطائفية والانعزالية. اليوم نفتقد أمثاله، الذين نحن بأمس الحاجة إليهم خاصة في الظرف الذي تعيشه الأمة حاضراً."
بعدها جرى عرض فيلم قصير عن حياة الراحل، تضمن أبرز المحطات حول نشأته ودراسته وعمله في العديد من الهيئات والمنظمات العربية والدولية.
ومن ثمّ تلا عريف الاحتفال فادي خوري رسالة موجهة من رئيس الجمهورية الأسبق العماد اميل لحود بالمناسبة، عرض فيها لمعرفته بداوود خيرالله.
وجاء في رسالة لحود "لا يقاس رحيل داوود خيرالله بما مر عليه من زمن، بل ما ترك بعده من فراغ. والفراغ هنا على مستويين: الاول في نفوس عارفيه، وقد لمسوا عنده صفات انسانية فريدة، والثاني على المستوى الوطني، حيث كانت له مساهمات ثقافية وفكرية وحقوقية واكاديمية جعلت منه قامة نفتقدها منذ غاب، قبل عام تاركاُ طيب الاثر وعمقه. وأضاف لحود في رسالته "ولطالما التقينا مع الراحل على الافكار الوطنية وعلى نصرة المقاومة في وجه العدو الاول، وعلى الدفاع عن كل صاحب حق، وكل مظلوم، وهو عبر عن افكاره هذه في مقالات اتسمت بشجاعة الافكار وبطرحها الكثيرمن الافكار القيمة للنقاش. وأردف لحود قائلاً: "نفتقد الصديق الحبيب داوود، وقد بات من في وزنه عملة نادرة في زمن يكثر فيه المنبطحون والملوثون. ونفقتد مواقفه التي تجمع بين المنطق والجرأة. هو غاب في زمن الانحدار العربي، ولكنه يظل في وجدان عارفيه واقفا صامداً، لايتراجع عن موقف حق ويأبي التنازل عن شبر ارض عربية ولبنانية". وختم قائلاً: "مر عام يا داوود. ارقد بسلام، ولتعش افكارك من بعدك عامأ بعد عام".
أما الوزير السابق جورج قرم فقد جاء في كلمته عن الراحل: "لابد من التذكير بجرأتك النادرة في أحاديثك المتلفزة، سواء في الولايات المتحدة او في لبنان او في اي قطر عربي اخر. كان وجودك على الشاشات دائماً مميزاً يثير اهتمام المشاهد". قرم أشاد ايضاً بشخصية الراحل، والذي بالرغم من توليه مسؤوليات رفيعة في البنك الدولي بقي محافظاً على تواضع كبير واستقامة نادرة. قرم أشار في كلمته إلى الحملة الممولة التي تعرّض لها عندما كان وزيراً في حكومة الرئيس الحص عام 1998. يومها كان داوود خيرالله من القلائل الذين وقفوا معه وساندوه في حملته على الفساد في إدارات الدولة. قرم أستذكر ايضاً في كلمته لقاءه الاخير بداوود خيرالله، والذي كان يبدو فيه بصحة جيدة، قبل أن يداهمه المرض فجأة ويدخل في غيبوبة ويفارق الحياة.
كما كانت أيضاً كلمة للدكتور حيان حيدر، عضو المنظمة العربية لمكافحة الفساد، والذي تناول فيها معرفته بداوود خيرالله، مشيداُ بمزاياه الشخصية. ومما قاله: "ربما أقرب صفاته إلى القلب والعقل معاً صفة الانسان". وأضاف: "تعارفنا منذ عقد من الزمن حين دخلنا سوياً إلى حضن أمناء المنظمة العربية لمكافحة الفساد في بيروت. لقد قوننتَ عقود المشاريع لمظلومي اصقاع الارض ممثلاً منظمات مالية وأكاديمية عالمية طالما رفضت خفايا مراميها وفضحت خبايا مآربها بصراحتك المعهودة التي لم تتبدل رغم أثمان الزمان، غير آبه بالعواقب". حيدر عرض أيضا في كلمته لحياة خيرالله في أيامه الأخيرة، فقال: "بقي إلى ايامه الاخيرة يُخرج من ذاكرته الذاخرة، إلى جانب السياسة وتوابعها المتعبة، يُخرج الشعر والادب والموسيقى. فهو الرقيق دون ضعف، والمرهف دون مجاملة، والصدوق من دون محاباة".
بعد ذلك تحدث الدكتور صفا رفقه، الذي عرف الراحل في الولايات المتحدة الاميركية وقد جاء في كلمته: "كان داوود خيرالله انساناً ذا مواهب متعددة في شخصية واحدة تتميز بالمعرفة والتفكير العلمي المقرون بالبرهان والجرأة والصراحة والانتماء." وأضاف: "هو الحامل للهم القومي. فالبرغم من سكنه في الولايات المتحدة فأن همه كان حيث ولد وأبصر النور". رفقه أشار ايضا في كلمته إلى ايمان الراحل بفكر انطون سعاده، والذي كان يعتبره معلم الاجيال الصاعدة.
اما المفكر لبيب قمحاوي من المنظمة العربية لمكافحة الفساد فقد جاء في كلمته: " كان داوود خيرالله شخصاً استثنائياً في علمه وسلوكه وعطائه ووطنيته. والاهم من ذلك انه كان شخصية وطنية، صاحبة رؤية واضحة، وفي معظم الاحيان صائبة". واضاف: "كما كان ايضا صاحب رؤية واضحة في القضايا العربية واللبنانية واهمها قضية فلسطين، وكذلك في السياسات الدولية والاقليمية. المرتبطة بلبنان والعالم العربي".
قمحاوي اشاد ايضا بمزايا الراحل الوطنية والقومية وروح الاستعداد لديه لتقديم التضحيات في سبيل مصلحة الامة طالما كان ذلك ضمن امكاناته. قمحاوي قال ايضاً: "لقد أبحر داوود خيرالله بالمياه العربية العاصفة دون ان ينتظر الرؤية او البوصلة، وتجاوز في مواقفه كل ما له علاقة بالطائفية والعرقية. كما تجاوز ايضاً العنتريات التي ترافق في العادة المواقف السياسية للبعض، والتي لاتفيد احدا. واضاف: "ان توفر تلك المواصفات في شخصية داوود خيرالله، كانت دائما الاطار الحامي لفكره الوطني الناضج ورؤياه الواضحة ومواقفه الصلبة وقدرته على العطاء، والتي منحته القدرة على قراءة الاحداث بموضوعية. وضمن سياقها الوطني، وبالتالي تقديم المشورة والنصيحة بما يخدم الاهداف الوطنية العامة. قمحاوي تناول في كلمته فكر داوود خيرالله القانوني واطلالته على واقع السياسة الاميركية والمحددات القانونية المحيطة بها، والذي اسهم في اضفاء ابعاد دولية وقانونية هامة على تقيييمه للاحداث".
ومن المتحدثين ايضاً في المناسبة كان الدكتور عمر نشابة، الكاتب والاستاذ الجامعي، والذي عاد بالذاكرة إلى ايام كان يعمل فيها في جريدة "الاخبار"، يومها كلفه رئيس التحرير جوزف سماحه بمتابعة ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فشكلت المناسبة بداية تعارف مع داوود خيرالله، الذي كان قد اسهم بفكره القانوني النير في الاضاءة على الكثير من جوانب القضية. كما عرض نشابه في كلمته لدوره في التحضير لملفات الدفاع عن المتهمين باغتيال الرئيس الحريري، وقال: " لقد نجحنا بتجريد المدعي العام الدولي من اي عناصر يمكن ان تستند اليها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لإدانة المقاومين، او اي تنظيم مقاوم". عازياً الفضل في نجاحه في مهمته إلى الاستعانة بآراء داوود خيرالله وخبرته القانونية الواسعة جداً.
بدورها أشادت عضو مجلس الشعب السوري السابقة ماريا سعاده بشخصية داوود خيرالله وايمانه بهوية هذه الامة وتراثها المتجذر في التاريخ. وأضافت: "بالرغم من وجوده في الولايات المتحدة فأنه كان دائما مصراً على القيام بمشاريع تخدم ايمانه بامته السورية، والتي كان متمسكاُ بهويتها إلى ابعد الحدود". ومما قالته ايضاً: "كان داوود خيرالله علمانيا إلى اقصى الحدود، ولم يكن يسمح للإحباط ان يتسلل إلى داخله وكان شعاره الدائم هو ضرورة تحويل الافكار إلى خطة عمل". سعاده أشارت أيضا إلى أن فكرة عملها اليوم على إقامة ورش عمل لتنمية روح المواطنة عند الشباب بعد الحرب التي تعرضت لها سورية، انما يعود الفضل فيها لداوود خيرالله الذي اوحى لها بها.
اما الإعلامية والكاتبة ثريا عاصي فقد وصفت في كلمتها الراحل بصاحب القوة الناعمة المضادة ومما قالته: "أذا كان البعض يظن أن القوة الناعمة هي حكر على الولايات المتحدة الاميركية فقط، فإن داوود خيرالله الشخص، والفكر والنضال والثقافة يجسد لنا قوة مضادة مناهضة للقوة الناعمة الاميركية الاكثر فتكاً من قوتها النارية العسكرية". وأضافت: "أذا كانت الولايات المتحدة قد اخترعت ما أسمته بالثورة المضادة بقصد اجهاض ثورات الشعوب المقهورة. فإن القوة الناعمة المضادة التي كان يطرحها داوود خيرالله كفيلة بإفشال المفاعيل المباشرة للقوة الناعمة المعادية، والتي كانت تقوم على الدفاع عن قضايا الشعوب بجدية ومنطق يليقان بمقضياتها القومية والانسانية المحقة". عاصي اشارت في مداخلتها إلى مثابرة الراحل على طرح هذا المنطق وشرحه عبر تكثيف الإتصالات مع العالم الاميركي داخل الولايات المتحدة الاميركية، وعلى مستوى النخب ومفاتيح الحياة العامة من مرجعيات سياسية ومؤسساتية وجامعية وإعلامية وثقافية واقتصادية، دون التراجع قيد انملة عن حركته في هذا الاتجاه.
كما كانت في المناسبة كلمة للدكتور خليل خيرالله الاستاذ في الجامعة اللبنانية، والذي قال في كلمته: " لقد كانت معظم افكار داوود خيرالله تعبيراً عن مشاعره تجاه حدث معين وانعكاساته السلبية، وغالباً ما كانت تحركهُ الاحداث الحاصلة في بلاده وما تمليه من التحديات الواجب مواجهتها". واضاف: "لقد امن داوود خيرالله بوحدة الحياة في مجتمعه، ومحاربة كل ما يعيق وحدته وانتصار قيم التغيير فيه فلا أقامته في اميركا ولا زواجه فيها وتدريسه في جامعاتها ولاعمله في البنك الدولي انساه واقع بلاده الأليم وما سيكون عليه مصيرها". ومما قاله خيرالله ايضاً: "لم يغفل الراحل خطر اسرائيل فدعا إلى استعمال سلاح القانون في الصراع معها بحكمة وكفاءة لأن القانون عنصر اساسي في التكوين الثقاقي الغربي، مقابل هزالة الموقف العربي في الدفاع عن الحقوق والمصالح على صعيد دولي."
بعد ذلك تحدث الاعلامي والكاتب سركيس ابو زيد، حيث عرض لمعرفته الطويلة بصاحب الذكرى ومما قاله: "تكونت شخصية داوود خيرالله من ركيزتين اثنتين؛ الحياة القروية في بحمدون مسقط رأسه، والتي زرعت فيه قيماً مجتمعية وتراثية عميقة الجذور، وحساً صلباً بقيم العدالة، وقدرة راسخة على مواجهة التحديات بمرونة لا تساوم". ابو زيد اضاف في كلمته: "حجر الزواية في تفكير داوود خيرالله كان الهوية الوطنية القائمة على العدالة واحترام حقوق الانسان. وعلى هذا الاساس جاء رفضه للولاءات العشائرية والتيارات الانعزالية والحركات القائمة على النزعات الاتنية والعرقية، والتي تهدف إلى تفكيك وحدة المجتمع وإعاقة بناء الدولة الوطنية." ابوزيد دعا في كلمته اصدقاء الراحل ومحبيه وتلامذته إلى اقامة لقاءات دائمة بهدف تذكر الراحل واستلهام مسيرته الفكرية والعلمية والانسانية.
اما الكلمة الاخيرة في الندوة فكانت للكاتب والاعلامي الدكتور حسن حماده، والذي قال :"كان داوود خيرالله صاحب عطاء فكري وروحي عظيم، وهو إن غاب بالجسد فإن عقله حاضر باستمرار". حماده عرض في كلمته لشخصية الراحل، والتي لم تكن تقبل اي نوع من انواع المهادنة في محاربة الصهيونية والطائفية. وأضاف: "كان داوود خيرالله صاحب رأي واضح وعلني في الإعلان عن هويته القومية، وكان يؤمن بالعمل المتواصل والجهد المتواصل في سبيل قضايا امته كما كان يؤمن إن المثابرة في المطالبة بالحق، هي الطريق الى النصر."
وفي ختام الحفل كانت كلمة لزوجة الفقيد اعربت فيها عن شكرها لمنظمي الندوة والمشاركين فيها.
هو الخبير والباحث، وأحد أعمدة القانون والعدالة في العالم الذي أطلق عليه "صوت الحق والعقلانيّة والتنوير". برحيل د. داود خير الله تفتقد النهضة أحد مشاعلها، والمسألة الفلسطينية، مدافعا شرسا عنها غير مبال بالتهديدات التي يتعرض لها. هو الصوت المدوّي ضد الفساد، كم نفتقد امثاله في أيامنا هذه.
يسر برنامج مشاعل النهضة في مؤسسة سعادة للثقافة أن يستضيف اليوم باقة من المثقفين المشاعل الذين عرفوا د. خيرالله عن قرب ليدلوا بشهادتهم فيه. دعونا نرحب بكل من:
أشكركم جزيل الشكر على مشاركتكم معنا اليوم، على أمل أن يكون للمؤسسة مناسبات أخرى في المستقبل لنتعاون في تسليط الضوء على الفكر النهضوي
ايها الغائب الحاضر
كم نشتاق اليك خاصة في هذه الأيام العصيبة التي نعيشها منذ ان تركتنا في البحر الهائج الذي نحن فيه في لبنان والوطن العربي الأوسع .
اذكر ذلك اليوم الذي كنّا قد ذهبنا فيه الى مطعم سقراط في الحمرا للغداء سوياً، كنت مليئاً بالحيوية على عادتك، وافترقنا يومذاك حوالي الساعة الثالثة وعدت انت الى فندق Crown Plaza الذي اعتدت ان تقيم فيه وكنت على أحسن حال. غير أن الأقدار قررت ان تغدر بك وتدفع بك في براثن المرض يا مناضلنا الكريم. وكم تألمت كما رفاقك برؤيتك على فراش المرض وزوجتك الى جوارك ليلاً نهاراً في مستشفى الجامعة الاميركية.
رحلت وتركت لنا وصية ثمينة من مؤلفك بعنوان جذاب "من أجل غدٍ واعدٍ" وعنوان فرعي مفاده "في الربط بين الجهد والنتيجة لبناء الدولة". ولا بدّ هنا من التذكير بجرأتك النادرة في أحاديثك المتلفزة سواء في الولايات المتحدة او في لبنان. وجودك على الشاشات كان مميزاً يستوقف انتباه المشاهد، كما لا يمكن أن أنسى كلمتك التي أرسلتها خلال تكريمي من قبل مجلة تحولات خلال معرض الكتاب العربي في بيروت عام 2018 أو وقوفك الى جانبي عندما كنت وزيراً للمالية وتعرضت الى حملة صحافية ظالمة مليئة بالأكاذيب من معظم وسائل الإعلام ودوائر الحريرية في بيروت.
وفي الحقيقة كنت قدوة في جرأة مواقفك طوال حياتك ورغم المراكز الرفيعة والمهمة التي تبوأتها في مسيرتك المهنية في البنك الدولي في واشنطن، فقد حافظت دائما على تواضع واستقامة نادرين.
لن ننساك يا داوود فانت ستبقى في قلبنا وذاكرتنا.
الحديث عن العلاّمة البروفيسور داوود خيرالله لا بد من أن يكون متعدد الأبواب والفصول. والدقائق الثلاث المخصصة للمداخلة لا تكفي لتقديم عناوين تلك الأبواب والفصول. لذا سأكتفي بتناول موضوع ٍ واحد فقط ولا أظن أن أحداً يتذمّر من خطاب قصير.
هذا الموضوع يتعلق بداوود خيرالله كرجل القوة الناعمة المضادة .
نعم إنه رجل القوة الناعمة المضادة بإمتياز.
فإذا كان البعض يظن أن القوة الناعمة هي حكرٌ على الولايات المتحدة الاميركية فقط، فإن داوود خيرالله الشخص والفكر والنضال والثقافة يجسد لنا قوة ناعمة مضادة مناهضة للقوى الناعمة الأميركية الأكثر فتكاً من قوتها النارية العسكرية.
وإذا كانت الولايات المتحدة قد اخترعت ما أسمته بالثورة المضادة بقصد إجهاض ثورات الشعوب المقهورة الطامحة الى التحرر، فإن القوة الناعمة المضادة التي يفرضها داوود خيرالله كفيلة بإفشال المفاعيل المباشرة للقوة الناعمة المتوحشة.
القوة الناعمة المضادة كما استنتجتها من خلال التفاعل العقلي المباشر مع داوود خيرالله خلال لقاءاتنا المتعددة تلخص بالآتي :
أولاً : الدفاع عن قضايانا بجدية ومنطق يليقان بقضيتنا القومية والإسانية المحقة.
ثانيا : المثابرة التامة على طرح هذا المنطق وشرحه عبر تكثيف الإتصالات مع العالم الأميركي، داخل الولايات المتحدة الأميركية، وعلى مستوى النخب ومفاتيح الحياة العامة من مرجعيات سياسية ومؤسساتية وجامعية وإعلامية وثقافية واقتصادية، دون التراجع قيد أنملة عن حركتنا الدائمة والمتواصلة في هذا الإتجاه، لأن هذه الطريقة هي القادرة على زحزحة الجبال وليس على زحزحة الأفراد أيا كانوا.
حضرات الأصدقاء، سوف أكتفي بهذا التقديم لعنوان: القوة الناعمة المضادة. لكي تكون موضوع اهتمام لا حدود للفائدة منه في معارك المصير التي نخوضها.
وفي الختام، كم أستذكر الصديق العزيز الراقي المهذب القدوة داوود خيرالله الحاضر في عقلي وقلبي دائماً كما هو حاضر في عقلكم وقلبكم.
شكراً
"قَدَرُ الذَرّة أن تكافح في سبيل البقاء" ، قالها داود، وعاشها داود حتى النفس الأخير... ومشى.
وقال أصدقاؤه في سيرته: كاتب، مفكّر، محلّل، عالم في القانون، خبير ومحامي دولي، مثقّف نادر المثال، رائد وباحث، مثال في النزاهة واستقلالية الرأي، وغيرها من الصفات.
دقيقٌ ما شهد فيك شهود من عارفيك في مواقفك الصامدة: الوطني، العربي، العروبي، الفارس الهمّام، الممتشق سلاح الحقّ، المدافع عن قضايا الأمّة، الإنتحاري في وجه الظلم، رمز لمواجهة النظام الطائفي في لبنان، جندي من جنود الحقّ، سيف من سيوف الحقّ والعقل، فلسطين عنده المظلوم الأكبر، غاب مقهورًا، عالِمٌ في مفاهيم الديمقراطية.
ثمّ صائبٌ ما قاله مُحِبّوك في خِصالك: دافىء الفؤاد، من صلابة الجبل، رايَتُهُ لن تسقط، أصالة الكلمة، صوت مدوّي.
ولكن، ربّما أقرب صفاته الى القلب والعقل معًا صفة "الإنسان". تعارفنا منذ عقد من الزمن حين دخلنا سويًّا الى حضن أمناء المنظمة العربية لمكافحة الفساد في بيروت. ومنها؟ تطوّرت العلاقة وتفاعلت حتى أصبحت بيننا صداقة الطفولة، وما أبْرَأها، وعلاقة الصِبا، وما أشقاها، ورِفقة الشباب، ويا أحلامها ومغامراتها الإفتراضية، فإلى حوار الشايِبيْن، وعواصف الفكر وثمّ الهدوء. تُحِسُّهُ توْأم الفكر والمشاعر ؟ عجبًا، نادرًا ما كوّنت صديق طفولة في هذا العمر المتقدّم ! هو صديقك، بالدليل القاطع كما تمليه لغة مهنته. وتبقى أبرز صفاته البساطة. البساطة هي الأساس: من السياسة الى الهِندام فالمأكل والمطلب، وباقتضاب: البساطة هي هناء العيش.
داود، لقد قوْنَنْتَ عقود المشاريع لمظلومي أصقاع الأرض ممثّلًا منظمات مالية وأكاديمية عالمية طالما رفضتَ خفايا مراميها وفضحت خبايا مآربها بصراحتك المعهودة التي لم تتبدّل رغم أثمان الزمن، غير آبهٍ بالعواقب، وكأنّي أراك تخاطبهم بكلمات الشاعر:
" غير أنّي فاقدٌ ما بينهم معنى وجودي
كجوابٍ مستفزٍّ قبل أن يُلْقى السؤالُ! "
يبادرك هاتفيًّا من واشنطن، أو من بيروت، بندائه المحبّب "يا بَطَلْ ؟" وتنهمر تعابير الصداقة بالصوت الرخيم، الجهوري، باللطافة القوية، بالمفردات المنتقاة بتهذيب المُتأنّي، المقَوْنَنة على قياس إختصاصه، ثم يظهر الى اللقاء بسطوع القامة وابتسامة المُحيّا.
لم يفارقه حبّ الحياة منذ طفولته في بحمدون القلب التي كثر ما حرص على زيارتها كلّ مرّة ليتفقّد بَشَرها وحَجَرها ويعيش عاداتها الأصيلة ويعيد ذكرياتها البسيطة. ومنها، أخذ معه الى غربته الى ما بعد بعد غروب الشمس، أخذ معه حبّ الدبكة والمجدّرة والملوخية وغيرها من التراث المحبّب. تعيش معه هذا الفولكلور الذي يعيشه على أنّه ثقافة وعلم وعادات وتقاليد وارتباط بالأهل وبالأرض وبالأصول والأخلاق.
بقي الى أيامه الأخيرة يُخْرِج من ذاكرته الذاخرة، الى جانب السياسة وتوابعها المُتعِبة، يُخْرِج الشعر والأدب والموسيقى والغناء والرقص والزجل والغزل والأمثال الشعبية. مفعمٌ بالحياة. وفي المجتمع؟ حضورٌ آسرٌ واحترام. فهو الرقيق من دون ضعف، والمُرْهَف من دون مجاملة، والصدوق من دون محاباة، والعنيد من دون محاربة، والخلوق من دون تكلّف، ودائمًا... دائمًا مزوّدٌ بالأخلاق العالية، مهما احتدّ النقاش، وما أكثر ما كان يحتدّ. ومعه، فحضورٌ يقِظٌ، متابع، موضوعي في الإجتماعات ومن على الشاشات.
حماسةٌ لا تندمل. دَرَسَ وبَحث واقتنع وأقنع وعمل وعلّم وأصرَّ خلال مسيرته كلها على وجوب إعتماد مبدأ الجهد والنتيجة، هذا المبدأ الصعب حتى ختم مؤلفاته الغزيرة بالفكرة.
لم يرضخ قط لأجواء الإستسلام، ولا لمقولة "فالج لا تعالج" وما شابه من قول: "على مَن تقرأ مزاميرك يا داود ؟". ومعه، عليك أن تجاهد أبدًا كما في قَدَر الذرّة التي ذكرت.
ستبقى في بالنا يا داود كما أمّلتَ: من أهل السُوى... على درب الصحّ والحقّ.
لقد رحلت قبل أن ترى العالم بأكمله عاجزًا، البشرية بكاملها مريضةً، تمامًا كما حَذَّرْتَ !
وداعًا فارس الصداقة...
وتحية إلى الرفاق الصامدين على الوفاء لك، لسيرتك، والعاملين بمبادئك.
الشكر لمؤسسة سعاده للثقافة، للدكتوره ضياء حسان وللأمين سركيس أبو زيد ولجميع المشاركين في تكريم الباحث الدكتور داود خيرالله.
سنة على غيابه.. سنة مرت بكامل ثقلها، وفي زمن صعب حد المستحيل، يظل غيابه شديد الحضور..
في كلامي عنه، أبدأ بداود الثاثر المناضل قبل أن أتناول حضوره الفكري في قضايا مجتمعه.
أولا: من وحي سيرته، وبعض تفاصيل حياته، إخترت أن أبدأ بسرد أخبار من الذاكرة قد تعطي فكرة عن ملامح من شخصية إنسان نشأ في صراع مع قدره واستمر صراعه معه، منذ نشأته وحتى وفاته، في جدلية عنوانها رد ّ التحدي!
ونحن اليوم، إذ نكرم داود خيرالله نراه واحدا من فئة الارواح المتمردة التي تصلح قدوة لأعمال عظيمة.
ولد داود في بحمدون ونشأ يتيم الاب والام مع أخيه الاصغر نبيل وكان لقب العائلة من أيام والده ، وربما أبعد، "بيت البرنس".
كان لداود ميل كبير للعلم والتعلم لكن الفقر كان تحديا كبيرا، قاومه الشاب بالعمل نهارا في مهنة "التنجيد" والانكباب ليلا على نوال العلم وشهاداته، وحصل على إجازة في الحقوق ودخل سلك المحاماة.
إختار داود هذه المهنة لأنها وافقت علوّ همته وخصائص شخصيته، فانصرف لممارستها بما تعنيه من رسالة حقوق وعدالة ودفاع عن الضعيف، وبما تتطلبه من عمق في معرفة القانون وفي الثقافة الحقوقية، مما بلور شخصية المحامي فيه.
كانت الحرب الداخلية اللبنانية قد بدأت تتشكل غيومها السوداء في سماء لبنان، وحدث أن توكل داود عن أحد الاشخاص الذين تعرض لهم بالضرب زلمة سياسي معروف، ورفض القاضي جرمانوس إحضاره لأنه زلمة فلان.. عندها، وبردة فعل، طلب داود إحضار السياسي نفسه الى المحكمة.. فاستهجن القاضي هذه الجرأة.. عندها خلع داود ثوب المحاماة ورماه بوجهه مع بعض كلمات مناسبة للوضع... وكانت هذه خيبة بل صفعة للشاب المثالي، تلاها صفعة أخرى في حياته الزوجية.. ثم اندلعت حرب 1975 فلم يجد له دورا في جنونها وجرائمها وانقساماتها.. وسريعا سمع في عمق وجدانه صوت الغربة تناديه، فاستحصل على منحة دكتوراه الى أميريكا.. ولم يتردد.
فصل جديد من حياته بدأه في الولايات المتحدة الاميريكية. صراع مرير أولا مع اللغة الانجليزية حتى طوعها وأنجز أطروحته بعنوان "حقوق الثائر في القانون الدولي" وناقشها في جامعة ميشيغن. ثم خاض مباراة لوظيفة مستشار في البنك الدولي وفاز بها وعمل مستشارا قانونيا لديه لسنين طويلة.. ومارس بعدها المحاماة في مكتب أسسه.
وهكذا غادر داود خيرالله وطنه واستقر في غربته لكن وطنه لم يغادره، ولم يتركه يهنأ كسائر النائمين. ظلت قضاياه هاجسه وظل الدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية دافعا له لتعميق الوعي وكشف علل التخلف في أوضاعنا واستنهاض الهمم للعمل على معالجتها وتجنب تكرارها.
فلا إقامته في أميريكا ولا زواجه فيها من السيدة "لويس" ولا تدريسه في جامعاتها، ولا عمله في البنك الدولي أنساه واقعنا الاليم وما سيكون عليه مصيرنا..
كان بينه وبيننا أطلسي ومتوسط وثلاث قارات.. لكن روحه وعقله كانا معنا في المعاناة والتفتيش عن أسبابها والحلول، لكأن المسافة والرؤية عن بعد جعلاه أقدر على التشخيص والتحليل بحرية واعية منفصلة عن تشنجات أوضاعنا وتلاعب الدول بمصيرنا.
وفي زيارات داود الى لبنان، كان يقصد بحمدون خاصة أيام الاحتفالات بعيد السيدة العذراء فيها، ويرود كل تلة وواد فيها، يعب من هوائها ملء رئتيه ومن مائها ملء ارتوائه وفي عينيه دمعة حنين كطفل يعود الى حضن أمه، أو كغريب وجد أهله..
ثانيا : من وحي حضوره الفكري: يقول داود خيرالله أن معظم أفكاره كانت تعبيرا عن مشاعره تجاه حدث معين وانعكاساته السلبية، وغالبا ما كانت تحركه الاحداث الحاصلة في بلاده وما تمليه من التحديات الواجب مواجهتها..
وعليه، أليست هذه المشاعر هي الوجدان القومي بعينه؟ أليست هذه هي سمات الانتماء الى المجتمع بكل قضاياه رغبة في تغيير سلوكه نحو الافضل وفي درء المخاطر الداخلية والخارجية عنه؟
ونرى أن دور داود خيرالله ومساهمته تظهران في خطين متكاملين:
الخط الاول: ايمانه بوحدة الحياة في مجتمعه، ومحاربة كل ما يعيق وحدته وانتصار قيم التغيير فيه. وأكثر ما كان يؤلمه غياب أسس تماسك المجتمع ونهوضه وتغلغل الطائفية والفساد في مؤسساته وغياب الشعور بضرورة الدفاع عن الذات!
ولا يكتفي داود بتوصيف حالة المرض بل يهيب بالنخب أن تتحمل مسؤولياتها وتعيّن المسؤولين عن مآسي الشعب والاشكاليات التي يعاني منها المجتمع، وإيجاد الحلول وتحفيز القدرات وتنظيمها لمواجهة التحديات وقبل كل شيء بناء منظومة فكرية أساسها التجارب العلمية والتفاعل الفكري كجهد بشري سهّل استغلال الطاقات الإبداعية والانتاجية في الغرب، وغاب عندنا، فلم نتمكن من بناء الدولة القومية- أي الحديثة ومؤسساتها، وكذلك القيم الضرورية لفعالية هذه المؤسسات والضامنة للحقوق والحريات الاساسية. كل ذلك بديلا عن ثقافة الهزيمة وربطا للجهد بالنتيجة لهدف بناء الدولة.
والخط الثاني في تفكيره: دفاعه عن حقوق مجتمعه إزاء المخاطر الخارجية المتمثلة بالارادات الاجنبية وخططها، التي تستغل ببراعة المخاطر والاضرار ذات المصدر الداخلي لتفعيل الانتماءات والهويات الفرعية، من طائفية ومذهبية وإتنية، وضرب النسيج الاجتماعي.
وهكذا يساعد ضعف الداخل وانقساماته وغياب أي جهد جدي من نخبه لمقاومة خطط صناعة الفتن، الممولة من الخارج ووقف التدمير الذاتي.
وهكذا برع داود في رسم جدلية الخارج والداخل وفضح، بجرأة، أساليبها داعيا للخلاص من مخاطرها.
ولم يغفل في دفاعه عن حقوق مجتمعه خطر اسرائيل فدعا الى استعمال سلاح القانون في الصراع معها بحكمة وكفاءة، لأن القانون عنصر أساس في التكوين الثقافي الغربي، مقابل هزالة الموقف العربي في الدفاع عن الحقوق والمصالح على صعيد دولي، ولم يغفل دور المقاومة وأهميتها الحاسمة.
وقد اعتبر داود الامم المتحدة أداة لهيمنة الدول المقتدرة وانتقد تجاوزات مجلس الامن والمزاجية الاميريكية الظاهرة في عملهما سيما في القرار 1559 الصادر عن مجلس الامن في 2 أيلول 2004 بخصوص لبنان، ثم إقامته محكمة دولية خاصة بلبنان خلافا لصلاحياته. واعتبر داود أن "محكمتا الحريري وصدام وجهان لعدالة مشوهة.. بما تضمن تشكيلهما وأصول المحاكمة فيهما من مخالفات للقانون اللبناني والعراقي وللقانون الدولي الملزم".
وختاما: داود قيمة فكرية نضالية في العام والخاص، في زمن شديد الصعوبة. أطفأ سراجه حين رفض علاجه الغير المجدي، ولم يترك للموت لذة أن ينهيه منكسرا.. ومضى!
استعير كلمة للمهندس العزيز الاستاذ سمير نمر خيرالله قالها لي بحسرة: داود خسرناه!
أما داود فكان قد وقّع كتابه الاخير وفيه قال كلمته.. ومشى.
أقامت مؤسسة سعاده للثقافة، وضمن برنامجها «مشاعل النهضة»، ندوة فكرية في مناسبة الذكرى السنوية الاولى لرحيل المفكر والباحث الدكتور داوود خيرالله، وذلك عبر تطبيق «زووم». ألقيت فيها كلمات لعدد من المفكرين والباحثين، وتخللها شهادات لشخصيات من اصدقاء الدكتور خيرالله.
في البداية، كانت كلمة لرئيسة المؤسسة الدكتورة ضياء حسان، أشادت فيها بمزايا الراحل الخبير والباحث وأحد اعمدة القانون والعدالة في العالم، والذي استحق عن جدارة لقب « صوت الحق والعقلانية».
بعدها، جرى عرض فيلم قصير عن حياة الراحل، تضمن أبرز المحطات حول نشأته ودراسته وعمله في العديد من الهيئات والمنظمات العربية والدولية.
ومن ثم تلا عريف الاحتفال فادي خوري رسالة موجهة من رئيس الجمهورية الأسبق العماد اميل لحود بالمناسبة، عرض فيها لمعرفته بداوود خيرالله.
أما الوزير السابق جورج قرم فقد جاء في كلمته عن الراحل: «لا بد من التذكير بجرأتك النادرة في أحاديثك المتلفزة، سواء في الولايات المتحدة او في لبنان او في اي قطر عربي اخر. كان وجودك على الشاشات دائماً مميزاً يثير اهتمام المشاهد». قرم أشاد ايضاً بشخصية الراحل.
كما كانت أيضاً كلمة للدكتور حيان حيدر، عضو المنظمة العربية لمكافحة الفساد، والذي تناول فيها معرفته بداوود خيرالله، مشيداُ بمزاياه الشخصية. ومما قاله: «ربما أقرب صفاته إلى القلب والعقل معاً صفة الانسان».
بعد ذلك، تحدث الدكتور صفا رفقه، الذي عرف الراحل في الولايات المتحدة الاميركية وقد جاء في كلمته: «هو الحامل للهم» مشيرا ايضا «الى ايمان الراحل بفكر انطون سعادة».
اما المفكر لبيب قمحاوي من المنظمة العربية لمكافحة الفساد فقال : «كان خيرالله شخصاً استثنائياً في علمه وسلوكه وعطائه ووطنيته. كما كان ايضا صاحب رؤية واضحة في القضايا العربية واللبنانية واهمها قضية فلسطين، وكذلك في السياسات الدولية والاقليمية. المرتبطة بلبنان والعالم العربي».
ومن المتحدثين ايضاً في المناسبة كان الدكتور عمر نشابة، الكاتب والاستاذ الجامعي، والذي عرض في كلمته لدوره في التحضير لملفات الدفاع عن المتهمين باغتيال الرئيس الحريري.
بدورها، أشادت عضو مجلس الشعب السوري السابقة ماريا سعاده بشخصية داوود خيرالله وايمانه بهوية هذه الامة وتراثها المتجذر في التاريخ.
اما الإعلامية والكاتبة ثريا عاصي فقد وصفت في كلمتها الراحل بصاحب القوة الناعمة المضادة ومما قالته: «اذا كان البعض يظن أن القوة الناعمة هي حكر على الولايات المتحدة الاميركية فقط، فإن داوود خيرالله الشخص، والفكر والنضال والثقافة يجسد لنا قوة مضادة مناهضة للقوة الناعمة الاميركية الاكثر فتكاً من قوتها النارية العسكرية». واشارت عاصي «إلى مثابرة الراحل على طرح هذا المنطق وشرحه عبر تكثيف الإتصالات مع العالم الاميركي داخل الولايات المتحدة الاميركية، وعلى مستوى النخب ومفاتيح الحياة العامة من مرجعيات سياسية ومؤسساتية وجامعية وإعلامية وثقافية واقتصادية».
كما كانت كلمة للدكتور خليل خيرالله الاستاذ في الجامعة اللبنانية، والذي قال في كلمته : «لم يغفل الراحل خطر اسرائيل فدعا إلى استعمال سلاح القانون في الصراع معها بحكمة وكفاءة لأن القانون عنصر اساسي في التكوين الثقاقي الغربي، مقابل هزالة الموقف العربي في الدفاع عن الحقوق والمصالح على صعيد دولي».
بعد ذلك، تحدث الاعلامي والكاتب سركيس ابو زيد ،حيث عرض لمعرفته الطويلة بصاحب الذكرى.
اما الكلمة الاخيرة في الندوة فكانت للكاتب والاعلامي الدكتور حسن حماده، الذي قال :»كان داوود خيراللهصاحب عطاء فكري وروحي عظيم، وهو إن غاب بالجسد فإن عقله حاضر باستمرار». حماده عرض في كلمته لشخصية الراحل، والتي لم تكن تقبل اي نوع من انواع المهادنة في محاربة الصهيونية والطائفية.
وفي ختام الحفل كانت كلمة لزوجة الفقيد اعربت فيها عن شكرها لمنظمي الندوة والمشاركين فيها.