إخجل. لا تدعي أنك تعرف. أنت تجهل من أنت. تجرأ ولو مرة أخيرة. إسأل المرآة من تكون؟ هل هذا أنت؟ إن كان ذلك كذلك، فأنت مرتكب. أو أنت من سلالة الارتكاب.
ا يعقل أن يكون لبنانك بهذا الخزي. إنه ليس مخلوقاً طبيعياً أبداً. هو ينوء بك. بكم. كيف تطيق نفسك وأنت الأنيق، لفظاً، تنحدر الى الاسفل الذي لا قعر له. لبنانك ينوء بك. لا تتبرأ من مسؤوليتك. افتضح الآن. أنت، وأنتم امثالك لستم ابرياء. لا تغسلوا أياديكم. ما قمتم به في ماضيكم وحاضركم يجب ان يموت، أو هو مرشح للطلقة الأخيرة. اخرج من عباءة براءتك. الكذب فضيلة الجبناء لحماية اقامتهم في الخطأ. اسمعني جيداً: هذا هو لبنانكم أنتم وحدكم. من دونكم. كان يمكن ان يكون وطناً. إخجل. قف أمام المرآة جيداً. إسألها ان كنت انت لا شبيه لك. عبث. المرآة صادقة. لقد كشفتكم كلكم. عرفتكم لتشابهكم. اللوثة التي تلطخ جبينكم، هي عنوان اقامتكم في العراء الاخلاقي. لبنانكم هو الابن الشرعي لعريكم الوطني. كفوا عن كيل الشتائم لمن نصبتموه نصاباً علينا جميعاً. حلقة النصابين من ارتكابكم. بنيتم كياناً على الخطأ. تمسكتم بالأخطاء دائماً. كتمتم الشنيع فيكم، وتباريتم في كيل المدائح للذبائح. هناك اخطاء لا تغتفر. اخطاؤكم لا تغتفر ابداً. اعترفوا. الاعتراف اغتسال من الارتكاب. تاريخكم شرور، بل شروركم لا متناهية. أما بلغتم بعد النهاية؟ لبنانكم راح. خلص. “بح”. ما بقي منه ثقيل، سميك، عفن، مدين، خراب، نتن، سافل، مريع. مرتع مؤلم لمن يحلم برغيف، بكتاب، بغد قريب، بنوم مؤلم، بطعام نادر، لبنانكم شحاد، متسول، يبخل عليه الجميع، يعرفونه جيداً. خسر كل أوراقه على طاولة القمار الطائفية والسياسية. استدانوا ليراهنوا. كسبت الطوائف وخسر “المؤمنون”. انهم يستحقون هذا الافلاس والانهيار. إخجل. لماذا لا تجيب؟ لم تعد المرآة تطيق وجهك. ووجهك نموذج حقير لوجودهم. تطلع جيداً بصورتك. قرف المرآة واضح. تشير اليك بالرحيل. تريد وجوهاً تشبه الصباح. أنت العتمة. أنتم الخطأ. أفدح ما ارتكبتموه، انكم خنتم انفسكم. من يخون نفسه يخون بلاداً. أنتم الخطر الدائم. لم تستسلموا إلا للكذب والسفالة. اخترتم أن تكون جباهكم نعالاً في اقدامهم، لقاء حفنة من الولاء الحقير. هل تعرفون من أنتم؟ أنتم العقاب الذي نفذتموه بالناس الذين يقدّسون عرق جبينهم، ويحترمون مراتع رؤوسهم، ويأكلون خبزهم بكرامة واباء، لبنان هؤلاء تم اغتياله علناً. على مدار عقود، وجعلوه نموذجاً تحتذيه القراصنة، وانظمة السرقة، وثعالب المؤسسات. لم تتمكن أي عقوبة أن تصيب قاتلاً، أو فاسداً، أو سياسياً، أو مرجعية، أو نصَّاباً، أو مُهرّجاً طائفياً، أو عميلاً مفضوحاً. أو قاتلاً، أو فاسداً، أو سياسياً، طائفياً، أو قاتلاً باسلاً، أو حثالة في مواقع الصدارة: رئاسة ونيابة وقضاء وأمنا وصناعة ومالاً وزراعة إخجل. قل كم عمرك الآن. كم اعمار قبائلكم التي تأتمرون بإرادتها؟ المرآة تحسب جيداً. عمركم مائة عام. لم تفعلوا سوى ما افتعلتموه من اجتهادات عصماء، ترى في السرقة شطارة وبطاقة عبور إلى السلطة السهلة. لم تتمكن أي عقوبة أن تصيب قاتلاً، أو فاسداً، أو سياسياً، أو مرجعية، أو نصَّاباً، أو مُهرّجاً طائفياً، أو عميلاً مفضوحاً. أو قاتلاً، أو فاسداً، أو سياسياً، طائفياً، أو قاتلاً باسلاً، أو حثالة في مواقع الصدارة: رئاسة ونيابة وقضاء وأمنا وصناعة ومالاً وزراعة و… لا مجال لتعداد الارتكابات. سِجِل “ماريكا” السياسي حافل بجماعات الحبل، بكل الدنس العلني والسري. هل هذا الكلام معيب؟ الكلمات بريئة جداً. الكلمات لا ترتكب. فلتسكت عما تبقى. عيب. لا أجرؤ على الفداحة. أفضل الحزن على الانقاض، من الاحتفال بالسقوط. احيانا، يراودني الانتقام. افتح قاموس الشتائم، فلا اجد ما يكفيني، لأن سلالة “ماريكا”، مليونية أولاً، ومحمية دائماً، ولها نفوذ من “فوق، إلى تحت”. فكن عاقلاً أيها القلم، ولا تكن بذيئاً. إخجل. إبتعد عن صورتك في المرآة. حاول أن تقنع المرآة بصورتك الأخرى. صورتك الأولى، يوم كنت انساناً. يوم كنت حراً. يوم كنت عقدت قوامك على الافق، يوم انتميت إلى الحرف والكلمة والكفاف. يوم حلفت على العفة المالية والذمة الاخلاقية. حاول أن تندم. قل لمرآتك فعل ايمانك بالحرية والانسانية والعدالة والحكمة ومعاقبة المرتكبين. قد تصدقك المرآة. لم يفت الأوان بعد. دائماً هناك غفران للصادق. كن صادقاً. لبنان الخديعة والمخدوع والخادع مرمي على ارصفة العالم، ولا أحد “يلتكش” به ولو بحذائه. كشفوه حلةً ونسباً. عرفوه جيداً. انه حافل بالقديسين الاشرار. بالمراتب المهينة والمهانة. شهادات دول الغرب ملغومة وكاذبة. لا تصدقوهم. انبياء كذبة. تراجع قليلاً. اعد قراءة لبنانك من الألف. انه يستحق ابجدية جديدة، غير تلك الابجدية الفينيقية أو الاسلامية أو المسيحية أو الغربية. كل هذه الابجديات محوَّرة ومزورة. لبنان كان ضحيتها. صدقني. لم يفت الأوان بعد. المرآة تنصحك باستعادة تقاسيم روحك الطيبة وعقلك الذكي وارادتك النبيلة واستغلالك الناجز. بحلق جيداً في مرآة وجهك. أعد رسمه بابتسامة مؤلفة من طبقات التفاؤل والصدق. إذا لم تكن كذلك، اضرب المرآة بحذائك، واختر أن تكون لبنانياً رخيصاً، لا تساوي قمامة.
لم يخجل. ترك المرآة. ومضى إلى ماضيه الذي هو مستقبله المفلس. وغامرتُ أخيراً، وحدّقت في المرآة جيداً. كنت أريد أن اعرف من انا. أغلقت المرآة عينيها، فعرفت، انني أنتمي إلى جيل من الكلمات، وانني مجرد جملة بلا افعال. فتشت في ذاكرتي عن انجاز ما، ففشلت. عندها عرفت، انني سأكون مسؤولاً عن موت بلدي. ومثلي كثيرون. خجلت من نفسي. وتبرعت بالندم، ورحت أردد قولاً مأثوراً: “الخبز ديانة الفقراء والمحرومين وليس الآيات ولا الكلمات”. أخيراً وجدتها. افريكا افريكا. إني أنتمي إلى ديانة الفقراء. آمين.