أمتنا السورية تواجه اليوم حرباً شاملة على وجودها في كل الساحات:
أولاً، من قبل كيان صهيوني غاصب لأرضنا يمثِّل مشروعاً عنصرياً وإستعماراً إحلالياً يستهدفُ إجتثاثَ وجودِنا بالحروبِ التدميريةِ التي يشنُها علينا.
وثانياً، من قبل الدولة التركية الطامعة بأرضنا وثرواتها والتي تحتل أجزاء حيوية من وطننا (كيليكية والإسكندرونة وغيرها) وما زالت تتقدم على حدودنا الشمالية وتدعم الإرهابيين وتنشر ثقافة التتريك والعثمنة في المناطق التي تحتلها داخل الأراضي السورية.
وثالثاً، من قبل دول عظمى تدعي الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان ولكنها في الحقيقة دول إستعمارية إرهابية عريقة في قهر الشعوب وظلمها وفي نهب ثرواتها وخيراتها..
سورية اليوم تواجه تنيناً مفترساً يشرئبُ برؤوسه المتعددة ليبتلعنا، تنيناً متعدد المقابض المخلبية الفتاكة يطاردنا وينكر علينا وجودنا ولا يكف عن ارتكاب المجازر والجرائم بحق شعبنا.. يقتل الرجال والشيوخ والنساء والأطفال.. يغتال القادة والعلماء والنخب الثقافية والإجتماعية.. يشوّه المعالم الحضارية ويدّنس المقدسات، يحرق الكنائس والحسينيات، يفجّر المساجد والجامعات، ، يدّمر المرافق الحياتية والمؤسسات الإقتصادية والإنتاجية ويستولي على الممتلكات.. هذا التنين الحقود غايته الإستيلاء على كل فلسطين وتدمير الشام وضرب جيشها لوقوفها مع المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وغايته ايضاً القضاء على روح المقاومة في شعبنا وعلى إرادة الحياة فينا، وإخضاع هذه الإرادة لمشيئته وإملاءاته وهذا لا يتم إلا بتخريب مجتمعنا وضرب قواه واضعافها عبر التفتيت والتجزئة وإشعال نار الفتن الداخلية حتى لا يبقى أي قوة يمكن ان تشكل تهديداً لأمن الكيان الصهيوني..
والسؤال الذي لا بد من طرحه هو كيف نواجه هذه التنين المفترس المتعدد الرؤوس؟ وجوابنا البسيط: نواجهه بالوعي لحقيقتنا القومية التاريخية والحضارية ونواجهه بالعقل المُدّرك والإرادة الواعية والبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة.
إن العقل الشرع الأعلى والأساسي يحتّم علينا ان نزيل عواملٍ الضعفٍ والإنحطاطٍ والفساد والإنقسامات الموجودة في حياتنا وان نحرِّكَ طاقات المجتمع وإمكانياته التالدة وندعوها للوحدة والصراع من أجل الحرية والسيادة والإستقلال ومن أجل العدالة والكرامة لكل المواطنين دون أي تمييز.
فلا يمكن لنا ان نواجه التنين البربري ونحن مبعثرين ومنقسمين إلى مذاهب وعشائر واثنيات متناحرة..
ولا يمكن ان نواجهه بأفكار ظلامية وبمفاهيم جاهلية وبفتاوى المتخلّفين والجهلة والأميين..
نواجه التنين بنهضة مجتمعية خلاّقة تراهن على بناء الإنسان المجتمعي الجديد المتسلح بالعقل والإيمان والمصقول بقيم الحب والخير والحق والجمال.
نواجهه بثورة حقيقية إصلاحية نابعة من حاجاتنا وتطلعاتنا، وليس بثورة مستوردة أنشأها الإستعمار وتدعمها أنظمة الصهيونية العربية الأشد رجعية وتخلفاً..
نواجهه بثورة مجتمعية شاملة تنطلق من رؤية واضحة وفكر نيِّر ترسم حياة جديدة للشعب تعبيراً عن آماله وطموحاته ومصالحه الواحدة في الحياة لا بثورة تدّعي الإصلاح ولكنها تدّمر البلد وتذبح الناس وتقطع الرؤوس بالسيوف والسكاكين..
ونواجه التنين بخطةٍ نظاميةٍ دقيقةٍ واضحةٍ في الرؤيا والأهدافِ.. خطةٍ تقوم على أساس وحدة الأمة ووحدة الوطن وعلى قواعد نهضوية وأخلاقية وتراهن على ما يكمُنُ في نفوسِنا من قوةٍ مناقبيةٍ ومن خلقٍ وإبداع، خطةٍ هجوميةٍ تهاجم المفاسد والثقافاتِ الرجعيةِ المسؤولةِ عن الكوارثِ القوميةِ التي حلَّتْ بنا وتنشر الثقافة القومية الرافضة للإنغلاق والتقوقع والتعصب والإنعزال والمؤمنة بالتفاعل والتسامح والإنفتاح بين أبناء الشعب الواحد، ثقافة الديمقراطية وحب الوطن والمساواة بين جميع أبنائه دون أي تمييز ودون وجود حواجز طائفية ومذهبية.
بهذه الخطة النظامية وبثقافة الصراع والمقاومة، نواجه التنين دفاعاً عن الكرامةِ القوميةِ والوجودِ القوميِ ونواجه كل المتآمرين والرجعيين الذين يعملون على إذلال الأمة التي تأبى الذل.
بهذا الإيمان سنبقى نحن القوميين الإجتماعيين في ساحِ المواجهة نصارع بالمبادىء التي نحمل وبالدماء الحارة التي تجري في عروقنا إلى ان تنتصر هذه الأمة على أعدائها وتنعم بحياة العز والحرية والسيادة والإستقلال.