يندرج "اللقاء السنوي العاشر مع سعاده" والذي تقيمه "مؤسسة سعاده للثقافة" حول الأديب والشاعر محمد يوسف حمود. يبدأ اللقاء بكلمة رئيسة المؤسسة د.ضياء حسان حيث قالت :
أليوم لن أتوجه اليكم بخطاب بروتوكولي، بل بصرخةٍ وألم ٍ من حرقةٍ تَدمي قلوبنا جميعاً، من خوفٍ كبيرٍ على أعظم ِ فكر ٍ عَرَفَتهُ أمتي أن يصبح كُتبَ فلسفة ٍ وإجتماعٍ في مكتبة ِ الجامعة.
أسألكم يا تلامذة سعاده، ماذا حل بنا؟ كيف أصبحت مصالِحُنا الشخصية تتقدَمُ مصلحتَنا الوطنية؟ أهكذا علمنا سعاده؟ أنا لن أتزلف لكم بل أحضَكم على القيام بواجبكم الوطني، فالعتبُ والكلام في المجالس لا يجدي. الوطنية تقتضي تضحية، وبمقدار التضحية تكون الوطنية. هكذا علمنا سعاده. فكيف إذا كانت التضحية المطلوبة بالقليل القليل من وقتِكمُ الشخصي.
يا رفاقي، تعودنا في الأيام ِ السوداء حالكه الظلمة أن نعودَ دائماً الى سعاده فنغرف من فكرهِ الأمل والعزيمة على الاستمرار. لذا أتوجه إليكم وأستصرخ ضمائركم للعمل سوياً لنبقي هذه الشعلة مضاءةً في سماء أمتنا، أطلب منكم إعطاءنا جزءاً ولو قليل من وقتكمُ أو جُهدكم لنعمل سوياً لنبقي لأمتنا الأمل من خلال إبقاء الحيوية لهذا الفكر العظيم.
نحن في مؤسسة سعاده للثقافة عزمنا أن لا نفقد الأمل فوضعنا خطة متواضعة جداً لعملنا، أود أن أشارككم بخطوطها العريضة. فنحنُ نؤمن بالخطوات الصغيرة الثابتة والمستمرة.
رؤيتنا، وهذا حلمنا، بناء الإنسان الجديد الذي يحمل فكر سعاده. رسالتنا، أي ماهية وجودنا، نشر فكر سعاده على مستوى الوطن. أما عملنُا فنبنيه على قيمٍ تتلمذنا عليها وهي: المناقبية، النزاهة، الصدق، الفعالية، الفكر المنفتح، والتطور الدائم.
أما إستراتيجيتنا فهي ذات أربعة إتجاهات :
الإتجاه الأول : الإنتشار على مستوى الوطن.
الثاني : نشر فكر سعاده بوسائل جديدة تحاكي الجيل الجديد.
أما الإتجاه الثالث: التفاعل مع المجتمع بكل هواجسه وهمومه وإثبات الوجود.
والإتجاه الأخير: الإكتفاء الذاتي رغم صعوبته. فنحن نذكر دائماً قول الزعيم: "الإعتماد على النفس هو فصل الخطاب".
أتمنى علكيم يا تلامذة سعاده وضع أياديكم بيدنا لنحقق ما تصبو اليه أنفسنا، فنحن قلة قليلة تحاول أن تفعَلَ. قد نفشل فشلاً ذريعاً إذا لم نلق تجاوباً من حاملي فكر سعاده، وسننجح إذا تعاونا معاً، وكلنا ثقة لأننا تربينا على مقولة :
"إنَ فينا قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ"
وشكراً
ثم رحب سليمان بختي بالحضور وقال :
أيها الأحباء،
يسعدني بإسم مؤسسة سعادة للثقافة أن أرحب في أللقاء السنوي العاشر مع سعادة وهذه المرة نقدم التحية لشاعر وأديب جادت عبقرية الأمة بقلائل من أمثاله وهو محمد يوسف حمود.
نحتفي بشعره بكلماته وسيرته. الشاعر الذي حفر في صخر الوجود كلماته. الشاعر الذي – بكلمات أنطون سعاده – "الذي يعنى بإبراز أسمى وأجمل ما في كل خير من فكر أو شعور أو مادة". قبل ربع قرن غاب محمد يوسف حمود عن أنظار الناس ليولد في الكتب وفي ذاكرة النهضة وفي مجد القصيدة. ولم تزل قصائده تصدح أصداؤها. في الذاكرة والمكان والإنسان. كأنه الأمس كأنه اليوم كأنه غداً.
نحتفي به مثلما يحتفي الإنسان بالأمل. ألم يقل محمد يوسف حمود في زورق الحياة: "أنا الشاعر الجريح يراعي من ضلوعي ومن دمائي مدادي". ولم يكذب أبداً. وقال: "الجرح ينطق يا فم ودم الفدى يتكلمُ/ فاسكت فإنك إن تكلمتِ الزوابع ابكمُ/ ماذا يقول الحرف في الشفتين إن قال الدمُ/".
وصرخ في قصيدته "فتى لبنان": نحن من هزّ أمة فاستفاق الشرق من نومه وكان رقاده/ نحن نحن الأحرار نحن الأبيون حياة ومبدأ وإرادة".
في شعر محمد يوسف حمود أنت واقع على أمرين عنف النسور ورقة المتفائل. هل تعرفون السر الذي يجعل الأدب أدباً حقاً؟ أولاً أن تجد فيه أمتك وشعبك ومجتمعك وأهلك وناسك. وثانياً أن تجد فيه نفسك وحنينك وهمومك وذاتك المضطرمة. وليس هناك أدب خارج الحياة وخارج الأمة وخارج النفس. لم ننسَ محمد يوسف حمود ولن ننساه، سنظلّ نحبّه كل يوم، وسنظلّ نذكره، وسيظلّ في مرتبته ومكانته التي إستحقها وعمل لأجلها شاعراً تموزياً نهضوياً إشتعل ببطولة الكلمة والموقف والحب الشمولي. وأحبّ أمته وبلاده وعمل لأجل ذلك بصمت وصبر وإخلاص في صوت محمد يوسف حمود سمعت الأمة بعض صوتها وبعض أناشيدها من نشيد الشجرة حتى نشيد المقاومة. إنه أحد الشعراء الكبار الذي عرف قيمة الروح وجمال الفكر وإتساع الخيال وقوة الموقف وإنبرى ينسج أدباً جميلاً ترتعش له أعماق النفس البشرية. أدب لا تنفصل فيه الكلمة عن الناس. وفي ذلك يقول فيه محمد البعلبكي: "لا يمكن أن ينفصل لديه القول العبقري عن الوطن العبقري حتى غدا شعره وغدا أدبه نسيج وحيه في الشعر والأدب وتقدّم فيهما الإلتزام القومي الذروة المشهودة والأنموذج الذي ليس فوقه أنموذج". لقب محمد يوسف حمود بشاعر النهضة وشاعر الأمة وشاعر الأناشيد. فهو صاحب نشيد الحزب السوري القومي الاجتماعي، ونشيد الشجرة (وفاز فيه في مباراة شعرية شارك فيها شعراء لبنان ومنهم الأخطل الصغير الذي حلّ ثانياً)، ونشيد الجيش اللبناني، ونشيد الطفل، ونشيد الدرك ونشيد حزب النجادة (وهنا لما عاد الزعيم عام 1947 وعلم أن محمد يوسف حمود نظم بغيابه نشيد النجادة فقال له صحّح يا محمد... فأجاب شغلة طبيعية حضرة الزعيم أنا قلت بلاد العرب للعرب وبلاد السوريين للسوريين) وكذلك نشيد الكشاف ونشيد صيدا وختمها بنشيد المقاومة.
كان محمد يوسف حمود المولود في الناعمة عام 1919 والكاتب في جريدة النهضة عام 1937 والمنتسب في المرحلة السرية في الحزب ومنذ ذلك الوقت وهو في مناخ النهضة ضد المستعمر. تمرّد في العام 1941 على قيادة الحزب ثم عاد في 1947 مع عودة الزعيم حتى بلغ شرف الأمانة وعضوية المجلس الأعلى وبعدها اعتزل العمل الحزبي يوم انشق الحزب إلى جناحين. كان من أقرب المقربين إلى نهضوي كبير اسمه سعيد تقي الدين الذي كان يناديه بـ"حمودويه" على وزن سيبويه والذي قدم له ديوانه في "زورق الحياة" وكتب: "محمد يوسف حمود انه الأديب التام. والسراج وهو نور تام. الشعر عنده كان الحسّ أو الفكر أو الإثنان معاً ويصدح كل ذلك بالموسيقى. بعض قصائد هذا الكتاب شموع وبعضها شموس ولكنها كلّها وضّاءة". ويختم سعيد تقي الدين: "لعلّ أقسى مرحلة مرّت في حياة محمد يوسف حمود كانت غداة استشهاد الزعيم فراح يكتب لمجلة كل شيء ويتحدث للإذاعة عن الشجرة التي قطعوها والمدرسة التي أغلقوها، عن فتى لبنان وفتى الربيع وأمل الأمة الخالدة وفتى العرزال. عيّن أميناً لدار الكتب الوطنية وكان يهّرب الكتب الدسمة لمن يتوسم فيهم خيراً وموهبة. أنتخب في العام 1955 نائباً لرئيس جمعية أهل القلم مع صلاح لبكي وإدوار حنين وخليل الجر.
لبث يكتب القصائد والمقالات صرخات موجعة تنبض بالحقيقة. يتأمل العمر ويكتب "إنما العمر خطوة كل معناها/ إلتفات الإنسان للإنسان/ يتساوى من بعدها قصر العيش أم امتدّ في قياس الزوال/".
مع الهزيع الأخير من ليله كان محمد يوسف حمود شاعراً عليلاً بالرقّة. يرسل كتاباته إلى جريدة النهار للشاعر شوقي أبي شقرا. وكنت أسترق النظر إلى خطّه وأقول يا الله كم يشبه خطه خطّ الزعيم خطاً ومساراً. ومرة من مدى صوته الخافت سمعت شوقي أبي شقرا يقول: "لم أرَ صوتاً متهدّجاً في حياتي مثل صوته". في تلك الفترة كتب محمد يوسف حمود مقالته الشهيرة "هذا الأحزاب ليس حزبنا". ذوبته الكلمة وأخذت منه كل مأخذ. كان السقم يفضي إلى الصمت ولكنه ينهض إلى الحياة مجدداً، ودائماً كان الحدث القومي أول الغيث وبوابة البوح.
أصيب بيته في الحرب اصابة مباشرة عام 1990 وأمضى السنوات الثلاث الأخيرة من حياته صابراً على ما أصاب أمته من زرايا حتى أسلم الروح في 5/2/1993 ولكن الأديب يكّرم يبشر أعماله وهناك إرث قومي نهضوي وآثار فكرية وأدبية ومخطوطات في جوارير الظلمة. نطالب اليوم بتحرير هذا الإرث ونشره...
وبعد، ونحن، في إستعادة لصوته القوي العذب لنسمع الحياة بكل ما فيها من حق وخير وجمال وكل ما فيها من يأس وخيبة وقنوط. وفي الحالتين كان محمد يوسف حمود صادقاً لأنه كان شاعر الجراح التي لا تلتئم إلا بالكفاح. وبعد لمن نهدي هذه الأمسية وتلك الكلمة والقراءات. نهديها لمن أهدانا ذات يوم في كتابه في "زورق الحياة" إلى براعم آذار البيضاء، أضاميم تموز الحمراء، رفيقاتي ورفقاي على طريق الحياة... هذه الزوابع والنسائم من عرزال جبالنا إلى جناح بحارنا في النظرة الشاملة للكون ولا مكان للحب في الكفاح للعطر في الجراح".
نهديها إليه ونحن نستعيد معه روح النهضة وقيمها وإعلامها الكبار لما حملوه من جرأة وصدق وقاربوا بالفكر والعمل نهضة البلاد، نهضة الأمل. وكم نحن بحاجة أكثر من وقت مضى إلى تلك الرموز النبيلة التي إنغرست علامات مضيئة على الطريق لتقول لنا بفكرها الرائد ونضالها الحر وسلوكها المثال. من هنا، من هنا الطريق، من هنا الطريق.
شرف لي أن أقدم الأستاذ الصديق جان دايه في هذا اللقاء. ومنذ أن استحوذت عليه كلمة النهضة بات جان دايه لا يهدأ ولا يريح ولا يستريح. فجر النهضة، رموز النهضة، إعلام النهضة، رواد النهضة، غواص في بحر اللؤلؤ وقبل أن يصل إلى الشاطئ يرفع يديه عالياً ليجعلنا نرى وندرك ونؤمن.
أكثر من ستين كتاباً ولا يزال الدرب أمامه موصولاً. لجان دايه فضل على أمانة الحب العلمي في بلادنا. وله الشغف وله الهمّة العالية لرفع الغبن والظلم عن قامات لم ينصفها أحد. انه يكتب تاريخاً ناصعاً للنهضة.
وبعنوان "قال كلمته ووقف" قال الباحث والصحافي الأستاذ جان دايه :
نشرت دوريات الحزب عدداً من المقالات لرفقاء قدامى تحت عنوان "سعاده لأول مرة" . ولكن مقالة محمد يوسف حمود تميزت بأكثر من ناحية، لعل إحداها أن اللقاء لم يتمّ مع سعاده بل عنه. ويقول حمود الذي كان طالباً في مدرسة المقاصد الإسلامية في بيروت، التي كان الدكتور زكي النقاش ناظرها العام: "دخل علينا في الصف الرابع الثانوي في صبيحة يوم من مطلع تشرين الثاني عام 1935 واجما على غير عادته، وأرسل: صباح الخير، نهارك سعيد، بونجور، مرحبا، العوافي، مساء الخير، سعيدة، بونسوار، الله معكم، السلام عليكم، بخاطركم .. أف ما أكثرها". وتساءل: "هل أجمل وأحلى وأمتع وأصوب من تحية الوطن وتحية الأمة بتحية واحدة في كل آن ومكان؟ هل أروع من ان نحيي دائماً بلادنا فنقول : تحيا ... وتوجّه إلينا بسؤال: وما أسم بلادنا؟ فأجبنا معاً بصوت واحد: سورية .. أشرق وجهه المحمرّ والتمعت عيناه وهتف: تحيا سورية، هذه هي، وجدناها. تطلع الى فوق مرسلاً من أعماقه بإنشراح وإرتياح: أللهم أني بلّغت".".
أضاف حمود: "وبات لنا في كل صباح عقب إجتماع الصلاة، قبل الدخول الى الصفوف، هتافات نرددها مع الناظر العام: يا أبناء الحياة لمن الحياة؟ لنا ! ولمن نحيا؟ لسورية.. تحيا سورية ، تحيا سورية !"
فجأة غاب الناظر، وسرعان ما إنتشر "هذا الخبر في الملعب: الأستاذ زكي محبوس، وهذه صحيفة "المعرض" تحمل صورته. انه عميد الحربية في حزب سياسي سري إسمه الحزب السوري القومي و.. هذا هو الزعيم أنطون سعاده. وبعد شهر من ذلك اليوم، أفرج عن الأستاذ. وما ان وطئت قدماه الحازمتان مدخل الكلية، حتى كان فوق علي السبع الطالب القوي المنكبين. وكان ان أطلق علي صرخة من تحت من يحمل: يعيش الزعيم زكي النقاش يا .. فسارع صوت من فوقه إلى الصراخ: لا لا أبداً، لا زعيم إلا الزعيم".
اعتنق محمد عقيدة انطون بعد ان إستهواه فيها الدعوة الى " التخلي عن العصبيات العائلية والمحلية والقبلية والطبقية والعنصرية والمذهبية، لتحل محلها كلها العصبية القومية الإجتماعية الإنسانية، عصبية المواطن الإنسان الواحد لمتحده الوطن الإنساني الوحيد". وإذ لم يتوفر تاريخ الإنتماء بدقة، يمكن القول انه جرى بُعيد إنكشاف سرية الحزب في 16 تشرين الثاني 1935 وقًبيل حصول الهدنة بين الإنتداب والحزب في النصف الثاني من العام 1937، بدليل مداومته في مركز المنفذية في بيروت، ومساهمته في تحرير جريدة الحزب " النهضة" الصادرة في 14 تشرين الأول . 1937
كان حمود متعددّ المواهب. إحدى مواهبه تتجلّى بأسلوبه الآسر في رواية الأحداث بجدية مصطنعة، وعامية بيروتية فولكلورية، وسخرية لا تكليف فيها. وعلى سبيل المثال، روى لي في أحد لقاءاتي معه، المعلومة التالية:
كنت مداوماً في مركز منفذية بيروت في العام 1938، حين دخل قبضاي بيروتي يدعى محمد سعاده.. بعد السلام أشار الزائر الى صورة سعاده المعلقة وراء المكتب حيث أجلس وقال " سعاده وسعاده، يعني قرايب، جدي كان له أخ ترك بيروت واستوطن الشوير وشجرة العائلة تثبت ذلك". ثم دار الحوار التالي :
محمد سعاده: الآن وهنا أريد الإنتساب لحزب قرابتي !
محمد حمود: وهل أطلعت على المبادىء؟
ج- من كل بد: سورية للسوريين والسوريون أمة تامة !
س- وهل لديك فكرة عن دستور الحزب ؟
ج- طبعاً: تحيا سورية ! والباقي أعرفه بعد الإنتساب ؟
س- تعلم ان الزعيم قد اعتقل ثلاث مرات خلال عامين. ويمكن قول الشيء نفسه عن العديد من المسؤولين والأعضاء وقد تكون منهم ؟
ج- الحبس للرجال !
كان الرجل يسدّ كل باب يفتحه بوجهه حمود. ولم يبق للأخير إلا جارور المكتب ليفتحه، ويخرج منه طلب الإنتساب كي يملأه الزائر ويعيده. وسأله صاحبنا بعد ان أصبح الطلب في يده: يا سميّي، علمت إنكم تدفعون للعضو 200 ليرة لبنانية شهرياً. فهل تستكثرون 300 ليرة لمحمد سعاده؟
وأجابه سميّه: الظاهر هناك التباس، فبعض الأحزاب الأخرى تدفع لأعضائها، وعندنا يدفع الأعضاء للحزب؟
فامتقع وجه صاحبنا، ورمى طلب الإنتساب على الطاولة، وغادر ولسان حاله يقول: الآن تأكد لي ان حزبكم حزب ماسوني !
لم يبرز حمّود في واجهة الحزب على المستوى الإداري عبر مسؤوليات قيادية، بسبب وظيفته الرسمية في وزارة التربية. ولكنه برز بقوة على المستويين الإذاعي والثقافي عبر أدبه السياسي الذي نشر في الدوريات والكتب. صحيح إنه ذيّل أحياناً مقالاته بأسماء مستعارة ك "محمد رفيق أسمر، ومحمد رفيق شويري، وأبو هاني اللبناني" إلخ . وصاغ مضمونها بمنهج التقيّة وبخاصة التي تولّى قراءتها عبر الإذاعة اللبنانية كمقاليه " الشجرة التي قطعوها" و"المدرسة التي اقفلوها" اللتين رمز فيهما الى إغتيال السلطة اللبنانية لزعيم الحزب أنطون سعاده، وسحب الرخصة من حزبه. ولكنه كان لا يتردد في تتويج إسمه الحقيقي للعديد من مقالاته، كلما سنحت الفرصة، كما فعل في جريدتي "الأحد" و "كل شيء" في أواخر الإربعينات و"صدى لبنان" و "الأجيال" في منتصف الخمسينات.
ولتنوقف عند مقاله " الشجرة التي قطعوها" التي تعتبر نموذجاً لجزء من نتاجه السياسي الرمزي الذي اتبع فيه نهج التقية، وقد أوصاني بدرسه في أحد لقاءاتي به في باريس عام 1986. كان حمود عضواً في "جمعية الشجرة" التي يرأسها بدر دمشقية والد السفير نديم والناشطة في مهرجانات بعلبك سلوى السعيد، وزوج الأديبة والصحفية جوليا طعمه. ومن خلال نظمه لنشيد الشجرة وعضويته في جمعيتها، ألقى سلسلة أحاديث في الإذاعة اللبنانية عن الشجرة أوصى فيها المواطنين ان يتجنبوا قطعها. ولكن المسؤولين في 8 تموز 1949، أغتالوا سعاده برخصة رسمية، فألقى بعد أشهر عبر الإذاعة حديثه الشهيربعنوان "الشجرة التي قطعوها"، ولكن ليس قبل أن يعمم الحزب خبر الحديث على جميع القوميين وتوقيته. ومما قاله حمود على لسان الجدّ الذي قصّ لأحفاده حكاية قطع الشجرة: " كانت لنا في لبنان شجرة خضراء باسقة وارفة.. جذعها عمود من إباء، وفرعها قبة من شمم. أصولها عروق ثابتة كصخور الجبال، وأغصانها واحات ممتدة الى الآفاق. وتمايلت الشجرة يوما، تبسط على الأرض ظلها وترش في التراب حبات من قلوب أثمارها... وكانت غابة خضراء ندية فتية، غنية سخية، وهمست على أكمامها شفاه الحب والفنون والجمال... فقال لبنان: مني أنا انطلاق السنى وفيض الجنى والمنى"... فجأة تأوه الجد وكفّ عن الحديث هنيهة، فقد غصّ بالكلمة، وانحدرت من مقلتيه دمعتان، وقال: "ولكنهم لم يدعوها، لقد قطعوها، يا ويلهم، ولم يرحموا زهرها المعقود وثمرها المنشود".
طبعاَ، بكى سامعوه. وبعد أن مسحوا دموعهم، سطّروا مئات الرسائل الى الجمعية التي كانت تتلقى بمعدل رسالة في الأسبوع. وفيما يلي ما رواه لي حمود حول الحديث وتداعياته :
""بعد أسبوع زرت مركز الجمعية، فوجدت رئيسها بشعره الاأيض جالسا وراء مكتبه، وامامه تلة من الرسائل. وحين لمحني قال لي والفرح يغمر وجهه الجميل: شوف يا محمد شو مزدهرة جمعيتنا. مئات الرسائل ما شاءالله. فاقتربت وقرأت أسماء مرسليها. فاذا هم من قوميي صافيتا وحلب وحيفا ودمشق ووادي النصارى والكورة وجل الديب وبيروت وبعقلين وعين عنوب ومشغرة، وضهور الشوير وغيرها".
ولنقلب الصفحة على جمعية أهل القلم التي إنتمى اليها حمود وتولى نيابة الرئاسة في هيئتها الإدارية.
في اواخر العام 1954، أسس المحامي والشاعر صلاح لبكي جمعية أدبية باسم "جمعية أهل القلم" ولأنه اتبع، كمؤسس ورئيس للجمعية، نهجاً منفتحاً على جميع التيارات الأدبية – السياسية، فقد كان للحزب القومي الذي كان لبكي من أركانه حضور ملحوظ، نوعياً لا كمياً، ليس فقط كأعضاء، بل أيضا كمسؤولين. وعلى سبيل المثال، جرت أول معركة إنتخابية في الجمعية، ففاز بعضوية المجلس الإداري: صلاح لبكي للرئاسة بالتزكية. الدكتور كمال يوسف الحاج. فؤاد كنعان. جوزف باسيلا. زاهية قدورة. جميل جبر. أملي فارس ابراهيم. موسى سليمان. سعيد تقي الدين. محمد البعلبكي. محمد يوسف حمود. وعلى الفور، عقد المجلس الإداري جلسة لإنتخاب هيئة مكتبه، ففاز محمد يوسف حمود لنيابة الرئاسة، املي فارس ابراهيم لأمانة السر، وفؤاد كنعان لأمانة الصندوق.
ويلاحظ من الإنتخابين أمران:
الأول، ان أربعة قوميين إنتخبوا لعضوية المجلس الإداري وهم: محمد البعلبكي، سعيد تقي الدين، موسى سليمان، ومحمد يوسف حمود.
الثاني، أن حمود أنتخب نائباً للرئيس.
وكان لحمود دور بارز في قيادة الجمعية، وقد تجلى ذلك في القائه الكلمات بإسم الجمعية.
فجأة توفي رئيس الجمعية صلاح لبكي. فانتخب إدوار حنين رئيسا لها. وبقي حمود نائباً للرئيس. ولكن السياسة- بالسين الصغيرة - تسللت الى الثقافة، ولم يكن صاحب الفخامة محايداً، فاستقال رئيسها، وجرت إنتخابات جديدة، ففاز الدكتور خليل الجر بالرئاسة، وأعيد انتخاب محمد يوسف حمود نائباً له، واملي فارس ابراهيم أمينة السر، وحل موسى سليمان مكان فؤاد كنعان لأمانة الصندوق. ألقى حمود كلمة الجمعية فنوّه ببعض الأعضاء، وغمز من قناة البعض الآخر، على طريقته، فقال: " بعدما (فشل) الشاعر القاضي السفير النائب الوزير سليم حيدر في لبنان برئاسة أهل القلم، سكت عن كل قول.. وبعدما تبقى لموسى سليمان ثلاثماية ليرة لبنانية في ذمة الجمعية رصيداً بعد كل حساب، وقيل إنه (يأكل) معنا الصندوق، تبينت كيف تتآكل الأقاويل ألسنة النفاق".. وبعدما "أعلن ميخائيل نعيمه متبرئاً متبرماً يقول: لقد انسقت بعاطفتي، ووقّعت القرار الجاف الأبتر بيد غير طيعة، أدركت كيف استدرج ذوو العواطف الطيبة وأستعيرت أسماؤهم الضخمة لقرار هزيل مقرر".. وبعدما هتف شارل مالك لأمينة السر العام سراً عاماً، دريت ما كان سر موقفه الصامت الواجم الحائر البليغ من قرعة سرية لعبت في صالون داره بدون رضاه". أضاف، بل ختم، "معذرة القلم وغفرانك لبنان بعدما أشيع ان سعيد تقي الدين عميل إستعمار، لم أعد أصدق الشوائع". وخاطب رفيقه وصديقه: " كلا يا سعيد وأنت القائل (اذا أردت أن تقتل عدوك أطلق عليه شائعة. ان الشائعة على مشفري مطلقها الحقير ترتد اليه فتقتله، شأن الرصاصة المتوثبة على فوهة مسدس يطلقها ولد غرير فترتد اليه، واذا طاشت عنه فلتصيب أخته او أخاه او أمه او أباه".
وعلى ذكر جمعية أهل القلم وسعيد تقي الدين، ألخص ما سمعته من حمود تعليقا على ما قاله أحد أمناء الحزب، وأحد أعضاء الجمعية:
في أوائل 1966 أصدر الشاعر القومي ايليا أبو شديد مجلة (المواسم) الشهرية. واتخذ لها مكتباً في مبنى يقع في الجهة الغربية من ساحة البرج، وقد تولى الأديب القومي جورج مصروعة رئاسة تحريرها. كنت مبتدئاً وهاوياً في الكتابة الصحفية. وفي أواخر العام نفسه، قال لي أبو زيكار وهو يلعب دق طاولة الزهر المدمن عليها: مرّ صباحاً على مكتب المجلة، لأن إيليا يرغب في نشر بعض نتاجك. وفي صباح اليوم التالي. امتطيت بوسطة انطلياس – بيروت، ورأيتني بين كوكبة من الأدباء، إضافة الى المثقف القومي نسيب عازار الذي عرف بقديس الحزب. في ذلك الوقت، أصدر الكاتب السعودي المتحرر عبدالله القصيمي كتابين ضخمين: (العالم ليس عقلاً) و (هذا الكون ما ضميره). أرسل ايليا موظفا ليشتري الكتابين، فعلق الأمين نسيب: "اذا كان صاحبنا سعودياً ومبدعاً، فيكون جده الأعلى من تلك الهجرة السورية التي إنطلقت من الهلال الخصيب باتجاه العربة". فرد عليه حمود بين المزح والجد: "ولو يا أمين نسيب، استكثرت على السعوديين أديباً مبدعاً واحداً"؟
وقلب يونس الإبن – اسمه الحقيقي يونس يونس – الصفحة، فقال: في منتصف الخمسينات، كنا وأبي يوسف يونس أعضاء في ( جمعية أهل القلم) التي كان يرأسها صلاح لبكي، وكان من أعضائها سعيد تقي الدين، الذي لم يكن عارفاً أننا أب وابن. لذلك لحظة التقينا به، عرّفنا على بعضنا فتصافحنا وتبادلنا كلمة " تشرفنا"! فكانت بلغة ساخرة على سيد السخرية". فأجابه حمود، الذي كان وقتذاك نائباً لرئيس الجمعية: " لقد عرّفكما على بعضكما، وهو يعرف انكما أب وأبن".
أما "دار الكتب اللبنانية" التي باتت تُعرف ب "المكتبة الوطنية، فقد أمضى حمود حياته الوظيفية فيها، كموظف عادي اولاَ، وكرئيس قلم، تالياً. ولم يصبح أمينها العام، لأنه رفض مقولة "دولة لبنان الكبير" التي أعلنها الجنرال الفرنسي غورو، وآمن بعقيدة صاحب العرزال أنطون سعاده وانتمى الى حزبه الذي أعتبره دولة الأمة السورية المصغرة".
أجريت معه مقابلة صحفية عن دار الكتب، وطلبت منه مقارنتها بمكتبة الجامعة الأميركية، فأجاب بسرعة: "الفرق بين دار الكتب اللبنانية وجامعة يافث التذكارية، كالفرق بين الجمهورية اللبنانية والولايات المتحدة الأميركية". وخلال المقابلة روى لي الحادثة الطريفة التالية :
في عهد وزير التربية المير رئيف أبي اللمع، أعدّ الموظفان في الدار منير وهيبه وآخر من آل معوض أصبح فيما بعد أميناً للدار، كتاباً حول محتويات دار الكتب وتاريخ تأسيسها، وقدما نسخة مجلدة ومرقمة لمعالي الوزير بأمل ان "يُحلونهما" بمكافأة مالية تغطي كلفة الطباعة".
وكانت المفاجأة... فقد وقّع معاليه على حوالتين، إحداهما باسم حمود وتقضي بدفع ألف ليرة لبنانية، والثانية، تتضمن قراراً بدفع خمسمئة ليرة لبنانية لكل من معوض ووهيبه.
بعد فترة قصيرة اجتمع المير رئيف بموظفي وزارة التربية ومنهم موظفو الدار التابعة لها، وحين التقى بحمود دار بينهما الحوار التالي:
الوزير: هل قبضت الحوالة ؟
حمود: قبضتها وصرفتها ولكن...
الوزير: أترغب في معرفة سبب الحوالة؟ حسنا إنها مكافأة على الكتاب الذي وصلتني هدية منه !
حمود : ولكني لم اشترك في إعداده ...
الوزير: أعرف، أعرف، ولكن ماذا أفعل بالمادة 6 و 6 مكّرر؟
والطريف ان الوزير ابي اللمع، الذي كان طبيب سعاده في الثلاثينات، علماني، ولكنه كان مضطراً لممارسة التوازن الطائفي الذي تنص عليه المادة 6 و 6 مكرر في الدستور اللبناني. والأكثر طرافة ان معاليه قد دفع لأديب لم يشترك في تأليف الكتاب، ضعف ما دفعه لمؤلفيه. ليس فقط نكاية بالطائفيين المناهضين بشراسة لمبدأ فصل الدين عن الدولة، بل أيضا لمساعدة صديقه المعجب بأدبه المليء باللمعات الإبداعية وغير المتعجب لطفره.
ورغم الظلم الذي لحقه في الدار التي أمضى حياته رئيسا لقلمها، فقد بقي غيوراً عليها، ومسخراً قلمه من أجل تفعيلها وتطويرها. ولعل مقاله "هكذا نتمنى دار الكتب اللبنانية"، الذي نشره في مجلة "المواسم" قبل نصف قرن، خير مثال. قال حمود مستشرفاً المركز الجديد للمكتبة الوطنية: "باتت الحاجة ماسة بل ملحة، الى بناء مستكمل حديث تكون فيه دار الكتب اللبنانية هذه احدى مرايا وجه لبنان الثقافي الحضاري، التوجيهي السياحي، والرسالي الإنساني في هذا العصر .. على ان تختار لهذا البناء الذي نتصوره سامقاً شامخاً على أرض مبنى الصنائع حيال حديقة الصنائع العامة في العاصمة – هذه الأرض التي تملكها الدولة وتشرف عليها وزارة التربية الوطنية".
والسؤال الآن :
ماذا عن نهج حمود الفكري ولغته الأدبية؟
لو شئت الإختصار لقلت ان أدبه مصاغ بلغة قرآنية وبنهج سعادي. لقد درس حمود في كلية المقاصد الإسلامية البيروتية التي تولي اللغة العربية والقرآن الكريم، إهتماماً خاصاً. وهذا لا يعني انها تهمل اللغات الأجنبية، بدليل ان حمود أتقن اللغة الفرنسية. وقد يكون حمود في طليعة طلاب المقاصد توظيفا للغة القرآنية السجعية في أدبه. ومن جهة المضمون، يمكن ان يكون الوحيد بين نظرائه المقاصدييّن، الذي صاغ مقالاته وكتبه وفق نهج سعاده وبخاصة الناحية المتعلقة بالتجديد الأدبي المرتكز على نظرته الفلسفية الى الفن والحياة والكون. طبعاً، هذا لا يعني ان حمود كان ناسخا للغة القرآن ولنهج سعاده. فهو ككل مبدع، أقتبس وبلور ما اقتبسه، وأسس مدرسة في الأدب، بحيث اذا قرأت نصا له غير موقّع، تدرك فورا انه بقلمه. وهنا يجدر القول، ان بعض الأدباء والخطباء في لبنان، يمارسون عرض عضلات في اللغة العربية التي يتقنون صرفها ونحوها، ويهملون مضمون مقالاتهم وخطبهم؛ فيما البعض الآخر، يبدعون مضمونا، ويكتبون بلغة ركيكة. حمود يحتل رأس لائحة قلة من الكتّاب، الذين يوفقون بين الإبداعين الشكلي والمضموني، ومن هؤلاء الأمين الأديب فهد الباشا.
واذا قرأنا خطبته المعنونة "في ذكرى إعدام سعاده – تلك كانت معركة الحمار الأعرج"، نجد التاريخ الإسلامي إضافة الى اللغة القرآنية، من جهة ... ونهج سعاده وجريمة إغتياله الرسمي، من جهة أخرى. يقول الخطيب: أمس في هذا العام 1986، سمعت النائب بابكيان يتحدث ليوم التضامن مع الجنوب اللبناني والمقاومة الوطنية، فقلت له: ليتهم عرب مثلك يا خاتشيك مدّعي العروبة أولئك. وقبله في ذيّاك العام 1936 سمعت ان الزعيم سعاده يقول: إننا كلنا مسلمون لله رب العالمين. فقلت له: ليتهم مسلمون مثل أنطون مدّعي الإسلام اولئك". وهو تذكّر الكاتب بابكيان وسعاده، أثر اندلاع نزاع مذهبي في بيروت شبّهه جاره " بمعركة الجمل تعود بوجهه الكامح"، وشبهه هو " بمعركة الحمار الأعرج بنتاجها الطالح". وتساءل حمود : " من ذا أنا بينكم يا مسلمون؟ أشيعي أنا أم سني تتساءلون؟ وأجاب بسؤال: "ألم أقل لكم من زمان يا بني قومي، أنني مسلم أنا قومي، جللوا بالزوبعة جثماني وباركوا صدري بقرآني... هذه وصيتي يا سيف عمر ويا سيف علي فلا تقتتلا. ان القاتل والمقتول كليهما في النار. تماماً كما يقول للكثلكة والأرثوذكسية رفيقي: مسيحي أنا قومي رصّعوا بالزوبعة إكليلي وباركوا صدري بإنجيلي. تماماً هو الدرزي رفيقي، قومي إجتماعي بالفطرة يقول: درزي أنا قومي توّجوا بالزوبعة جبيني وباركوا بالحكمة يقيني". ومن لمعاته في هذه الخطبة قوله: "أعظم من الزعيم سعاده هو الشهيد سعاده".
وبمناسبة أظلم محاكمة سياسية خورية صلحية في تاريخ هذه الأمة، أنوه بأعدل محاكمة أدبية حمودية.
في أوائل خمسينات القرن الماضي. زار بيروت الملك سعود، فتسابق ثلاثون شاعراً في مديحه، وفي طليعتهم سعيد عقل الذي قال فيها :
"ما بنى آل سعود للعلى نحن أحللناه في عالي المكان
بيننا حلف حميم نصّه فوق ما خط على الطرس بنان"
بعد نشر القصيدة، عُقدت المحكمة الحمودية "في العاشر من نيسان هذا الربيع" على النحو التالي: "الرئيس: قدموس. مستشار: رندلى. مستشار: بنت يفتاح. الكاتب: محمد يوسف حمود". ورد في حيثيات الحكم ان "القصيدة التي نشرت أمس بتوقيع سعيد عقل، ليست لسعيد عقل، لأنها ليست قصيدة". وهذه الحيثية وفرت له الأسباب التخفيفية ، بحيث ان الحكم المستوحى من "داللوز" الوهابية اكتفى "بجلده مائة جلدة".
ولأختم بما ختم به وصيته التي كتبها بخط يده، الشبيه بخط يد سعاده: "أرجو ان تنشر مقالاتي المحفوظة في الأكياس الثلاثة وفي غيرها بين أوراقي في بيتي، كتباً ثلاثة:
عنوان الأول (على مدار الدائرة) ويحتوي المحاضرات والخطب ذات الإتجاه.
عنوان الثاني (في الطريق الى الطريق) ويحتوي المقالات ذات الإتجاه.
عنوان الثالث (بلا عنوان) ويحتوي من عدا تلك المقالات.
اما القصائد الجديدة فتجمع وحدها بتوقيعي وبالأسماء المستعارة.
وأما الأناشيد فتجمع تحت عنوان (اناشيد حمود).
وحبذا لو يشرف الأستاذ جان دايه على ذلك او سواه من هواة الموضوع. أول تشرين الثاني في 1989"
ثم تخلل اللقاء قرءات من شعر المكّرم ألقتها الأستاذة ريما أبي خير وقالت:
فَتَـــــــــى لُبْنَـــــــــــــــان
سائِلِ الأرزَ، هـَـــــلْ خَفَرْنــا وِدادَهْ
يـــــومَ كان أدعـــــــاؤُهُ جَــــــلاّدَهْ؟
يــــــَوْمَ كانت إيمـــاءَةً مِنْ فَرنَسـا
تَمْسَـــخُ النَّسرَ في ذٌزاه جــــَرَاده
وَأشَرْأبُّتْ جَوَانِـــــــحُ الزُّغْبِ مِنّـــا
بَيّنَ ظِفْـــرِ الأذى ونَـــــابِ الإِبــادَهْ
سَـــلْـهُ، يُنْبِئْــكَ أَنّــــــهُ ما اسـتَقَلَّـتْ
في عُلاهـــا ... أغْــصاُنهُ المَيَّـــادَهْ
لا، ولَم يَــــدْرِ للسِّيـــــادة مَعْنَــــىً
قبْلَ أَنْ نَسـتَــرِدَّ نَحْـــــنُ السِّــيــادَهْ
نَحْــــنُ، مَن هَــزّ أُمَّة ... فاسْـتَفَاقَ
الشَّـرْقُ مِن نَـومِهِ... وَعَافَ رُقادَهْ
نَحْــنُ، نَحْنُ الأحْرارُ .... نَحْـــــــنُ
الأبّيــــونَ حياة ومَبْــــــدأً وإرَادَهْ
سَلْهُ، مَن قَـــالَ لِلْفَرَنْسِيِّينَ : كـــــلّاَ
نحْــنُ لسْنَــــــا بالأُمَّـــــــةِ المُنْقَـادَهْ
سَلْـــهُ، مَنْ قَالَ للعُروبـَةِ : هَيَّــــــــا
جَابِهي الغَـــرْبَ، وادْفَعِي اسْـتِبْـدادَهْ
سَــلْــهُ، مَنْ قَــالَ قَـبْلنـاَ نَحنُ : تَحْيا
سُؤرِيْـــا كُلُّهْـــــا .... حَيَــاةَ سَعَاَدَهْ.
*****
سَـــل بْشامُونَ... مَن تَرامــى إليَها
يَـــوْمَ صَاحتْ: مَن لِلوغى والشَّهادهْ؟
مَـن بَـنى هـيْكلَ الإهَابـــــةِ فِيْهــــــا
غَيَرُنَا نَحْنُ : أُسَّـــــــهُ وعِـمــــــادَهْ؟
قُلْ لِمنْ يَدَّعِيْــهِ : منّا الدَّمُ المُهْــراقُ
في مَـــذبح الفِدى .... للعِمــــــــادهْ
فالشَهِيدُ الوحِيدُ، مِنّــــــا ....تَلْقَــــى
مَعَنَا كَيفَ يَـــــــألَفُ استشْهَــــــادَهْ
نَحْنُ مَنْ شَــــــــاءَنَا المُعَــلِّمُ طُلاّباً
فَكُنَّــــــــــا جُنُــــــــودَهُ وعِتَـــــــادَهْ
مِنْ سَنــــــى رُوحِهِ على مُقْــــــلَتَيْهِ
سَــلْ أَضْـواءَ قَـلبــــــهِ وَمِـــــــدادَهْ
إِنَّما المَدْرَحِيَّـــــــةُ النَّظْرَةُ المُثْلَــــى
إِلــى الـكَــــــوْنِ، لَـقَّـنَـتْـنَـــا جِهـَـادَهْ
فَـانْـطَـلـقْـنَــا، باسـمِ الزَّعيمِ، نُغَـنِّـــي
لِلـمعَــــالي آمـــــالَهُ واعْـتِـقَــــــــادَهْ
نَجْبَــــهُ القُــوَّةَ الرَّهيْبَةَ... لا نَعْـرِفُ
في زَحْمَـــــــةِ الصِّـــــراع هَـوادهْ
وَنُنـــــــادي : إِلى الكِفاح ، لِتَحْيـــا
سُـــــــوْرِيا كلُّها ... ويَحْيَـــا سَعَادهْ
*****
واذْكُـــــري أَنْت يا فِلَسْطين رَأيــاً
قَالَــهُ فِـيْـكِ .... واسـتَعـيـدي سَـدَادَهْ
واذْكُرِيْهِ ... يُحْيي الّليالي، وشَكْـواكِ
لَــدَيْــــــهِ غِـطاؤُه والـوِسَـــــــــــادهْ
ثـاقِــبُ الـرَّأيِ، صـادِقُ القّـوْلِ، وَاعٍ
عـالِــمٌ ، واسِــعُ الــمَــدى ، نَـــقَّــادَهْ
لا يُـبالي ، ما قالَ فيهِ اعْـتِـبـاطِـيُّــونَ
يَـــخْــشَــــوْنَ حِــزْبَــهُ واشْـــتِــدادَهْ
إِنَّ مَــنْ شَــادَ لِـلْــحَقـيْـقَــةِ صَـرْحًــا
لَـيْـسَ يَـخْـشَى ... فَـقَـدْ بَـنـاهُ وَشَـادَهْ
أُذْكُـرِيْـهِ، وَالـكَـوْنُ يُـصْغِـي إِلى مـا
قَــــالَــــهُ ذَلِــكَ الـــفَـــتَــــى وَأَرَادَهْ
قالَ : يا سوريـا ، جَنوبُـكِ لا يَـرْجِـعُ
إلّا إِذا الــشَّــــمــالُ اسْــــــتَـــعـــادَهْ
وتَكَـتَّــــلْـتِ، وَحْـدةً منْ عِــــــــراق
وَشَــــآمٍ ... حَقيْقــةً مُسْـتَـعَـــــــــادَهْ
جَيشُــكَ الجَيْشُ مِلءَ لُبنانَ والأُرْدُنَّ
يَمشــي... كَالمِنْجَل الحَـصَّـــــــادَه
هَاتِفــاً، والسِّلاح دَام : لِـتَحْيَــــــــا
سُـورِيَا كُلُّها ... حَـياة سَــعَـــــــادَهْ
*****
أينَ حُسني الزَّنِيْـمُ؟.لا كانَ ..غَـدّاراً
تَمادَى في غَــدْرِهِ .... وأجَــــــــادَهْ
شَرَفُ الجَيْــشِ، كانَ بَيْنَ يَدَيْــــــــهِ
خَمْـــرَةً ... ماجِنًا بِهَا... أو ...غَادَهْ
أقْسَــمَ الجَـيْـشُ، حِينَ أقسَم للمُنْقِـــذِ
أَنْ قَدْ أَجَــــــــــــارَهُ وأقَــــــــــــادَهْ
وَدَعَــاهُ .. وقالَ : للثَّأرِ ... كُـنْ بي
مُسْتَعِيْنًا .. وَخُـذْ لَهُ اسْــتِـعْـــــــــدادَهْ
لَكَ ما شِـئْـتَ مِنْ سِـلاح ، ومِــــــــنْ
مال.. فلا تَـخْـشَ شِـحَّـهُ او نَفَـــــادَهْ
شَـرَفًـا، أَنْـتَ يا زَعـيمُ لَـدَيـنَــــــــــــا
آمِـنُ الـنَّـفْـسِ... مُطْمَئِـنُّ الـوِفَــــــادَهْ
وَتَــلَــفَّــــتْ ، إِنْ هَـــانَ جَـــيْــشُــــكَ
يَـا صَـاحِ إِلَـيْــنــا.. نُـتْـبِـعُ بِـهِ إِمْـدادَهْ
وَرَآهـــا تَــثُــورُ زَوْبَــعَــةً حَــمْــراءَ
تَــعْـــلُـــو بِــقَــاعَــنـــا .. وَنِــجَـــادَهْ
وَلَـدَيْـهـا زَعِـيْـمُـهـا، يُـعْـلِـنُ الـثَّـوْرَةَ
الأُولــى الَّـتـي شـــاهَــدَتْ مِــيْــلادَهْ
ثَـوْرَةً شَــاءَهــا الـرَّبـيْـعُ .. لِـتَـحْـيـا
سُــورِيـا كُـلُّـهـا .. حَــيــاةَ سَـعــادهْ
*****
وَبِأولى مَعَارِكِ النَّصْرِ... كــــــــانَ
الغَدْرُ في اللّيلِ... مُعْلِناً مِيْعَـــــــادَهْ
ليلة ، عاشَـهـا المَسيْحُ... فَنَـــــادَى:
رَبِّ... أَرْجُوكَ يا أَبي إِبْعَــــــــــادَهْ
إِنَّهُ المَوْتُ!... غَيْـــــــرَ أنَّ سـعَـادَهْ
قالَ: شُكرًا.. وَلَمْ يَـفُـهْ بِـزِيَـــــــــادَهْ
قَالَ: شُكراً ... وَهَـزَّ رَأْسَ زَعِـيْــــم
عَرَفَ المَجْـدُ وَعْـيَـــهُ وعِنَـــــــــادَهْ
مَنْ رَأى النَّسْـرَ هَادِئاً ، يَـرْمُــــــــقُ
الصَّيَّادَ شَـزْرًا... وَقَدْ أَتَمَّ اصْطِـيَـادَهْ
لا يُبالي، فَفي الذُّرَى الشُّـمِّ خَــــــلَّـى
لِـبَـنِـيْـــهِ مِـنْ بَـعْــدِهِ أَمْـجَـــــــــــادَهْ
ليسَ يَفنــىَ مَنْ أورثَ الجِيْـلَ رُوْحًـا
سَــتَعِــي فُسْـحَةُ الزَّمانِ امْـتِــــــدَادَهْ
وَقَفَ النَّـسْرُ ، يَصْفَعُ السَّفْحَ صَفْـعًــا
هَـــزّ لُــبْــنــانَ : حَــيَّــهُ وَجَــمــــادَهْ
وقْـفَـةَ الـعِــزِّ .. وَهْـيَ تَـعْــنـي لَـدَيْـهِ
كُــلَّ مــا فــيــهِ : ضَـــوْءَهُ وَرَمـــادَهْ
بـاسِــمًــا ، هـاتِـفًــا : أَمـوتُ لِـتَـحـيـا
ســـورِيـا كُـلُّـهـا .. حَــيــاةَ سَــعــادهْ
انتظار سعيد تقي الدين
ليلة ماطرة في بيته
خَيْبَــــــــــة
أنا هنا .. من مُدَّةٍ مَـديـــــــدةٍ ..مُـمَـــــدَّدَه
أُسامِرُ الدُّخَانَ..سَلْ ما تـرى في الـمِـرْمَـدَه
كَأَنَّني.. مِـدْخَـنَـةٌ .. وفي فُؤادي مَـوْقِــــدَه
ولَمْ أَزَلْ ..لَفائِـفي دَخيْنَةٌ ....مُـتَّـقِــــــــــدَه
أَقْـتاتُها سيكارة سيكارةً ....مُسْـتَـشْـــهِــدَه
رأيْتُها.. مُغْرِيَة.. على رَحِيْبِ المِـنْـضَـدَه
كأَنَّها.. أَمْـوالُـكَ السَّائِـبَـــــةُ المُـبَـــــــــدَّدَه
فَمَنْ هُـناكَ قَيَّـدَهْ؟.. بَلْ مَـنْ هُـنَاكَ شَـــرَّدَه
تُرَى أَضاعَ بَيْـتَـهُ.. كَما أَضَــاعَ مَـوْعِـدَه؟
أَنــا ..أَنــا لَـولا انْهِـمارُ اللَّيـلةِ المُعَـرْبِــدَه
لَـرُحْتُ.. لا أَسْـطِـيْعُ قَـيْـدَ ســـاعَةٍ مُقَيَّــدَه
وَكُـنْـتُ في عَـشِـيَّةٍ دافِـئَــــةٍ.... مُغَـــرِّدَه
أَزُقَّهــا شِـعْـرًا.. وَأَحْسُـوها حَـياةً مُزْبِــدَه
على مَدى سِمفونيا..في الرَّاديو. مُزَغْرِدَه
عُدْتَ؟ .. فَيا لَخَيْبَتــي المَريْرَةَ المُجَـرَّدَه
أَيْقَظَتْني مِن نَشْـوَتي الشِّعْرِيَّـــةِ المُوَرِّدَه
وفي موعد معها ،
أطَلَّ على آفاق
عُمْرٌ يَبْتَدي
هُنَيْهَةٌ .... مَـــــــــرَّت.. علــــــــى
دُنْيـــــــايَ... بَـــــــلْ في أَبَــــــدي
كَـــــــانَتْ.... وكَـــــــانَ المُلْتَقَــــى
أَمْســــــي ...وَيَـــومي.....وَغَــدي
وَرُبَّ عُمْـــــــــــرٍ .... يَبتَــــــــدي
أوْ يَنْتَــــــــــهي.... في مَــــوعِـــــدِ
كَــــــانَتْ .....فَكَـــــــــانَ شُــرْفَـــةَ
الآفــــــاقِ فيــــــها.....مَقْعَـــــــدِي
وَأَنْـــــــتِ.... أَنْــــــــتِ المُشْتَـــهَى
فـــــــي خَـــــــاطِري.. وفي يَـــدي
مــــــاذا أَنـــــا؟ ... لَـــوْ لَـمْ تَكُوني
أَنْــت ؟ .. لَـوْ لَـــــمْ تُـــــوْجَـــدي ؟
مِــــنْ أَيْـــنَ لـي، لَــــوْلا شَــــــذَاكِ
الطِّيْــــبُ.... فـــــــي تَنَهُّـــــــــدِي؟
مِـــــنْ أَيْـــنَ لِـي، لَــــوْلا يَـــــداكِ
الــمُــرتَــقَـــــى .... لـلــسُّـــــؤْدُدِ؟
يَـــــــا غُـــــــرَّةَ الأَضْـــــواءِ...في
إِطْــــلالَةِ الفَجْـــــــــرِ النَّـــــــــدِي.
عَيْنَــــــاكِ.... يـــــــا لَلْـــــــواحَتَيْنِ
فــــــي البَعِيْـــــــــدِ السَّــــــــرْمَدِي
لِـــــي فِيهِمــــا...صَحْــــوُ الرَّبِـيْـــعِ
الـــرَّافِــــــــــــــــل.... الـــمُــغَــــرِّدِ
وَبُــكْــــرَةً... إِمَّــــا احْـــتَـــوانـــــــا
الــــدِّفءُ.... عِنْــــــدَ الــمَــوْقِـــــــدِ
نَـــقَــــــولُ لـلــدُّنْـيــا: اعْـــصِــفِـــي
وَأَرْعِــــــــــــدِي....وَعَــرْبِــــــــِدي
حَــيَــــــاتُـــنــــــا... زَوْبَــعَــــــــــةٌ
بـِهَـــــــــا....وَمِنْهَــــــا....نَـبْـتَـــدِي
بَعْدَ الكارِثة في فِلَسْطين،
وقُبَيْلَ انتِفاضة لُبنان.
جُرْحُ البُطُولَة
الجرحُ ينطـــــقُ يا فمُ ودمُ الفـــــدى يتكلــــمُ
فاسْكُتْ.. فَإِنَّكَ إِنْ تَكَلَّمَـــتِ الـزَّوَابِـعُ أَبْـكَـــمُ
ماذا يَقُولُ الحَرْفُ في الشَّفَتَيْنِ.. إِنْ قَالَ الدَّمُ؟
وطني، سَـألْـتُكَ ما أَقُـولُ..وَأَنْتَ أَنْتَ المُلْهِمُ؟
هَـا أَنْتَ، يا وَاحَ الأَمَـاني.. لِـلْيَـتَـامى مَـيْـتَــمُ
في كُــلِّ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِــــكَ، لِـلْكَرامَةِ مَـــأتَـمُ
فَعَلَى ذُرَاكَ الشُّـــمِّ، يا وَطَنَاهُ، تَبْكي الأَنْجُـــمُ
وعلى سَمَائِكَ، مِنْ دُجَــى الأَيَّامِ، لَيْـلٌ مُظْلِــمُ
والجُـرْحُ، في صَدْرِ الكَرَامَـــةِ، ثائِرٌ يَتَضَـرَّمُ
لَكَأَنَّـــهُ، والثَّـأرُ يَـصْــرُخُ في جَـوَانِبِـهِ.. فَـــمُ
مَـلآنُ بِالأَلَــــم الأَبِيَّ.. وبِالتَّـمَــــرُّدِ مُـفْـعَــمُ
وَكَـــأَنَّ مَـجْـدَكَ، آهَــــةٌ، بِـفَــمِ العُـلَى تَـتَــأَلَّمُ
أَوْ زَأْرَةُ الأَسَـــدِ الجَرِيْحِ ..تَنَالُ مِنْهُ الأَسْهُـمُ
وَطَنِي،سَلِمْتَ.. فَـنَحْـنُ لَمْ نُهْـزَمْ،وَلَسْـنَا نُهْزَمُ
لا يُسْأَلُ السَّيْفُ المُجَرَّدُ،إِنْ تَرَاخَى المِعْصَــمُ
سَـيُـرَدِّدُ الـتَّـارِيْخُ، إِنَّ الغَــادِرِيْنَ بِنَا...هُــــمُ:
أَنـا لا أُسَـمِّيْهِم.. وَهَـاتِــيْـكَ العَـوَاصِمُ أَعْــلَـمُ
فَلَطَالَما الْتَـأَمُوا عَـلَى شُـرُفـاتِهــا .. وَتَنَعَّمُـوا
وَلَطالَما سَهِـرُوا اللَّيَالي السَّامِراتِ..وَكُرِمُـوا
حَتَّى إِذَا الـتَـفَــتَ النَّهـارُ المُسْتَـفِـيْــقُ إِلَـيْهِـمُ
وَتَسَـاءَلَتْ عَـيْـنَـا فِلَسْـطِـيْــنَ الشَّـهِيْدَةِ عَنْهُـمُ
لَـمْ يَبْــدُ وَجْـــهٌ مِـنْهُـمُ... فَهُمُ هُـنَـالِــكَ نُـــوَّمُ
*****
وَطَني اطْمَئِنْ.. فَجِيْلُكَ المِئْنَافُ، بِاسْمِكَ يُقْسِمُ
أَنْ سَـوْفَ يَـثْأرُ لِلْكَـرامَة مِنْ عِدَاكَ.. فَتَسْـلَمُ
جِيْلٌ مِنَ الرُّفَقَاءِ.. بِالوَطَـن الحَـبِيْب مُتَـيَّــمُ
باسْـم الحَيَاةِ تَعَـلَّمُوا الإِيْمَانَ فِيْكَ .. وَعَلـَّمُوا
قَسَـمًـا بِمَجْدِكَ، لَـنْ تَــذِلَّ، وَفي رُبَاكَ مُعَـلَّـمُ
يا بَـاعِــث الآمالِ فِـيْـنـا.. وَالقُنُــوْط مُخَيِّـم
يا حَـامِـلَ المِشْـعَـــالِ.. والـدُّنْيـا لَـنـا تَتَجَهَّـمُ
بُوْرِكْتَ .. أَنْتَ النُّورُ.. وَالآفَـاقُ لَيْلٌ أَسْـحَمُ
حُـيِّـيْـتَ.. أَنْتَ فَتَـى الرَّبِيْـعِ المُنْشِــدُ المُتَرَنِّـمُ
*****
إِنَّ الضَّحَـايـا، يــــا بِلادي، لِـلْمَعَــــالي سُـلَّـمُ
وَبِكُـلِّ جُـرْح مِـنْ جِـراحِكِ، يا بُطولَةُ بُرْعُـمُ
تَـبْـتَـسِـــمُ الآمـــــالُ في أَلْـوَانِـهِ.. وَتُـتَـمْـتِــم:
تًهْـوَى البُطُولَةُ أَنْ تَرى جُرْحَ البُطُولَة يَبْسِمُ.
ثم كانت المداخلة الثانية في اللقاء إلقاء نشيدي " المقاومة" و "موطني" شارك فيها عدد كبير من الحضور .
وفي الختام من برنامج اللقاء السهرة الموسيقية بقيادة الموسيقار فؤاد جمال وفرقته في ساحة النصب التذكاري.