تجلّت عظمةُ سعاده في قيادته الجريئة للنهضة القومية وفي مواقفه البطولية التي شكّلت دروساً خالدة للأجيال. هذه القيادةُ النادرةُ التي شقّت الطريقَ لحياةِ الأمةِ بالمبادىءِ التي وضعتها وبالحركةِ التي أطلقتها لحملِ هذه المبادىءِ والإنتصارِ بها في صميمِ الشعبِ... هذه القيادةُ التي أنشأت المؤسساتِ والهيئاتِ الإدارية الجديدة لحملِ قضيةِ الأمةِ المقدسةِ ولصيانةِ النهضةِ القوميةِ وضبطِ مجهودِها والتي خطّطت وشرّعت لِبناء الدولةِ القوميةِ الإجتماعيةِ الناهضةِ... هذه القيادةُ لم تكن وليدةَ الإراداتِ الأجنبيةِ كما هي الحالُ مع أكثر الحكّام في عالِمنا العربي ولم تفرض نفسها على الشعب بحكمِ الوراثة لزعامةٍ عائليةٍ أو إقطاعية كما هي حال الزعامات التقليدية المنتشرة في بلادنا ولم تأتِ بداعي التمثيل لسلطةٍ روحية-غيبية أو لسلطةٍ ماديةٍ نافذةٍ فهي لم تدعِ يوماً النبوة ولا تمثيلها للألوهيةَ إنما هي قيادة فريدة وقفت نفسها على حياة الأمة ورقيها وأقسمت يمين الحق غير شاعرةٍ بأنها تقدم منّة للأمةِ بل تشعُرُ بأنها تعطي الأمةَ ما يخصها من خيرٍ وطموحٍ وعظمةٍ لأن كُلَ ما فينا من الأمةِ وكُلَ ما فينا هو لِلأمة..
هذه القيادةُ الفريدة من نوعها هي زعامة أصلية جديدة منبثقة من صميم عظمة الأمة السورية ومن نتاج عبقريتها ونفسيتها. وهي تعبيّر عن الأمال الكبيرة العالقة بها أنفس ملايين البشر وعن إرادة أمة ستعود إلى الحياة وتثب للمجد والفلاح. فسعاده القائد الزعيم شقّ طريقه خارجاً من صفوف الشعب وآلامه وجذب إليه الشبيبة السورية بفضل تفكيره القويم ونظراته العميقة فإنقادت هذه الشبيبة إلى تفكيره إنقياداً ليس فيه إكراه وسارت وراءه مختارةً ومقتنعةً بمبادِئِه المفعمةِ بقيم الحق والخير والجمال، صارت صفوفاً منظمة من آلاف السوريين ومعلنة ولاءَها وتأييدها للقائد الأعلى ولزعيم الأمة المعبّر الأوفى والأصفى عن حقيقتها ومثلها وتطلعاتها. وهذه القيادة الجريئة التي لم تتخلَ عن أقدس واجباتها وهي في ميادين القتال وساحات الدم من أجل سلامتها الشخصية والتي لم تتخلَ يوماً عن "عقيدتها وإيمانها وأخلاقها لتنقذ جسداً بالياً لا قيمة له"[1] بل رحّبت بالموت طريقاً لحياة الأمة، هذه القيادة الحية المستمرة ستبقى فعل إشعاع لا يخبو ولا ينطفىء وستبقى حاضرة في الأجيال التي لم تولد بعد وخالدة بخلود الحياة السورية.