دار سعاده للثقافة حيث تعمل قيادة الحزب، ويهتم الرفقاء واصدقاء على تحقيقه.
انه صرح عملاق سيبقى مفخرة لحزب يستطيع، ان يحقق الكثير.
ننشر مجدداً النبذة المعممة بتاريخ 11/07/2014 بعنوان قصة شراء أرض الوقف الماروني لبناء دار الزعامة"، والمعلومات مستقاة في حينه من الرفيق فريد صباغ.
*
المعروف ان الحزب اهتم في العام 1948 ببناء دار لسعاده في بلدته ضهور الشوير، وقد شكل حضرة الزعيم لجنة لهذا العمل تألفت من الأمناء عبدالله قبرصي، جورج عبد المسيح، اديب قدورة، ادغار عبود والرفيق خالد جنبلاط(1) واصدر مرسوماً بتعيين الأمين قبرصي رئيساً. هذا ما اورده لنا الأمين عبدالله قبرصي في لقاء معه بتاريخ 11/01/2003. يضيف ان المهندسين الأمين ادغار عبود والرفيق وليم سابا توليا وضع الخرائط والإشراف على التنفيذ. اما فكرة بناء دار الزعامة فتعود – والكلام للأمين قبرصي – الى الرفيق "الشيخ" عبد الله الجميل(2).
اما قصة شراء قطعة من الأرض تابعة للوقف الماروني فقد رواها الرفيق فريد صباغ(3) الذي كنا نتردد إليه في منزله في ضهور الشوير.
*
روى لنا الرفيق صباغ ان سعاده بعد ان كان اشترى قطعة أرض من وقف دير مار الياس شويا للروم الارثوذكس، في مكان يدعى المطل يشرف على المنطقة الممتدة من البحر وصولاً الى قمم جبل صنين، قرر بناء منزل له في تلك البقعة. فجرى تكليف المهندسين الأمين ادغار عبود والرفيق وليم سابا بوضع الخرائط .
بدأ العمل بوضع الخرائط لأخذ رخصة البناء، وبعد الإنتهاء من الأمور الهندسية والإستحصال على الرخصة تمت المباشرة بدرس كيفية التنفيذ، فكان رأي الزعيم ان يتمّ وضع دفتر شروط عام لوضع المشروع في المناقصة، فلا يكون التنفيذ بإنتقاء أشخاص وتلزيم العمل بواسطة الإستنساب. لذا تم نشر إعلان بتحديد موعد المناقصة حسب دفتر شروط كامل، وفي اليوم المحدد تقدم عدة أشخاص، قوميون وغير قوميين، وبعد فتح الظروف رسا الإلتزام على السيد فؤاد نجيب خنيصر(4) وهو لم يكن منتمياً الى الحزب في ذلك الحين، فحصل اعتراض من المتعهدين القوميين بالقول: لا يمكن إعطاء هذا الإلتزام لشخص غير قومي ووضعوا اللوم عليّ (فريد الصباغ)، فأجبتهم، ايها الرفقاء ليست هذه هي إرادتي، بل إرادة الزعيم وقد قرر تلزيم العمل للسيد فؤاد خنيصر وسلمني وكالة عامة تخولني توقيع الإتفاق وإدارة المشروع، وهكذا انتهت المرحلة التحضيرية الأولى وتمّ وضع الإشراف الهندسي والفني بأكمله تحت رعاية المهندس إدغار عبود.
في أثناء مرحلة حفر الأساسات، حضر الزعيم ليطلع على العمل وكان معه الأمين وديع الياس وبعض الرفقاء، طلب مني ان اشرح له على الخريطة، موقع الغرف والصالونات والمطبخ والحمامات ومكتب الزعيم، وقد شدد كثيراً لمعرفة موقع المكتب، فأجبته والخريطة بين يديّ ان موقع المكتب هو المكان الذي نقف عليه، قال: هنا؟! أجبته نعم، فأدار وجهه للبحر واطمأن بأنه يستطيع مشاهدة البحر، ومن ثم استدار ناحية جبل صنين فلم يستطع رؤيته، فقال لي: يا حضرة الرفيق، هذا المكان خطأ لأنني لا استطيع رؤية جبل صنين من مكتبي، فأنا اريده مشرفاً على البحر والجبل في ان معاً. فقلت له يا حضرة الزعيم مكتبكم في الطابق الثاني لا في الأرضي، وعندما يصبح على ارتفاع أربعة امتار يصبح إشرافه على البحر والجبل مؤكداً. عندها رغب احد الرفقاء تسلق شجرة صنوبر كانت الى جانبنا للتأكد من إمكانية مشاهدة صنين عن علو 4 امتار، فمنعه سعاده وتسلّق بنفسه شجرة الصنوبر، وعلى ارتفاع أربعة أمتار توقف وقال: ما زلت لا أرى الجبل، عليكم ان تعيدوا النظر في موقع المكتب، فيجب ان يزاح ستة امتار من هذا المكان، وقدر المسافة بست خطوات نحو الجبل ثم قال: هنا يجب ان يكون، وعليكم تغيير الخرائط. قلت له يا حضرة الزعيم ان هذه الأرض تخص وقف دير مار الياس الماروني(5) فأجاب: لا مانع، اشتروها. قلت له يا حضرة الزعيم ان الموارنة "قايمين القيامة علينا" ومعترضين على تشييد دار الزعامة في هذه المنطقة تجاه الدير تماماً، وانتم تعرفون بأن بطريرك الموارنة وزع كتاباً ضدنا يحرّم كنسياً كل من يدخل هذا الحزب معلناً الحرب علينا. انت تعلم بكل ذلك، فكيف تريدنا ان نشتري الأرض؟! سألني: من هو رئيس الدير؟ فقلت له الأب يوسف داغر من بكفيا، سألني: الأب داغر الذي قابلني البارحة في المنزل عندكم؟ قلت له هو نفسه، قال: كيف تجيبني هكذا وقد عرّفتموني عليه بأنه انتمى الى حزبنا وأقسم اليمين؟! أجبته بأن ذلك صحيح ولكنه انتمى الى الحزب سرياً ولا احد يعلم بذلك، فقال لي "ما بعرف" يجب عليكم إنهاء هذه القضية، وإلا فلا أريد ان أبني هذا المنزل هنا، وكان كلامه صارماً لا يقبل الجدل، وطلب من الأمين وديع ان يستدعي رئيس الدير الأب يوسف داغر.
عندما حضر الأب داغر بحث معه حضرة الزعيم شراء قسم من أرض الدير فيتمّ نقل بعض الأساسات الى الأرض الملائمة، فكان جواب رئيس الدير ان الرئيس العام الأب مهنا سيمانع بشدة، سأله الزعيم اين مقر حضرة الأب مهنا؟ فقال له في دير اللويزة، فطلب من الأب داغر ان يأخذ له موعداً لمقابلته. صمت الأب يوسف صمتاً طويلاً، ثم أعاد التأكيد على الموقف السلبي للإكليروس الماروني وقرار الحرم الصادر عن البطريركية.
أجابه الزعيم: وإذا ذهبنا من دون موعد هل يقابلنا حضرة الأب العام؟ ام يطردنا من الديرٍ؟ انا قررت النزول الى دير اللويزة ولكن اريد ان اطلب منك ان تقول لي متى يكون الرئيس العام في الدير؟ أجابه الأب يوسف: كل نهار جمعة ينعقد اجتماع مدبرين، وهذا المجلس مؤلف من سبعة أشخاص، وجميعهم من خريجي معهد اللاهوت في روما ويحملون شهادات عالية كالدكتوراه في اللاهوت او في الفلسفة. عندها التفت الزعيم إلي وقال "دبر سيارة يوم الجمعة لنذهب الى دير سيدة اللويزة، ويجب ان تكون معي انت ووديع ووليم سابا، وانت يا حضرة الأب اين ستكون؟" اجابه الأب داغر سأنتظركم في مقر الرئيس العام دون ان أعلمه بأمر الزيارة.
وصلنا الى دير سيدة اللويزة عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهر في سيارة الرفيق مخايل كيوان صاحب فندق "ريجنت اوتيل" على البرج وهو قومي اجتماعي وكان يملك سيارة كاديلاك، وكان اجتماع المدبرين منعقداً، فوصل الخبر الى الرئيس العام بأن الزعيم انطون سعاده في الدير ويريد مقابلته، وقع الخبر عليه وعلى المدبرين كالصاعقة، فأخذوا يتداولون في الأمر وكان البعض منهم يقول: لماذا هذا الخوف من انطون سعاده، واخيراً استقر رأيهم على مقابلته، فدخلنا الى مكان الإجتماع، وبعد السلام والتحيات والكلام العام، انتقل سعاده الى شرح مبادىء الحزب بإسهاب ووضوح وصدق.
استغرق هذا الشرح ما يقارب الساعة والنصف، والجميع يصغون بإنتباه تام، وكان البعض يطلب بعض الإيضاحات والتفسيرات من الزعيم، وكان الزعيم يجيب بكل جرأة وانفتاح خاصة في الأمور المتعلقة بالإلحاد. تبيّن لنا ان البعض من الحاضرين كان لديه اطلاع على المبادىء ومقتنع بصحته ومنتمٍ الى الحزب بشكل سري للغاية، وقد استنتجنا ذلك من طريقة ونوعية الأسئلة التي طرحت على الزعيم، الأمر الذي جعله يتأنى بالإجابة عليها كي يفهم الرئيس العام ان لا خوف على المسيحية من هذه العقيدة، بل ان الإنتماء إليها يعززها ويصون قيمها الروحية.
كم كنت اتمنى لو استطعنا تسجيل هذه الجلسة وما دار فيها من مباحثات قيّمة وعميقة، خاصة فيما يتعلق بالمسيحية والخوف عليها وحتمية ضمان انتشارها ضمن الكيان السوري، والأمثلة التي اعطاها الزعيم، كثيرة عن الأعضاء المسلمين والدروز والمسيحيين المنتمين للحزب وقد اصبحوا جميعهم شخصاً واحداً بفضل النهضة القومية.
عند انتهاء هذه الجلسة الطويلة كنا قد تأكدنا تماماً ان الرئيس العام الأب مهنا وجميع المدبرين العامين اصبح لديهم الإقتناع التام بأن مبادىء وأهداف الحزب السوري القومي الاجتماعي هو ضمانة للمسيحيين كما هو ضمانة للمسلمين، خصوصاً لدى النشء الجديد في المعاهد والمدارس. طيلة هذه الجلسة لم نتطرق قط الى قضية شراء الأرض، فعندما خرجنا قلت "يا حضرة الزعيم اقتصرت زيارتنا على شرح مبادىء الحزب وأهدافه ولم نتكلم ابداً في الموضوع الذي اتينا من أجله، وهو شراء الأرض من وقف الدير كي يصبح مكتب الزعيم مشرفاً على المنطقة من البحر، الى جبل صنين! أجابني: هذا لا يهمني ابداً لأنني اشتريت في هذه الجلسة ما هو أهم بكثير من الأرض، فقد اشتريت نخبة جيدة جداً من كبار المثقفين وأصبحت الأرض امراً ثانوياً.
في اليوم التالي لمسنا أول ردة فعل لهذه الزيارة، حيث أوعز الرئيس العام ومجلس المدبرين لرئيس الدير الأب داغر ان يبلغ حضرة الزعيم انه اصبح بإمكانه ان يأخذ من أرض وقف الدير ما يريده، وهم مستعدون لكل مساعدة، واهلاً وسهلاً به.
عندها جلبنا مسّاحاً وفرزنا قطعة من أرض وقف الدير مقدار حاجتنا. جدير بالذكر انه عندما عرضنا تسديد ثمن الأرض الى الرئيس العام ورئيس الدير، رفضا ذلك وقدماها هدية للزعيم، الذي اعترض على ذلك قائلاً: انا لا أريد اخذ شبر واحد من أرض الدير دون ان ادفع ثمنه، وعندما تشبث الأباء بموقفهم، أمرني الزعيم ان يتمّ، لقاء ذلك ايصال الماء والكهرباء والهاتف وشق الطريق للدير دون اي مقابل، وهكذا حصل، فأدخلنا ماء "المنبوخ" والكهرباء والهاتف الى دير مار الياس الماروني قبل ايصالها الى دير مار الياس الأرثوذكسي.
*
الرسم اعلاه تصدّر غلاف العدد "يوليو 1948" من النشرة الرسمية، وفي متن النشرة نص النداء الذي وجهته لجنة بناء دار الزعامة الى القوميين الاجتماعيين وأصدقائهم في الوطن وعبر الحدود، والى جانب النداء، نشرت اللجنة لائحة جديدة بأسماء مساهمين بالتبرع، من رفقاء وأصدقاء.
الذين تسنى لهم التردد الى دار الزعامة قبل ان يتعرّض للتخريب والدمار، يعلمون ان الدار لم تشيّد طبقاً للرسم المبيّن اعلاه،
نأمل ممن يملك اي توضيح ان يكتب إلينا .
*
اوردت النشرة الرسمية (15/12/1947-1/1/1948) هذا البلاغ الصادر عن عمدة المالية وموضوعه "تشييد دار للزعيم".
بعد عودة الزعيم، وخصوصاً بعد قدوم عائلته، اتجهت انظار القوميين الاجتماعيين الى تشييد دار للقائد الهادي الذي ترك كل شيء خصوصي في سبيل الأمة والمجتمع القومي الاجتماعي.
انبثقت الفكرة من احد الأمناء، وما ان اعلنها لبعض الرفقاء حتى سرت كالبرق في أوساط الحزب القومي الإجتماعي وابتدأت ترد على عمدة المالية تبرعات ورسائل تسأل عن الفكرة وهل صارت مشروعاً عاماً.
ويسر عمدة المالية ان تعلن للقوميين الاجتماعيين ان الفكرة اتخذت اخيراً شكل مشروع يساهم فيه كل على قدر استطاعته. وقد تقدم الرفقاء وليم سابا، وادكار عبود، وعبد الفتاح زنتوت، لوضع مخططات البناء. والتبرعات التي وردت الى الآن تسمح بالبدء في العمل، ويترجح الإبتداء في التأسيس والبناء في الشهر القادم.
مكان البناء: في ملك الزعيم في ضهور الشوير على تل يشرف على البحر ومدينة بيروت.
وقد كلفت عمدة المالية الرفيق يوسف ضاهر تاج، الذي دفعته حميته ومحبته للزعيم للتطوع لهذا الغرض، زيارة المناطق الحزبية لجمع التبرعات وزودته بوثيقة تثبت هذا التكليف فيمكن القوميين الاجتماعيين اعتماده.
*
هوامش
في: 13/07/2021 لجنة تاريخ الحزب