أنطون سعاده كان صاحب تفكير تفاؤلي وإنساني يؤمن بقدرات الإنسان وطاقاته الفعلية على اختراق عالم المجهول واكتشاف الحقائق ويحثُّ أبناء شعبه للتحرر من أوهام الضعف والخنوع والتسليم للأمر المفعول وبتحمل مسؤولياتهم في تحرير سورية بأكملها وفي صناعة المستقبل المشرق لأن فيهم "قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ."[1] وركَّزَ سعاده على عنصر الشباب وعلى إطلاق عناصر القوة القومية وتشجيع المواهب الفكرية والإهتمام الدقيق بنتاجها والعمل على تصويبها كما دعا أبناء أمته للإعتزاز بقوميتهم ولإعتناق رسالة الإيمان بالأمة السورية وحب الوطن السوري والعمل بإخلاص من أجلهما. وحرص سعاده على بناء الإنسان الجديد المسؤول والمتسلح بالمعرفة الفاضلة والمناقب السامية لحمل رسالة النهضة وبناء المجتمع الجديد لأن المناقب، بالنسبة إليه، هي شيء أساسي جداً في الحياة فإذا لم نتمتع بأخلاقية متينة فيها صلابة العزيمة وشدة الإيمان وقوة الإرادة فلا يمكننا أن نحقق غايتنا النبيلة ولن نحصد إلا التشويش والإخفاق وخيبة الأمل. من هنا قوله "إن الأخلاق هي في صميم كل نظام يمكن أن يكتب له أن يبقى."[2]
وسعاده كان متفائلاً بالنجاح ودعا القوميين الإجتماعيين إلى أنْ يثقوا بأنفسِهم وقضيتهم وقال: "اننا لو شئنا ان نفر من النجاح لما وجدنا لنا مفراً منه."[3]
لقد مشى سعاده في الحق معلّماً وعبّدَ طريق الإيمان والثقة والحزم وصدق العزيمة بأعماله وكان حريصاً على بعث الأمل واليقين والفضائل القومية في النفوس، فضائل الحب والوفاء والتضحية والبطولة والإستقامة والصدق والصراحة والإخلاص وكلها فضائل وقيم تعزز وحدة المجتمع وتساهم في رقي الإنسان وسعادته. وكان شديد الإيمان بأمته المعلِّمة والهادية للأمم وفاخر بما أعطَتهُ هذهِ الأمةُ للعالمِ من شرائع وعلومٍ ورسالاتٍ ومعارفَ ومن عظماءٍ خالدينَ وفلاسفةٍ ومفكرينَ وقوّادٍ ومحاربينَ وقالَ "أنَّ في النفسِ السوريّةِ كلَّ علمٍ وكلَّ فلسفةٍ وكلَّ فنٍّ في العالمِ".[4]
[1] أنطون سعاده، الآثار الكاملة الجزء الثالث (1937)، بيروت 1978، ص 54
[2] أنطون سعاده، المحاضرات العشر، ص. 177
[3] المرجع ذاته، ص 54
[4] المرجع ذاته، ص 108