القوميون الإجتماعيون في أرجاء الوطن السوري وفي المغتربات يقيمون الإحتفالات في ذكرى ميلاد باني النهضة السورية القومية الإجتماعية وواضع أسسها ومفاهيمها الجديدة والمؤسس لقضية حياة الأمة وتقدمها والمشرّع لدولتها القومية ومؤسساتها الصالحة والمخطط لإنتصار هذه القضية ولبلوغ قمم العز والشرف والكرامة...
والحق نقول ان هذه الإحتفالات التي يتجلى فيها الفرح القومي بأجمل مظاهره لا تُعدُّ لشخص أنطون سعاده مجرداً عن التعاليم السورية القومية الإجتماعية بل تعدُّ لشخصه من أجل تمثيله هذه التعاليم ومن أجل كونه زعيماً للحركة السورية القومية الإجتماعية وقائداً جريئاً مخلصاً نذر حياته من أجل أمته ووطنه السوريين ولم يتردد لحظة في الإستشهاد من أجل حياتهما ورقيهما مجسِّداً قوله: "كل ما فينا هو من الأمة وكل ما فينا هو للأمة، الدماء التي تجري في عروقنا عينها ليست ملكنا هي وديعة الأمة فينا ومتى طلبتها وجدتها".
إيماناً بهذه الحقيقة الساطعة وتأكيداً عليها تقام الإحتفالات القومية في ذكرى الأول من آذار ويشترك فيها الألوف المؤلفة من السوريين المؤمنين بالعقيدة القومية الإجتماعية.. يجتمعون بفرح واعتزاز ليثبتوا وحدة اتجاههم الروحي والعملي وحقيقة اشتراكهم في الجهاد القومي في سبيل قضية كلية أساسية تساوي وجودهم وتختصر إرادة الأمة وآمالها في الحياة والنهوض والتقدم نحو الأافضل والأجمل.
هذه الحقيقة، حقيقة التوحيد بين الرجل والمبدأ، بين المعلم والتعاليم، أكد عليها سعاده ذاته مراراً وتكراراً كما في قوله: "أنطون سعاده لا يعني فقط أنطون سعاده، بل يعني مبادىء نهوض هذه الأمة وتبوءها مقام العز والشرف".
يوم كان الحزب سرياً، عام 1935، جاء بعض الرفقاء إلى الكوخ الذي كان يقطنه سعاده في رأس بيروت لتهنئته بعيد ميلاده وتقديم باقة من الزهر له عربوناً عن محبتهم له وإيماناً به زعيماً منقذاً للأمة ومرشداً لأجيالها. هذه المناسبة التي أرادها هؤلاء الرفقاء إحتفالأ بسيطاً لسعاده بعيد ميلاده، كما يحتفل معظم الناس بالمقربين منهم، حوّلها سعاده من مناسبة شخصية إلى مناسبة تخص الأمة كلها إذ تلى امام الرفقاء "قسم الزعامة" الذي أقسم فيه ان يكرّس حياته من أجل أمته السورية ووطنه السوري عاملاً لحياتهما ورقيهما، وعلى ان يكون أميناً للمبادىء التي وضعها وان لا يستعمل سلطة الزعامة إلا من أجل القضية القومية ومصلحة الأمة...
وتماماً كما حول سعاده عيد ميلاده عام 1935 إلى مناسبة قومية لها مدلول عظيم، حول كل الحفلات التي أقيمت له في عيد ميلاده في السنوات التالية إلى مناسبات قومية تتجلى فيها رابطة الجهاد القومي والوحدة الروحية والإيمان القومي العظيم. فلنقرأ ما قاله في خطاب ارتجله في إحدى هذه الحفلات وتحديداً في الإحتفال الذي أقيم له في كردبة عام 1943 إذ قال:
"ان الذين يجهلون حقيقة امر الحزب السوري القومي الإجتماعي لا يدركون المعنى العميق الواسع لهذا الإجتماع ولا يفهمون المدلول العظيم المتعلق به، لأنهم يجهلون ان في هذا اليوم، كما في السادس عشر من تشرين الثاني الذي هو يوم ذكرى تأسيس الحزب السوري القومي الإجتماعين يجتمع في الوطن وفي المغتربات عشرات الألوف ومئات الألوف من السوريين الذين اعتنقوا الإيمان القومي الإجتماعي ليثبتوا وحدتهم الروحية والعملية في العقيدة والشعور والجهاد". ويضيف، "ليس هذا الإجتماع الذي تحيونه هنا سوى واحد من ألوف الإجتماعات التي تحدث في هذا اليوم لتبرهن للعالم ان الأمة السورية العظيمة التي كانت صريعة قد نهضت وان الحركة السورية القومية الإجتماعية قد أخذت توحد صفوف الأمة لمغالبة اللصوص الذين اقترعوا فيما بينهم على حقنا في الحياة والإرتقاء".
وكما كان الأول من آذار في حياة سعاده بقي كذلك بعد إستشهاده، وتكرّسَ عيداً قومياً للأمة الناهضة التوّاقة لحريتها وسيادتها وإستقلالها وتقدمها بين الأمم.. تكَرّسَ عيداً للفرح القومي وتقليداً جديداً للأمة في مجرى حياتها تحتفل به ابتهاجاً بروحها الجديدة وتعبيراً عن إرادة الحياة المتولدة عن هذه الروح والتي ترفض الموت والعيش الذليل ولا ترضى إلا حياة الحرية والشرف والكرامة والصعود إلى قمم المجد الجديرة ببلوغها.
فألف تحية لصاحب العيد، للزعيم الخالد.. لروحه النبيلة الصادقة المعبّرة عن إرادة الأمة وتطلعاتها وذلك بما تمثله من مبادىء سامية ومثل عليا وغايات نبيلة..