صوت البقاع " مجلة شهرية تصل الوطن بالمهجر، لصاحبيها الدكتور ابراهيم حداد والمحامي محمد شمس الدين.
وقد وجهت إلى الأستاذ محمد يوسف حمود السؤال التالي لمناسبة "أول آذار" (لماذا آمنت بالعقيدة القومية الإجتماعية ؟ ومارأيك بمستقبلها؟) فكان جواب شاعر "ذلك الليل الطويل" ما يلي:
من "البسطة" أنا، نشأة وجواً ومناخاً. وخريج "المقاصد" تربية وتلقيناً.. ورثت عن أبي وأمي وعائلتي ما ورثه أخي فكان منه "الشيخ" بكل ما في العّمة والجّبة من معنى وإلتزام ... فما الذي شدني إلى ابن خليل سعاده ربيب جوار الدير في ضهور الشوير؟ ما الذي استهوى محمداً في أنطون؟ ولماذا اتخذت العقيدة القومية الاجتماعية إيماناً لي أمارسه مبادىء ومناقب وانتظاماً؟
لماذا؟!
أتراه اندفاع الفتوة المتمرد وحماسها الثائر؟
لقد تجاوزتها سناً وعقلاً ونفساً..
أترى كان في عينيّ الزعيم وابتسامته ما أجتذبني اليه شخصياً فأحببته وتبعته؟
لقد أطبقت الرصاصات الإحدى عشرة تينك الشفتين، وأغمضت هاتيك الجفون، وغيّبت ذلك الوجه وذياك الشخص ...
أم تراه المال في صندوق الحركة الكبرى أغواني، وجاه المناصب فيها أغراني ؟!
ـ أما المال فلتسأل عنه شركة كهرباء بيروت التي قطعت نورها عن "المركز" عام 1937 يوم كان فوق محلات أبي راشد في شارع المعرض، وعجز عن تسديد أربع ليرات ورقاً.. فاستمر العمل فيه ليالي وليالي على ضوء الشموع.. وأما المناصب فأدناها المغارة، وأوسطها الحبس، وأعلاها الإعدام! ... ولقد كان بامكاني الخروج من بيتي الى المسجد القريب يوماً، فأصلي، وأزعق خطاباً تحملني على أثره موجة بشرية إلى النيابة، أو إلى ما هو أعلى من كرسي كاتب مأمور بدار الكتب من هذه الدولة، على الأقل!
أبعد هذا كله سؤال لي: "لماذا آمنت ..."؟
يسمح لي كل من لم يؤمن بعد من أبناء بلادي بأن أسأله: لماذا لا تؤمن يا أخي بهذه العقيدة التي تدعوك إلى الولاء القومي لأمتك ووطنك، ولاء الانسان الإجتماعي لمجتمعه الانساني، ولا تشترط عليك إلاّ التخلي عن العصبيات العائلية والمحلية والقبلية والطبقية والعنصرية والمذهبية، لتحّل محلها كلها فيك العصبية القومية الاجتماعية الانسانية، بسماحها وأخوتها ومحبتها الشاملة ـ عصبية المواطن الانسان الواحد لمتحده الوطني الانساني الوحيد ...
لقد بدأت هذه الدعوة بواحد، فعلت فيه وتفاعل فيها .. واستمرت تفعل في خمسة، فخمسين، فخمسماية، فخمسة آلاف، فخمسين ألفاً يتفاعلون اليوم فيها ... أنها الحق الضعيف يقوى، يواجهه باطل قوي يضعف ... ومريدوها هم القلة التي تكثر، في وجه خصومها الكثرة التي تقلّ ... أن ألوف المؤمنين سيغدون مع الزمن ملايين لأنهم يزيدون، وأن ملايين المناوئين جهلاً أو مكابرة سيمسون ألوفاً لأنهم ينقصون ... وما الزمن إلاّ نحن تلامذة المعلم الرسول الرائد القائد وجنوده، يطول إذا تقاعسنا، ويقصر إذا نشطنا ... لقد كنا الأمس الناشط، فسارت بنا النهضة ... فلنكن الغد الأنشط، تنتصر بنا النهضة .