إذا كان الرفيق سعيد فخر الدين هو الشهيد الأول الذي سقط في معركة الإستقلال، إلا أن القوميين الإجتماعيين منذ تأسيس الحزب كانوا في صميم المواجهة مع الإحتلال الفرنسي، ليس فقط على صعيد التوعية العقائدية، إنما على صعيد التصدي والمواجهة اللذين لم يتوقفا رغم الإعتقالات التي تعرض لها زعيم الحزب وقياديوه والكثير من أعضائه.
نحن إذا رغبنا أن نسطر لكل المواجهات التي تمت مع السلطات الفرنسية، منذ انكشاف أمر الحزب في 16/11/1935 لاحتجنا إلى الكثير، إنما نحصر حديثنا في المشاركة الفعلية التي قام بها القوميون الاجتماعيون في معركة الإستقلال التي جرت في لبنان.
*
معركة الإستقلال في لبنان وإن هي بدأت في 11 تشرين الثاني عندما أفاق اللبنانيون على أنباء إعتقال السلطات الفرنسية خلال الليل كلاً من رئيس الجمهورية المنتخب حديثاً (21 أيلول) بشارة الخوري، رئيس الحكومة رياض الصلح، والوزراء كميل شمعون، عادل عسيران، سليم تقلا، ونائب طرابلس عبد الحميد كرامي، وسوقهم مكبلين إلى مكان مجهول في حراسة عسكرية فرنسية مشددة (تبين لاحقاً أنه قلعة راشيا الوادي)، إلا أن الإنطلاقة الحقيقية كانت في 8 تشرين الثاني عندما انعقد مجلس النواب بصورة عاجلة للنظر في تعديل الدستور الموضوع عام 1926، والإقتراع على مشروع أعده مجلس الوزراء قبل ثلاثة أيام، مضمونه إلغاء جميع المواد المتعلقة بالإنتداب الفرنسي وصلاحيات المفوض السامي وكل ما يتصل به، وجعل اللغة العربية وحدها لغة لبنان الرسمية.
جاء ذلك تنفيذاً لما كان قد ورد في البيان الوزاري الذي نالت الحكومة على أساسه الثقة في 26 أيلول.
تلك الجلسة إنتهت بالموافقة على تعديل الدستور وإعلان الإستقلال اللبناني واستعادة السيادة الوطنية، بعد أن كانت مناقشات حادة قد دارت، إنسحب على أثرها النائب إميل إده.
في الساعة الثامنة من صباح يوم الخميس 11 تشرين الثاني وجه رئيس مجلس النواب صبري حماده دعوة إلى أعضاء المجلس لعقد جلسة مستعجلة، إلا أن الجنود الفرنسيين كانوا طوقوا مبنى البرلمان لمنع النواب من الإجتماع. مع ذلك إستطاع عدد من النواب، رغم الحصار العسكري والمظاهرات التي كانت اندلعت في بيروت، ثم في باقي المدن اللبنانية، الدخول إلى المبنى فبلغ عددهم سبعة بمن فيهم رئيس المجلس، وهم: سعدي المنلا، هنري فرعون، صائب سلام، رشيد بيضون، محمد الفضل ومارون كنعان.
اتخذ النواب الحاضرون بعد مشاورات هاتفية مع النواب الذين تعذر عليهم الوصول، قراراً يؤكد المواقف السابقة في تعديل الدستور واعتبار الانتداب الفرنسي لاغياً.. كما رفعوا مذكرة شديدة اللهجة وقعها النواب الحاضرون، وخليل تقي الدين (أمين السر العام لمجلس النواب) وعمدوا إلى تأمين إرسالها إلى حكومات الولايات المتحدة، بريطانيا وروسيا كما إلى ملوك ورؤساء وحكومات البلاد العربية.[1] كذلك تقرر الاستمرار في اعتبار الحكم القائم وحده شرعياً ورفض رئاسة السيد إميل إده بعد أن كان عينه المفوض السامي، والحؤول دون تأليفه أية حكومة.
ومن أبرز ما تقرر في هذا الاجتماع تغيير العلم اللبناني الذي كان قائماً في ظل الانتداب، وهو العلم الفرنسي (أزرق – أبيض – أحمر) مع أرزة في الوسط، وجرى الاتفاق على علم جديد هو المعروف والمعتمد حالياً. وقد تمّ رسم العلم الجديد على ورقة نزعت من دفتر مدرسي ووقع عليها النواب الحاضرون.
بينما كان المجلس منعقداً، بنوابه السبعة، اقتحمت قوة فرنسية على رأسها ضابط برتبة نقيب وهو شاهر لسلاحه قاعة الاجتماع وطلب إلى الرئيس والنواب مغادرة القاعة، ومبنى البرلمان، وإلا يجرى إخراجهم بالقوة.
توجه النواب وسط بحر صاخب من اللبنانيين المتظاهرين إلى منزل رئيس الجمهورية بشارة خوري في منطقة القنطاري (المعتقل في راشيا) فيما كان نواباً آخرين قد توجهوا إلى هناك، فبلغ عدد النواب 17 نائباً، إلا أن إطلاق الجنود الفرنسيين النار على القصر الجمهوري جعلهم يتلاقون في اليوم التالي، 12 تشرين الثاني، في منزل النائب صائب سلام، حيث قرروا ما يلي:
هذا على صعيد مجلس النواب، أما بالنسبة للحكومة المؤقتة التي إنضم إليها رئيس مجلس النواب صبري حماده فكانت إتخذت من منزل المواطن حسين الحلبي[2] (2) في بشامون مقراً لها، وراحت تشهد، كما بشامون والمنطقة المحيطة، تدفق مئات المتطوعين من كل أنحاء لبنان أتوا ليزودوا عن رجال الاستقلال، والدفاع عن بشامون فيما لو هاجمتها القوات الفرنسية.
بدورهم كان القوميون الاجتماعيون يهرعون إلى بشامون من مناطق الجبل، وخارجه، حتى قدر عدد الرفقاء بالمئات، كان من أبرزهم الرقيب في الدرك الرفيق أديب البعيني الذي جعلته حميته الوطنية يترك مركزه في جرود عكار ويأتي إلى بيروت ويصطحب الوزيرين أرسلان وأبو شهلا إلى بشامون حيث فيها تولى قيادة الحرس الوطني وكان من أبرز المجلّين أثناء التصدي لتقدم القوة الفرنسية.[3]
يقول المربي الرفيق أنيس أبو رافع وقد كان في الرابعة عشرة من عمره، تلميذاً في مدرسة الجامعة الوطنية في عالية عندما جمعهم أحد الطلبة القوميين الاجتماعيين - يظنه الرئيس كامل ريدان – ليتوجهوا إلى بشامون التي تحولت إلى قلعة للنضال في مواجهة الاستعمار الفرنسي: " بشامون، عين عنوب، سرحمول، تحولت إلى ثكنات، في كل بيت جنود متطوعون، وفي كل بيت مطبخ ومخبز، يقطعون اللقمة عن أفواه أطفالهم ليطعموا متطوعي الحرس الوطني، وتحول خارج البيوت إلى مرابض ومتاريس، وراء كل جدار، تحت كل شباك، بجانب كل صخرة، خلف كل زيتونة وسنديانة، عيون ساهرة لرجال نذروا أنفسهم لحرية وطنهم واستقلاله".
بين هؤلاء كان محصل مديرية عين عنوب الرفيق سعيد فخر الدين. شرقي الطريق إلى جانب السنديانة الشاهقة التي ما تزال قائمة حتى اليوم، وقف وراء متراسه. صباح الخامس عشر من تشرين الثاني تقدمت مصفحات الجيش الفرنسي بجنودها السنغاليين[4] (4) من ناحية سوق الغرب – عيتات. تصدى لها الحرس الوطني مرة، مرتان، الهجوم الثالث جرى صباح يوم الثلثاء 16 تشرين الثاني، يومها تقدمت المصفحات كثيراً. الرفيق سعيد فخر الدين، بعد أن كان أطلق من بارودته الرصاص، خرج من وراء متراسه ليقذف المصفحة المتقدمة بقنبلة يدوية، إلا أن رصاص المعتدين كان أسرع من اندفاعه وجأشه، فلقد انهال عليه من رشاش ضابط فرنسي كان يحاول الالتفاف من الخلف، " لقد رأيته بأم عيني، يقول السيد منير تقي الدين في كتابه "ولادة استقلال"، يخاطر بنفسه ويقوم بأعمال يعجز اللسان عن وصفها".[5]
الرفيق عادل قائدبيه وكان حينئذ في الثانية عشرة من عمره شاهد الرفيق سعيد فخر الدين يصاب برشق على طول ظهره، يروي أنه بعد انسحاب المصفحات هرع رفقاؤه ولفوه بلحاف ثم حملوه على باب خشبي عتيق واتجهوا به نزولاً عساهم يصلون به إلى الشويفات لكنه كان لفظ أنفاسه وهو في الطريق إليها.
*
إذا كان الشهيد الرفيق سعيد فخر الدين ورفقاؤه قد قاموا بالأعمال البطولية في بشامون – عين عنوب، إلا أن القوميين الاجتماعيين في المناطق اللبنانية لم يكونوا بعيدين عن المشاركة في التظاهرات التي عمت المدن اللبنانية. التظاهرة النسائية في بيروت شاركت في قيادتها كلودا ثابت - شقيقة رئيس المجلس الأعلى نعمة ثابت، المعتقل مع العديد من رفقائه في المية ومية - والرفيقات جمال ناصيف، نعم فاخوري، أميرة تيماني، انجال عبد المسيح وغيرهن. والتظاهرة الطلابية التي تصدى لها الجنود السنغاليون في بيروت وسقط فيها عدد من الشهداء، كان من جرحاها الرفيق ادمون كنعان (الأمين – عميد المالية) والرفيق وفيق عضاضة.
أما في قلعة راشيا حيث كان سيق إليها رئيسا الجمهورية والحكومة، وعدد من الوزراء، والنائب عبد الحميد كرامي، فإن الدور الذي قام به الأمين جبران جريج يعاونه الأمين أنيس فاخوري، والرفيق زكريا لبابيدي في إيصال المعلومات إلى رجالات الدولة، وفي تعزيز معنوياتهم وصمودهم، بات معروفاً وقد تحدث عنه بالتفصيل الأمين جبران جريج في كتابه "حقائق عن الاستقلال أيام راشيا".
*
الأمين كامل أبو كامل (كان منفذاً عاماً للمنطقة، وقام، إلى إشرافه ميدانياً، باتصالات سياسية مع الأمين فؤاد أبو عجرم مع الحكومة المؤقتة في بشامون. عن هذا الأمر يشير الرفيق جورج عبد المسيح في يومياته) الرفقاء عساف كرم، أمين سري الدين، هاني وحمود الهاني، معروف موفق وشقيقه فريد، شفيق وتوفيق نور الدين.
*
(النائب كمال جنبلاط في المجلس النيابي اللبناني عام 1969).
كان البطل أديب البعيني منهم (أي من القوميين الاجتماعيين) رحمه الله، وكان منهم أيضاً سعيد فخر الدين الشهيد الوحيد الذي وقع في حوادث بشامون.
(النائب كمال جنبلاط عام 1949 في الاستجواب الذي قدمه للحكومة حول استشهاد سعاده).
*
بتاريخ 2 تموز 1946 صدر المرسوم رقم 9377 بمنح الرفيق الشهيد سعيد فخر الدين "ميدالية الجهاد الوطني"، بعد أن كان أقر بتاريخ 20 تشرين الثاني سنة 1945 القانون الذي نص على إنشاء "ميدالية الجهاد الوطني" ومنحها للأشخاص الذين جاهدوا في سبيل لبنان أثناء حوادث 11 – 22 تشرين الثاني 1943، وفيما هي منحت الدولة الميدالية إلى عدة شخصيات لبنانية أبرزها: رئيس الجمهورية بشارة الخوري، وزوجته السيدة لور، صبري حمادة، رياض الصلح، الأمير مجيد أرسلان، جميل لحود وغيرهم، إلا أنها حجبتها عن أبطال الاستقلال في قلعة راشيا الأمينين جبران جريج وأنيس فاخوري والرفيق زكريا اللبابيدي كذلك عن الرفيق أديب البعيني .
مرسوم رقم 9377
إن رئيس الجمهورية
بناء على الدستور اللبناني
ولما كان المرحوم سعيد فخر الدين من أهالي بشامون قد ضحى بحياته في سبيل لبنان في حوادث 11-22 تشرين الثاني سنة 1943.
وبناء على قرار مجلس الوزراء المتخذ في يرسم ما يلي:
المادة الأولى: منح المرحوم سعيد فخر الدين تخليداً لذكراه بعد الوفاة.
المادة الثانية: ينشر هذا المرسوم حيث تدعو الحاجة.
بيروت في 2 تموز 1946.
صدر عن رئيس الجمهورية. رئيس مجلس الوزراء
الإمضاء: بشارة خليل الخوري. الإمضاء: رياض الصلح.
*
في تشرين الثاني عام 1954 أقامت منفذية الغرب مهرجاناً شعبياً في بشامون في ذكرى استشهاد الرفيق سعيد فخر الدين. في المهرجان المذكور ألقى ناظر إذاعة منفذية الغرب الأمين إنعام رعد خطاباً شاملاً نشرته جريدة "البناء" عندما كانت تصدر في دمشق ثم أعادت نشره جريدة "البناء" في بيروت في عددها رقم 703 بتاريخ 23/11/1960، وفيه يقول الأمين إنعام: " إن الشهيد الرفيق سعيد فخر الدين لم يكن القومي الاجتماعي الوحيد في المعركة، وإن كان الشهيد الأوحد فيها. إن عشرات الرفقاء من بشامون والشويفات وسرحمول وعين عنوب، ومن أمكنة قريبة وبعيدة من الوطن، اشتركوا في القتال هنا، ليس كأفراد موزعين، بل كوحدات عليها مسؤولون، وكان الاتصال دائماً بالقيادة القومية الاجتماعية في عالية.
*
رئيس الحزب الأمين عبد الله سعادة، يقول: الخطير الخطير أن نكتفي من الاستقلال بعيده.
يوم الثلاثاء 22 تشرين الثاني العام 1960 وفيما الدولة تقيم احتفالها الرسمي في بيروت، في ذكرى الاستقلال، كان ألوف القوميين الاجتماعيين يقيمون الذكرى في بيت المرحوم حسين الحلبي، هذا البيت الذي احتضن حكومة الاستقلال ورافق ولادته، وعلى مشارف التلال والوديان التي شهدت ثورة بشامون واستشهاد البطل القومي الاجتماعي سعيد فخر الدين.
لبى دعوة الحزب وزير الدفاع الوطني الأمير مجيد أرسلان ونائبا منطقة عالية الشيخ فضل الله تلحوق والأستاذ إميل مكرزل.
عرّف المهرجان الرفيق أنيس أبو رافع، ثم القى مدير مديرية بشامون الرفيق جان عازار كلمة بالمناسبة، فقصيدة لكل من الرفيق فؤاد ذبيان (الأمين لاحقاً) والرفيق عارف حسان، واختتم المهرجان بخطاب سياسي وقومي شامل لرئيس الحزب آنذاك الأمين الدكتور عبد الله سعادة.
*
بفضل وعي الشعب في لبنان وجهاد القوميين الاجتماعيين والمخلصين نعمنا بهذا العيد وكان بداية عهد صعب علينا. ليس عاراً ولا ضيراً أن نعترف متواضعين بأننا لا نزال، من عهد الاستقلال، من أول الطريق، وليس عاراً ولا خيراً أن نعترف بأن مسؤوليات الاستقلال على جمالها وعلى نعمتها أثقل وأقوى وأصعب من مسؤوليات الانتداب والاستعمار. أما اليوم وقد رحل المستعمر إلى غير عجلة، وزال عنا الانتداب الثقيل، هل نكتفي ببهجة العيد وفرحته؟ وهل نكتفي بالعمل الحثيث التائه رويداً رويداً فيسبقنا الزمن وتسبقنا الأمم ونتخلف عنها ونحن نسعى إلى الأمام، أم يجب أن تعصف فينا الثورة المغيّرة كل مفاهيم حياتنا، فنبني عهداً ثورياً جديداً لا سلاح فيه ولا حديد ولا رصاص ولا نار، بل ثورة أفعل وأمضى وأعمق وأبعد من السلاح وزمن الرصاص ومن الحديد ومن النار.
*
مهرجان العام 1972
دعا المجلس البلدي في عين عنوب مع جمعية نهضة الشبيبة الخيرية فيها ولجنة شهيد الاستقلال سعيد فخر الدين، لحضور مهرجان خطابي أقيم بعد ظهر يوم الاثنين الواقع فيه 22 تشرين الثاني في الساحة التي قدم فيها شهيد النهضة وديعة الأمة في عروقه يوم معركة الاستقلال عام 1943.
لبت الدعوة وفود شعبية من مختلف القرى المجاورة، وقد تمثلت الدولة بشخص وزير الصحة الدكتور إميل بيطار، وقيادة الجيش بمندوب عنها، شارك الحزب التقدمي الاشتراكي بوفد منه، أما الوفد الحزبي فقد تشكل من حضرة عميد الداخلية وحضرة عميد الإذاعة وحضرة عميد الدفاع، كما شاركت فرقة من الكشاف بمعزوفات قدمتها بين الكلمات التي ألقيت في المهرجان كما حضره بعض نواب المنطقة.
قدم الخطباء الأستاذ عجاج نويهض مشيداً بالقيم التي يمثلها الشهيد مفتتحاً الاحتفال بدقيقة صمت احتراماً لشهداء لبنان.
كان حضرة نقيب الصحافة الأستاذ رياض طه في عداد الخطباء، فقدم عريف الاحتفال اعتذاراً باسمه لعدم تمكنه من الحضور. ثم قدم الأستاذ باسم الجسر الذي ألقى كلمة تعرض فيها لدولة الاستقلال والثغرات التي يعاني منها النظام مطالباً بوضع حد لها ليكون للاستقلال معنى وقيمة، مشيداً بالصداقات الدولية التي دعمت لبنان في موقفه والتي أسهمت في الحصول على الاستقلال، فكسبت صداقة اللبنانيين. ثم قدم العريف الرفيق عصام العريضي، عضو المكتب السياسي في الحزب، فارتجل كلمة قوطعت مراراً بالتصفيق مركزاً على أهمية الدم في صناعة تاريخ الشعوب، متسائلاً عما حققته دولة الاستقلال لمواجهة الغزوة البربرية الصهيونية التي تهدد مصيرنا ومستقبلنا والتي شردت قسماً من شعبنا في فلسطين، بعده قدم الأستاذ مالك حمدان قصيدة نقدية يتعرض فيها لمساوئنا وقد استعيدت بعض مقاطعها وقوطعت مراراً بالتصفيق. بعد ذلك ألقى الأستاذ يوسف حرب كلمة شكر فيها باسم آل فخر الدين وعين عنوب جميع الذين شاركوا بحضورهم هذا الاحتفال مقدماً بعض النصائح لصيانة الاستقلال ومحاربة الرجعية والإقطاع المتحالفين مع الاستعمار ضد تقدم شعبنا وتنعمه بمواده التي يجب أن يوفرها الاستقلال الصحيح.
في الذكرى الثامنة والخمسين لاستشهاد الرفيق البطل سعيد فخر الدين، أقام الحزب بتاريخ 21 تشرين الثاني 2001 احتفالاً تكريمياً حاشداً بالمناسبة، في مسرح المدينة – كليمنصو – ببيروت.
حضر الاحتفال إلى رئيس الحزب وعدد من أعضاء القيادة المركزية، وزير الدفاع الوطني خليل الهراوي ممثلاً رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، النائب ناصر قنديل ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، وزير العمل الأمين علي قانصو ممثلاً رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري، والنواب: محمود أبو حمدان، علي حسن خليل، فيصل الداوود، عباس هاشم، الأمين د. مروان فارس، الأمين غسان الأشقر، والنائب السابق مروان أبو فاضل، وممثل عن قائد الجيش العماد ميشال سليمان، ممثل عن مدير عام
الأمن العام اللواء جميل السيد بالإضافة إلى شخصيات رسمية وحزبية واجتماعية ورؤساء بلديات ومخاتير وحشد من السوريين القوميين الاجتماعيين والمواطنين وعدد من أفراد عائلة فخر الدين.
استهل الاحتفال بنشيد الحزب والنشيد اللبناني، ثم قدم الاحتفال الرفيق أنيس أبي رافع بكلمات تعبر عن المناسبة، وتخلله قراءات شعرية للأمينة نضال الأشقر، وتكلم فيه كل من رئيس الحزب الأمين جبران عريجي، وزير الدفاع الوطني النائب خليل الهراوي، الرفيق جان دايه، الدكتور شوقي عمار باسم أهالي عين عنوب، كما قدم الفنان خالد عبدالله وصلة فنية رائعة.
*
******************
إذا كان الرفيق سعيد فخر الدين هو الشهيد الوحيد الذي سقط في معركة بشامون ذوداً عن رجالات حكومة الاستقلال، فإن الرفيق حسن عبد الساتر هو بدوره الشهيد الوحيد الذي سقط دفاعاً عن العلم اللبناني المرفوع فوق قبة البرلمان، في مواجهة الجموع التي حاولت أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، مستغلة بذلك مناسبة الزيارة الأولى التي يقوم بها النائب المنتخب عن زغرتا يوسف كرم إلى البرلمان، للاستيلاء عليه وطرد النواب منه واسقاط العلم اللبناني عساهم بذلك يستعيدون عهد الانتداب الفرنسي.
عن هذا يوضح الأستاذ غسان التويني في الصفحة 206 من "كتاب الاستقلال"، أن عناصر موالية لفرنسا ومدعومة من أجهزتها والأجهزة الخاضعة مباشرة لها، من جيش وأمن عام، استغلت مناسبة انتخاب يوسف كرم نائباً لمقعد نيابي شغر في الشمال، فسارت إلى البرلمان وتسلق بعض الشباب إلى سطح المبنى لإنزال العلم اللبناني ورفع العلم القديم مكانه (العلم الفرنسي وفي وسطه أرزة) فتصدى الدرك للمحاولة وانتصر له بعض المؤيدين، فوقع نتيجة الحوادث خمسة قتلى وسبعة عشر جريحاً.
من جهته يروي الأمين مصطفى عبد الساتر في كتابه "أيام وقضية" أن التظاهرة المسلحة الضخمة اجتازت، كما كان مخططاً لها، من زغرتا إلى بيروت من غير أية محاولة لاعتراضها. وبعدما صارت بحراً هائجاً تدفقت على ساحة النجمة في بيروت تهتف لفرنسا وليوسف كرم. وأصبح البرلمان والنفر القليل من رجال الأمن الذين يحرسونه، جزيرة صغيرة وسط بحر من الرجال الأشداء المسلحين. وانطلقت الشرارة عندما شك الزغرتاويون العلم الفرنسي على باب البرلمان وحاولوا إنزال العلم اللبناني عنه، تصدّى لهم، الصحافي آنذاك نعيم مغبغب (النائب لاحقاً) وأطلق النار من مسدسه على محاولي إنزال العلم اللبناني وبدأت المعركة.
" كان الوضع يبدو ميؤوساً منه، وقد اختبأ النواب ورجال الحكومة والحضور في زوايا المجلس، لولا رجولة وبطولة رجال درك سيار بعلبك. أخذ الحماس بحسن عبد الساتر الذي أخذ يحدو بصوته الجهوري متصدّياً ببطولة للمهاجمين مستثيراً نخوة رفقائه. لفت صوته العالي، وغزارة رصاصه، المهاجمين والفرنسيين المتمركزين في بناية الهاتف المقابلة يطلقون منها النار على المدافعين، فأسقطوا حسن عبد الساتر برصاصة قاتلة. ولكن المحاولة فشلت وتراجع المهاجمون مندحرين ولفلفت الحكومة القضية فيما بعد! أذكر في عداد الدرك المدافعين صالح سيف الدين وضاهر مشيك وأبو ممدوح خالد الكردي، بقيادة الضابط عبد اللطيف حمدان على ما أعتقد“.
وعن مأتم الرفيق الشهيد حسن عبد الساتر يقول الأمين عبد الساتر في كتابه "أيام وقضية":
" كنت آنذاك أقضي عطلة الربيع في بعلبك. استثارت المعركة البطولية واستشهاد حسن عبد الساتر عواطف البعلبكيين إلى أقصى حد. استقبلوا جثمانه خارج بعلبك بحشود غفيرة رافعـة الأعـلام اللبنانية الجديدة. وأمام سراي بعلبك " وقفت خطيباً لأول مرة أؤبن قريبي وأطري بطولته واستشهاده وأستثير النقمة على المستعمرين الفرنسيين وعملائهم داعياً إلى الثأر. لم يعجب تطرفي رئيس فرع الكتائب في بعلبك الدكتور أ. حايك، فانسحب من الحفل احتجاجاً.
" كان من المفروض أن ينقل جثمان الشهيد إلى مثواه الأخير في قرية إيعات. وكانت الطريق تمرّ حكماً أمام مركز الأمن العام الفرنسي بجانب هياكل بعلبك. وكانت الدائرة الوحيدة في بعلبك التي لا تزال ترفع العلم الفرنسي بعد أن كان الإنكليز قد قلّصوا النفوذ الفرنسي إلى حد بعيد.
" قبل دخول الجثمان إلى بعلبك حسبت للأمر حسابه وأعلنت رفضي بأن يمرّ الجثمان تحت العلم الفرنسي. كان رئيس المركز قريباً لي. اتصلت به ودعوته إلى إنزال العلم حتى لا نضطر إلى إنزاله بالقوة، الأمر الذي يسفر عنه مهاجمة المركز وإحراقه. حاول إقناعي، بروابط القربى، أن أعزف عن ذلك. وأصرّ كل منا على موقفه.
" استدعيت نفراً من الشبان المتحمّسين، قوميين وسواهم، وهيأنا الخطة لاقتحام المركز وإنزال العلم الفرنسي وإحراقه ساعة مرور الجثمان أمام المركز. وقد أظهر الشبان حماساً واندفاعاً في ذلك. ولكن عملية الاقتحام لم تجر لأن الأوامر جاءت من بيروت إلى مركز الأمن العام في بعلبك، بالموافقة على إنزال العلم وطيّه بالحسنى، وطي العلم. وبإنزاله طوي آخر علم فرنسي كان ما زال مرتفعاً في سماء بعلبك. ولم يبق من مظاهر السلطة الفرنسية فيها غير مركز ومنزل المستشار الفرنسي دون أن يرفع على أي منهما أي علم.
" زاد ذلك في حماس الجماهير التي حملت جثمان الشهيد على الأكف بموكب مهيب، مسافة خمسة كيلومترات إلى قرية "إيعات" حيث ووري الثرى وسط احتفالات امتدّت أعراس بطولة على عدد من الأيام إلى ما بعد عيد الشهداء في 6 أيار ". حيث أقيم في سينما الأمبير في بعلبك مهرجان خطابي حاشد تكريماً للرفيق الشهيد.
بدورها أقامت عائلة عبد الساتر ذكرى الأربعين في بلدته "إيعات"، وجهت فيها الدعوات إلى قرى وبلدات المنطقة كما مدت ولائم الطعام الضخمة. ألقيت في المهرجان كلمات عديدة كان منها كلمة العائلة ألقاها المواطن جميل عبد الساتر.
*
الأمين مصطفى عبد الساتر (من كتابه أيام وقضية)
*
*
الشهيد حسن عبد الساتر أسقط العلم الفرنسي عن قبة البرلمان وسقط.
نشر الصحافي عمر صلح في جريدة "المستقبل" بتاريخ 21/11/2003 تحت العنوان أعلاه، المقال التالي:
حسن موسى عبد الساتر، من اوائل شهداء الإستقلال في لبنان. لم يقبل فكرة الراحة من عناء الرحلة التي جاءت به الى بعلبك من طرابلس عبر حمص، فالتحق فوراً بالفوج الذي كان متوجهاً الى بيروت في اواخر نيسان من العام 1944، وسقط شهيداً على قبة مجلس النواب، عندما كان يقوم بنزع العلم الفرنسي ليضع مكانه العلم اللبناني.
ضريح الشهيد عبد الساتر في إيعات لم يتلق أكاليل الزهور منذ زمن طويل، ولم يحظ بزيارات المسؤولين، حتى في مناسبة الاستقلال على الرغم من ان مواكب الرسميين تمر على بعد مئتي متر من ضريحه في المناسبات الوطنية الكبرى، باتجاه الهرمل لتضع الاكاليل على ضريح الرئيس الراحل صبري حمادة.
وزارت "المستقبل" عائلة الشهيد عبد الساتر في بلدة إيعات، وإلتقت شقيقه محمد الذي يتحدث بكل فخر وإعتزاز عن بطولة حسن ورجولته وصفاته.
ويقول: كان أخي حسن يخدم في فرقة الخيالة التابعة لفصيلة درك بعلبك، وكان قوي البنية، طويل القامة، ومن أكثر الصفات المعروفة عنه، قوة صوته.
ويضيف، كان وطنياً بكل معنى الكلمة. عند عودته من مهمة من طرابلس عبر مدينة حمص الى بعلبك، ولدى وصوله الى الثكنة، صدف ان فوجاً يتهيأ للذهاب الى بيروت، بعد ورود أخبار عن أحداث تشهدها العاصمة، فكان اول الملتحقين بالفوج، علماً ان الضابط المسؤول أعفاه من تلك المهمة، نظراً الى المسافة الكبيرة التي قطعها خلال عودته من طرابلس لكن حسن رفض الفكرة ورافق الفوج الى بيروت من دون ان يعرّج على منزله ويتفقد زوجته وإبنته. ويتابع: حدّثني أحد اصدقائه في الفرقة، وهو ملحم العريبي، انهم عندما وصلوا الى ساحة البرج هرب عدد من العناصر نتيجة الفوضى وإطلاق الرصاص العشوائي، لكن حسن بدأ ينشد بصوته الرخيم أغاني وأناشيد وطنية لحث رفاقه على البقاء في أماكنهم، فأستجاب العديدون، وعندها تسلّق حسن الى أعلى مبنى مجلس النواب وانتزع العلم الفرنسي.
ولحظة وضع العلم اللبناني، دوى الرصاص مجدداً، فإذا بحسن يسقط جريحاً والعلم اللبناني يرفرف بين يديه. فنقل الى مستشفى أوتيل ديو ليفارق الحياة في اليوم التالي، وذلك في 28 نيسان 1944.
*
نشرت جريدة "النهضة" في عددها 231 تاريخ 29 نيسان 1954 الكلمة التالية:
الدم القومي في كل مكان ذكرى 27 نيسان 1944
في 27 نيسان من سنة 1944، إستغلت العناصر الفرنسية وأتباعها في لبنان إنتخاب النائب يوسف كرم، فبيتّت مؤامرة لقلب الحكم في لبنان عن طريق مظاهرة كبيرة مسلحة إنحدرت من الجبال والعاصمة لمرافقة النائب المذكور وإدخاله البرلمان دخول الفاتحين وهي تهدف من وراء ذلك الى احتلال المجلس وإغتيال بعض النواب والشخصيات السياسية وإنهاء عهد الاستقلال لإعادة عهد الإستعمار الفرنسي وكادت المؤامرة تنجح، بعد ان رفع المتظاهرون العلم الفرنسي على المجلس، لو لم تتصدّ لهم فئة ضئيلة من الجند والمواطنين، وكان على رأسها وفي طليعتها بالطبع، كما هو الحال دائماً، من رفعت العقيدة القومية الاجتماعية نفوسهم من حضيض الذل الى قمم العزة والمجد.
وبرز الدركي حسن موسى عبد الساتر، القومي الاجتماعي، يردّ بعزيمته الجبارة وصدره الواسع وقلبه الكبير، في قلة من رفاقه لم تتجاوز العشرة بعد ان فرّ سائر أفراد القوة ورجال الشرطة وإنضم بعضهم للمهاجمين، برزت هذه القلة المؤمنة، فأحبطت المؤامرة وتصدت للجماهير المندفعة وردّتها على أعقابها خاسرة... وكان صوته الجهوري العظيم يرتفع وسط لعلعة الرصاص ودوي القنابل محمساً رفاقه، داعياً الى الصمود.
ولفت صوته والرصاص المنهمر أنظار المتآمرين وأسيادهم المتمترسين في بناية التلفون وسواها، وبطبيعة الغدر القذرة سقط عليه الرصاص من الخلف حيث لم يكن ينتظره من بعض رجال الامن او من المتمركزين في البناية العالية، فهوى صريعاً يتخبط بدمه. وبعد ان حقق النصر وأدّى دمه الغالي الرسالة التي نذر كل قومي اجتماعي نفسه لتأديتها من سعيد فخر الدين الى الزعيم الخالد الفادي، الى سلسلة كريمة من الشهداء إفتتحت في ميدان العطاء والإستشهاد صفحات لن تنتهي حتى نحقق لهذه الأمة الناهضة المجد والعز والرفعة.
ولم يطلب حسن عبد الساتر في استشهاده جزاء ولا شكوراً، كما لم يطلب من قبل سعيد فخر الدين ولا أي شهيد سوري قومي اجتماعي، لان الاستشهاد في عرف السوريين القوميين الإجتماعيين، واجب وعطاء عبر عنهما زعيمهم الخالد عندما قال: "كل ما فينا هو ملك للأمة حتى الدماء التي في عروقنا هي ملك الأمة متى طلبتها وجدتها“.
ولم ينل حسن عبد الساتر وغير حسن عبد الساتر، بالطبع على يد سلطات العهد الماضي جزاء ولا شكوراً بل على العكس فقد عمدت تلك السلطات، في سياستها الهدامة، الى لفلفة التحقيق، والى إضافة ثمن الدم الغالي الذي ما سال إلا ليروي ارض الوطن العطشى الى دماء الابطال وأساطير البطولة.
بلى، لقد نال رفقاء حسن عبد الساتر ومعلمه فيما بعد، على يد السلطات نفسها الجزاء: جزاء سنمار. ولكن تلك السلطات، زالت وبقيت الامة، الامة التي في سبيل مجدها وحدها دون سواها، بذل السوريون القوميون الاجتماعيون دماءهم الغالية وهم ما زالوا على استعداد للبذل كلما دعت مصلحة الامة ذلك، ولسان حالهم في كل طور من اطوار الإستشهاد تقول: "نقضي. ان تمدّ جسومنا جسراً ... فقل لرفاقنا ان يعبروا".
*
***************
تميز الرفيق أديب البعيني بقوته البدنية الفائقة وبجرأته النادرة. كذلك كان شاعراً زجلياً وقد نظم العديد من القصائد وكانت له مساجلات مع شعراء آخرين. رثاه العديد من شعراء الزجل، كان من بينهم الأمين عجاج المهتار، الرفيق قاسم نجد (من العبادية) والرفيق وليم صعب صاحب مجلة "البيدر" وامير الزجل اللبناني.
الحديث عن الرفيق أديب وعما كتب عنه يطول. هذا بعض ما قيل فيه:
ويقول السفير أبو عز الدين أن شقيقه نجيب كان تولى إدارة شؤون مشروع حمامات الحمة المعدنية على الحدود الشامية الفلسطينية، لصاحبها سليمان ناصيف من المختارة ومن اللبنانيين الذين أنشأوا لهم مركزاً أدبياً ومادياً في مصر، ولأن منشآت الشركة كانت محاطة بمئات البدو الذين يريدون العمل فيها بالقوة، فقد تولى الرفيق أديب بين السنوات 1933 – 1936 حراسة منشآت الشركة وأشرف على الأمن فيها. " ذات يوم هجم رجال البدو علينا وكانوا حوالي 30 بدوياً وأرادوا تحطيم المنشآت، وفي لمحة البصر رأينا أديب يأتي بعصا غليظة ويهجم بسرعة البرق على هؤلاء فجرح منهم ثلاثة وولى الباقون الادبار".
- مجلة "بلبل الأرز" كتبت عنه تقول: في الخامسة والعشرين من عمره. لا يخاف الموت، جبار، عملاق، شديد العضلات، مفتول الساعدين، مخلص وكرم وشجاع لدرجة الجنون الأهوج الذي لا يوصف يبيع راحته ليكون وفياً، ويبيع ثيابه ليهب ويبيع روحه في أسواق المعارك ومعامع شرف النفس".
- يروي الشيخ خليل تقي الدين في مذكراته بعنوان "مذكرات سفير": كان أديب لا يفارق رشيشه لا في الليل ولا في النهار وكان يتحرق للقتال. فلما هوجمت بشامون رأيناه حركة دائمة يطلق النار من هنا، وهناك، وينتقل بسرعة فائقة من مكان إلى مكان لكي يوهم المهاجمين أن عشرات الرشاشات مصوبة بين أشجار الزيتون. فلما انجلت المعركة عن مقتل الشهيد سعيد فخر الدين وانسحاب المهاجمين رأيته يبكي فسألته ما بك يا أديب؟ قال: "كيف يموت سعيد فخر الدين وأبقى أنا أحيا؟ لقد وضعت دمي على كفي فأبى الموت أن يأخذني.
- قتل الرفيق أديب غدراً مساء 31 كانون الأول 1943. وتفصيل الحادثة أن رئيس الجمهورية بشارة الخوري كان عائداً مشياً على الأقدام من سهرة بجوار منزله وبرفقته أحد أزلامه من بلدة رشميا يدعى سليم الحران. ولما طرق هذا الباب الخارجي أبطأ الحرس في فتحه، فأخذ سليم يشتم ويصيح، فخرج إليه الرفيق أديب (رئيس الحرس) وانتهره بأن يكف عن إهانة الحرس، ولما أدار ظهره أطلق عليه النار غدراً.
**************
في: 25/11/2021 لجنة تاريخ الحزب
[1] هناك "أشبال" ساهموا بطريقة أخرى في معركة الاستقلال وأصبحوا بعد ذلك رفقاء ومناضلين:
[2] يقول منير تقي الدين الذي اختارته الحكومة المؤقتة في بشامون مسؤولاً مشرفاً عن "الحرس الوطني" في كتابه "ولادة استقلال": " فلما اعترضت الصخور طريق المصفحة الأولى ترجل منها جنديان راحا يحاولان رفع الحجارة عن الطريق، بينما أخذت المصفحة تطلق النار ذات اليمين وذات اليسار، لتحمي نزول الجنديين فقابلها الحرس بالمثل فصرع الجنديان حالاً، وأخذ الرصاص يتساقط على المصفحة المتقدمة والمصفحتين المتأخرتين، فلا يعمل فيها شيئاً. عند ذلك خرج من وراء المتاريس شاب قفز إلى الطريق وقذف المصفحة بقنبلة يدوية فانهال عليه رشاش من الرصاص مزقه تمزيقاً. إنه سعيد فخر الدين من عين عنوب وقد رأيته بأم العين يخاطر بنفسه ويقوم بأعمال يعجز اللسان عن وصفها“.
[3] كافأت الدولة اللبنانية الرفيق أديب البعيني بأن نقلته من رئاسة مخفر للدرك في منطقة عكار إلى تولي رئاسة الحرس الجمهوري في القصر الجمهوري الذي كان كائناً في محلة القنطاري. إلا أنه قتل غدراً مساء 31 كانون أول عام 1943 من قبل أحد مرافقي رئيس الجمهورية بشارة الخوري، المدعو سليم حران، في حادث فردي.
[4] نص البلاغ رقم 1 الذي صدر عن وزير الدفاع الوطني الأمير مجيد أرسلان بتاريخ 17/11/1943:
هاجمت قوات فرنسية مسلحة مركز الحكومة الشرعية في بشامون مساء الاثنين في 15 تشرين الثاني 1943 فردتها وحدات الحرس الوطني دون خسائر في النفوس، وفي صباح اليوم الثاني شنت القوات المصفحة الفرنسية هجوماً عنيفاً على المركز المذكور فردت على أعقابها أربع مرات متوالية حتى الساعة الثالثة بعد الظهر وسقط بعض القتلى والجرحى من الجنود السنغاليين وفقدنا شهيداً واحداً يدعى سعيد فخر الدين من عين عنوب.