هل الحزب السوري القومي الإجتماعي حزبٌ نازي؟
ألقي هذا السؤال من قِبل الأمين الدكتور عبود عبود، المعتمد المركزي في أستراليا 1981، على جماهير المواطنين في منبر العقائد، وطلب منها، باعتبارها المحكمة الشعبية لكل العقائد والأفكار، أن تدفع في وجه الحزب السوري القومي الإجتماعي كل تهمة تعرفها أو سمعت بها أو نُقلت إليها، لجهة النازية في الحزب. وقد سجّل الأمين عبود كل تلك التهم على اللوح الأسود الكبير، ثم راح يناقش الإتهامات بالإعتماد على وثائق الحزب وكتابات سعاده نفسه.
كان الجواب قرار اتهام هذه بنوده:
1- الحزب نازي بسبب رمز الزوبعة في علم الحزب التي هي الصليب المعقوف عند النازية.
2- الحزب نازي بسبب سلطة الزعيم المطلقة التي تطابق مركز "الفوهرر" في النازية.
3- الحزب نازي بسبب عقيدته العنصرية أو العرقية التي لها مثيلها في النازية الجرمانية.
4- الحزب نازي بسبب نظامه الصارم الشديد الذي يوجد ما يعادله في النازية.
5- الحزب نازي بسبب ممارساته العنفية.
6- الحزب نازي بسبب زيارة الزعيم إلى ألمانيا.
7- الحزب نازي بسبب زيّ لباس الحزب الرسمي أي لباس الأعضاء من قمصان وجزم.
8- الحزب نازي بسبب قوميته الشوفينية الإنعزالية المعادية للشعوب وخاصة بسبب عدائه للعروبة واليهود، أي لا ساميته.
9- الحزب نازي بسبب إعتماده القيادة النخبوية.
10- الحزب نازي بسبب سياسته إبّان الحرب العالمية الثانية المؤيدة لألمانيا.
11- الحزب نازي بسبب تحية الأعضاء لبعضهم البعض التي تشابه التحية النازية.
12- الحزب نازي بسبب ثقة الأعضاء بالمسؤولين وطاعتهم لهم.
لنبدأ بالدفاع الفكري البرهاني الوثائقي من الحزب السوري القومي الإجتماعي متناولين في دفاعنا بنود قرار الإتهام بنداً بنداً حسب تسلسلها.
هذه التهمة قديمة جداً وهي تعود الى السنوات الأولى لظهور الحزب. فمنطلقها الحكم على المظاهر الخارجية وعدم الثقة بالأمة ومواهبها وانعدام الثقافة القومية ومحبة النيل من الحزب لغايات شخصية أو أجنبية.
إن الذين يثقون بأمتهم لا يمكن أن يُنسبوا منجزاتها ومبتدعاتها وإنتاجها إلى غيرها. والذين اطّلعوا على أصالة الثقافة القومية لا بد أن يكونوا قد عرفوا أن أمتنا، من الوجهة الروحية، اتخذت الصليب والهلال رمزين لها. فصورة الصليب كانت رمزاً روحياً سامياً للمسلمين المسيحيين وللعالمين، كذلك صورة الهلال كانت رمزاً روحياً سامياً للمسلمين المحمديين وللعالمين، قبل أن تقع الأمة في عصور الإنحطاط ويهبط العقل السوري والعربي هبوطاً ينحدر معه المغزى الروحي العميق للصليب والهلال ليصبح كل منهما رمزاً للوحدة الروحية العظيمة التي كانت، بل للإنقسام الشعبي الطائفي. لكن، في كل الأحوال، يظل رمزا الصليب والهلال إبداعين من مواهب أمتنا العظيمة أو يرتبطان بروحها الإبداعية العظيمة وليسا تقليدا لشعارات أية أمة في العالم.
سعاده، العظيم الواسع الإطلاع على الثقافة الروحية الشعبية، أراد أن يقدّم لأمته رمزاً جديداً مستمَداً من مواهبها هي ومنسجماً مع روحها الأصلي، فما كان منه إلا أن كلّف الرفيق المهندس بهيج الخوري، الذي عاونه الرفيق المهندس رجا خولي، بوضع تصميم من منطلقين هما أولا: الثقافة الروحية للأمة وثانيا التعبير عن الوحدة الاجتماعية - الروحية الجديدة للأمة التي حققتها وتحققها مبادئ الحزب السوري القومي الإجتماعي المحيية.
وقد قدّم الرفيقان الخوري والخولي تصميمين للزعيم أحدهما، الشكل الحالي للزوبعة وثانيهما شكل زوبعة بثلاثة أطراف فقط. وقد انتقى الزعيم التصميم ذا الأطراف الأربعة فصارت الزوبعة بصورتها الحالية شعاراً للحزب منذ أوائل عام 1934.[1]
ماذا في صورة الزوبعة حتى قَبِلها سعاده شعاراً للحركة السورية القومية الإجتماعية؟
الجواب يأتينا من سعاده نفسه، وهذا هو الجواب الذي كان بعض ردّه على جريدة "الهدى" اللبنانية التي كانت تصدر في الإرجنتين في الأربعينات، والتي نشرت مقالاً حمل فيما حمل، إتهاماً لسعاده وحركته بالنازية بسبب الزوبعة، يقول سعاده في رده ما يلي:
وجهل "الهدى" وسؤ ظنها يجعلانها ترى في زوبعة الحزب السوري القومي الإجتماعي وصليب الحزب الإشتراكي القومي الإلماني المعقوف "تقليداُ" منا لغيرنا، فزوبعة الحزب نشأت من فكرةِ سوريةِ خالصة أرادت أن ترمز إلى الإتحاد الشعبي بإزالة الفوارق الدينية. وهذه الزوبعة هي الطريقة الوحيدة التي تجمع بين الصليب والهلال مُتدامِجين ومُتحِدين إتحاداً متيناُ في حركة واحدة. هذا هو رمز الزوبعة وليس تقليد الصليب الألماني المعقوف.
إنّ الأمة المتفسخة روحيا مثل أمتنا، لا بد لها من رمز روحي جديد يوحدها دون أن يتناقض مع مسيرتها الثقافية - الروحية التاريخية. فكانت الزوبعة هي ذلك الرمز.
والواقع أننا، بقليل من الحدس أو بقليل من الخيال نتلامح الهلال في أطراف الزوبعة الأربعة كما نستطيع أن نتلامح الصليب في تقاطع كل طرفين متقابلين بخط مستقيم. لكنما الزوبعة لا تقدم هلالا ولا صليبا صارا رمزين للطائفية المفرّقة، بل تقدّم لنا رمزا جديدا وإن كان مُركّباً من الهلال والصليب ولكنه لأنه مركّب جديد له دلالة جديدة، هي الوحدة القومية لجميع أبناء الأمة، المسلمون المحمديون والمسلمون المسيحيون، بكل فئاتهم، صاروا أمة حية بفضل الحركة القومية الإجتماعية التي رمزها الزوبعة. أو نقول تماماً مثلما نقول أن أصل الماء هو هيدروجين وأوكسيجين كذلك الزوبعة أصلها في الهلال والصليب ولكن مثلما نقول أن الماء هو كائن جديد له معنى جدية وصفات جديدة غير صفات الهيدروجين والأوكسيجين، كذلك فإن الزوبعة كائن جديد له مغزى جديد هو التعبير عن وحدة الأمة داخل الحزب السوري لقومي الإجتماعي.
* * * * * * * * *
إن الذين أنشأوا هذه التهمة، أثبتوا أنهم لم يدرسوا الأحوال الإجتماعية والنفسية للشعب. هم يتحدثون عن المذهب الديكتاتوري والمذهب الديمقراطي مجردين، وينسون أن الأمة ما تزال مجزأة إجتماعياً وروحياً. والحق يقال، أن الأمة في أوضاعها الراهنة هي عبارة عن قطعان هائجة ومائجة من البشر منطلقة مثل الغليان ضد بعضها البعض.
في مثل هذه الأحوال، يحتاج الصالحون مثل سعاده لضمانة تحميهم من تلك القطعان الغيلانية. أيريد أصحاب الإتهام أن نحمي القطعان الطائفية من الحركة القومية الإجتماعية وباعثها أنطون سعاده؟
لو أن الأمة كانت ناهضة ولو أن الشعب عرف الديمقراطية الحقة والحرية الحقة والكرامة الحقة، ثم لو أن الجماهير وعت حقوقها وأدركت قيمة سيادتها على مقدرات الوطن بديل الإقطاعيين وسيادتها على ثروات الأمة بديل الرأسماليين، نقول لو أن هذه كانت الحال، لوجب إذ ذاك أن توضع السلطة كلها في يد الشعب وجماهير الأمة ولوجب أن لا يكون هناك زعيم إسمه أنطون سعاده، له تلك السلطة الكبيرة. بل لوجب حماية الأمة من كل فرد يدّعي سلطة واسعة. أما وأن الأمة تعشعش فيها روح الطائفية وروح العنصرية وروح العشائرية وروح الزعامات الشخصية الخصوصية، فالمنطلق السليم يقضي بأن يكون هناك بندٌ في دستور الحركة القومية الإجتماعية يحميها من تلك الأرواح المرضية الخبيثة ومداخلاتها، هو المادة الرابعة الذي نص على أن الزعيم هو صاحب السلطة كلها في الحزب. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، هناك تجربتان مرّ بهما سعاده قبل تأسيسه الحزب السوري القومي الإجتماعي وهو في المغترب (البرازيل والإرجنتين) خلاصتهما، أنه اشترك مع فريق من دعاة الصلاح والإصلاح، كانوا ممن يحبون الوجاهة الشخصية والظهور على حساب العمل العام. ولم يكن يستطيع سعاده أن يضبط الأمور من التدهور والإنحراف بسبب فقدانه السلطة اللازمة. لذلك قرر منذ أن يؤسس حزبا وحده وأن لا يشاركه في السلطة أحد، فكان الحزب السوري القومي الإجتماعي. وبهذه الطريقة أمكنه من حماية النهضة القومية الإجتماعية من أمراض الفئوية والتكتلات والإنحرافات كما حصل عمليا عندما طرد شارل سعد وشلّته، وطرد نعمه تابت وفايز صايغ وكتلتهما وأنقذ الحزب من السقوط في قبر العلل الإجتماعية التي جاء الحزب للقضاء عليها.
وهناك مسألة أخرى. هي مسألة كيفية صيرورة سعاده زعيماً للحزب. لو أن سعاده صار زعيماً للحزب عن طريق التراكم العائلي أو المالي فورث الزعامة من والده أو إدّعاها بسبب قوته المالية، أو أعطيها من قِبل إرادة أجنبية، لكان الأمر شاذا جداً. أما أن يتقدم سعاده من شعبه فرداً فرداً بكتابه ويُنشئ ذلك الإستفتاء الشعبي حول حركته، عقيدتها ونظامها، فيصبح زعيماً بفضل إرادة أبناء شعبه الذين أقبلوا على الحركة، فهذا هو العمل الديمقراطي الذي ندر له مثيل في تاريخ بلادنا الحديث خصوصا، وفي العالم المعاصر عموما.
والإستفتاء الذي أجراه سعاده لم يكن محدداً بوقت أو بمناقشة بل أنه ما زال جارياً منذ تأسيس الحزب. إذ يمكن لأي مواطن أن يناقش عقيدة الحزب ونظامه أو يرفضها. بالنسبة لعضو الحزب نقول أن عضو الحزب يمكنه أن يبقى في الحزب أو يغادره. ولكن القوميين الإجتماعيين لم يغادروا حزبهم العظيم بسبب سلطة الزعامة (أو خلافها) لأنهم أدركوا نظرياً وتاريخياً أن سعاده الذي كانت له تلك السلطة الكبيرة هو سعاده الجندي المطيع لمبادئ الأمة الذي قدّم كل ما فيه على شاطئ بيروت في 8 تموز 1949. إنه هو الذي قال: "كل ما فينا هو للأمة حتى الدماء..." وهو الذي كان أول من أعطى الأمة وديعتها في عروقه على رمال الشاطئ السوري العظيم.
ماذا حدث بعد استشهاد سعاده؟
لو كان الحزب حزب زعامة سلطوية مؤبدة، لاستمر ظهور الزعماء في الحزب. لكن زعامة أنطون سعاده كان لها ما يبررها في التاريخ وفي الواقع الإجتماعي النفسي وفي جدّية العمل القومي النهضوي. لذلك لا نجد الآن في المادة الرابعة من دستور الحزب سوى النص التالي: " القوميون الإجتماعيون هم مصدر السلطات الحزبية". وهذا معناه أن الشعب القومي الإجتماعي هو مصدر السلطات وهذه هي الديمقراطية الحقة. لماذا حصل هذا؟ وهل هو تغيير في مبادئ الحزب أو إتجاهه؟
الجواب هو النفي. ذلك لأنه حتى أيام زعامة سعاده، عندما كانت كل السلطة في يده، كان إتجاه الحزب هو الإتجاه القومي الإجتماعي كما يدل على ذلك اسمه ومبادؤه الأساسية والإصلاحية. فالإلحاح في عقيدة الحزب وتعاليمه كان على الأمة، على الشعب، وليس على الفرد أو الطبقة أو الفئة النخبوية.
لذلك نقول تكراراً، أن سلطة الزعامة كانت إستثناء، له ما يبرره في تاريخ الحزب والأمة. فالحزب نشأ أيام الإنتداب الفرنسي وفي زمان الطائفية والعنصرية والعشائرية والنزعة الفردية والمداخلات الأجنبية، التي كان يجب حماية النهضة التي جاء بها الحزب منها وشق الطريق لعصر جديد هو عصر الحياة القومية الإجتماعية المثلى. ولو أن سعاده لم يفعل ما فعل، لكانت قطعان الطائفية والعنصرية وغيلانها قد عملت في الحزب تفكيكاً وتمزيقاً وأجهزت عليه، كما حصل تماماً في الأحزاب الأخرى في تاريخ بلادنا الحديث.
وتجدر الملاحظة أن سعاده قد كتب مقالة حول سلطة الزعامة رداً على من اتهمه بالتسلط والديكتاتورية تضمّن مقارنة بين حالة الشعب الفرنسي إبّان الثورة الفرنسية ضد فساد الحكام، وحالة الشعب السوري ثم وصف لحالة البلاد السورية والشعب السوري، ننقل المقال بحرفيته:
النتيجة هي حصول صورة مقابلة، أي معاكسة، لصورة حالة فرنسة: في سورية لا نجد اليوم ملوكاً وراثيين يستمدون سلطتهم من الله ليحكموا الشعب على هواهم ويستبدوا في ما لا يعود عليه بالخير. في سورية فساد الحكم هو من فساد الشعب. فالنواب في لبنان والشام الذين يبيعون مصالح الشعب بالمزاد السري هم نواب منتخبون انتخاباً عاماً من الشعب، ولكن الشعب في حالة فساد كثير فهو يجهل حقوقه ومصالحه ولا يشعر بوحدتها ووحدة شخصيته. في سورية رجال الدين الفاسدون قد حوّلوا الطوائف إلى أحزاب سياسية، ورجال الشعب خضعوا لسياسة التفرقة الدينية وانقادوا إلى مثالب الانحطاط فباعوا «باكوريتهم» أو أصواتـهم الانتخابية بيعاً وهم لا يدرون أنـهم يبيعون حقوق سيادتهم. في سورية تعلّم الفرد ألا يهتم لضرر الشعب بل لمنفعته الفردية فقط.
في سورية المناقب تحولت إلى مثالب والأخلاق انحطت. فالفساد في الشعب والشعب الفاسد الروحية يحتاج إلى إصلاح. والإصلاح، الذي لا يمكن أن يكون إلا من الداخل، يجب أن يكون من فرد انشق على فساد المجموع وتغلب على أهوائه. هذا الفرد هو الذي يحتاج إلى ضمانات السلطة ضد فساد الشعب وليس الشعب هو الذي يحتاج إلى هذه الضمانات.
إنّ هذا الفرد المصلح يجب أن ينال ضمانات السلطة المطلقة ليضرب بيد من حديد على أيدي تجار الحقوق القومية والمصالح الشعبية، وليضع حداً لعبث العابثين بالنظام ولتدجيل المزدرين بكرامة الأمة وحقوقها، وليمنع الفوضى وليعلّم ويدرب وينشىء المؤسسات الجديدة الصالحة لحمل أعباء مطاليب الحياة الجديدة، وليضع قواعد سلوكية جديدة تقيم فضائل الحرية والواجب والنظام والقوة بدلاً من الفوضى والرغبات الخصوصية والعادات والمشارب الانحطاطية والتفكك والتراخي.
إذا كانت هناك فردية استبدادية في ما لا يعود على الشعب بالخير يجب محاربتها بكل شدة، فهي فردية هؤلاء السائلين باستنكار: لماذا هذه السلطة غير المحدودة للزعيم؟".[2]
والحق يُقال، أن تاريخ الحزب خير شاهد على أهمية زعامة الحزب في وضع النظام موضع الفوضى وفي تطهير الحركة من العناصر الفاسدة وفي حمايتها أيام النكبات والزعازع، وفي نموّها المطرد وفي إتجاه الحياة القومية الجديدة.
ثم إذا عدنا إلى قسم الزعامة، فإننا نقع على أسمى وأجمل ما نطق به زعيم في تاريخ بلادنا الحديث وربما في العالم كله، ونص القسم هو:
"أنا أنطون سعاده، أقسم بشرفي وحقيقتي ومعتقدي، على أن أقف نفسي على أمتي سوريه ووطني سوريه، عاملاً لحياتهما ورقيّهما، وعلى أن أكون أميناً للمبادئ التي وضعتها واصبحت تكوّن قضية الحزب السوري القومي الإجتماعي ولغاية الحزب وأهدافه، وأن أتولّى زعامة الحزب السوري القومي الإجتماعي وأستعمل سلطته وقوّتها وصلاحياتها في سبيل فلاح الحزب وتحقيق قضيته وأن لا أستعمل سلطة الزعامة إلا من أجل القضية القومية ومصلحة الأمة، على كل هذا أقسم أنا، أنطون سعاده".[3]
* * * * * * * * *
إنّ أول ما لا بد لنا منه، لكي يكون دفعنا لهذه التهمة دفعا صحيحا، هو التعريف بالعقيدة القومية الإجتماعية، حتى إذا ظهر أن هذه العقيدة عنصرية، كانت التهمة ثابتة. وإذا ثبت أنها ليست عنصرية سقطت التهمة سقوطا ما بعده رجعة.
وحتى لا يكون كلامنا حول العنصر (أو السلالة) كلاماً عمومياً غامضاً لا بد لنا أن نستشير الكتب العلمية الإختصاصية، كتب علوم الاجتماع، لنستفيد منها معرفة بالعنصر يمكن الركون إليها ركوناً علمياً. وبعد أن تتم لنا المعرفتان: المعرفة بعقيدة الحزب السوري القومي الإجتماعي والمعرفة العلمية بالعنصر، نقارن بين المعرفتين فنرى إلى أية علاقة أو عدم علاقة تقوم بينهما.
نجيب على السؤال الثاني أولاً ثم نتقدم وسلاح معرفته العلمية بيدنا، لنفاجئ الحزب السوري القومي الإجتماعي به.
السلالة (أو العنصر) هي جماعة من البشر تشترك افرادها بصفة جسدية واحدة تتوارث جيلا بعد جيل.
يمكننا أن نجد هذا التعريف العلمي للسلالة في أية موسوعة "أنسكلوبيديا" علمية أو نقع عليه في أي كتاب في علم الإجتماع يدعى علم فيزياء الإنسان "“Physical Anthropology، وهو علم السلائل البشرية (نسمّي من المراجع كتاب:
“Environment, Race and Migration” لمؤلفه “Griffith Taylor”
أو كتاب “Human Races” من تأليف “Stanley M. Garn”
أو كتاب “Race and Science” الصادر عن “Columbia University Press” في نيويورك عام 1969 الصفحة 13: "
السلائل البشرية قد تكون سلائل لونية إذا اتخذ لون البشر أساسا لتصنيف الجماعات وعندئذ تسمى السلالة اللونية البيضاء، أو السلالة اللونية السوداء أو السلالة اللونية الصفراء. وقد يكون أساس التصنيف لون العينين أو شكل الأنف أو نوع الشعر أو نوع الدم أو شكل الجمجمة. وجمهور العلماء اعتمد شكل الجمجمة وصنّف البشر تبعا لذلك الى ثلاث سلائل هي سلالة المستطيلي الرؤوس وسلالة المفلطحي الرؤوس وسلالة المستديري الرؤوس. هذه باختصار فكرة العلم عن السلالة".
والحقيقة أن سعاده عقد فصلاً خاصاً هو الفصل الثاني من كتابه "نشؤ الأمم" لجلاء المعنى العلمي للسلالة كي يكون مقدمة لنظريته العلمية في الأمة التي سيشرحها في الفصل التاسع الأخير من الكتاب. في هذا الفصل، يعرّف سعاده الأمة بقوله أنها متحد القطر والمتحد بقوله أنه جماعة جوهرها الإشتراك في الحياة فتكون الأمة هي الجماعة التي تشترك بالحياة في بيئة طبيعية.
من هنا يظهر الفرق بين الأمة والسلالة. فإذا كانت السلالة واقعاً فيزيائياً جسدياً، فإن الأمة واقع الحياة الإجتماعية الواحدة في القطر الواحد أو هي في جوهرها واقع إجتماعي. وشتان ما بين الواقع الجسدي والواقع الإجتماعي.
هذه الشتّانية هي التي تجعل العقيدة القومية الإجتماعية التي هي بإختصار عقيدة الأمة، على قاعدة ان الأمة مجتمع واحد مختلفة عن العقائد السلالية. الأمة عند سعاده واقع إجتماعي امتزجت فيه كل الأصول السلالية فلا نكاد نقع في أية أمة على وحدة فيزيائية جسدية كما هي الحال في السلائل. لذلك فإن الأمة عند سعاده غير السلالة وليست بسلالة وهذا هو كلام سعادة الحرفي: "كل الأمم هي خليط من سلالات المفلطحي الرؤوس والمعتدلي الرؤوس والمستطيلي الرؤوس ومن عدة أقوام تاريخية".[4]
الأمة عند سعاده جماعة جديدة لا تشترك بالجد الواحد فتكون قبيلة أو عشيرة، ولا تشترك بالمذهب الديني الواحد فتكون طائفة، ولا بصفة جسدية واحدة متوارثة جيلا بعد جيل فتكون سلالة أو عنصراً، وإنما هي جماعة تشترك بالحياة في قطر من الأقطار. فالإشتراك في الحياة الإجتماعية بكل نواحيها هو جوهر الأمة.
وإذا لم تصلح السلالة تعريفا للأمة عند سعاده، كما صلحت أن تكون كذلك عند النازية، فما هي علاقة الأمة بالسلالة إذن في المدرسة القومية الإجتماعية؟
جواب سعاده أن الأمة هي المبدأ الأساسي: هي مبدأ السلالة وهي مبدأ الفرد وهي مبدأ كل جماعة من الجماعات المتواجدة في القطر الواحد. فالأمة السورية هي مبدأ العرب في سورية ومبدأ الأكراد في سورية والأشوريين في سورية والفينيقيين في سورية...الخ، والأمة المصرية هي مبدأ العرب في مصر ومبدأ الأقباط في مصر. الخ، وليس السلالة مبدأ الأمة.
هذا كلام سعاده:
"...لا يجوز أن تتضارب المصالح العنصرية والمصالح الشعبية. فإذا حدث شيء من ذلك، وجب تقديم هذه (أي المصالح الشعبية) على تلك (أي المصالح العنصرية)، لأن الشعوب قوام العنصر وليس العنصر قوام الشعوب".[5]
هذا الموقف اتخذه سعاده قبل تأسيس الحزب وقد استمر هذا الموقف في تعاليمه ومبادئه القومية الإجتماعية التي أصبحت عقيدة الحزب بعد التأسيس.
بعد كل ما تقدّم نسأل:" هل يوجد فكر أبعد عن السلالية من فكر الزعيم سعاده؟ هل يوجد فكر أنقى؟
ردّنا على ذلك بسيط وهو القاعدة التالية التي تقوم عليها كل الأنظمة في العالم، مليحها وقبيحها، وهي كل نظام قاسٍ وشديد، وإلا بطُل أن يكون نظاما، وهذا الكلام لسعاده نفسه:
"فالنظام الرخو ليس نظاما، النظام المائع ليس نظاما، النظام المتفلت من القوانين ليس نظاما".
رَدُّنا أن هذا الحزب يعلّم:
"نحن لا نعتدي على أحد ولم نعتدِ على أحد، ولكننا لسنا نِعاجاَ إذا ما هوجمنا بل أسودا". نحن نعاج الشعب ولكننا الأسود الكاسرة الأكلة لأعداء الشعب وخونة الأمة".
نحن حزب نهضة عظيمة جاءت للأمة كلها وليس لفريق منها ضد فريق أو فئة ضد فئة. هذا فكرنا الذي به نؤمن. وأما إذا كان المتهِم يقصد أعمال بعض الأفراد، فإننا نعلن فوراً أن العقيدة والنظام هما محك الأفراد لا الأفراد محك العقيدة والنظام، وبرهاننا تاريخ الحزب. لنأخذ مثلاً حادثة إغتيال المرحوم عدنان المالكي. لقد برّأت محكمة دمشق الحزب من تهمة الإغتيال وأصدرت حكمها بالإعدام على جورج عبد المسيح. ثم عقد المجلس الأعلى للحزب، وهو قيادته العليا، جلسة رسمية حاكمت فيها جورج عبد المسيح وأصدرت حكمها عليه بالإعدام الحزبي، أي بالطرد من صفوف الحزب السوري القومي الإجتماعي. وقد دعت قيادة الحزب إلى مؤتمر صحفي ووزعت فيه بيان حكمها على جورج عبد المسيح، ولم يشفع له أن له جيشاً من العشاق. لقد كلّفُنا طرد عبد المسيح نزيفاً بشرياً لفترة من الزمن، ولكننا بالرغم من كل ذلك، تشبثنا بحقيقة الحزب العقدية والنظامية التي ترفض الإغتيال والظلم وتخلّينا عن الأفراد مهما سمت مكانتهم، وأثبتنا حقيقتنا أن حزب المظلومين من شعبنا لا حزب الظالمين. نحن حزب الفلاحين المظلومين والعمّال المظلومين والطلاب والجنود والضبّاط وكلّ مظلوم في بلادنا.
لننظر فيما فعله غيرنا بنا عبر مسيرة تاريخنا الحديث فماذا نجد؟
نجد الإضطهاد وراء الإضطهاد. إن أكثر الأحزاب تعرّضاً لجحيم العنف والظلم، هو هذا الحزب السوري القومي الإجتماعي. أليس إعدام سعاده "صاحب أعظم مدرسة فكرية في الشرق" كما وصفه كمال جنبلاط، عنفاً وظُلماً؟ أليست مطاردات القوميين الإجتماعيين الأبرياء وسجنهم وذبحهم بدون محاكمات قانونية، استغلالا لحادثة إغتيال العقيد المالكي، هي في حد ذاتها عنفاً وظلماً واغتيالاً لعشرات من أعضاء الحزب، وغير ذلك وغير ذلك أتركه لكم لتفكروا به.
صحيحٌ أن سعاده قد زار ألمانيا، والأصح أنه مرّ بألمانيا وهو في طريقه إلى أميركا اللاتينية، وذلك لتفقّد الفرع الحزبي هناك. هذا كلّ ما في الأمر. أما الإستنتاج بأن زيارة الزعيم إلى ألمانيا تساوي صيرورته نازياً، فهذا منطق غير مستقيم يرفضه كل ذي لبّ. وبطلان التهمة تؤكده حقيقة أن الزيارة المرورية التفقدية لألمانيا كانت بعد تأسيس الحزب. هي جرت في العام 1939 وتأسيس الحزب كان في العام 1932.
ردّنا بكل بساطة أن اللباس الرسمي لأعضاء الحزب لا يشابه اللباس الرسمي للنازيين. ولو فرضنا أن المشابهة قائمة، فهل يعني ذلك أن عقيدة الحزب تساوي العقيدة النازية؟ وأيّ منطق مستقيم ذلك المنطق الذي يجري كما يلي:
بما أنّ ثوبَك مثل ثوبه
إذن فكرك مثل فكره..
ردنا أن القومية السورية قومية داخلية أهلية ذلك هو نطاقها وتلك هي حدودها. هي فقط لنهضة الشعب السوري. خارج سورية نحن نقول بالعروبة أي بالجبهة العربية الواحدة ذلك أن الأمة السورية أمة عربية. بكلمة أخرى، القومية السورية توحّد السوريين جماعة واحدة أو أمة واحدة، هي التي قوّتها تصبّ قوة في الجبهة العربية الواحدة. إن ضعف الشعوب العربية يساوي ضعف العروبة. بل إن عدم الشعوب العربية هي عدم العروبة. لذلك فإن القومية السورية التي غايتها إنهاض الشعب السوري، هي قومية غير إنعزالية، لأنها ستؤسس بنداً شعبياً من بنود العروبة التي هي علاقة شعوب عربية في العالم العربي العظيم.
أما تهمة العداء لليهود، فهذا ردّنا عليه من ردّ سعاده نفسه: " إنّ ألدّ عدو يقاتلنا في ديننا ووطننا هم اليهود"، ولم يقل ألدّ عدوّ نقاتله فنكون نحن الطرف العدواني، بل أكّد أن اليهود هم العدوانيون لأنهم العدو الذي يقاتلنا.
هم الذين إغتصبوا فلسطين، الجزء الغالي من وطننا، وهم الذين طردوا الشعب الفلسطيني، وهم الذي ما يزال جحيم عدوانهم منصبّا على رؤوس جماهيرنا في كلّ مكان.
ليس بيننا وبين اليهود عداء سلالي مثلما كان بين النازيين الجرمانيين الآريين وبينهم حتى نُتّهم بالنازية. وقد أثبتنا أن فكرنا لا يمتّ الى الفكر السلالي بصلة لا من قريب ولا من بعيد. ما بيننا وبين اليهود هو فلسطين، بعد تحرير كامل التراب الفلسطيني لا يعود بيننا شيء من مما هو حاصل الآن بسبب عدوانهم وإغتصابهم. فاللاسامية من حيث هي علاقة اضطهاد بين سلالتين ليست في مبادئنا.
أما إذا فُسِّرت اللاسامية بأنها علاقة إضطهاد بين شعبين حيث يصبّ شعبٌ عدوانه على شعبٍ آخر، فالوقائع تشير بإصبع الإتهام إلى اليهود أنهم Anti- Semitic المعادون للسامية. وشعبنا هو الذي انصبّ عليه منهم ويل اللاسامية. وربّ قائلٍ أن التهمة ما تزال قائمة علينا بشكل من الأشكال لأننا لا نميّز بين اليهودي والصهيوني.
جوابنا هو التالي: نحن في حالة حرب، وفي الحروب لا يحصل إلا تمييز واحد هو التمييز بين النصر والهزيمة. ثم نحن لسنا مسؤولين في الحرب إلا عن سلامة شعبنا ووطننا. ولكنها الحركة الصهيونية وحدها المسؤولة عن اليهود الذين أحضَرتهم إلى فلسطين. فإذا أصابهم مكروه أو تعرّضوا لخطر، فهي المسؤولة عن ذلك لأنهم قبلوا بدعوة الحركة الصهيونية لهم وقبلوا بدعواها الباطلة وقبلوا بحروبها العدوانية وشاركوا بها وما زالوا مشاركين.
ليس في الحزب قيادة نخبوية، أكاديمية كانت أم تكنولوجية، ولا قيادة مالية أو عائلية أو دينية أو خلاف ذلك. إن مبدأ القيادة النخبوية معاكس تمام المعاكسة لقواعد النظام القومي الإجتماعي ومبادئ العقيدة القومية الإجتماعية.
يقول سعاده: "... إنّ نظامنا لم يوضع على قواعد تراكمية ... ...إن قواعد التراكم هي من قواعد الجماد لا من قواعد الحياة". ويضيف قائلاً: " أما نحن فلسنا على هذه القوة بمعتمدين (يعني قوة التراكم). أيّ فردٍ من أفراد الأمة فيه مبدأ الحياة، هو الذي يهمنا، لأن فيه فاعلية الحياة والنمو التي لا توجد في الحياة التراكمية".[6]
كلّ قيادة حزبية، بعد استشهاد سعاده العظيم، هي قيادة منتخبة. المجلس الأعلى أعضاؤه منتخبون، رؤساء الحزب كانوا وما زالوا بالإنتخاب، وكل عضو في الحزب يمكنه أن يرشّح من يشاء لرئاسة الحزب. وكل عضو في الحزب يمكنه أن يرفع شكوى بأي مسؤول في الحزب، حتى ولو كان في القيادة المركزية العليا، شرط أن يتقيد بأصول وقواعد النظام الواضحة في المادة الثامنة من دستور الحزب.
المسؤولية القيادية في الحزب لا تتطلب سوى شرط الإيمان بالعقيدة القومية الإجتماعية، وفهمها فهماً عميقاً وإثباتها في أعمال نضالية يعرفها القوميون الإجتماعيون.
لنقرأ النصوص التالية ففيها الجواب الوافي الشافي:
في رسالة وجّهها سعاده إلى رئيس وأعضاء مجلس إدارة جريدة "سورية الجديدة"، في 10 تشرين الثاني 1939، يقول فيها: "
1- إن سياسة الحزب السوري القومي الإجتماعي هي سياسة سورية قومية إجتماعية مستقلة غير مختلطة مع أية سياسة أجنبية، كما هو مبيّن ومشروح في مبادئ الحزب وخطب الزعيم ومقالاته. ولذلك إن سياسة "سورية الجديدة" لا تخرج عن التوجيهات الرسمية.
2- إن سياسة الحزب السوري القومي ليست فاشية.
3- إن سياسة الحزب السوري القومي ليست نازية.
4- إن سياسة الحزب السوري القومي ليست ديمقراطية (برجوازية).
5- إن سياسة الحزب السوري القومي ليست شيوعية أو بلشفية.
6- إن سياسة الحزب السوري القومي هي سياسة سورية قومية إجتماعية لا تخضع لغير المبدأ الثامن من مبادئه الأساسية القائل:"مصلحة سورية فوق كل مصلحة".[7]
تلك كانت سياسة الحزب إبّان الحرب العالمية الثانية. وقد انتقد سعاده الجريدة أكثر من مرة عندما نشرت كتابات خارجة عن السياسة القومية المستقلة المرسومة. وهذه السياسة القومية الثابتة هي نفس السياسة التي رسمها سعاده لحزبه قبل الحرب العالمية الثانية عندما كان في الوطن. يقول سعاده:
"إننا نشعر بوجود دعاوة إيطالية قومية في هذه البلاد خصوصا وفي الشرق الأدنى عموما. وكذلك نشعر نحن بمثل هذه الدعاوة من جهة ألمانيا وبمثل ذلك من دول أخرى. فزعامة الحزب السوري القومي الإجتماعي تحذّر جميع الأعضاء من الوقوع فريسة للدعاوات الأجنبية".[8]
بعد الحرب العالمية الثانية، لم تتبدل سياسة الحزب السوري الحزب القومية المستقلة. هذا سعاده يقول أيضا:
"ولو كان تم الإنتصار لألمانيا في الحرب التي مضت، كنا رأينا تكتيك التسلط على الجماعات القومية بأقوى وأقبح صورة يمكن أن تُرسم لها. إن إتجاه ألمانيا هو أن تكون هي المركز الصناعي الأكبر الذي تحيط به مراكز زراعية محض تُحرَم بإتفاقات انترنسيونية من حق إنتاج صناعي ثقيل، وأن تنصرف للزراعة بآلات ألمانية تعطيها بدلها المحصولات الزراعية."[9]
أولا إن تحية القوميين الإجتماعيين لا تشابه التحية النازية التي تكون بمدّ اليد مستقيمة إلى الأمام. أما التحية القومية الإجتماعية فتكون برفع اليد زاوية قائمة إلى جانب الجذع بحيث تشكّل مع الجذع زاوية قائمة أخرى. الشكل الذي تتخذه اليد في التحية القومية الإجتماعية يمثّل آلة البنّاء ذات الزاويتين القائمتين التي يستخدمها لقياس استقامة البناء وجدرانه وضبطها، فلا يكون البناء مائلا سريع الإنهيار. والقصد من التحية القومية الإجتماعية التعبير عن السلام الأهلي ببسط الكف، وعن نضال الزنود لإنشاء نهضة الأمة الراسخة المستقيمة الأنحاء، المنيعة الثابتة.
نجيبُ أن الثقة هي جوهر كل أخلاق. وأن كل نظام يحتاج إلى الأخلاق. وكل عقيدة بدون جوهر الثقة لا يمكن أن تقوم جماعة. ثقة الأعضاء بالقيادة وثقة القيادة بالأعضاء تشكّل اللحمة الروحية المناقبية التي عدمها، عدم الجماعة الواحدة تماما.
والحقيقة أنه لا يوجد حد فاصل بين القيادة والأعضاء وذلك بفضل الثقة. فالحزب السوري القومي الإجتماعي هو حزب واحد. جنود في الإدارة، جنود في الثقافة، جنود في السياسة وجنود في الحرب. أما الطاعة فهي مبدأ متواجد في كل الأحزاب في العالم. لا يمكن أن يكون هناك عمل ناجح بدون خطة ومنفذين لها، والتنفيذ يتطلب الطاعة والإحترام.
نحن في الحزب لا نطيع أشخاصاً عندما ننفذ أوامر القيادة وتعليماتها وبنود خطط، فإننا نكون بذلك عاملين لما إجتمعنا من أجله في هذا الحزب العظيم، ألا وهو غاية الأمة ومصلحتها في الحياة الحرة الكريمة.
إن فكرة الطاعة وفكرة الثقة لا تُفهمان بتجريدهما من عقيدة الحزب، فهما مرتبطتان بمصلحة الأمة وغاية الأمة ونهضة الأمة وتحرير كامل ترابها المسلوخ والسليب والمُغتصَب.
إن فكرة الثقة والطاعة مرتبطتان بشيء عظيم جداً هو المعنى الكبير الوارد في قول سعاده العظيم: " إننا تعاقدنا على أمرٍ خطيرٍ يساوي وجودنا".
[1] جبران جريج، كتاب "مع أنطون سعاده"، الجزء الثاني، الصفحة 16.
[2] مقال حول "سلطة الزعامة"- صحيفة "سورية الجديدة"- عدد 106، 29 آذار 1941. كذلك في جريدة "الزوبعة" في بوانس أيرس العدد 15.
[3] أدّى سعاده هذا القسم، في كوخ كان يقطنه في رأس بيروت، في 1 آذار 1935 أمام بعض رفقائه الذين زاروه لتهنئته بعيد ميلاده.
[4] "المحاضرات العشر"- المحاضرة الرابعة، الصفحة 66.
[5] "الآثار الكاملة" – الجزء الأول- انطون سعاده، مرحلة ما قبل التأسيس صفحة 232
[6] كتاب "المحاضرات العشر"-طبعة 2014- المحاضرة الثانية، صفحة 35-36.
[7] كتاب "الرسائل" – الجزء الأول- صفحة 105
[8] خظاب سعاده المنهاجي الأول – 1 حزيران 1935
[9] "المحاضرات العشر" طبعة 2014، المحاضرة الثامنة، صفحة 140