حين كتبت عن الوزير ميشال اده بمناسبة رحيله، واستنتجت تماهيه في بعض النواحي الفكرية السياسية مع سعاده، لم أكن عارفا بأي نص له عن سعاده قاله أو كتبه. وانما ارتكزت على ما سمعته منه عبر جلسة في منزل غسان تويني في باريس ومحاضرة في انطلياس وعدة مقابلات تلفزيونية. مؤرشف سعاده الرفيق الصديق مروان أبو جودة.
أعود الى المقالة التي ملأت عشر صفحات وثلث الصفحة. ولأن العداوة بين قراء الفايسبوك والمطولات، هي اعمق من "العواطف" المتبادلة بين اللبنانيين وناهبي أموالهم وأملاكهم البحرية والبرية وكدت أقول الجوية.. وخوفا من اعتصام فايسبوكي أمام منزلي في بسمة الشمس انطلياس، ارتأيت اقتطاف باقة صغيرة من عبارات اده عن سعاده.
تحت عنوان "راهنية تراث أنطون سعاده الفكري " استهل اده مقاله بالقول أن " ولادة الإرث الفكري الذي خلفه أنطون سعاده في مطالع القرن العشرين في لبنان بخاصة، شكلت حدثا نوعيا حقيقيا، ولاسيما منذ اقتران هذا الفكر بحركة سياسية تأسست عليه واستمرت حاضرة في حياتنا السياسية حتى اليوم".
يضيف في مكان اخر "ان تجربة سعاده الفكرية تندرج من جهة في سياق التراث النهضوي.. لكنها تجربة تتقدم، من جهة ملازمة أخرى، باعتبارها نقلة نوعية جديدة على مستوى الفكر القومي بخاصة، في مواجهة شروط وأوضاع نوعية هي العلاقات الكولونيالية والمشروع الصهيوني الذي كان سعاده من أبرز المنتبهين باكرا جدا الى أبعاده ومخاطره".
أما المحاصصة المذهبية التي ينتقدها علمانيو الإنتفاضة في هذه الأيام، فيؤكد اده انها "كانت حاضرة في رؤية أنطون سعاده للواقع اللبناني منذ اذ ذاك. لقد كتب (سعاده) يقول: كل نفعي يلتجئ الى جماعته الدينية ليسيرها في سبيل منافعه ونفوذه. انهم يجدون في تقسيم المصالح وفاقا للقاعدة الذهبية الوسيلة الاستثمارية الأقرب متناولا ".
ولأن "سعاده حي بيننا" على حد تعبير هشام شرابي،فاني أتصوره راثيا صديق النهضة ميشال اده الذي رحل منذ أيام ،كما رثى صديق النهضة ميشال زكور الذي رحل في العام 1937، رغم ان الميشالين خالفاه في الناحية القومية.