أولاً – أطراف العقد
تعريف
نقتطف من منشورات عمدة الإذاعة، كتاب “أنطون سعاده سيرة ريادة وشهادة” التعريف بصاحب الدعوة، فنقرأ منه:
“ولد أنطون سعاده في الشوير – قضاء المتن – جبل لبنان في أول آذار سنة 1904 من أبوين شويريين لبنانيين. والده الدكتور خليل سعاده وكان طبيبًا وعالمًا وأديبًا، ومن أبرز القادة الوطنيين في المغترب اللبناني في البرازيل. وقد أسس عدة جمعيات وأحزاب مهجرية ووطنية وقومية. كما أنشأ صحيفتي المجلة والجريدة في سان باولو البرازيل.
تلقى أنطون سعاده دروسه الابتدائية في الشوير، وأكمل دروسه الثانوية في معهد الفرير في القاهرة حيث كان والده قد التجأ. لم يكمل سعاده دروسه الجامعية، لكنه درس على نفسه حتى أصبح يتقن العربية والإنكليزية والفرنسية والاسبانية والبرتغالية والألمانية والروسية. أسس في البرازيل سنة 1924 جمعية سرية للعمل على تحرير الوطن من الانتداب، لكنه وجد أن النضال الفعلي إنما ينطلق من الوطن لا من المهجر لذلك عاد الى الوطن في تموز عام 1930.”
هذا هو التعريف بشخص أنطون سعادة. أما أنطون سعاده بصفته داعيًا إلى القومية الاجتماعية فالتعريف به نقرأه بما ورد في مقدمة الدستور:
” أسس الحزب السوري القومي الاجتماعي بموجب تعاقد بين الشارع صاحب الدعوة..”
ويلاحظ أن مقدمة الدستور لم تأت على بيان اسم صاحب الدعوة، بل حدّدته مؤسساتيًا -الشارع صاحب الدعوة- والمؤسسة، قانونًا، لا يُشترط فيها أن يكون المؤسسون كثرًا والمؤسسة ليست عملاً تجاريًا فقط. فالمؤسسة قد تكون مؤسسة مدنية، وقد تكون أدبية أو ثقافية. إذ يمكن أن يكون المؤسس فردًا بخلاف الشركة التي يشترط فيها العدد.
نعود إلى المقدمة، فلا نجد فيها أن الطرف الأول في التعاقد هو شخص أنطون سعاده. بل كان الطرف الأول فـي التعـاقد “المؤسس” الذي هو الباحث الكاشف عن حقيقة الأمة. ولنجد في نصوص الدستور: عبارة الشارع صاحب الدعوة. فالدعوة كانت إذن مع مؤسسة حقوقية قانونية رسمت مضمون الدعوة ووضعت نهج سيرها وقننت سلطاتها وحددت صلاحياتها وأرست ضوابط عملها.
فالداعي إذن ليس أنطون سعاده ابن الشوير والده الدكتور خليل سعادة. الداعي هو الوجود الاجتماعي المتكون عبر التاريخ فوق الحاضن الأخضر الخصيب، تغذيه شراين الحياة. ينابيعها من ذرى جبال طوروس دجلة والفرات وتفرعاتهما والليطاني والحاصباني والعاصي وبردى والأعوج وغيرها. شرايين حياة تفجرت ينابيعها من كل بقاع هذا الوطن الأخضر الرحب. شماله وجنوبه، شرقه وغربه. هذا الوجود المبدع، سوريا الأمة، انسكب في ابن الشوير فكان أنطون سعاده بن الدكتور خليل سعادة صوت الأمة، المعبر عن إرادتها، إرادة النهوض فيها إنه الشارع صاحب الدعوة.
المقبل على الدعوة
ـ المقبلون على الدعوة هم السوريون، أبناء الأمة السورية. التي كشف سعاده عن وجودها منذ ما قبل التاريخ الجلي وسلط الأضواء على تاريخها الحضاري وأوضح هويتها وعين حدودها الجغرافية. المقبلون على الدعوة هم المكوِّن العامل الفاعل في عملية الاستنهاض القومي الاجتماعي. فمن هم هؤلاء المقبلون؟ وكيف يتم إعدادهم ليصبحوا قوميين اجتماعيين في جيش النهضة القومية الاجتماعية، فاعلين في عملية النهوض القومي، بعد أن كانوا مقبلين على الدعوة إلى السورية القومية الاجتماعية؟
في عرضنا التاريخي المفرط في الإيجاز، سلطنا الضوء الخفيف على ما كانت عليه سوريا في مرحلة إشراقها الحضاري، على أمل أن يعود أبناء الأمة إلى المؤلفات التاريخية ليقفوا مشدوهين أمام مكانة الأمة السورية في تاريخ الحضارة الإنسانية، وليعرفوا ما يجهلون عن أمتهم، أمة العلم والمعرفٌة. أمةٌ، حضارة العالم اليوم بعض منها، وقد ألقينا قبسًا من نور على هذه الحضارة والبعض من مراجعها.
إن المنطلق الأول للمكون العامل الفاعل في عملية الاستنهاض، هو أن يدرك المقبل على الدعوة -والإدراك طريق المعرفة والمعرفة الطريق إلى القوة والإيمان- أن وجوده كفرد، لا يمكن أن يكون إلاّ وجودًا حتميًا، وبالضرورة، ضمن المجتمع. وأن وجوده فيه قوة فعل تعمل على تطوره وارتقائه. ونتساءل: ما هو المجتمع الذي نعنيه؟
بداية لابد من القول إن المجتمع غير المجموع، وغير الجماعة التي يجمع بينها رابط اجتماعي يقوم على أساس دموي، أسري، عشائري، قبلي أو عنصري أو عرقي. أو يكون ثقافيًا، طائفةً، مذهباً، أو معتقداً أيًّا كان مصدره.. الخ. وأما المجموع فهو ليس وحدة اجتماعية واحدة ذات رابط واحد، إنه التقاء جماعات تتعدد الدوافع إليه بتعدد الحاجات الحياتية، غير أنه يمكن أن يتحول إلى نسيج اجتماعي واحد بتفاعل مكوناته فيما بينها من جهة، ومع البيئة الحاضنة لها في مجرى التطور التاريخي من جهة، إلى نسيج اجتماعي ذي خصائص متميزة تذوب فيه جميع المصالح لتصبح مصلحة واحدة عليا، وتضمحل فيه كافة العصبيات والولاءات والانتماءات لتصبح عصبية واحدة وولاء واحدًا وانتماءً واحدًا لمجتمع واحد هو الأمة الواحدة. مجتمع توحدت فيه الأفكار والعقائد في عقيدة واحدة هي القومية الاجتماعية هذا هو المجتمع الذي نعنيه.
قصدنا من هذا العرض، إظهار التبدل الذي طرأ على سورية من مجتمع حضاري مبدع إلى مجتمع متخلف ممزق، من ولاء واحد الى ولاءات وعصبيات، للانتقال بها مما هو كائن الى ما كان وإلى الارتقاء بها إلى ما يجب ان يكون.
هذا الانتقال مما هو كائن، الى ما كان وإلى ما يجب أن يكون، يُظهر لنا المؤهّل الذي يجب أن يكون عليه المقبل على الدعوة، عاملاً فاعلاً في عملية النهوض القومي. المقبل على الدعوة هو الإنسان الجديد. إنسان سعاده الذي انتصر في صراع مرير مع ذاته على ما توارثه في عهود الظلمة من انتماءاتٍ وتحلل من العصبيات المفرقة لوحدة الأمة. المقبل على الدعوة هو الذي آمن بأن كل ما فيه من الأمة ولها، حتى الدماء التي تجري في عروقه ليست ملكه، إنها وديعة الأمة فيه متى طلبتها وجدتها. هذا هو المقبل على الدعوة، الذي بانتمائه الى حركة النهضة صار جنديًا من جنودها الذين آمنوا بأن سورية أمة معلمة للأمم وهادية للشعوب. أمة الحرف والشراع والمحراث. أمة العدل صاحبة أول تشريع في العالم. صاحبة المدينة الأولى والدولة الأولى والإمبراطورية الأولى في التاريخ. هو من آمن بأن القومية الاجتماعية هي سبيل إعادة الأمة إلى مكانتها اللائقة بها تحت الشمس. هو من مزّق رداء العصبيات المفرقة لوحدة المجتمع، وانضوى تحت لـواء الـولاء للأمـة مجتمـعًا واحـدًا تعانقت فـي حاضنه -الوطن السوري- قطع الفسيفساء، وتوحدت في لوحة عزّ نظيرها في العالم. إنه من وقف نفسه على أمته ووطنه عاملاً على حياتهما ورقيهما.
ثانيًا- محل العقد “المعقود عليه”
محل العقد القومي الاجتماعي، هو ما اجتمعت وصممت على تحقيقه إرادة طرفيه. إنه العمل على بعث النهضة في الأمة. القومية فيه، ثقة القوم بأنفسهم واعتماد الأمة على نفسها، إن بعث نهضة قومية اجتماعية تعيد الى سوريا وحدتها، وصون هذه الوحدة وارتقائها وتحقيق سيادتها، هو ما اجتمعت على تحقيقه إرادتا المقبل على دعوة الداعي وصاحبها. إن محل العقد ليس عملاً سياسيًا، ولا نضالاً ضد المستعمر لنيل استقلال الدولة. إنه عمل لنقض اتفاق سايكس بيكو ليس من الوجهة السياسية فحسب، بل لمحاربة عوامل الفرقة وإزالة الحواجز بين أبناء المجتمع الواحد وإعادة اللحمة القومية إليه. أمة واحدة في وطن واحد بحدوده الطبيعية. إن محل العقد، وكما قال سعادة، بخلاف ما عمل عليه السياسيون، أبعد وأسمى من الوقوف عند تجمع يعمل على التحرر من الاستعمار وينتهي ببلوغ الاستقلال وإدارة شؤون البلاد، كما هو هدف من اشتغلوا بالسياسة، فالعمل للحرية دون تحديد حرية من، واستقلال من، هدف مبهم مطلق غير محدد. الاستقلال والحرية يجب أن يكونا استقلال شعب وحرية أمة ذات سيادة على كامل تراب الوطن، لا استقلال دولة. والدولة ليست بالضرورة دولة الأمة. فسوريا أمة، ولكنها اليوم دول في كيانات. فالتعيين أساس الوضوح. هنا كان تميُّزُه فـي الشـأن السياسي عن كل من اشتغل فيه. والذي توَضَّح في رسالته التي شرح فيـها دافعه إلـى تأسيس الحزب:
“في هذه المسألة كان انفرادي عن كل الذين اشتغلوا في سياسة بلادي ومشاكلها القومية، هم اشتغلوا للحرية والاستقلال، مطلقَين، فخرج هذا الاشتغال عن العمل القومي بالمعنى الصحيح. أما أنا فأردت حرية أمتي واستقلال شعبي في بلادي. يمكنني أن أعين موقفي بالنسبة إلى موقف المتزعمين السياسيين من قومي، بأن موقفي أخذ يتجه رويدًا رويدًا، حتى ثبت على الأساس القومي. بينما موقفهم كان ولم يزل على الأساس السياسي. والسياسة من أجل السياسة لا يمكن أن تكون عملاً قومياً.”
هنا نجد الفرق، في القصد والتميُّز بالعمل. فالحرية هي حرية الأمة والاستقلال هو استقلال الشعب في البلاد كل البلاد، أي الحرية القومية والاستقلال القومي. إن العمل على تحقيق السيادة القومية بمفهومها الذي حدده سعادة، لا يكون بعمل فردي بل بإرادة جماعيـة تسير بنظام، موحدة الخطا لبلوغ الغـاية التي هي محـل العقـد -المعقود عليه- الذي حدده الدستور تحديدًا واضحًا في نص المادة الأولى التي أسس الحزب لتحقيقها:
“بعث نهضة سورية قومية اجتماعية، تكفل تحقيق مبادئه وتعيد إلى الأمة السورية حيويتها وقوتها، وتنظيم حركة تؤدي إلى استقلال الأمة السورية استقلالاً تامًا، وتثبيت سيادتها، وإقامة نظام جديد يؤمن مصالحها ويرفع مستوى حياتها والسعي لإنشاء جبهة عربية.” – المادة الأولى-
في شرحه غاية الحزب يقول سعاده – الصفحة 101 من الآثار الكامل ج/2:
“يتضح جليًّا من نص هذه المادة أن النهضة القومية الاجتماعية، البعث القومي، هي محور اهتمام الحزب السوري القومي الاجتماعي. ويتضمن معنى النهضة القومية الاجتماعية، تأسيس فكرة الأمة.. وإقامة نظام قومي اجتماعي جديد. فغاية الحزب بعيدة المدى، عالية الأهمية. إن غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي هي قضية شاملة تتناول الحياة القومية من أساسها ومن جميع وجوهها. إنها غاية تشمل جميع قضايا المجتمع القومي، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والروحية والمناقبية وأغراض الحياة الكبرى.” وعن العروبة كجزء من غاية الحزب يقول:
“وإن إيجاد جبهة من أمم العالم العربي، يكون سدًا ضد المطامع الأجنبية الاستعمارية وقوة يكون لها وزن كبير في إقرار المسائل السياسية الكبرى، هو جزء متمّمٌ لغاية الحزب السياسية من الوجهة الخارجية.”
“إن الذين يعتقدون أن الحزب القومي الاجتماعي يقول بتخلي سورية عن القضية العربية، لأنهم لا يفهمون الفرق بين النهضة السورية القومية الاجتماعية والقضية العربية، قد ضلّوا ضلالاً بعيدًا.”
هذه هي الغاية التي تأسّس الحزب لتحقيقها، إنها محل العقد الذي التزم صاحب الدعوة والمقبلون عليها، العمل على تحقيقها، ووثقوه بشرف وحقيقة ومعتقد. فما هي هذه النهضة التي حدّدها الدستور؟ وما هو مفهومها؟ في بيان مفهوم النهضة القومية الاجتماعية، يقول سعادة: “إن النهضة لها مدلول واضح عندنا وهو خروجنا من التخبط والبلبلة والتفسخ الروحي بين مختلف العقائد، إلى عقيدة جلية صحيحة واضحة نشعر أنهـا تعبر عـن جوهر نفسيتنا وشخصيتنا القوميـة الاجتماعية، إلى نظرة جلية قوية إلى الحياة والعالم.”
فالنهضة عند سعاده إذن:
- خروج من التخبط والبلبلة.
- خروج من التفسخ الروحي بين العقائد إلى عقيدة جلية واضحة.
فما هي البلبلة؟ وما هو التفسخ الروحي اللذين تعنيهما النهضة واللذين يتم الخروج منهما بفعلها؟ البلبلة في اختلافنا على هويتنا القومية. على من نحن. يقول سعاده في المحاضرة العاشرة:
“معنى الأمة لم يكن واضحًا في بلادنا. وفي عدم وضوح فكرة الأمة لم يمكننا التقدم نحو أي عمل اجتماعي، قومي مجتمعي.. كان لابد من الاتجاه نحو تأسيس فكرة الأمة بالدرجة الأولى، بدون تأسيس فكرة الأمة بوضوح، لا يمكن القيام بنهضة قومية، لأن القومية هي التعبير الروحي لشخصية الأمة.”
فالبلبلة، كما يراها سعاده، تكمن بدايةً في عدم تحديد هويتنا. عدم تحديد من نحن. ولتحديد من نحن لابد أولاً من الإجابة بأجوبة صريحة، هل نحن أمة؟ هل نحن مجتمع واحد له هدف واحد في الحياة وإرادة واحدة؟ ففي الإجابة على سؤالنا من نحن؟ نكون قد بدأنا البحث عن حقيقتنا. من هذه الأسئلة، هل نحن أمة، هل نحن مجتمع واحد له إرادة واحدة وهدف واحد ومثل عليا واحدة في الحياة؟ وفي الإجابة عليها نكون قد حددنا هوية الأمة.
إن البلبلة والتفسخ الروحي بعد انحسار الدور الحضاري السوري، نشأا بفعل الغزوات التي أتينا على ذكرها، وآخرها الغزو العثماني وعهد السلاطين الذي تحول فيما بعد الى الاستعمار التركي وانتهى بنهاية الحرب العالمية الأولى، إلى تقسيم البلاد السورية بين الدولتين الاستعماريتين فرنسا وانكلترا، وسلخ أجزاء حدودية عنها وضمها إلى تركيا، وعملهما على إزكاء النزاعات الطائفية والمذهبية والعرقية التي غرسها العثمانيون في النسيج السوري. هذه النزاعات التي كان لها التأثير الكبير في طمس الحقيقة السورية وتأليب السوريين على أنفسهم، هذا الحال كان وراء كشف سعاده لحقيقة الأمة السورية، فكان تصميمه على إزالة أسبابها، فأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، ووضع أسس النهضة على قواعد منهجية هي مبادئ الحزب الأساسية التي تشكل عقيدته وتحدد هوية الأمة، التي جاء تعدادها في المادة الثانية من دستور الحزب. كما وضع المبادئ الاصلاحية التي تكفل وحدة الأمة وارتقائها.
“- سورية للسوريين والسوريون أمة تامة.
– القضية السورية هي قضية قومية قائمة بنفسها مستقلة عن أية قضية أخرى.
– القضية السورية هي قضية الأمة السورية والوطن السوري.
– الأمة السورية هي وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع إلى ما قبل الزمن التاريخي الجلي.
– الوطن السوري هو البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الأمة السورية. وهي ذات حدود جغرافية تميزها عن سواها، تمتد من جبال طوروس الشمال الغربي وجبال البختياري في الشمال الشرقي، إلى قناة السويس والبحر الأحمر في الجنوب، شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب، شاملة جزيرة قبرص، إلى قوس الصحراء العربية وخليج العجم في الشرق، وتوصف بالهلال السوري الخصيب ونجمته جزيرة قبرص.”
“- فصل الدين عن الدولة.
– منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين.
– إزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب.
– إلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الانتاج وصيانة مصلحة الأمة والدولة.
– إعداد جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن.”
لنتابع شرح سعاده “غاية الحزب”
“.. يتضح جليًّا من نص هذه المادة، أن النهضة القومية، البعث القومي، هي محور اهتمام الحزب السوري القومي الاجتماعي، ويتضمن معنى النهضة القومية الاجتماعية تأسيس الأمة.. أن فكرة الأمة صَدْرُ المقاصد الواضحة من غاية الحزب لأننا رأينا أن فكرة الأمة، أن معنى الأمة، لم يكن واضحًا في بلادنا من قبل، لم تكن هناك أبحاث علمية توضح ماهية الأمة. فكان لابد من الاتجاه نحو تأسيس فكرة الأمة. بعد تأسيس فكرة الأمة، يجب الاهتمام بالأمة. بمصيرها، بتأمين مصيرها بتأمين حياتها، ووسائل تقدم الحياة نحو المثل العليا، نحو إقامة نظام جديد للحياة يجعل الحياة أرقى وأفضل وأجمل.. إن غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي هي قضية شاملة، تتناول أغراض الحياة الكبرى القومية من أساسها ومن جميع وجوهها. إنها غاية تشمل جميع قضايا المجتمع القومي، الاجتماعية والاقتصادية السياسية والروحية والمناقبية وأغراض الحياة الكبرى. فهي تحيط بالمثل العليا القومية، وبالغرض من الاستقلال، وتعمل على إنشاء مجتمع قومي صحيح معافى من أسباب الفرقة وينطوي تحت ذلك تأسيسُ عقلية أخلاقية جديدة، ووضعُ أساس مناقبي جديد وهو ما تشتمل عليه مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي الأساسية والإصلاحية، التي تكون قضية ونظرة الى الحياة كاملة. وبعد تعيين المقاصد الكبرى، هي مسألة الأخلاق، هي مسألة العقلية الأخلاقية، هي مسألة الروحية الحقة التي يمكن ان تفعل في الجماعة في المجتمع.. العقلية الأخلاقية الجديدة التي نؤسسها لحياتنا بمبادئنا هي أثمن ما يقدمه الحزب السوري القومي الاجتماعي للأمة، لمقاصدها ولأعمالها ولاتجاهها.”
وأما السعي لإنشاء جبهة عربية والتي هي من غاية الحزب فيقول عنها:
“.. إن الذين يعتقدون أن الحزب السوري القومي الاجتماعي يقول بتخلي سورية عن القضية العربية، لأنهم لا يفهمون الفرق بين النهضة السورية القومية الاجتماعية والقضية العربية، قد ضلوا ضلالاً بعيدًا.
إنا لن نتنازل عن مركزنا في العالم العربي ولا عن رسالتنا إلى العالم العربي لكننا نريد، قبل كل شيء، أن نكون أقوياء في أنفسنا لنتمكن من تأدية رسالتنا. يجب على سورية أن تكون قوية بنهضتها القومية الاجتماعية لتستطيع القيام بمهمتها الكبرى. لا يمكننا أن نقدم شيئًا ونحن لا شيء. لا يمكن لسورية أن تخدم العالم العربي في شيء، وهي مبعثرة مجزأة نفسيًّا واجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا.”
هذه هي غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي تم تأسيسه لتحقيقها. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، أصبح المقبل على الدعوة، سوريًّا قوميًّا اجتماعيًّا. هذا هو الإنسان الجديد، هذا هو إنسان سعاده.