من العبارات التي قرأتها لأحد أدباء التبولة وطحن الصخور، هذه العبارة التي لم تبرح ذاكرتي: "ان اثار نهر الكلب يا ابن بلادي، سجل تاريخي عظيم. ولولا هذه الاثار لاضمحل لبنان باضمحلال العهود". وبما أني كنت ألبس الشورت وأحب التبولة، فقد أعجبتني الديباجة الأدبية ولم اكترث للفضيحة المضمونية.
ولأن القراءة كانت عندي "الخبز الاخر" على حد تعبير الأديب رئيف خوري مع عدم الإعتذار من الأحفاد الذين طلقوا القراءة بالثلاث فقد قرأت كتابا للدكتور أنيس صايغ بعنوان "جدار العار" اعتبر فيه ان جدار نهر الكلب الذي حفر الفاتحون المحتلون على صخوره أسماءهم وتاريخ اجتياحهم للبنان وعموم سورية الطبيعية، هو سجل العار لا الفخار.
وسرعان ما اقتنعت بحقيقة ما كتبه المؤرخ المناضل، رغم استمرار عشقي للتبولة، وربما لكرهي طحن الصخور.
من هنا سر الرحلة الاثارية التي قامت بها مديرية انطلياس يوم كنت مديرها، وكان ضيف شرفها الأمين الياس جرجي قنيزح، الى صخور نهر الكلب القديمة التي نحتها فنانو البلاط، والى صخور قرية راشانا الحديثة التي نحتها البصبوصيون (نحاتون مبدعون من ال بصبوص). وفي حين شرحت للرفقاء والاصدقاء كدليل سياحي هاوي، مضمون الكتابات التي حفرها نحاتو الاحتلال، وكان بيدي كتاب "جدار العار".. أجرى أبو تموز مع كبير البصابصة ميشال حوارا عميقا اسرا حول صخور راشانا القرية التي حولها ازميل فناني الاستقلال الى راشانا المتحف.