منذ تأسيسها سنة 1945 لم تستطع جامعة الدول العربية ، أن تتخذ أي قرار له قيمة فعلية ، وبقيت قراراتها وبياناتها حبرا على ورق .
ثمة تشوه خلقي عرفته الجامعة منذ ولادتها ، فالدول السبع التي شاركت في تأسيسها كانت خاضعة للاستعمار الغربي المباشر ، فجاءت طريقة تشكيل هذه المنظمة وآلية عملها ، بشكل لا يعيق المصالح الغربية ويعمل في الوقت نفسه على اجهاض أي مشروع وحدوي حقيقي بين الدول العربية، وهو الأمر الذي يخشاه الغرب لأنه يهدّد أطماعه ومصالحه.
لم تستطع هذه المنظمة أن تحل أية مشكلة بين الدول العربية مهما كانت صغيرة ،و لم تستطع أن تجسد الحد الأدنى من طموحات المجتمعات العربية وأحلام شبابها .
لم تحقق أي تقارب أو تعاون اقتصادي باتجاه التكامل والاستقلال الاقتصادي العربي،ولم تخفّف عوائق وصعوبات الانتقال بين الدول العربية .
الدفاع العربي المشترك وهم وسراب ، والتنسيق العربي مفقود في حده الأدنى ، ومقاومة المشاريع الغربية هي تهمة عند معظم أعضاء الجامعة الذي ربطوا مصيرهم بالتبعية الكاملة للأميركي .
التدخل الغربي واضح في صياغة بيانات وقرارات الجامعة العربية ، منذ تأسيسها حتى اليوم .
البيان الصادر مؤخرا ، يوم الثلاثاء في 13 أيلول عن وزراء الخارجية العرب ، لا يمثل ارادة عربية حقيقية ، انه بيان غير موزون ، يتعامى عن رؤية الحقائق والوقائع ، ويكيل بأكثر من مكيال .
عندما يتحدث عن سورية ، يتعامى عن رؤية العنف الاجرامي للجماعات المسلحة المدعومة ماليا وعسكريا من قبل جهات عربية ضالعة في المؤامرة. وعندما يتحدث عن دول غيرها ،يضع نظارات معكوسة ، فلا يرى عنف السلطة الواضح فيها والذي لا يقابله أي عنف من قبل المحتجين .
يمثل البيان بشكل واضح ارادة أميركية غربية وهوانصياع فاضح من قبل بعض العرب الأميركان لهذه الارادة الشريرة .
انه استكمال للضغوط المتتالية والمتصاعدة من قبل أميركا وبريطانيا وفرنسا ،ضد سورية .
وهذه الضغوط لاتستهدف تحقيق الاصلاح ولا الحرية ولا الديمقراطية للشعب السوري ، وكل همها كسر الارادة السورية بصفتها محور مقاومة مشروع الهيمنة الأميركي الصهيوني . ويذهب مشروع المؤامرة باتجاه خطير يهدد الوجود القومي برمته من خلال العمل على تقسيم سورية وتفتيتها خدمة للمشروع الصهيوني وتوسعه في المنطقة .
انه بيان مفروض ، لايعبر عن ارادة حرة لدول حرة .
البيان المفترض
نفترض أن جامعة الدول العربية هي جامعة لا قاسمة ولا طارحة ولا ضاربة ببعضها البعض .
نفترض أن الدول العربية هي دول أصيلة لاوكيلة لمصالح الغربي .
نفترض أنها دول حرة في الحد الأدنى وتتطلع الى مزيد من الحرية لكل الدول والمجتمعات العربية.
نفترض أنها تعبر عن طموحات وتطلعات الشباب العربي في كل الدول والمجتمعات العربية .
نفترض أنها تعبر عن ارادة حرة ونظرة شاملة وأنها تنظر بعين موضوعية تتناول الواقع العربي برمته .
انطلاقا من هذه الافتراضات نتخيّل نص البيان المفترض على الشكل التالي :
تعبيرا عن الارادة العربية وتحقيقا لكرامة العرب ،وانطلاقا من تاريخنا الثقافي المرتكز على العدل والمساواة والحرية والأخلاق الانسانية والانفتاح على العالم .نؤكد على أهمية التحول الديمقراطي، وبناء أنظمة سياسية حديثة تؤكد على الحرية والعدالة والثقافة الديمقراطية واحترام حقوق الانسان .
نعلن ما يلي :
1-نطلب من الولايات المتحدة الأميركية والقوى الغربية سحب جيوشها وقواعدها وعملائها من كامل البلاد العربية، ونطلب من جميع الدول العربية والقوى الحيّة في هذه المجتمعات ، العمل بكل الطاقات لتحرير دولها ومجتمعاتها من الهيمنة الأميركية المباشرة وغير المباشرة .
2-ان وجود الكيان الصهيوني في المنطقة العربية يمثل الهيمنة الغربية وهو يهدد المصالح العربية ويمنع الالتقاء والتعاون بيننا وبين الدول الغربية على قاعدة تبادل المصالح .
لذلك يجب مقاطعة هذا الكيان المغتصب مقاطعة شاملة ومقاطعة كل من يتعامل معه . ويجب العمل بشتى السبل على اعادة الفلسطينيين الى أرضهم ،وعودة اليهود الى البلدان التي جاءوا منها ، وحيث تستقر قبور آبائهم وأجدادهم .
3-ان أنظمة الدول العربية كلها من المحيط الى الخليج بحاجة الى التغيير والاصلاح .
لذلك يجب الغاء أنظمة الحكم الوراثي ،والغاء الأنظمة التي لايوجد فيها دستور ولا قوانين . ويجب اقامة أنظمة ديمقراطية تنبثق من ارادة الشعب الحر. تبنى على أساس الدستور والقوانين وتؤمن الحرية والعدالة والمساواة للجميع دون أي تمييز طبقي أو عرقي أو ديني أو مذهبي أوجنسي .
4-التأكيد على الحريات الأساسية لكل فرد : الحق في الحياة الحرة والكريمة وتأمين مستلزمات هذا الحق .والتأكيد على المساواة بين المواطنين والغاء أية امتيازات طبقية للأمراء والمشايخ أو أية فئة أخرى .
5-التأكيد على حرية المعتقد الديني والسياسي وحق التعبير عن هذه الحرية بما لا يسيء الى الآخرين . وحرية تشكيل الأحزاب السياسية على أساس وطني ،وحرية العمل السياسي وحرية التظاهر السلمي .
6- العمل على التعاون والتكامل بين جميع الأقطار العربية في شتى الميادين والمجالات ،ودعم المشاريع الوحدوية والعمل على تكوين جبهة عربية واحدة تقف سدا منيعا ضد المطامع الغربية وتعيد الى العرب عزتهم وكرامتهم ، وتجعل لهم مكانا لائقا تحت الشمس.
7-ثروات الأمة في الماء والنفط والمواد الخام هي ثروات عامة لاثروات خاصة ، يجب الحفاظ عليها وحمايتها وتوزيعها بشكل عادل يخدم التكامل العربي والتنمية العربية والمستقبل العربي لجميع الشعوب العربية .