يحلو للبعض أن يتحدث عن خطر رجال السياسة على المجتمع، ويحلو للآخرين الكتابة عن خطر المؤسسات على البلد، ويحاول بعض المتعمقين بالتاريخ والأركيولوجيا حصر الخطر بالرموز والاشارات، لما لها من دلالات تترافق مع النفوس والأفكار، ومن هذه الرموز النجمة السُداسية، رمز اليهود الصهاينة الخط الأول في مشروع إغتصاب فلسطين وأصحاب مشروع إسرائيل الكبرى لأن الخطر الكبير لا يُختصر على وجود هذا الكيان الغاصب بل في الخطوط الأساسية الداعمة لهذا المشروع وما تمثله من قوى دولية تعتمد بخططها الحرب الناعمة، حرب الأفكار والثقافة والمعتقدات .
بلاء الكيان اللبناني بالمرجعيات السياسية صاحبة القرار والمشاركة في الاستفادة من عسل السلطة منذ ما قبل الطائف حتى اليوم، هذه المرجعيات التي تتوارث الأدوار.
وللصدف كانت هذه المرجعيات وما زالت تُمثل نجمات سداسية، ولكل زمن نجماته وارثة الإرث، ففي اجتماعهم كانوا يلعقون العسل، وفي خلافاتهم يكسرون جرار الماء ولا مانع عندهم من كسر مزراب العين، ليصبح أتباعهم حديث الناس والصالونات.
هم يتقون الله في عدم إظهار ما يفعلون، ولأن ما يفعلونه يُغضِب العقل والنفس والروح. يتبعون مبدأ التَقِية ليس خوفا من الضرر بل حفاظا على المكسب.
يتوزعون على المذاهب بأعداد كثيرة، ولكن بمفاتيح معدودة تُشكل نجمات الخطر السداسية.
أنظروا الى أفعالهم، فهي لا تختلف عن أفعال الأعداء، لكنها أخطر، لأنها أفعل، وطريقها سالكة، لذلك قال أنطون سعاده عنها:
إن بلاءنا بيهود الداخل أشد بلاء من يهود الخارج. جملة نقولها وننساها ولا نعتمدها في البنية الفكرية والسياسية ولا في الخطط العملية، ولا نتذكرها إلا في لحظات المواجهة التي تنتهي لا غالب ولا مغلوب، فنكون أحيانا وقودا في مشاريعها كما حصل بأحداث 1958 والاقتتال الطائفي في حرب السنتين، وكما يحصل الآن في الحرب الصامتة بين الأطراف الهادفة الى تأمين مصالح الزعامات عبر تأمين مصالح الطوائف والعكس صحيح.
أخطر ما أوصلتنا اليه هذه الحرب، حرب المصالح، الى التسليم بالأمر الواقع، وفقدان الثقة بالنفس.
لذلك فإن المهمة الأولى لخطة النهوض تقتضي عودة الثقة بالنفس للأجيال الآتية، ثقة النصر على سُداسيات الأخطار الداخلية، ثقة الايمان بوجود القوة، يعني عودة ثنائية القوة والايمان بالنصر الأكيد.