تمرّ في هذه الأيام ذكرى المجزرة الفظيعة التي قام بها العدو الصهيوني ضدّ أهالي قانا.
لم يجد أهل قانا حماية من مجتمع دولي ولا أمم متحدة. ولم يحمهم كونهم مدنيّين وعزلاً من أيّ سلاح. ولم يميّز العدو المجرم بين رضيع وطفل ولا بين امرأة وشيخ، ولم ينفعهم اللجوء الى مركز الأمم المتحدة والاحتماء بعلمها وموظفيها.
الجريمة الكبرى هي الصمت المخزي للمجتمع الدولي، الذي لم يتحرّك فعلاً ولا لفظاّ ضدّ المجرمين الصهاينة المستمرّين بارتكاب المجازر بتغطية ومباركة هذا المجتمع الذي يتحدّث زوراً وبهتاناً عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
والجريمة الأكبر هي سعي هذا المجتمع من خلال مؤسّساته الدولية وأدواته الإقليمية والمحلية على نزع أيّ معوّق أمام تحرّك الصهاينة لارتكاب مجازرهم بحرية ودون أيّ مقاومة.
ألا يخجل البعض من الدعوة إلى نزع عوامل قوتنا ليسهل على العدو ارتكاب جرائمه وفظائعه دون رادع.
ألا يخجلون من دماء قانا وأخواتها في لبنان وفلسطين و…..، التي سالت وتسيل على أيدي المجرمين؟
قانا هي أهمّ معلم سياحيّ مسيحيّ في العالم.
ألا يكفي أنّ يسوع أعلن ذاته فيها بفعل أولى عجائبه كما يؤمن المسيحيون، لتكون متميّزة بين القرى والبلدات والمدن؟
في شهر نيسان، شهر ارتكاب المجزرة يمرّ فصحان: الفصح اليهودي والفصح المسيحي.
يرتبط الفصح اليهودي حسب التوراة بالعبور والتحرّر من العبودية المصرية. ويحمل معه دلالات خطيرة في التوجه العنصري والإجرامي.
إنه يرتبط بإبادة البشر والحيوانات وبعملية السرقة والنهب.
جاء في سفر الخروج، الأصحاح 12 والأعداد:
12 فاني اجتاز في أرض مصر هذه الليلة واضرب كلّ بكر في أرض مصر من الناس والبهائم واصنع أحكاماً بكل آلهة المصريين أنا الرب* 29 فحدث في نصف الليل انّ الرب ضرب كلّ بكر في أرض مصر من بكر فرعون الجالس على كرسيه الى بكر الأسير الذي في السجن وكل بكر بهيمة* 30 فقام فرعون ليلا هو وكل عبيده وجميع المصريين وكان صراخ عظيم في مصر لأنه لم يكن بيت ليس فيه ميت*
35 وفعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً* 36 وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم فسلبوا المصريين.
الفصح في اللغة السريانيّة يعني العبور ويعني الفرح أيضاً. والفصح المسيحي هو العبور من الموت الى الحياة وهو فرح الحياة وبهجتها.
وقد حمل عشاء الفصح المسيحيّ رمزَي الحياة والفرح (الخبز والخمر) وهو تقليد ملكي صادق السوري الكنعاني ملك مدينة ساليم (القدس) حوالي 1800 ق.م الذي جاء المسيح ملكاً وكاهناً على رتبته.
أعلن يسوع ذاته في قانا في مناسبة فرح (عرس)، وكانت أولى عجائبه تحمل رمز الفرح وهو تحويل الماء إلى خمر.
الفصح اليهوديّ مجازر ضدّ الحياة وضدّ الفرح.
الفصح المسيحي هو الشهادة لتكون للجميع حياة أفضل.
يقول يسوع في انجيل يوحنا الإصحاح 15:
13 ليس لأحد حب أعظم من هذا ان يضع أحد نفسه لاجل أحبائه.
كيف نقاوم فصح الانغلاق والتقوقع، فصح الإبادة والنهب؟
وكيف نستقبل فصح الشهادة التي رسمت عبر درب الآلام طريق العبور من الموت الى القيامة وفرح الحياة؟