في السياسة تختار بين موالاة ومعارضة وبين اعتدال ووسطية وتطرف، وقد تعمل على خيار جديد من خلال فكر جديد أو متجدّد واطر تنظيمية جديدة.
في الوطنية لا يوجد خيارات. إما أن تكون وطنيا وإما أنت خائن وعميل.
أن تكون وطنيا، يعني اظهار التزامك بمصلحة الوطن، خاصة حين يتعرض لعدوان خارجي في حروب أو مؤامرات.
الالتزام بمصلحة الوطن وحمايته والدفاع عنه، يحدد مدى وطنيتك، وقد يتدرج هذا الالتزام من حده الأدنى بالموقف ولو بالكلام، الى الحد الأعلى وهو الشهادة و التضحية بالنفس مرورا بالبذل والعطاء المادي والنفسي.
الوطنية لا تعني الطاعة العمياء والثقة البلهاء بأي سلطة سياسية ، تتحكم بمقدرات ومصير الوطن.
وهي لاتعني السكوت على الظلم والفساد وعلى مصادرة الحقوق والحريات.
قد تجد في صفوف الموالين للسلطة من هم أكثر استعدادا للخيانة في أقرب فرصة يستشعرونها.
وقد تجد في صفوف المعارضين للسلطة من هم أكثر اخلاصا ووطنية.
الوطنية هي أولا ثقافة الانتماء والولاء للوطن.
وهذه الثقافة هي تجاوز لكل روابط الانتماءات المحلية، واعتبار أبناء الوطن جميعا اخوة متساوين في الحقوق والواجبات.
الوطنية هي رفض التمييز على أساس الدين أو الطائفة والمذهب، أو على أساس عرقي أو قبلي أو مناطقي أو على أساس النوع (ذكر-أنثى).
الطائفية أوالمذهبية هي خيانة بالقوة، تنتظر أقرب فرصة سانحة لتتحول الى خيانة بالفعل. وهذه حال العصبيات الأخرى القائمة على روابط جزئية ومحلية والمناقضة للانتماء الوطني.
الوطنية هي الوقوف ضد أي اعتداء خارجي وأي استهداف يهدد مصالح الوطن ويهدد أمنه واستقراره.
مصلحة الوطن هي منطلق الوطنية وهي غايتها.
التعامل مع الخارج لا يستوي الا من منطلق كلّي، منطلق الدولة وسيادتها والتعامل على قاعدة الندّية.
أي تعامل أوتحالف مع الخارج من منطلق جزئي: طائفي أومذهبي، أو عرقي أو مناطقي أو حزبي أو فردي، يصب في منطق العمالة والخيانة وهو نقيض للوطنية.
الوطنية هي موقف تظهر قيمته في الأزمات والشدائد، وحين يتعرض الوطن لأخطار خارجية.
ليست الوطنية تنظيرا وثرثرة فارغة، يعلو صوتها في المؤتمرات والندوات والخطابات، ويخفت وينقلب ضدا في المواقف العملية من قضايا الوجود والمصير.
لقد كشفت الحرب المفتوحة على سورية معادن الناس، وأسقطت كل الأقنعة، فبان الصديق من العدو وظهر الوطني وانفضح الخائن، فابيضت وجوه واسودت وجوه.
تشكيل المعارضات ومجالسها جرى برعاية اميركية - فرنسية - تركية وخليجية وبتدخل صهيوني فاضح، مثّل جانبا منه الصهيوني برنار هنري ليفي.
رصدت مليارات الدولارات الخليجية بأوامر أميركية، في حرب الأكاذيب الاعلامية وفي دعم وتسليح عصابات القتل والاجرام. وتم تجنيد المئات والألوف من الصحفيين والمستكتبين والسياسيين، في محاربة سورية لمصلحة المشروع الأميركي الصهيوني.
ولا تزال وتيرة التحريض الأميركي تعلو باستمرار وبدون نتيجة. وتستمر أبواق أدعياء الثقافة من أدعياء الماركسية والليبرالية، في خدمة الأميركي ومحاربة سورية والادعاء الكاذب بالوطنية والعروبة. ويستمر صراخهم وزحيرهم، كأسيادهم، دون جدوى.
السلطة الوطنية في مواجهتها لمخططات الخارج ومؤامراته، هي بحاجة لتوحيد المجتمع في قواه الحيّة والوطنية، معارضة وموالاة.
السلطة الوطنية تصبح أقوى بوجود معارضة وطنية حقيقية وباقصاء الانتهازيين والنفعيين والفاسدين، وهذا يستلزم بالضرورة اصلاحا جديا وجذريا دون ابطاء.
لامصلحة للسلطة الوطنية بغياب معارضة وطنية.
ولا معنى لمعارضة وطنية لاتتخذ مواقف حاسمة من أعداء الوطن والمتآمرين عليه، ولا تدين عصابات القتل والاجرام، ولا تدين تشكيلات المعارضة المصنوعة أميركيا أو بوكالة أميركية.
مصلحة المعارضة الوطنية تكون في مواجهة التآمر الخارجي وأزلامه من أدعياء الاصلاح المتنعمين في الخارج والخائنين لوطنهم ودينهم وعروبتهم.
مصلحة المعارضة الوطنية هي تلبية الحوار الوطني الواسع لكل قوى المجتمع، على قاعدة سورية للجميع، ومصلحة سورية فوق كل مصلحة.